الثلاثاء، 15 مايو 2018

Yemen organizes first training to empower the scientific press



Omar AL-Hayani, a science journalist from Yemen and a board member of the Arab Science Journalists Association (ASJA), reports on a three-day training project that was launched this April for 125 journalists covering environmental issues, climate change and the future of renewable energy.

Training workshops on the scientific press and coverage of environmental issues, climate change and renewable energy are new to us in Yemen,” says Sahar, a Yemeni journalist who was one of the participants in one of the largest training projects of its kind in the country.
The project was implemented by local civil society organizations in collaboration with the Friedrich Ebert Foundation in Yemen. It covered five main governorates: the capital Sana’a, Aden and Taiz (south), Hadramout and Socotra ( East ) .

During the past weeks, a total of three training workshops were organized in four governorates: Aden, Taiz, Hadhramout and Sanaa. 92 journalists were trained in scientific writing methods for environmental and renewable energy issues. They also focused on ways to simplify certain scientific concepts and terminology so that their articles would be better understood by readers.
The workshops also paid attention to building better scientific articles, on how to find press angles on issues such as the environment, climate change and energy and on how to write simple and attractive articles and reports.

Mr. Sahar Mohammed, one of the trainees, added that “the training workshop helped build my knowledge of the scientific press and its importance in contributing to raising scientific and environmental awareness in Yemen.”

The focus of global attention

Mr. Mahmoud Qayeh, a project manager for the Friedrich Ebert Foundation – Yemen Office, mentioned in a statement that the project “aims to empower Yemeni journalists and help build their journalistic capacity in covering scientific issues in general and climate change and energy issues, which is an important topic and concerns the globe. These workshops will contribute to raising understanding of climate change and renewable energy.”

OmarAL-Hayani
The journalist’s task is to report on science in a simple and understandable way and to reinforce community awareness since most Yemeni citizens have been using solar energy in the last three years of the devastating war that Yemen is experiencing. “

Scientific and practical training

 The trainer and science journalist, OmarAL-Hayani, used the WFSJ training guide during the workshops. Mr. Al-Hayani is a graduate of the 2010-2012 SCJOOP program, which targeted the Middle East and Africa and was implemented by the WFSJ in partnership with the Arab Science Journalists Association ( ASJA )
The program is a practical training in writing scientific reports that include various academic lectures on climate change and related issues which were delivered by Yemeni universities’ professors.
________________________________________
Article by Omar AL-Hayani
Yemen, May 2018 



الاثنين، 14 مايو 2018

اليمن: أول مشروع تدريبي في الصحافة العلمية


 عمر الحياني - صنعاء 


"الورش التدريبية في الصحافة العلمية وتغطية قضايا البيئة والتغيرات المناخية والطاقة المتجددة جديدة علينا في اليمن"، تقول سحر صحافية يمنية، كانت أحد المتدربات ضمن أكبر مشروع تدريبي هو  الأول من نوعه في البلاد، انطلق في أبريل/نيسان المنصرم.
ويتضمن مشروع التدريب على الصحافة العلمية في اليمن، تدريب 125 صحفيا على تغطية قضايا البيئة والتغيرات المناخية ومستقبل الطاقة المتجددة.
وتُنفذ المشروع منظمات مجتمع مدني محلية بالتعاون مع مؤسسة "فريديش ايبرت" الألمانية مكتب اليمن، ويغطي خمس محافظات رئيسية، وهي العاصمة صنعاء، بالإضافة إلى عدن وتعز (جنوباً) وحضرموت سقطرى (شرقاً).
وخلال الأسابيع الماضية، نُظمت أربع ورش تدريبية في أربع محافظات هي عدن وتعز وحضرموت وصنعاء؛ واستهدفت  92 صحفيا جرى خلالها تدريبهم على أساليب الكتابة العلمية لقضايا البيئة والطاقة المتجددة وسبل تبسيط المفاهيم والمصطلحات العلمية بأسلوب صحفي بسيط قادر على الوصول إلى القارئ العادي والمتخصص.
وركزت الورش على جوانب بناء وتخطيط المقالات العلمية وطرق الحصول على زوايا صحفية في قضايا البيئة والتغيرات المناخية والطاقة وطريقة تحويل تلك الزوايا إلى مقالات وتقارير صحفية جذابة وبسيطة .
تضيف سحر محمد، إحدى المتدربات إن "الورشة التدريبية ساهمت في فتح مداركي وتعزيز قناعاتي الصحفية في الاتجاه نحو الصحافة العلمية وبما يساهم في رفع الوعي العلمي والبيئي في اليمن بتلك القضايا".

محور الاهتمام العالمي

من جانبه، يشرح مدير البرامج في مؤسسة فريدريش ايبرت – مكتب اليمن، محمود قياح، في تصريح خاص، حول المشروع بأنه "يستهدف تمكين الصحفيين اليمنيين وبناء قدراتهم الصحفية في مجال تغطية القضايا العلمية بشكل عام وقضايا البيئة والطاقة بشكل خاص، بما يساهم في رفع الوعي المجتمعي بقضايا البيئة والتغيرات المناخية ومستقبل الطاقة المتجددة والتي تشكل محورا هاما في  الاهتمام العالمي حيث تشكلا البيئة والطاقة النظيفة محورا ارتكاز دولي في الانتقال إلى عصر جديد قائم على بيئة نظيفة وطاقة متجددة وتنمية مستدامة".
ويتابع أن "الدورة تعتبر لبنة أساسية في تأهيل الصحفيين اليمنيين لتغطية قضايا البيئة والطاقة المتجددة وبما يعزز الوعي المجتمعي للمواطن اليمني على اعتبار أن الصحفي وسيط بين العالم والمواطن في إيصال الرسالة العلمية بشكل مبسط ومفهوم للجميع،  وكذلك تعزيز الوعي المجتمعي في ظل التوجه العام للمواطن في اليمن في الاعتماد على الطاقة الشمسية للحصول على الطاقة في ظل الحرب المدمرة التي تعيشها اليمن" .

تدريب علمي وعملي

عمر الحياني - مدرب في الصحافة العلمية 
وأكد المدربون، خلال الورش، على أهمية تناول قضايا الصحافة العلمية في الإعلام اليمني؛ بما يساهم في تعزيز الوعي المجتمعي بالتغيرات المناخية وأهمية الاتجاه نحو الطاقة المتجددة، بما من شأنه أن يساعد على بلورة أساليب التكيف المجتمعي مع التغيرات المناخية بالإضافة إلى أهمية التوعية والمتابعة للجهات الحكومية المختصة بتعزيز هذا التوجه.
يشيد الدكتور عباس محمد الخدفي أستاذ هندسة البترول قسم هندسة البترول- جامعة حضرموت وأحد المحاضرين بالورشة بقوله " إنها مميزة لأنها عملت على جمع  الصحفيين والاكاديميين و الباحثين في ورشة تدريبية واحدة  لتعزيز التعاون بين الجانب العلمي والصحفي .
يواصل حديثه " نحن بحاجة الى الإعلام لنقل الاخبار العلمية للمجتمع بالطريقة الصحفية التي تتسم بالبساطة  ، فقضايا التلوث البيئي بحاجة الى الجهد الجمعي للمجتمع ،  والإعلام هو الوسيلة  القادرة على لعب دور محوري في رفع الوعي المجتمعي في  قضايا التلوث البيئي  والتغيرات المناخية  "

يذكر ان المشروع اعتمد على دليل التدريب للصحافة العلمية والذي أعده الاتحاد الدولي للصحفيين  العلميين – كندا، وقام بالتدريب الصحفي المتخصص في الشؤون العلمية عمر الحياني، وهو أحد خريجي الصحافة العلمية عبر برنامج اسكوب2010 -2012 و الذي استهدف الشرق الأوسط وإفريقيا ونفذه الاتحاد الدولي للصحفيين العلميين بالتعاون مع الرابطة العربية للإعلاميين العلميين.
وخُصص لكل محافظة ثلاثة أيام للتدريب تم خلالها المزج بين المحاضرات الأكاديمية  في البيئة والعلوم والطاقة وبما يتناسب مع بيئة  كل محافظة على حده، وبين التدريب العملي في كتابة التقارير العلمية على ضوء المحاضرات والدراسات العلمية التي ألقاها أكاديميون من الجامعات اليمنية.


  

الثلاثاء، 8 مايو 2018

  ضمن السدود وفي باطن الأرض تراجع خطير في موارد العرب المائية 


يزداد الطلب العالمي على المياه بمعدل يقارب 1 في المئة سنوياً نتيجة زيادة السكان والنمو الاقتصادي وتغير أنماط الاستهلاك. ‏ومن المتوقع أن يرتفع هذا الطلب بمعدلات ملحوظة خلال العقدين المقبلين من أجل تلبية الاحتياجات المنزلية والصناعية بوتيرة ‏تتجاوز معدل زيادة الطلب في القطاع الزراعي، على الرغم من استمرار تفرد الزراعة في صدارة القطاعات المستهلكة للمياه.

البلدان ذات الاقتصادات النامية أو الناشئة ستكون الرائدة في زيادة الطلب على المياه، وهي في أغلبها تقع في مناطق تعاني من ‏تفاقم الجفاف نتيجة تغير المناخ. وفيما يعيش نحو 3.6 بلايين نسمة حالياً في مناطق تندر فيها المياه بواقع شهر واحد في السنة ‏على الأقل، فإن هذا العدد سيرتفع إلى ما يتراوح بين 4.8 و5.7 بلايين نسمة بحلول سنة 2050‏.

حسب تقرير "البيئة العربية في عشر سنين"، الصادر عن المنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفِد) في 2017، تراجعت حصة ‏المواطن العربي السنوية من المياه العذبة المتاحة بنسبة 20 في المئة، من 990 متراً مكعباً في 2005 إلى 800 متر مكعب في ‏‏2015. يتراجع المعدل الإقليمي إلى ما دون 500 متر مكعب إذا استثنينا موريتانيا والعراق والسودان ولبنان، في حين أنه يقل ‏عن 200 متر مكعب في 9 دول. وللمقارنة فإن الحصة العالمية للشخص في السنة هي 7525 متراً مكعباً من المياه العذبة، أي ‏نحو عشرة أضعاف المعدل العربي.

إن 16 بلداً عربياً تقع حالياً دون خط الفقر المائي، بل إن 13 بلداً عربياً هي ضمن البلدان العشرين ذات الموارد المائية العذبة ‏الأكثر ندرة في العالم. وفي حال استمر النمو السكاني على ما هو عليه الآن، فمن المتوقع في سنة 2030 أن تكون العراق وجزر ‏القمر وموريتانيا وربما السودان هي البلدان العربية الوحيدة الباقية فوق خط الفقر المائي. علماً أن هذه التقديرات لا تأخذ في ‏الاعتبار مسألة تغير المناخ، التي من المتوقع أن تؤدي في سنة 2030 إلى تراجع مصادر المياه المتجددة بمقدار 20 في المئة.

مخزونات السدود تتناقص
وفقاً لمعطيات منظمة الفاو لسنة 2015، يبلغ مجموع السعة التخزينية للسدود في العالم العربي 393 بليون متر مكعب، حيث ‏تتشارك مصر والعراق نحو 80 في المئة من هذه السعة، وتليهما السودان وسورية والمغرب بما نسبته 5 في المئة لكلٍ منها.

تبنى السدود استناداً إلى نماذج الهطول المطري التاريخية، إلا أن تغير المناخ وزيادة تكرار دورات الجفاف، بالإضافة إلى تراكم ‏الطمي والمشاريع المائية لدول المنبع، تجعل الجدوى من هذه السدود في حدودها الدنيا. فقد انخفضت السعة التخزينية للسدود في ‏الأردن، على سبيل المثال، من 46 في المئة في 2010 إلى 33 في المئة في 2011. وفي المغرب تراجعت السعة من 75 في المئة ‏إلى 20 في المئة خلال الفترة بين 1986 و2004‏.

مؤسسة الموارد العالمية، وهي منظمة دولية غير حكومية مقرها في واشنطن، نشرت مؤخراً معلومات مقلقة عن بعض السدود ‏في العالم، واختارت سدّي المسيرة المغربي والموصل العراقي كحالتين نموذجيتين.

سد المسيرة، الذي يعد ثاني أضخم سد في المغرب بعد سد الوحدة، شهد تقلصاً في مساحته السطحية بمقدار 60 في المئة خلال ‏السنوات الثلاث الماضية، نتيجة الجفاف الشديد الذي أصاب البلاد في 2016 وتأخر هطول الأمطار في 2017. وكانت الفترة بين ‏‏2005 و2008 آخر مرة عرف فيها السد تراجعاً مماثلاً في منسوب المياه. حينها، عانى 700 ألف مغربي من آثار الجفاف، ‏وتناقص إنتاج الحبوب بمقدار 50 في المئة.
مساحة المسطح المائي لسد المسيرة المغربي في تراجع مستمر

لا يوجد تقدير دقيق للمخاطر التي سيتسبب بها الجفاف وتراجع مخزونات السدود في المغرب مع زيادة الطلب على المياه، لكن ‏الأمر من دون شك مثير للقلق. فالتنافس على موارد المياه المحدودة أمر مرجح خلال السنوات المقبلة، حيث سيزداد طلب المدن ‏المغربية الكبرى على المياه سنة 2050 بمقدار 60 إلى 100 في المئة، وفقاً لتقديرات البنك الدولي.

في العراق، تراجعت مناسيب السدود نتيجة سوء إدارة الموارد المائية في البلاد ودورات الجفاف القاسية التي أصابت المنطقة ‏خلال السنوات الماضية. كما ارتبط التراجع الحاد لتدفق المياه في نهري الفرات ودجلة ضمن الأراضي العراقية مع مشروع ‏جنوب شرق الأناضول (غاب) الذي تنفذه الحكومة التركية، ويضم 22 سداً و19 محطة كهرومائية. ووفقاً لتقديرات الحكومة ‏العراقية، أدى مشروع غاب إلى تناقص غزارة نهري دجلة والفرات بمقدار 80 في المئة حتى الآن.

حسب معطيات مؤسسة الموارد العالمية، تراجعت المساحة السطحية لسد الموصل بمقدار 60 في المئة اعتباراً من تسعينات ‏القرن الماضي. وهذا يؤشر إلى الوضع الخطير الذي وصلت إليه الموارد المائية السطحية في العراق، علماً أن ملايين العراقيين ‏يعتمدون بشكل كامل على نهري دجلة والفرات لتأمين احتياجاتهم من ماء الشرب والري الزراعي والطاقة والانتقال.


تناقص الموارد المائية يزيد التصحر في جنوب العراق
وكما هي الحال في سورية، توجد العديد من الدراسات التي ترى الجفاف وقلة الموارد المائية من بين العوامل التي أشعلت نار ‏الصراع في العراق. ومن المتوقع أن يزداد الإجهاد المائي في البلاد خلال السنوات المقبلة، نتيجة النمو السكاني وتغير المناخ، ما ‏سيجعل استمرار النزاعات المتصلة بالمياه أمراً غير مستبعد.

أما في مصر، فمن المتوقع أن يؤدي ملء سد النهضة الأثيوبي إلى تراجع حصة البلاد من مياه النيل، التي تبلغ 55.5 بليون متر ‏مكعب سنوياً حسب اتفاقية 1959. وفي حال جرى ملء السد في فترة خمس سنوات فإن معدل التراجع سيصل إلى 25 في المئة، ‏وعندها ستضطر مصر إلى تعويض 70 في المئة من النقص الحاصل من خلال الاعتماد على مخزون بحيرة ناصر. خلال هذه ‏الفترة، ستنخفض الكهرباء المتولدة من السد العالي بمقدار الثلث.

وعلى الرغم من قرب انتهاء تشييد سد النهضة، لا تزال هناك الكثير من القضايا الغامضة المرتبطة بالمشروع، لاسيما الخطط ‏الأثيوبية في توظيف هذا السد في مشاريع الري. فمن المستبعد أن يتم بناء سد بهذا الحجم لتوليد الكهرباء فقط، كما هو معلن. ‏وبالتالي لا توجد تقديرات موثوقة عن حجم انخفاض حصة مصر والسودان من مياه النيل خلال فترة استثمار السد، خاصةً وأن ‏أثيوبيا بحاجة لتوفير المياه المنتظمة لأراضيها الغربية والجنوبية من أجل الزراعة.


استنزاف المياه الجوفية

وكما هي الحال بالنسبة إلى المياه السطحية، تتشارك الدول العربية، فيما بينها ومع دول الإقليم المجاورة، معظم الأحواض المائية ‏الكبرى. وهذا ما يجعل المياه السطحية والجوفية عرضة للتجاذب والنزاع بين الدول، خاصةً أن مياه الأحواض المشتركة هي في ‏أغلبها غير متجددة.


ويشير تقرير "البيئة العربية والتنمية المستدامة" الصادر عن أفِد في 2016 إلى أن الدول المتشاطئة لم تقم، في مجمل الحالات ‏تقريبا، بتوقيع اتفاقيات ومعاهدات حول تقاسم الموارد المائية وإدارتها بشكل عادل. هذا الأمر يهدد استقرار المنطقة العربية ‏وأمنها الغذائي، ويزيد من مصاعب تخطيط وإدارة الموارد المائية على المستوى الوطني.


في سنة 2016 وفّرت المصادر السطحية 81 في المئة من المتطلبات المائية العربية، في حين كانت مساهمة المصادر الجوفية ‏نحو 14 في المئة. لكن إذا استبعدنا الدول التي تجتازها الأنهار الكبرى، سنجد اعتماداً كبيراً من باقي الدول العربية على المياه ‏الجوفية. في شبه الجزيرة العربية تزيد مساهمة المصادر الجوفية في توفير الاحتياجات المائية عن 80 في المئة، وفي الأردن ‏ولبنان وتونس تبلغ أكثر من 50 في المئة.

ويتخوف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي من زيادة الطلب على المياه الجوفية نتيجة تناقص المياه السطحية وتراجع نوعيتها. وفي ‏كثير من الحالات لا يتعلق الأمر بتكاليف ضخ المياه من التشكيلات الجيولوجية العميقة، بل في كونها مياهاً أحفوريةً غير متجددة ‏تجمعت في جوف الأرض قبل آلاف السنين.
تعتمد الدول العربية، لاسيما في دول شبه الجزيرة العربية والمغرب العربي، على المصادر الجوفية المتجددة وغير المتجددة ‏لتلبية الطلب المتزايد على مياه الشرب والري الزراعي. ويصل الأمر إلى درجة الاستنزاف كما في السعودية، التي تعتمد بنسبة ‏‏85 في المئة على المياه الجوفية غير المتجددة لري محاصيلها الزراعية.

 
المياه الجوفية غير المتجددة مصدر أساسي لري المزروعات في السعودية
ويتسبب ضخ المياه من المصادر الجوفية، بكميات تفوق معدلات تجددها، في استنزافها بسرعة، ويزيد من ملوحتها نتيجة ‏تداخلها مع مياه البحر. ويزيد الأمور سوءاً تعرض الموارد المائية الجوفية في معظم الدول العربية للتلوث الناتج عن الزراعة ‏وباقي الأنشطة البشرية.

ولا يقتصر استنزاف المياه الجوفية على تراجعها في الكم والنوع، بل يتسبب أيضاً بآثار بيئية سلبية واسعة مثل جفاف الينابيع ‏والعيون، وتراجع الموائل الطبيعية والنظم البيئية المحيطة، والإضرار بالمناطق ذات القيمة الحضارية والتاريخية المرتفعة، كما ‏أن الاستغلال المفرط للمياه الجوفية يستنزف أيضاً الأصول الوطنية، ويؤدي إلى تآكل الموارد الطبيعية للبلاد ويهدد استدامة ‏المناطق المروية في المدى البعيد.


مشاريع تحلية المياه تفرط في استهلاك الطاقة
 ومن بين الحلول المقترحة التي يمكن تطبيقها في العالم العربي لمواجهة العجز المائي التوجه نحو تحسين الكفاءة وتخفيف الهدر، ‏ورفع الإنتاجية الزراعية، واعتماد المزروعات التي تتطلب كميات أقل من المياه، ومعالجة مياه الصرف لاعادة استخدامها. ‏ويتلازم هذا مع زيادة الاستثمارات في حماية الأنظمة البيئية التي تعيد تدوير المياه كالمستنقعات والغطاء النباتي، بما فيها تغيير ‏الممارسات الزراعية التي تتيح احتفاظ التربة بالمزيد من الرطوبة والعناصر المغذية، وجمع مياه الأمطار، وإعادة ملء خزانات ‏المياه الجوفية، واستعادة السهول الفيضية، وتحويل الأسطح إلى حدائق.



السبت، 5 مايو 2018

لماذا نحمي الأنواع الحية من الانقراض؟‎


إدعى عدد من العلماء مؤخراً أن الانقراض هو جزء من تطور الأنواع، ولذلك فإن جهود الحفاظ على الكائنات المهددة يجب ألا تكون ذات ‏أولوية. فهل تنم هذه الرؤية عن معرفة عميقة للعالم الطبيعي الذي يحيط بنا أم أنها رؤية قاصرة تعكس جهلاً في فهم التطور؟
‏ ‏
خلال الأسابيع القليلة الماضية، أُعلن في الولايات المتحدة رسمياً عن انقراض أسد الجبال (البوما) الشرقي، وأصبح هذا النوع من القطط ‏البرية الكبيرة خارج القائمة الفيدرالية الأميركية للحيوانات البرية والأنواع المهددة بالانقراض. وفي كينيا، شهد العالم موت آخر ذكر من ‏حيوان وحيد القرن الأبيض الشمالي، تاركاً أنثيين فقط من سلالته على قيد الحياة.‏
‏ ‏


أعداد الطيور في الريف الفرنسي انخفضت بمقدار الثلث منذ مطلع القرن، والحيتان الصائبة في شمال المحيط الأطلسي تقترب من ‏الانقراض، وفي سنة 2014 وثّقت دراسة لباحثين من جامعة ستانفورد انخفاضاً حاداً في أعداد الحشرات واللافقاريات وصل مقداره إلى 45 ‏في المئة على مدى العقود الأربعة الماضية. الأنشطة البشرية تتسبب بحصول ما بات يُعرف بـ "موجة الانقراض العالمي السادس للأنواع ‏الحيّة". والمزعج أن هناك أصواتاً لبعض العلماء أخذت تدعو لتقبل الأمر والتعامل معه بمرونة!‏
‏ ‏
 
موجة الانقراض العالمي السادس تطال البوما الشرقي

‏ ‏
أحد هؤلاء العلماء كان الدكتور ألكسندر بيرون، الأستاذ المساعد في جامعة واشنطن، الذي نشر مقالاً في الواشنطن بوست جلب عليه الكثير ‏من الانتقاد. الدكتور بيرون يرى أن «السبب الوحيد الذي لأجله يجب الحفاظ على التنوع الحيوي هو نحن، وذلك لأجل خلق مستقبل أفضل ‏للبشر. صحيح أننا غيّرنا البيئة وآذينا الأنواع الحية، لكننا جزء من المحيط الحيوي. أعمالنا اختيارية، وعواقبها طبيعية تماماً».‏
‏ ‏
المقال، الذي بدا كبيان صيغ من قبل المؤسسات اليمينية المحافظة التي تدعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يأتي في وقت تتعرض فيه ‏جهود الحفاظ على الأنواع الحية لهجمة من عدة أطراف، لاسيما في الولايات المتحدة، التي ألغت قانون الحماية الفيدرالية للأراضي ‏ووضعت قانون الأنواع المهددة بالانقراض تحت المراجعة.‏
‏ ‏
في السنوات الأخيرة، أخذ بعض الكتاب وعلماء البيولوجيا ينأون بأنفسهم عن فكرة حماية الأنواع، التي تعتبر أنه في عالم تزداد فيه هيمنة ‏الإنسان يجب إيجاد السبل اللازمة لحماية وإدامة الموائل الطبيعية والكائنات الحية. من وجهة نظرهم، فالطبيعة التي تخضع للهندسة البشرية ‏ويلحقها الدمار والتشظي هي التي تدفع باتجاه التكيّف والتطور.‏
‏ ‏
بيتر كاريفا، الذي أصبح كبير العلماء في "منظمة الحفاظ على الطبيعة" ‏The Nature Conservancy، دعا «حماة البيئة للتخلي عن ‏الأفكار المثالية حول الطبيعة والمتنزهات والبراري لصالح رؤية أكثر تفاؤلاً ورفقاً بالإنسان. إن إبادة الحمام المهاجر لم تترك آثاراً كارثية أو ‏حتى قابلة للقياس». الانقراض التام لأحد أنواع الطيور، الذي كانت أعداده من رتبة البلايين، يعد أمراً غير ملحوظ وهو يعبر عن "مرونة ‏الطبيعة"، وفقاً لبيتر كاريفا.‏
‏ ‏
كتاب عالم الأحياء البريطاني كريس توماس، الذي صدر مؤخراً تحت عنوان "ورثة الأرض: كيف تزهو الطبيعة في عصر الانقراض"، ‏يخلص إلى أن تدمير الطبيعة يتيح الفرصة لتطور أشكال حياة جديدة تعوّض أية خسائر نتسبب بها. فكرة مفرطة في المثالية، ولعل الأجدى ‏لتوماس ورفاقه أن يوجزوا أفكارهم بالقول: "إن الطبيعة غير جديرة بالاهتمام". في المبدأ: الانقراض لا يدفع باتجاه التطور، ما يفعل ذلك ‏هو البقاء على قيد الحياة تحت ضغط المنافسة.‏
‏ ‏
الانقراض لا يقود إلى تطور الأنواع
 

‏ ‏
لنقارن ببساطة تنوع الأحياء في نصف الكرة الأرضية الشمالي، حيث تسببت العصور الجليدية المتكررة في مسح الأنواع الحية شمالاً، في ‏حين استمرت الساعة التطوّرية في العمل طيلة الوقت في المناطق المدارية. إن بضعة فدادين في أميركا الشمالية قد تحتوي على 12 نوعاً ‏من الأشجار، أما في منطقة الأمازون فإن مساحة مماثلة ستضم 300 نوع من الأشجار. أميركا الشمالية لديها 1400 نوع من الأشجار أما ‏البرازيل فلديها 8800 نوع. أميركا الشمالية لديها 900 نوع من الطيور أما كولومبيا فلديها 1900 نوع. أميركا الشمالية لديها 722 نوعاً من ‏الفراشات، وعلى ضفاف نهر تامبوباتا في البيرو نجد 1200 نوع.‏
‏ ‏
إن المنافسة بين الأنواع الحية تدفع إلى انتشار التخصصات المتنوعة بشكل مشابه لما يحصل في عالم البشر. فالمنطقة التي تحتوي على أنواع ‏كثيرة من الأشجار تتسبب في تطور أنواع كثيرة من الكائنات العالية التخصص التي تنقل حبات الطلع، وهكذا يتم تلقيح العديد من النباتات ‏المزهرة بفضل نوع واحد مختص من الحشرات أو طيور الطنان أو الخفافيش.‏
هناك حيوانات لا نعتمد عليها لكنها تجعل الحياة أفضل
‏ ‏
لا بد أيضاً من التفريق بين أنواع الانقراض لندرك بشكل أوضح آلية التطور. إن الانقراض الجماعي هو حدث عالمي يطال الأحياء في جميع ‏أنحاء الأرض. لفد كانت هناك خمسة حوادث انقراض جماعي عبر التاريخ، وها نحن نشهد حدث الانقراض الجماعي السادس الذي يتسبب به ‏النشاط البشري.‏
‏ ‏
أما حالات الانقراض الإقليمي، كتلك التي حدثت خلال العصور الجليدية، فلا يمكن اعتبارها أحداث انقراض جماعي، وإن كانت تطال العديد ‏من الأنواع. وحتى في غياب الاضطرابات العالمية أو الإقليمية، كان هناك عدد محدود من الأحياء يختفي بسبب التغيرات البيئية وظهور ‏المنافسين الجدد. كما يوجد الانقراض الزائف، حيث تختفي الأشكال الحية القديمة وتظهر مكانها أشكال جديدة تطورت مع مرور الوقت. ‏الدينوصورات لم تنقرض جميعها حيث توجد أنواع منها (الثيروبودات) استطاعت النجاة، وهذه الأنواع تطورت لما نسميه اليوم طيوراً.‏
‏ ‏
في عالم الطبيعة، البقاء لا يكون بالضرورة للأقوى كما يظن الكثيرون، بل البقاء هو للأصلح. إن حيوان الكسلان يجب أن يكون بطيئاً لأنه ‏إذا كان سريعاً، يلفت الأنظار وسينتهي كوجبة عشاء في عش أحد النسور. والدببة البيضاء ليست أقوى من الدببة البنية، فالفراء الأبيض الذي ‏يساعد على التمويه في المناطق الثلجية سيخيف الفرائس ويجعلها تفر في المروج الخضراء. الدببة القطبية البيضاء تطورت عن الدببة البنية ‏التي تعيش في مناطق التندرا، ثم تخصصت أكثر، وانفصلت لتصبح نوعاً مختلفاً. هذا النوع "الجديد" هو ببساطة سليل متخصص لنوع قديم.‏
‏ ‏
هناك حيوانات لا نعتمد عليها لكنها تجعل الحياة أفضل
إن الانقراض الحقيقي لا يولّد شيئاً، فجميع أشكال الحياة اليوم هي نتيجة لعدم الانقراض. كل نوع وكل فرد حي هو جزء من سلالة لم ‏تنقرض طيلة بليون سنة. ولذلك فإن الإنسان الذي يتفوق على غيره من الأحياء بالقدرة على التفكير هو المسؤول أخلاقياً عن حماية الأرض ‏والحفاظ على كائناتها من أجل الأجيال القادمة.‏
‏ ‏
عندما كتب ألكسندر بيرون أن "الحفاظ على الأنواع ضروري لأنفسنا" كان عليه أن يشرح كيفية تحديد الأنواع التي نعتمد عليها بشكل ‏مباشر. لا توجد علاقة وثيقة بين البشر والطواويس والحيتان الحدباء والنمور والطيور المغردة، فهل هذا يعني أن الحيوانات لا قيمة لها إذا ‏لم نأكلها أو ننتفع بفرائها؟ إن الحيوانات التي "نعتمد عليها" تجعل الحياة ممكنة، ومع ذلك توجد حيوانات أخرى لا نحتاجها لكنها تجعل الحياة ‏جديرة بالاهتمام.‏
‏ ‏
 

‏ ‏
إن التعايش مع فرضية "الانقراض الحتمي"، الذي يدعو إليه بيرون ورفاقه، يتناقض مع قصص النجاح التي تحققت في مجال حماية ‏الأنواع. قبل بضعة عقود لم تكن هناك طيور عقاب أو شاهين أو نسر أصلع تجوب سماء مدينة نيويورك، بسبب استخدام مبيد ‏DDT‏ وأنواع ‏سامة أخرى من المبيدات. لكن هذا كله تغير عندما قررت مجموعة من الناس المطالبة بحظر هذه المبيدات، وبدأت مجموعة أخرى بتربية ‏الصقور في الأسر لإطلاقها لاحقاً. هذه الجهود نجحت، واستطاعت إعادة الطيور الجارحة من جديد إلى سماء المدينة.‏
‏ ‏
الانقراض ليس ثمناً للتقدم، بل هو كلفة غير ضرورية ناتجة عن عدم اهتمامنا. يمكننا تلبية احتياجات الكائنات الهشة من حولنا، وهي بدورها ‏تستطيع التعايش مع التنمية التي نحققها. كل ما يتطلبه الأمر هو التفكير، والعمل الجاد، وإصلاح الضرر بكل ما هو متاح.‏



عبدالهادي النجار