الأحد، 22 فبراير 2009

رهاب ركوب الطائرات

رهاب ركوب الطائرات -نشرت بصحيفة السياسية
م/عمــــــــــــــر الحياني
عضو الرابطة العربية للإعلاميين العلميين
الخوف من ركوب الطائرات أو الامتناع عن ركوبها هل هي حالة نفسية أم مرضية أم وراثية أم حالة عرضية أم هي كل ما سبق؟ اختلاف علماء النفس والمختصين في هذا الجانب هو ناتج عن صعوبة أو تعدد معرفة السبب الحقيقي لظاهرة فوبيا (الخوف) ركوب الطائرات .
ورغم أن ركوب الطائرات أكثر أمانا من ركوب السيارات ب29 مرة إلا أن فوبيا ركوب الطائرات تصيب 40 -50 % من مواطني العالم فاليمن مثلا لم يحدث حالة تحطم طائرة خلال مشوار طيران اليمنية بينما بلغ حصاد حرب السيارات خلال العشر سنوات الماضية أكثر من 24الف قتيل (ما يعادل 96 حادث طيران لمتوسط ركاب 250 راكب)وأكثر من 80 ألف جريح ومليارات الخسائر المادية .
الخوف من ركوب الطائرات ظاهرة عالمية واسعة الانتشار كما تشير الدراسات والاستطلاعات وهي لا ترتبط بشخص معين أو مستوى تعليمي بل هي ظاهرة قد تصيب كافة شرائح المجتمع بمن فيهم العاملون بحقل الملاحة الجوية الذين قد يلحقهم الخوف من ركوب الطائرة, ومنهم الطيارون والمضيفون الجويون و مهندسو الطائرات.‏‏‏ وتمتد القائمة لتصل إلي المشاهير فبلادنا اليمن يشتهر الدكتور عبد العزيز المقالح بخوفه من ركوب الطائرات ومن مشاهير العرب الفنان الراحل محمد عبد الوهاب .
وقد وجدت نفسي أنني مصاب بهذا الرهاب في رحلتي الثانية بالطائرة أثناء سفري للقاهرة لحضور ورشة عمل للإعلاميين نظمها برنامج الأمم المتحدة لتنمية القدرات وبرنامج الأمم المتحدة لمكافحة التصحر والمجلس العربي للمياه بالتنسيق مع الرابطة العربية للإعلاميين العلميين وهو ما دفعني للكتابة في هذا الموضوع والبحث عن أسبابة وهو ما همست به أثناء الرحلة للزميل الصحفي عادل الدغبشي زميل الرابطة العربية للإعلاميين العلميين محرر هذه الصفحة والمشارك معي في هذه الورشة وكان وقع رهاب الطائرة في أثناء الذهاب أكثر منه في الإياب واعتقد انه كان انعكاس لمشاهدتي البرنامج الوثائقي قبل الكارثة من قناة العربية.
وتلعب حوادث الطيران دورا كبيرا في زيادة التوتر والخوف من ركوب الطائرات وإلغاء الرحلات الجوية فمعلوما أن أحداث الحادي عشر من سبتمبر أحدثت حالات رعب و فوبيا من ركوب الطائرات لم يحدث له مثيل من قبل وخاصة في أمريكا
ولا يقتصر ذلك على رهاب ركوب الطائرات بل الامتناع النهائي عن الركوب أو مجرد التفكير فيها فاحد المغتربين اليمنيين في أمريكا وصل به الحد إلي عدم الرجوع مطلقا إلي اليمن بسبب الخوف من ركوب الطائرات وإذا فكر في العودة بعد عمر مديد فقد يضطر في ركوب البحر كما اخبرني احد أقاربه .
ولا يشعر بالخوف والتوتر أثناء ركوب الطائرة فحسب بل أن حالة التوتر والتفكير المستمر يظل في حالة مستمرة منذ التفكير في السفر وقبل قطع تذكرته ويمتد لحالة من القلق وقلة النوم وفقدان لشهية الأكل والكوابيس المستمرة وما أن يصل إلي مرحلة السفر ووصوله ارض المطار حتى يضيق به صدره وتزداد ضربات قلبه وما أن تبدءا عجلات الطائرة بالدوران واتخاذ مسارها في المدرج إيذانا ببدء الإقلاع حتى يشعر أن الزمن قد توقف فيه منذ لحظة ارتفاع عجلات الطائرة والتحليق بين السماء والأرض عند إذ لم يعد يشعر أنه من بين الأحياء حتى مرحلة الهبوط بسلام عند ذلك يشعر أن روحه عادت إلية وسكنت فيه وكتبت إلية الحياة من جديد.
ووفقا لخبراء الخوف وعلماء النفس فإن الخوف من ركوب الطائرة لا علاقة له بأخطار الطيران أو تحطمها بقدر ما يتعلق بحقيقة اكتشاف الانسان مدى تفاهته وعدم قدرته على التحكم في مسار حياته، خاصة وهو معلق بين السماء والأرض على ارتفاع آلاف الأقدام وان كان يضاف لذلك أن البعض يخاف من الأماكن المرتفعة والمغلقة والمزدحمة وان كان تتداخل عوامل نفسية ووراثية أو ضآلة المعلومات المتوفرة حول سلامة السفر بالطائرة ومقدار الجهد المبذول والصارم في صيانة الطائرات ومحركاتها وتزويد الطيران الحديث بعدة محركات إضافية لزيادة الأمان في حالة تعطل احد المحركات كما يلعب الأعلام دورا كبير في زيادة حالات الخوف من ركوب الطائرات عند عرضة أفلام وثائقية وحوادث مأساوية لحوادث طيران من مختلف دول العالم .
وكذلك تلعب الحوادث والتعرض إليها إلي تحويل أشخاص غير مصابين إلي مصابين بمن فيهم الطيارون ومهندسو الطيران والمضيفات الجويات
ففي دراسة اتضح أن 10% من الأمريكيين لا يركبون الطائرات إطلاقا مهما كانت الأسباب والظروف ويفضلون البر أو البحر .
ولعلاج هذه الحالة يستلزم حضور طبيب نفسي والتدرج المستمر في العلاج من قبل أخصائي عبر وسائل مختلفة منها إزالة الحساسية بطريقة منظمة والإغراق والتدرب على الاسترخاء وإعادة التنظيم المعرفي والمواجهة في الواقع لإزالة الخوف وفي حالة أن المرض لم يصل إلي مرحلة الامتناع عن الركوب فينصح بتناول أدوية مهدئة قبل السفر.

ليست هناك تعليقات: