الأربعاء، 24 نوفمبر 2010

الإعلام العلمي العربي ... الهموم والتطلعات

ملف خاص
الإعلام العلمي العربي ... الهموم والتطلعات
- مجلة تكنولوجيا تستطلع أراء عدد من رواد الإعلام العلمي في الوطن العربي :
  •        يجب أن يكون للإعلام العلمي العربي دورا فاعلا في إحداث التنمية والتغيير

  •        اغلب الإعلاميين العرب  لم يسمعوا يوما بمصطلح الإعلام العلمي أو الصحافة العلمية

  •        ضرورة تأهيل الصحفي العربي أولا في مجال الصحافة التخصصية

  •        نفور الصحفيين من تناول القضايا العلمية واحدة من أهم القضايا

  •         غياب صناعة العلماء إعلاميا في عالمنا العربي

  •         السياسات الإعلامية العربية تعيش حالة من العداء والتجاهل للعلوم



عمر الحياني – بيروت
عضو الرابطة العربية للإعلاميين العلميين
Omer_alhyani@hotmail.com
 *نشر بمجلة تكنولوجيا الاتصالات وتقنية المعلومات عدد(113)نوفمبر 2010م
"الكتابة العلمية لون من ألوان الاختيارات الدقيقة " بهذه العبارة يصف  الصحفي العلمي الألماني بان لوبنسلكي  الكتابة عن العلوم ,بأنها فن الاختيار الدقيق لمفردات التعبير في الصحافة العلمية.

د.مجدي سعيد وعمر الحياني -بيروت
الصحافة العلمية التخصصية في  الدول الغربية تعاطت مع هذا النوع  من الإعلام المتخصص منذ بداية  القرن الثامن عشر عبر تأسيس جمعيات علمية كان لها سبق المبادرة في تناول القضايا العلمية عبر عشرات من الدوريات والمجلات والصحف ,  وكان هذا الاهتمام يأخذ دوره  بمحاذاة الثورة العلمية التي انطلقت مع باكورة الثورة الصناعية في اروبا وأمريكا .
" الجمعيات في الغرب تصنع العلم والعلوم "
فجمعية ناشيونال  جيو جرافيك الأمريكية التي تأسست 1888م أصبحت اليوم من أكبر المؤسسات العلمية والتعليمية غير الربحية في العالم ,حتى أصبح يطلق عليها " إمبراطورية الإطار الأصفر" فإصدارها الأشهر  من مجلة  "ناشيونال جيوجرافيك" تطبع 32 طبعة باثنين وثلاثين لغة حول العالم، وتوزع من طبعاتها المختلفة 9 ملايين نسخة شهريا يقرؤها ما يزيد عن 50 مليون قارئ حول العالم., بالإضافة لمواد علمية وبيئية , وتصل المنتجات الإعلامية للجمعية إلى أكثر من 350 مليون شخص حول العالم شهريا وبمختلف اللغات , والوسائل الإعلامية .
الجمعية  الأمريكية لتقدم العلوم هي الأخرى لها تاريخ عريق في العلوم حيث تأسست عام 1848م  وتصدر عنها مجلة العلم Science  التي تمتلك اكبر قاعدة من الاشتراكات المدفوعة لأية مجلة علمية محكمة في العالم , وتنسب إليها 262 جمعية وأكاديمية علمية وتعد اكبر جمعية علمية عامة في العالم , وتصنف كأفضل مجلة علمية  محكمة على المستوى العالمي و تترجم إلي أكثر من  لغة حول العالم , هدف الجمعية الأمريكية "  تقدم العلوم وخدمة المجتمع " من خلال المبادرات المتعلقة بالسياسات العلمية والبرامج الدولية ,وتعليم العلوم , وغيرها .
هموم الإعلام العربي في بيروت
في ورشة  العمل الإقليمية لتدريب الإعلاميين  العلميين العرب حول فنون تناول القضايا العلمية في وسائل الإعلام , وأوضاع الإعلام العلمي في الوطن العربي , والتي عقدت مؤخرا في العاصمة اللبنانية  بيروت ... كانت النقاشات والحوارات والتدريبات كلها تصب في خانة الهموم والصعاب التي تواجه الإعلام العلمي العربي .
الورشة حضرها عشرون صحفي وخمسة متدربين من اثنتي عشر دولة عربية وأجنبية   ومراقبون من ألمانيا وفرنسا وكندا , كان لمجلة التكنولوجيا والاتصالات حضورا فاعلا  في  نقاشات ومحاضرات الورشة التي كانت مثمرة في وضع العلاج على الجرح عبر طرح مشاكل الأعلام العلمي في اليمن والوطن العربي ,وكان لنا هذا الرصد واللقاء بعدد من رواد الإعلام العلمي في الوطن العربي عبر تحقيق هو الأول من نوعه في اليمن الذي يتناول الإعلام العلمي .
التنمية والتغيير
- في بداية الورشة تحدثت راغدة حداد المدير التنفيذي لمجلة البيئة والتنمية اللبنانية  بقولها أن الإعلام العلمي يجب أن يكون له دورا فاعلا في إحداث التنمية والتغيير في العالم العربي حيث "أن  مسئولية الصحفي العلمي إحداث  فرق وتغيير في المجتمع العربي وخاصة في المجال التقني أو الطبي أو التثقيف الصحي أو استنزاف المياه ومكافحة تلوث  البيئة التي تواجه الدول العربية ,بصياغة علمية صحفية اقرب ما تكون إلي المجتمع .
ورغم أن الصحافة العلمية لازالت غريبة عن المجتمع العربي فان الغرابة  أن اغلب الإعلاميين العرب  لم يسمعوا يوما بمصطلح الإعلام العلمي أو الصحافة العلمية , والتي  هي باختصار شديد صحافة تخصصية تهتم  بنشر القضايا العلمية والبيئية عبر تقديمها بطرق جذابة قابلة للفهم من عموم الناس   , في أشكال صحفية مختلفة .
الصحافة والإعلام التخصصي
- ويرى أستاذ الرياضيات والفلك بمدينة العلوم  تونس - رياض يانصيب : أن الصحافة العلمية شئ جديد علية ومع ذلك فان تخصصه العلمي جذبة إلي هذا الإعلام التخصصي في إبراز العلوم الذي لاشك أن  له دور محوري في تنمية المجتمع ,وتشجيع الشباب على الانخراط في المجالات العلمية  .
الإعلام العربي برمته له اهتماماته التي لاشك أن لها اتجاهات قد تميل مع اهتمامات الجمهور وقد تصب في خانة إعادة توجيه المواطن العربي , وتوجهات المواطن العربي كما هو معلوم للجميع ابتعاده عن الاهتمام بالقضايا العلمية , وانخراطه في السياسية والرياضة وما شابهاها .
فالإعلام العلمي لا يجد جمهور شغوف بالعلوم , والصحافة مرآه المجتمع,  لذلك فهي تبعد  التوجه نحو الإعلام العلمي .
التعاطي مع القضايا العلمية
 - ويصف حيدر عبد الحفيظ من صحيفة الرأي السودان حالة الصحافة العلمية في السودان بالبؤس رغم أن بعض الصحف تنشر مواضيع علمية عن بعض الأمراض والأوبئة لكن تظل بعيده عن تخصيص صفحات للإعلام العلمي سواء في جانب الصحة أو البيئة أو التكنولوجيا بالإضافة إلي أن  رؤساء التحرير بدورهم ينفرون من التعاطي مع القضايا العلمية في صحفهم , بالرغم من أن توصيات المجلس القومي للصحافة  دعت إلي تخصيص صفحات علمية  وزيادة الاهتمام بالعلوم وإبرازها على حيز الصفحات الأولى.. هائل دعاء إلي ضرورة تأهيل الصحفي العربي أولا في مجال الصحافة التخصصية ,ليكون في المستقبل قادرا على التعامل معها ويكون له دورا في إبراز القضايا العلمية باحترافية ومهنية
القضايا العلمية
-  من جانب آخر يقول محمد باقر من صحيفة الوسط البحرينية :  أن الصحف البحرينية تتناول القضايا العلمية ولكن من باب الخبر , فالمؤسسات البحرينية والخليجية لا تهتم بالقضايا العلمية كما أن الصحف لا تستضيف الباحثين والمتخصصين في المجالات العلمية وهذا راجع إلي قلة الاختصاصين وانشغال الصحفيين بأمور أخرى كالرياضة والقضايا السياسية .
الورشة الاقليمية لتدريب الاعلاميين العلميين -بيروت 2010م
الهروب  الصحفي من حواف العلوم
هل تعد الصعوبات التي تواجه الطالب في التعليم الأولي  في فهم المواد العلمية في ظل نظام التلقين ,سببا في نفور الصحفيين من تغطية القضايا العلمية ؟
سؤال يحتاج إلي إجابة علمية تتناول هذا الجانب , ولكن يظل  نفور الصحفيين من تناول القضايا العلمية كواحدة من أهم القضايا التي تواجه الصحافة التخصصية  العربية , وهذا راجع بدوره إلي صعوبة الكتابة العلمية وتعقيدات العلوم   بالإضافة إلي احتياجها إلي  ثقافة علمية , ليكون الصحفي قادر على تحويل المادة العلمية إلي مادة سهلة وجذابة.

في هذا الإطار يعلق الدكتور  سمير محمود أستاذ الإعلام وقضايا المجتمع بجامعة عين شمس وخبير التدريب الإعلامي العلمي ,أن من ابرز أسباب هروب الصحفيين من تناول القضايا العلمية :-

1- يهرب الصحفيون من الكتابة العلمية ، لأسباب عدة قد تجتمع في صحفي واحد أو تجدها لدى عامة الصحفيين وهى:
      الاعتقاد بصعوبة العلم والمحتوى العلمي وربما عدم فهمه والتعاطي معه خاصة وان أغلبية الممتهنين للصحافة من خريجي الدراسات الأدبية.
  •      الاعتقاد بصعوبة توصيل الرسالة العلمية فيما يقدم عبر الصحف.
  •        عدم الكفاءة والتأهيل من الأساس ، فأنا أهوى الكرة لكنى لا أستطيع مثلاً الكتابة فيها ، فلها قوانينها وخططها التدريبية ولها أبعاد عديدة تطلب فيمن يكتب فيها ويحترم ذاته أن يدرك قوانين هذه اللعبة ومعاييرها ، الأمر نفسه في العلم مع فارق ضخم لصالح كرة القدم وهو الجماهيرية العريضة التي تحظى بها اللعبة عالميا ، في وقت لا يحظى العلم بعشر هذه الجماهيرية في كل المجتمعات المتقدمة والنامية وبالطبع المتأخرة أو المتخلفة أن جاز الوصف.
  •        الشهرة ذاتها آفة تحول دون امتهان الكثيرون – أقصد اتخاذ الصحافة العلمية مهنة لهم – للكتابة العلمية ، فمهنة الصحافة هي مهنة صنع النجوم والمشاهير في الفن والسياسة والمجتمع والدين والجريمة ، مشاهير من الفنانين ، ومعهم يطول الصحافي قدرا من الشهرة بمنطق ( طباخ السم بيدوقه) ، لكن هل سمعت عن صناعة العلماء إعلاميا في عالمنا العربي ، هل سمعت عن مشاهير من العلماء في العقود الأخيرة من بين أقطارنا العربية ، وهل سمعت بزوغ نجم صحافي أو إعلامي يعمل في الكتابة العلمية ، بالطبع هناك قلة ، ومع كل أسف لا يعرفها أحد مهما حظيت بجوائز دولية أو إقليمية أو محلية .
  •      وهذا ليس مدعاة لليأس والإحباط بل العكس الإصرار على حصاد النجومية والتفرد في الكتابة العلمية .
التخصص الصحفي لغة جديدة في الإعلام "هل تقبل القسمة "
من جانب آخر تطرق الدكتور سمير إلي أن التخصص الإعلامي لا يلعب دورا محوريا في صنع الاحتراف التخصصي حيث يقول "أعتقد أن الأمر لا علاقة له كثيراً بوجود أقسام للإعلام العلمي أو البيئي ، فالمهم في نظري الإعداد الجيد للصحفي ، مع إعطائه دورات تخصصية أو تكميلية في الكتابة العلمية ، لأنه لو كان الأمر كذلك لكانت هناك أقسام بكليات الإعلام للإعلام الرياضي والإعلام الزراعي الخ ...
معوقات الصحافة العلمية في الوطن العربي
 وبالرغم من ارتباط  معوقات الصحافة العلمية في الوطن العربي بأكثر من جانب , فالتطرق لها يحتاج لمجلدات من الكتب  ,  فالدكتور سمير يصف بعضها هذه المعوقات بالقول تلعب عوامل عديدة في مجال تطور الصحافة العلمية من تدنيها  لعل أهمها ثقافة المجتمع ومدى إيمانه بأهمية العلوم , ونمط التعليم ومدى التفضيل بين جانب الآداب والعلوم الإنسانية  والعلوم  التطبيقية , كذلك تلعب التوجهات السياسية للحكومات العربية نحو العلوم والتكنولوجيا دورا محوريا في هذا الجانب , السياسيات الإعلامية التي تكشف حالة من العداء أو التجاهل الشديد للعلوم وللمهتمين به .
براءة طفولة تصنع صحفيا علميا
أما الصحفي البيئي  بتلفزيون سوريا نوار الماغوط فله قصة تحكي لماذا اتجه نحو البيئة بالرغم أن تخصصه هندسة ديكور  ,فيقول ذات مرة وأثناء اللقاء ببعض الأطفال في بعض المدارس تفاجئ بطفلة في بداية عمرها المدرسي  تقول أنها تحب أن تصبح من حماة البيئة في المستقبل , هذا الكلام من الطفلة أصاب  عقلة وتفكيره بعصف ذهني شديد جعله يعيد التساؤلات في  ذهنه مرات عديدة  لماذا تقول الطفلة هذا الكلام فأطفالنا في العالم العربي  دائما يرددون  أنهم يحلموا أن يصبحوا  في المستقبل  أطباء أو مهندسين , ثم  لماذا هذا الاهتمام بموضوع البيئة بالذات .
ويواصل الماغوط  حديثة  بالقول  و أنا إلي ذلك الوقت لا اعرف ماذا يقصد بحماية البيئة, الحادثة جعلتني أبدا في البحث والإطلاع على علوم البيئة  بحافز من طفل , ثم في مراحل أخرى توجهت نحو الإعلام البيئي .
ويستطرف في حديثة أن الإعلام العربي يهتم بالجانب الخبري المنقول من وكالة الأنباء العالمية مع ترجمة ركيكة تفتقد للترجمة العلمية المحترفة من ذوي الاختصاص  في ظل وضع عربي مستهلك للعلوم وبعيد عن إنتاج العلم والابتكار وضعف وانعدام مراكز البحث العلمي ووجود قطيعة بين مراكز البحث والصحفيين العلميين مع ندرة الأخيرين .
الإعلام العلمي في اليمن بداية قديمة لحداثة مفقودة
ترى كيف وضعنا في اليمن مع العلوم والإعلام العلمي  ؟  خلال الورشة أعددت ورقة مداخلة عن الوضع  الإعلامي التخصصي في اليمن , وقد بدأت كلامي بالقول  بالرغم أن أقدم برنامج علمي في الجزيرة العربية كما تؤكد بعض المعطيات انطلق من إذاعة عدن عام 1965م بمذيعها احمد عمر بن سلمان في برنامجه "العلم والإنسان"  البرنامج طوال 45 عاما  لازال يبث أريج العلم والعلوم إلي الآن  .
 ومع ذلك فان وضع الإعلام العلمي في اليمن يشبه واقع باقي الدول العربية ,  تغطيات جزئية لما تناقله وسائل الإعلام العربية والأجنبية ,فالمجلات التخصصية في الإعلام العلمي في اليمن تكاد لا تتعدى أصابع اليد الواحدة, مع وجود صفحات متخصصة في الإعلام البيئي والصحي في بعض الصحف الحكومية وتظل صحف المعارضة تنحت في السياسية وحدها فقط .
ومن خلال المداخلات التي قدمها الصحفيون العرب بينت أننا في اليمن أفضل حالا من كثير من الدول العربية, إلا أننا بحاجة إلي تطوير وزيادة الوسائل والبرامج العلمية في إعلامنا.
كلنا في الهم شرق
ولكن ترى كيف الوضع في بعض الدول الأوربية ؟  الصحفية  الفرنسية المتخصصة في الإعلام العلمي أميلي مارتن تقول  كلنا في الهم شرق ففي فرنسا لا يوجد تركيز على الصحافة العلمية  ,ولكنها أفضل بالطبع من صحافة الشرق الأوسط, بتميزها في التحليل الاحترافي العلمي , وتطرقها لقضايا ذات أبعاد مختلفة تهم الناس   .
النهوض العلمي باكورته التعليم
الصحفيون في جبل لبنان -قرية بيت الدين
ألفة ألإلباسي مديرة مشروع sjcoop  المرحلة الثانية  من جانبها تطرقت بالقول:  أن الاتحاد الدولي للإعلاميين العلميين في كندا قدر نذر على نفسه تحريك المياه الراكدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا  بضرورة تدريب نخبة من الإعلاميين العلميين ليصبحوا  مستقبلا هم النواة التي نسعى إلي بناءها , فالصحفي العلمي له رسالة يسعى إلي توصيلها عبر تسهيل نقل المعرفة بأسلوبه البسيط والسهل القادر على الوصول  إلي اكبر عدد  من الناس , مع التركيز على بناء القدرات في أحداث تغيير في ما ينغص حياة الناس والمتعلقة بقضايا الصحة والبيئة والعلوم وارتباطاتها المختلفة ,فمشروع sjcoop وعبر تمويل يقدر 4,5مليون دولار ولمدة سنتين ونصف من التدريب   يسعى إلي صقل مهارات الصحفيين والعلماء ومساعداتهم في  الانخراط والكتابة في العلوم ,  وان ينتقلوا بمهاراتهم إلي الاحتراف  في الصحافة العلمية  وخبراء  في بلدانهم باعتبارهم لبنة أساسية للمشروع  .
حلم العرب في الإعلام العلمي
وفي الإطار نفسه تحدث  الدكتور مجدي سعيد الرئيس الحالي للرابطة العربية للإعلاميين بان الرابطة العربية  للإعلاميين العلميين هي من أوقدت الشموع في الوطن العربي وكان لها شرف المبادرة في عدد من المشاريع  كإصدار دليل الإعلاميين العلميين , واشتراكها في برنامج sjcoop المرحلة الأولى والثانية .
المرحلة الثانية انطلق فيها البرنامج بمشاركة 60 صحفيا من العالم العربي وأفريقيا , بشراكة فاعلة  من الرابطة التي عملت على جمع الخبرات والجهود  العربية في الإعلام العلمي ,  وشاركت بأعضائها في تدريب الإعلاميين العرب  في  هذا الحقل الإعلامي التخصصي ,  ويواصل الدكتور مجدي : إن الرابطة حققت نجاحات كان أخرها  الفوز باستضافة المؤتمر الدولي السابع للإعلاميين العلميين  والذي ينعقد في القاهر من تاريخ 27 – 29 يونيو 2011 م بعد أن كان محصورا في الشمال المتقدم , ونحن نسعى في مراحل لاحقة لإكمال المشوار عبر تكوين الروابط العربية في الإعلام العلمي .
إن العالم اليوم يقفز قفزات كبير في العلوم والتكنولوجيا ويجب أن يكون لنا دورا في ذلك,  ودور الإعلاميين تنوير الأجيال الشابة بأهمية العلوم والتكنولوجيا في التطور و الريادة الحضارية.
فقدان إنتاج العلم بفقدان مراكز البحث
يدرك الصحفيون العاملون في هذا المجال أنة  لا يمكن أن تكون المادة العلمية  ذو فاعلية  في تناول القضايا العلمية ما لم تتوفر مراكز الأبحاث الفاعلة والمنتجة , والمختصين المدركين لأهمية التعاون مع الإعلام في إبراز القضايا العلمية المستجدة ووضع التصورات والحلول لكل ما يصادف المجتمع من قضايا وإشكاليات ذات صلة بالبيئة والعلوم .
وحول هذه النقطة تطرقت الصحفية بصحيفة الغد الأردنية والمتخصصة  في الإعلام العلمي حنان الكسواني لمعاناتها  من عدم تعاون المختصين في المجال العلمي   , وعدم البوح بالمعلومة والسعي إلي إخفاءها , إلا أنها من جهة أخرى تقول من خلال تجربتها  العملية التي علمتها كيف أن العلماء يتحولون إلي التعاون عندما يتأكدوا أنهم يعملون مع صحفيين متخصصين قادرين على صياغة المادة العلمية والصحية بطريقة علمية وصحفية بعيدا عن الإثارة والتشويش .
الصحفي العلمي بحث في العمق
المحرر العلمي بموقع الجزيرة نت وليد الشوبكي
و إذا كان البعض يريد من الصحافة العلمية أن تعبر الموجة الجديد من التحقيقات الاستقصائية, ولكن عبر التحقيقات العلمية في مراكز البحث للتأكد من سلامة الغذاء والبيئة والدواء وكل ما هو متعلق بالإنسان ,فالصحافة العلمية هي البحث عن المصادر من أهلها ومصادرها فالاجتهادات وخاصة في الجوانب  العلمية الدقيقة تعد تعدي من الصحفي وهرف بما لا يعرف من الحقائق العلمية .
فالكاتب العلمي وليد الشوبكي – مصر  يقول أن الصحافة العلمية في مجملها صحافة استقصائية ,فلا يجوز الخوض في مالا نفهم وإنما يجب التحري عن المصادر والمراجع بشكل دقيق .
الرياضة قبل العلوم
من جهته، قال مروان المريسي  قناة المجد الفضائية  وهو صحافي علمي يمني مقيم في المملكة العربية السعودية، إن حال الصحافة العلمية في السعودية ليس بأحسن حالاً منها في غيرها من البلدان العربية، فالصحافة الرياضية هي الأكثر رواجاً ورؤساء التحرير لا يعيرون اهتماماً للصحافي العلمي بقدر ما يعيرون للصحافي الرياضي.
عمر الحياني -مروان المريسي لبنان -قرية بيت الدين
يواصل: يمكنك أن ترى مثلاً باب "تقنية المعلومات" في صحيفة الرياض الذي يحضر يوماً ويغيب أياماً، ويمكنك أن ترى صفحات طبية تقوم على التعاقد مع مستشفى أو مستوصف طبي ليقوم بتوفير مادة طبية عامة، لكن نادراً ما تجد تحقيقاً استقصائياً طبياً، وإذا كان هذا هو حال الصحيفة الأولى، فما دونها "دونها"، التفكير العام لرؤساء التحرير هو أنه من شاء الحصول على مادة علمية مركزة فليتجه إلى المجلات، وهم إلى حد ما محقون في ذلك، لا سيما عقب ظهور مجلات علمية متخصصة في السنوات الأخيرة مثل : النانو، الفيصل العلمي، الإعجاز العلمي، واحة الحاسب، العلوم والتقنية، و.. غيرها.
لكن المريسي في الوقت ذاته متفائل بواقع الصحافة العلمية الإلكترونية التي تقوم على شباب متطوعين، يقومون بترجمة موضوعات تقنية حديثة، مثل مدونة "عالم التقنية" و"تيدوز"، ويؤكد : تبقى مشكلتان هنا؛ الأولى اقتصار هذه المدونات على جانب علمي واحد هو الجانب التقني، والثاني: أنه لا يمكن إطلاق وصف "صحافة علمية" على ما يقوم به هؤلاء المدونون وإن كانوا يتفوقون كثيراً في السبق والجماهيرية على الصحافيين التقليديين.



الجمعة، 19 نوفمبر 2010

التخزين الرقمي ,,,, نقاط القوة والضعف

عمر الحياني
نشرت بمجلة تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات عدد(112)ديسمبر 2010م

"الكلمة المكتوبة على الورق باقية؛ والكلمة المسموعة على الإذاعة والتليفزيون عابرة؛ والكلمة المكهربة على الكمبيوتر فوارة، وهي مثل كل فوران متلاشية". (1)
هذا القلق للكاتب الكبير محمد حسين هيكل يصف فيه شعوره من الحاسوب في  تصديره  لسلسلته "عمر من الكتب" , فكاتبنا الكبير تعلم بالكتاب وعاش على الكتاب ,فصار هناك هوة بينه والحاسوب باعتباره فوران سرعان ما يتلاشى وسط تموجاته .
تبدو رؤية هيكل منطقية من جانب , أن المعرفة البشرية اليوم أكثر تهديدا بالفناء في صورتها الالكترونية , فعبقرية قرصان قد تخلق فيروس مدمر يحول العالم الرقمي في ثوان معدودة إلي خبر كان,  طبعا هذا  يعد من اكبر التحديات التي تواجه المحتوى المعرفي علي شبكة الانترنت  , فالمعرفة الجدارية والورقية تميزت بمقدرة عالية في استمراريتها,بالرغم أن التهديدات البشرية والعوامل البيئية  كانت تحيط بها, ولكنها كانت  محدودة المكان والزمان .
وفي ظل هذا الوضع فان التخزين الرقمي للمعرفة ليس حلا منسجما مع ما تتعرض له أجهزة التخزين من مشاكل التلف والأعطال , وعمرها الافتراضي القصير بطبعة , وتكاليف الحماية الكبيرة , لنضمن بقاء المعلومة تحت السيطرة ولأطول مدة ممكنه, في ظل تغير الأنظمة وتطورها ,وإحلال أنظمة جديدة لا تصبح بالضرورة متوافقة مع القديم .
فالروائي الايطالي ذائع الصيت أمبرتو ايكو كتب مقالا بمجلة "الاكسبروسو"لتحليل موقفة من مسالة المقارنة بين الكتاب الورقي والكتاب الالكتروني ومن ضمن ماجاء بالمقال قوله"كل الوسائط المعرفية قابلة للتلف الا الكتاب ,فالكتاب بقي صامدا على امتداد القرون المتتالية ,بالرغم ان الكمبيوتر اصبح صديقا لي ولكن بمجرد سقوطه ينتهي كل شي"
الشبكة العنكبوتية اليوم عالم من النسيج المترابط في  عقده واحده , فالتقنيات الحاسوبية وشبكاتها لازالت طرية وواعده في ابتكارات المستقبل , فالكاتب العلمي وليد الشوبكي يقول  "لهؤلاء الذين يخشون أن يكون انحسار المطبوعات الورقية نذيرًا بأفول الكلمة المكتوبة عامة، ثمة جيل جديد من التقنيات ربما يحمل لهم أخبارًا سعيدة."
فالمعرفة لم تعد وحدها من خزنت في البايت (byte) ,علي مدرج المنطق والمسار الدائري لأقراص التخزين ,فكل ما يتعلق بنا اليوم من معلومات وبيانات مخزن في أجهزة الحاسوب, كما يقول إيريك شميت من شركة جوجل في ألمانيا، والذي يقول مازحاً بأنه "ينبغي السماح لأي شخص بتغيير اسمه وهويته عندما يبلغ سن الرشد هرباً من تاريخه الرقمي".
الترقيم الرقمي ( الصفر –  الواحد)
لقد عملت الثورة الصناعية على تسهيل حياة الإنسان بالرغم من أنها كانت  تكابد الإنسان المشقة والعناء في الوصول إلي غايتها , ومع بزوغ عصر الحاسوب والتقنيات الرقمية  , استطاع الإنسان أن يروض هذه التقنيات  في رفاهيته وتطوره .
لك أن تتخيل حجم المعلومات المخزنة في اليمن على شكل رقمي ( في أجهزة الحواسيب ) , إلي عهد ليس بالبعيد كان تلفون واحد يخدم مديرية ,اليوم ينطلق  (10.000.000)مليون مشترك دفعة واحدة في خدمة التلفون السيار في اليمن, أي حوالي نصف سكان اليمن تقريبا جميعهم مخزنون على أقراص صلبة على شكل (صفر وواحد ) مع بياناتهم وعناوينهم وحسابات فواتيرهم , كل هذا الكم  الهائل في حيز بسيط من ذاكرة التخزين الرقمي  .
لقد بات التخزين الرقمي اليوم عصب الحياة  ومرتكز السرعة والتقدم  , وقد لعبت التقنيات الحديثة الدور الأبرز في هذا التراكم المعرفي من الكون الرقمي لأحدث دراسة أجرتها مؤسسة آي دي سي "العقد الكوني الرقمي " تدور معدلات النمو في البيانات الرقمية ، بمعدلات تفوق القدرة التخزينية  لأجهزة الحاسوب بمقدار 30% من المعلومات الرقمية التي يتم إنشاؤها بشكل يفوق قدرات التخزين الحالية.
ومن المتوقع أن يقفز هذا الرقم إلى أكثر من 60 ٪ خلال السنوات القليلة القادمة,في خضم الأزمة الاقتصادية عام 2009م التي أثرت على العالم,ظل نمو البيانات يتوالى بمعدلات  تزيد عن 62% عن  عام 2008م  البالغ800مليار جيجا بايت ((0.8 زيتابايت)) الزيتابايت يعادل تريليون جيجا بايت, فيما بلغت كمية المعلومات الرقمية التي أنشئت في عام 2010 (1،2 زيتابايت).
هذا التضخم الكوني في عالم الانترنت هو احد عناصر التحول من المفهوم التماثلي إلى الرقمي  لوسائل الإعلام ,مع استمرار اجتياح شبكات التواصل الاجتماعي وتقنيات الويب (0.2) لجيل جديد من الشباب ,الذي خلق لزمن هو زمانه الرقمي .
الكون الرقمي لهذا المخزون له أبعاد تختلف ونختلف حول مدى نفعيتها , مع التبشير بولوج عصر الحوسبة السحابية من اجل إدارة, وتامين , هذا المحيط المتدفق من المعلومات بوسائله المختلفة . 
العصر الرقمي : لأجل الأشجار
لم تعد مكاتب الأعمال والقطاع الحكومي  تستخدم الورق  لانجاز الاعمال بذلك الكم الهائل كما كان في التسعينات من القرن الماضي  , فالحاسوب خلق عصر جديد من وسائل التواصل وحفظ المعلومات والبيانات , وهكذا أطلق علية عصر ما بعد  الورق, فالكتابة الجدارية لم تنقرض لان الحجارة انتهت وإنما لان الجلود ومن بعده الورق ظهر للوجود .
لقد شهدت نصف غابات العالم أعمال قطع أو حرق، كما أن 80% مما تبقى منها قد أصابه دمار وضرر كبير,فاستخدام الورق يدخل في كثير من الاستخدامات ابتداء من ورق المنديل وليس انتهاء بالكتاب  , وكلها تأتي على حساب قطع 900مليون شجرة سنوياً لاستخدامها في صناعة الورق, وسط  دعوات تفادي إزالة الغابات باعتبارها رئتا الأرض  ومخزن الكربون .
 وبالرغم من تطور تقنيات نقل المعرفة فان جنون الورق لازال مستمرا في إزالة  ملايين الهكتارات من الغابات , حيث يبلغ متوسط الاستهلاك للمواطن الأمريكي 70 كيلوجراماً سنويا لتنخفض في الهند إلى 5 .8 كيلوجرام.
تقرير منظمة الفاو عن حالة الغابات لعام 2007م يذكر أنة في سنة 2004م بلغ إنتاج الأخشاب المستديرة المستخدمة في الأغراض الصناعية 1,6مليار متر مكعب تمثل المنتجات الورقية نسبة 34% و3.7 % قيمة منتجات سلعية  و21 % منتجات خشبية أولية و 41.3%   تمثل منتجات أثاث وديكورات وكتب.
ورغم أن البشرية اتجهت بكل طاقتها نحو العمل الالكتروني فان أشجار الغابات لم تتوقف عن التدمير , ويرجع السبب إلي استخدامات الخشب المتعددة ,ولو استمرت البشرية تعتمد على الورق فقط في أعمالها لكان الوقت قد فاتنا لتدارك وضع الأرض  التي كانت في يوم ما تحتضنها الغابات .
يوم بلا ورق
صديق للغابات عدو للبيئة ,هكذا ينظر دعاة و مناصروا البيئة  لأجهزة الحاسوب ,فهو بنظرهم عمل على تقليل استخدام الورق ,,وقلل من إزالة الغابات ,لذا  ينادون ليوم بلا ورق , تشجيعا لاستخدام الحاسوب والأجهزة الالكترونية في المكاتب وأماكن العمل , وصولا إلي شركات وأعمال بلا ورق, فطبقا لدراسات أمريكية 80% من الوثائق الورقية المخزنة لا يتم ذكرها أو الإشارة إليها أبداً.
بينما يظل الناس ينظرون إلي الورق انه متوفر وقليل الكلفة وفي متناول أيديهم ! فإنهم  لا يعلمون  أن الصناعة الورقية رابع متهم في  تأثيراتها السلبية المدمرة للبيئة , و واحده من  أهم مصادر  تغير المناخ ومشكلات الاحتباس الحراري , ومصدر رئيس لإطلاق الكربون في طبقات الجو ,ذلك أن الورق  و في كل مرحلة  من مراحل صناعته  المختلفة  له انعكاساته السلبية على البيئة وتنوعها الحيوي ،  بدءاً من قطع الأشجار، إلى إنتاج لب الورق ، وحتى التخلص منه في نهاية المطاف. أو إعادة تدويره .
العصور التي مضت منذ بداية تدوين المعرفة البشرية مرت بمراحل طويلة  من الاكتشافات العلمية في سبيل حفظ هذا الإنتاج البشري من الضياع والاندثار  , على الرغم من عوامل التدمير المختلفة التي لحقت بهذه المعرفة فإنها استطاعت الصمود  طوال تلك العصور  ,ترى هل تصمد نبضات المعرفة الرقمية من نبضات التدمير والتخريب؟
      10- نصائح اتبعها!& 3 - نصائح اعمل بها .
1.  لا تنسَ أن المناديل الورقية مصنوعة أيضاً من الورق! قلل الاستخدام.
2.  فكر ملياً قبل أن تقدم على طباعة أية ورقة.
3.  يمكنك الطباعة على وجهي الورقة لتوفير ورقة أخرى.
4.  اتبع الخطوات الثلاث التالية: قلل استعمال الورق، وأعد استعماله، وأعد تصنيعه.
5. استعمل الحاسوب في توصيل ونقل المعلومات بدلاً من طباعتها!
6. استخدم خيار الصفحة الواحدة في برنامج ميكروسوفت إكسل.
7. استخدم البريد الإلكتروني عوضاً عن الفاكس.
8. استعمل خدمة إعادة التدوير.
9. لا تشتر الصحيفة.. بل تصفحها عبر الإنترنت!
10.  كن ناصحا لمن حولك , التقليل من الورق ,حماية للبيئة والاقتصاد الوطني .
3 نصائح اعمل بها.
1-    من اجل عمل أسرع  وبيئة أنظف وتكاليف اقل  حول أعمالك الكترونيا.
2-  إن تصغير حجم أية صورة تود طباعتها، لن يقلل فقط من استهلاك الورق بل سيساعد أيضاً على توفير كمية    الحبر المستعمل.
3-    قلل من استخدام الورق  خلال عملك استعمل حاسوبك لمراجعة عملك .
       من نصائح حملة يوم بلا ورق الإمارات العربية المتحدة 2010م

1-   النصوص الرقمية ونهاية حقبة الورق , وليد الشوبكي - إسلام اون لاين



























مركز رصد لمراقبة تلوث الهواء في بيروت

بيروت ترصد التلوث الهوائي في أجوائها ومراكز البحوث البيئية تشاركها الدراسات العلمية
23 مركز رصد لمراقبة تلوث  الهواء في بيروت
عمر الحياني –بيروت
استعرض الدكتور توفيق رزق الباحث بكلية العلوم جامعة القديس يوسف  اللبنانية  خلال ورشة العمل الإقليمية sjcoop  والتي ينظمها الاتحاد الدولي للإعلاميين العلميين بالتعاون مع الرابطة العربية للإعلاميين العلميين والروابط  في إفريقيا والشرق الأوسط والمنعقدة في بيروت خلال الفترة من 27-ديسمبر 2010م -1اكتوبر 2010م ,البحث المنجز بمركز بحوث كلية العلوم تحت عنوان "نحو وضع وتثبيت شبكة لمراقبة نوعية الهواء في بيروت " مقدار التلوث "الغيمي" المحيط بسماء بيروت والذي أصبح يثير قلق المختصين في البيئة لنتائجه الكارثية على مستوى الأمن الصحي وما يسببه من أمراض ومشاكل صحية للقاطنين بالعاصمة بيروت .
بيروت -لبنان
 في ظل  معدلات التلوث البيئي المتصاعد بشكل مستمر , وارجع الدكتور توفيق  رزق السبب في ذلك إلي مقدار الملوثات الناتجة عن العوادم الكربونية ,الناتجة في مجملها من عوادم المركبات , وسوء التخطيط العمراني , الذي عمل على خنق الأجواء في وجه حركة التيارات الهوائية مما سبب حالة من الاختناق الدائري غير القادرة على المرور في الأماكن المزدحمة بالعمارات السكنية والشوارع الضيقة, وفي وضع طبيعي كمدينة بيروت الواقعة بين الجبل والسهل . أشار توفيق رزق خلال استفسارنا له عن مقدار الفروق في الملوثات بين المرتفعات والمنخفضات في العاصمة اللبنانية بيروت أوضح أن المنخفضات تتأثر بمقدار أعلى من التلوث وخاصة في فصل الصيف حيث  تعمل درجة الحرارة المرتفعة على صهر الملوثات مع انعدام شبة كلي  للتيارات الهوائية التي تعمل على نقل الملوثات إلي أماكن مختلفة .
وتشير نتائج الدراسة البحثية التي أجراها  الباحثون , إلي أن أكسيد النتروجين يمثل أعلى تلوث في العاصمة بيروت خلال السنوات الخمس الماضية,  وان النسبة لازالت في تصاعد مستمر وتنذر بمشاكل خطيرة ما لم يتم تدارك الوضع البيئي المتدهور في العاصمة بيروت, موضحا في سياق شرحه أن العاصمة بيروت لازالت  في الحدود الآمنة  وفقا للمعايير الدولية في نسب التلوث الخطرة , ولكنها سوف تنتقل إلي الوضع الغير امن في ظل الكثافة السكانية والعمرانية التي تشهدها العاصمة بيروت .
نقاط الكترونية لمراقبة التلوث في بيروت 
وقد عمل الباحثون على الخروج بنتائج أكثر موثوقية حيث جرى التأكد من نتائج العينات في أكثر من مركز بحث عالمي في  كلا من ايطاليا والنمسا .
الجدير بالذكر أن بلدية بيروت تم تقسيمها إلي 23 نقطة رصد ومراقبة تغطي مجمل الأماكن السكنية فيما يعرف ببلدية بيروت وقد تم وضع محطة القياس في حرش بيروت التي تعتبر محطة مرجعية لهذه الشبكة , وقد بدا العمل بهذه النقاط منذ العام 2004م ضمن اتفاق تعاون بين بلدية ايل دو فرانس وجامعة القديس يوسف بتكلفة بلغت (470000$دولار أمريكي ), وتم تكوين قاعدة قياس لرصد مجمل التغيرات في معدلات التلوث التي تحيط ببلدية  بيروت من ملوثات اوكسيد النتروجين , الأوزون , أكسيد الكربون ,الجسيمات العالقة ,بينما الأنابيب الموزعة تسمح بقياس التغيرات التي تنتج عن اختلاف الأماكن في بيروت  .

الأربعاء، 3 نوفمبر 2010

ظاهرة «الهاكرز» أنتجت «ويكيليكس» ومستقبل صحافة الانترنت

ظاهرة «الهاكرز» أنتجت «ويكيليكس» ومستقبل صحافة الانترنت
 الجمعة, 29 أكتوبر 2010

أحمد مغربي –الحياة اللندنية

كأنهما صخرتان تدحرجتا على السفح عينه من الجبل، لتكونا ظاهرتين متفردتين من صنع الأجيال الشابة للإنترنت. تتمثل الصخرة الأولى بأحزاب الهاكرز Hackers Parties (تترجم عربياً، ضمن تفكير ضيّق، بأحزاب قراصنة الإنترنت) التي فاجأت عالم السياسة في الانتخابات الأوروبية الماضية، واستطاعت هذه الأحزاب أن تعيد الصورة التي سارت عليها أحزاب البيئة في القرن الماضي. ربما لم يشعر كثيرون ممن هم خارج الغرب بأثر ظاهرة «أحزاب قراصنة الإنترنت». ومن المهم القول بأن «حزب الهاكرز» السويدي، هو الذي يؤمن حماية للكومبيوتر الرئيسي الذي يعمل عليه موقع «ويكيليكس»!

أما الصخرة الثانية التي أطلقها جبل الهاكرز عينه، فقد هزّت العالم بقوة، ربما بأكثر مما يفعله ارتطام كويكب بالكرة الأرضية أو زلزال من وزن ما حصل في هايتي مطلع هذا العام.
لا أقل من هذه الكلمات في وصف الأثر الذي يوّلده موقع «ويكيليكس» WikiLeaks، الذي صار جزءاً من مفردات الحياة اليومية على امتداد الكوكب الأزرق. وفي العالم العربي، قيل الكثير عن «ويكيليكس»، خصوصاً بعد سيل الوثائق عن الحرب في العراق. ولكن، لم يقل عربياً إن هذا الموقع وُلِد من رحم ظــاهرة الهاكرز التي أعطى «ويكيليـكس» مــثالاً آخر علـى تخـلّف التفـكير الـعربي بصددها.

ويمتد خيط الحرية الرقمية والحق في الحصول على المعلومات (والوصول إليها)، ليصنع رابطاً بين أحزاب الهاكرز وموقع «ويكيليكس». وكلاهما قُدّتا من الجبل الذي يصنعه جيل شباب الكومبيوتر، في سياق سعيه لرسم صورة الحقوق الإلكترونية والحريات المرتبطة بها، إضافة الى نحت صورة عميقة لصحافة الإنترنت. وبذا تظهر هذه الصحافة سماتها المميّزة باعتبارها مزيجاً من سعي للحرية الرقمية وتملّك لتقنيات الكومبيوتر، واحتراف السعي إلى نشر المعلومة إخبارياً. هل ينظر مستقبلاً إلى «ويكيليكس» كبداية لصحافة تحمل فعلياً المزايا العميقة للوسيط الرقمي وشبكاته؟

< هل يقال مستقبلاً إن جوليان أسانغ، مؤسس موقع «ويكيليكس» هو أول صحافي للإنترنت فعلياً، بمعنى أنه اجترح صحافة في الوسيط الرقمي الإعلامي، فجاءت مشبّعة بصفات الفضاء الافتراضي للإنترنت، إذ يصعب أن تصنع إلا بتقنيات الرقمي وفضاءاته؟

«أنا صحافي وناشر ومبتكر». بتلك الكلمات، التي تشبه صرخة تمزج الإعلان بالتحدي، يصف جوليان أسانغ نفسه، بحسب ما ورد في لقائه مع مجلة «تايم» الأميركية أخيراً. هل هذا الأسترالي الباهت الوجه والأشيب الشعر والفائض الحيوية، يوشك أن يصنع مستقبل الصحافة الإلكترونية، عبر موقع ينشر مئات آلاف الوثائق، فيهزّ عالم السياسة والحرب والاقتصاد والثقافة والصحافة في آن معاً؟

بداية، لا بد من توضيح ألّا علاقة تربط «ويكيليكس» والموسوعة الرقمية المفتوحة «ويكيبيديا» الذائعة الصيت، على رغم التشابه الكبير في الأسماء. لا علاقة بين الاثنين، ولا حتى في أسلوب العمل على شبكة الانترنت.

في رعاية قراصنة الإنترنت

بالعودة الى العلاقة مع صحافة الانترنت، يمكن القول إن ما صنعه موقع «ويكيليكس» الذي أسّسه أسانغ في عام 2006، يتقاطع مع العمل البديهي الأساسي الذي ارتكزت إليه الصحافة (ثم مجمل الإعلام العام): نشر المعلومة وإيصالها الى الرأي العام. ما الذي يحاول أسانغ فِعله عبر نشر هذه الوثائق؟ لنتذكر أولاً أن وثائق «ويكيليكس» عن الحربين في أفغانستان والعراق صنعت الخبر بقدر ما نقلته، كأنها تعود الى المعنى العميق للصحافة وتجدده، باستخدام الوسيط الالكتروني في شبكة الانترنت. ابتدأ أسانغ (39 سنةً) حياته بالتفوق أكاديمياً، خلال دراسته الفيزياء في جامعة ملبورن الاسترالية. ثم بدأت حياته تسير في اتجاه جعلها قصة فريدة من نوعها في زمن الانترنت. ففي مستهل شبابه، تحوّل الى «هاكر» بارع وذائع الصيت.

ومهر في مجال اختراق نُظُم الكومبيوتر، إلى حدّ أن أصدقائه في الثانوية والجامعة وصفوه بأنه يتمتع بمعدل ذكاء يليق بنابغة. وعندما بلغ العشرين، اخترق شبكة الكومبيوتر في شركة «نورتل» الكندية للتلفزة. وسرعان ما ألقي القبض عليه. واستطاعت المحكمة أن تثبت ارتكابه 26 مخالفة.

وأقرّ بما فعل. واكتفت المحكمة بتغريمه مبلغاً زهيداً، مع ملاحظة خاصة من القاضي أشار فيها إلى حشريته الفكرية الفائقة الذكاء.

أي صحافة يحاولها هذا المتمرد السويدي، الذي جعل العيون تقرأ أخباراً غير مألوفة مثل وصف البنتاغون لوثائق «ويكيليكس» بأنها أضخم عملية اختراق لأمن المعلومات العسكرية في تاريخ الولايات المتحدة، ومطالبة الأمم المتحدة ودول حليفة (مثل بريطانيا) ومؤسسات دولية متنوّعة، الولايات المتحدة بالخضوع لتحقيق واسع عن أعمال قواتها في العراق!

سرّ الملف المُشفّر

«أنا صحافي... وأحاول ابتكار نظام يحلّ مشكلة الرقابة على الصحافة، ومشكلة الرقابة التي تمارس على الصحافة المتحديّة عالمياً». بكلماته هذه، حاول أسانغ أن يلقي الضوء على أسئلة كثيرة رافقت إطلاق وثائق «ويكيليكس». فمثلاً، بعد أن كشف قرابة 90 ألف وثيقة عن حرب أفغانستان، ظهر على هذا الموقع ملف مُشفّر وضخم الحجم. وعبثاً حاول كثيرون معرفة محتوى ذلك الملف الضخم، لكن شيفرته، التي  صنعها الهاكرز بدت عصيّة تماماً.

وتسرّبت أخبار عبر مُدوّنات إلكترونية ومواقع للهاكرز تقول ان أسانغ تعمّد وضع هذا الملف المُشفّر لحماية نفسه، بمعنى أن الملف يتضمن أسراراً يهدد صاحبها بكشفها، في حال حدوث مكروه له. والمعلوم أن أسانغ كرّر، في غير لقاء إعلامي، الحديث عن محاولة قوى كبرى أن تشلّ نشاطه، إضافة إلى القصص عن هربه المستمر وتخفّيه الدائم، التي تبدو أقرب إلى الخيال، لكن صاحبها يصرّ على أنها حقيقية. وبعد نشر الوثائق عن حرب العراق، نشر موقع «موني بوكرز. كوم» moneybookeers.com، خبراً مفاده أن الولايات المتحدة واستراليا، وضعتا «ويكيليكس» على ما يشبه قائمة سوداء مالياً، بهدف خنقه اقتصادياً عبر منع التبرعات والعطايا والهبات، التي يتلقاها من جهات متعددة.

والمعلوم أيضاً عن أسانغ أنه لا يقيم في مكان ولا يحلّ في بيت، ويبدو «على قلق» من مقامه الريح، بحسب وصف شهير للمتنبي. لا يستعمل أسانغ بطاقات الائتمان، كي لا تكشفه، وذاك ما يذكر باستعمال تلك البطاقات في تتبع مشتبه بهم في قضية مصرع محمود المبحوح في دبي. وعلى غرار ما يفعله كثير من نشطاء «العالم التحتي» (وضمنه تنظيم القاعدة)، يفضل أسانغ استعمال المال الورقي «كاش» مباشرة. يميل الى سكنى الأماكن النائية. فقد أجرت مجلة «تايم» مقابلة معه، أثناء إقامته الموقتة في مدينة ريكيافيك، القريبة من القطب الشمالي، مع الإشارة الى ان الكومبيوتر الرئيسي لـ «ويكيليكس» يعمل انطلاقاً من السويد.

هل استطاع الملف المُشفّر الذي وُضع على موقع «ويكيليكس» بعد كشف وثائق أفغانستان، أن يحميه؟ على الأرجح نعم. هل يعرف أحد بمحتوى ذلك الملف، الذي تبيّن لاحقاً أنه يحتوي وثائق عن حرب العراق، التي يقول البنتاغون أن «ويكيليكس» لم يفرغ من نشرها بعد؟ تصعب الإجابة عن هذا السؤال. إذ كيف تسنى لحلف الناتو معرفة ان تلك الوثائق ستضرّ بأميركيين وعراقيين قبل نشرها؟ إلى ما استند الأمين العام لحلف الأطلسي، أندرياس فوغ راسموسن، عندما أعلن أن كشف وثائق «ويكيليكس» يعرّض قواته للخطر، وكرر ذلك مرتين: قبل كشف وثائق أفغانستان، وعشية كشف وثائق العراق؟ هل يعني ذلك ان الحلف علم بالوثائق المتسربة سلفاً؟ هل توصّل إلى ذلك بالقدرات الإلكترونية الهائلة التي يملكها ذلك الحلف، أم إن الموقع اتّصل بالحلف قبل الكشف عن المواقع؟ تقول رواية أكثر شيوعاً أن عسكرياً أميركياً سرّب الوثائق الى «ويكيليكس»، قبل اعتقاله والتحقيق معه.

إن صحّت هذه الرواية، فهل وُضع الملف المُشفّر على الانترنت، للضغط على التحقيق؟ الأسئلة كثيرة. وتوضّح صيغها ان عمل أسانغ، يشبه كثيراً ما يفعله المحققون الصحافيون المتمرّسون، والطُرُق التي يتبعونها في الحصول على معلومات مكتومة، والتشابكات التي ترتسم في عمل المحقق الصحافي المتمرّس، بما فيها العلاقات مع المؤسسات وأجهزة الاستخبارات والأمن وغيرها.

بداية لصحافة رقمية مغايرة

هل الصحافة الرقمية هي الحدود القصوى التي يحاول الوصول إليها، عبر نشر ما يزيد عن نصف مليون وثيقة مصنّفة أنها سرية، عن حربين صنعتا الحدث في عالم ما بعد 11/9؟ ماذا لو نُظِر إلى أفعاله باعتبارها عملاً صحافياً، بالأحرى ما الذي لا تمتلكه أعمال «ويكيليكس» من صفات الصحافة؟

نشر الموقع الذي يديره أسانغ بطريقة غامضة، إذ يتنقل بين أربعة مواقع يسمي أحدها «المخبأ»، أخباراً ومعلومات لم يكن يعرفها الرأي العام، فاهتزّ عالم السياسة بقوة. ورأى قائد قوات حلف شمال الاطلسي ان الوثائق تعرّض قوات الناتو للخطر. ورأت فيها المستشارة الألمانية انغيلا ميركل عملاً يعرّض الجهود المبذولة في العراق وافغانستان للخطر. واعترفت إيران بأنها أحست بالإهانة لما نشر عن دورها في العراق وافغانستان. وأقرّ الرئيس الأفغاني حامد كرزاي بأنه تلقى أموالاً إيرانية لم يكن يذكرها قبل ان تكشفها أخبار «ويكيليكس».

واعتبر رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي انها ضربة موجّهة له. ودعت جهات عراقية ودولية الى محاكمات عن مقتل المدنيين على حواجز الجيش الاميركي. وضجّ الإعلام العام أميركياً بما أظهرته الوثائق من سقوط لـ «التفوق الاخلاقي» لحروب أميركا المعاصرة وغيرها.

ألا يشكل هذا عملاً صحافياً نموذجياً؟ وتكتمل صورة أسانغ باعتباره من صُنّاع الصحافة الالكترونية المعاصرة، إذا تذكرنا أنه ابتدأ حياته كـ «هاكر»، ووصل الى صنع عمل صحافي يظهر فيه مزايا الوسيط الالكتروني بامتياز، بعد سنة من ظهور أحزاب الهاكرز في أوروبا الغربية، خصوصاً ألمانيا والبلدان الاسكندنافية.

وبقول آخر، يعطي «ويكيليكس» نموذجاً قوياً ومتقدماً من صحافة تعمل بالاستناد الى التمرّس بتقنيات الوسيط الرقمي وشبكاته.

وكملمح آخر من العلاقة العميقة التي تربط صحافة الانترنت بطريقة «ويكيليكس» مع الهاكرز، يكفي القول إن «حزب الهاكرز» السويدي يقدّم حماية مباشرة للـ «سيرفر» الذي يعمل «ويكيليكس» انطلاقاً منه. واستطراداً، يجدر القول ان هذا الحزب يسعى لتغيير قوانين الصحافة والملكية  الفكرية، بما يعطي للأفراد حرية أوسع في الوصول الى المعلومات ونشرها على الانترنت.

في العالم المعاصر، لا أحد يعامل ظاهرة الهاكرز باستهزاء سوى العالم العربي! وإذ ينحصر النقاش العربي القليل عن ظاهرة الهاكرز بالمساحة الضيّقة من اللعب على الكلمات (هاكرز= قراصنة، ما يعني إدانة جاهزة)، يميل معظم الدول لنسج شبكة معقدة مع هذه الظاهرة، بداية من «الاحتضان» الروسي ومروراً بكتائب الهاكرز وميليشياتهم في الجيش الصيني، ووصولاً الى تبني الشركات الأميركية العملاقة (وكذلك البنتاغون) لحلقات الهاكرز للاستفادة منها اقتصادياً وتقنياً واستراتيجياً وعسكرياً.

يأتي نشر الوثائق على موقع «ويكيليكس» ليضيف بعداً آخر لظاهرة الهاكرز: هل هؤلاء هم صحافيو المستقبل الرقمي، باعتبارهم الاستمرار الفعلي لمهنة البحث عن المتاعب في الفضاء الافتراضي، والامتداد العميق لمهنة التجارة بالأخبار، بحسب الوصف الأصيل للصحافة والإعلام؟