الخميس، 18 مارس 2010

قصة ابو الصحافة الاستقصائية -سيمور هيرش

سيمور هيرش: كثير من قصصي رفضت لأنها تعتمد على مصدر واحد مقتطفـات مـن صفحة

أستاذ صحافة العمق الميداني لـ «الشرق الأوسط» : لا أضع أسماء أو أرقام هواتف مصادري على اللاب توب تحسبا للطوارئ



سيمور هيرش 412 مليون ريال لبناء واحة الأمير سلمان للعلوم في العاصمة السعودية

محمد الشافعي -الشرق الاوسط

تشعر بالإعجاب والتقدير، وكثير من الاحترام حين تتحدث مع هذا الرجل، فهو في قمة شهرته المهنية، ولكنه أيضا في قمة البساطة والتلقائية والحماس حين يتحدث عن السلطة الرابعة وهمومها، سواء في داخل أميركا أو خارجها، ولا يملك سيمور هيرش شيئا سوى قلمه الذي يكتب به مقاله في مجلة «النيويوركر» الأسبوعية الأميركية وتاريخه المهني المشرف. وبدأ اسم الكاتب الأميركي الشهير سيمور هيرش يطغى على الساحة حين كان يعمل صحافيا بالقطعة، وكشف عن مذبحة «ماي لاي» في فيتنام عام 1969 وقد أطلقت أميركا على هذه العملية اسم «العنقاء».. ففي 16 مارس 1968 دخلت مجموعة من الكتيبة 11 إلى قرية ماي لاي وقتلت 347 عجوزا وطفلا رضيعا وامرأة، وأحرق المشاة الأميركيون البيوت والأكواخ بأهالي القرية، وفي اليوم ذاته هاجمت مجموعة أقوى من هذه الكتيبة القرية نفسها وأجهزت على ما تبقى فيها من بشر.. وحين كشفها هيرش حققت تحقيقاته نجاحا مدويا، وبات رمزا نابضا للصحافة الاستقصائية الميدانية، لا يتعب من البحث عن المصادر أو تسجيل المصادر، ولا يتضايق عندما يؤكد أن كثيرا من قصصه لم تنشر أيضا بأمر رئيس التحرير، لأنها لم تكن مستوفاة للمعايير التحريرية، أو أن رئيسه أو المدقق الصحافي في « نيويوركر» ذهب ليتأكد من مصادره مرة أخرى حتى لا تقع المجلة في مطب قانوني لا يغتفر. وكشف هيرش بالوثائق أيضا أن أميركا تقف وراء الخلافات الطائفية بين السنة والشيعة في لبنان، كما أن هيرش هو الذي فجر فضيحة سجن أبو غريب، وقد هاجمه البيت الأبيض وقال إن مقالاته مليئة بالمغالطات. وزير العدل السعودي: تطوير القضاء لا يمكن أن يمس هوية الدولة وثوابت الأحكام



الرجل يبلغ اليوم من العمر 75 عاما. وهو يستخدم للحصول على معطياته مصادر في المخابرات والكونغرس والإدارة والجيش. خصوصا أنه يتمتع بصداقات واسعة وعالية المستوى، كما أن كثيرين من المعترضين على سياسات الإدارات الأميركية المتعاقبة لا يجدون أفضل منه لكشف المعلومات التي يمتلكونها عن سياسات يعترضون عليها. «الجوازات» لـ «الشرق الأوسط»: ربط تقديم الخدمات للمقيمين بنظام «البصمة» بدءا من أبريل المقبل



سيمور هيرش هو الصحافي الذي كشف عن استعمال القوات الأميركية لليورانيوم المنضب في حرب تحرير الكويت. وهو أول من كشف عن كذب بوش وتشيني في موضوع الأسلحة العراقية الخيالية، وهو من فجر فضيحة سجن أبو غريب عبر نشر القصة التي وصلته موثقة بالصور من ضباط خدموا في العراق. وجاء الحوار مع «الشرق الأوسط» في لندن على النحو التالي: 3000 متدربة استفدن من برامج الأهلي للأسر المنتجة



*كيف بدأت عملك كصحافي، وهل مرت عليك لحظة كنت واثقا خلالها أنك اخترت المهنة الملائمة لك؟



- لا.. قطعا لا. لقد كنت طالبا عاديا للغاية، ولكنني التحقت بجامعة متميزة وهي جامعة شيكاغو، ولكنني لم أستطع الحصول على وظيفة ملائمة فالتحقت بكلية الحقوق ولكنني كرهتها. كنت قد التحقت بكلية الحقوق في 30 أغسطس (آب) وتم قبولي بعدها بثلاثة أيام. ذلك لم يعد يحدث الآن، فقد كان ذلك في عام 1958. ولكنني كرهت دراسة القانون، وبالتالي خرجت إلى سوق العمل، وقد التقيت في عام 1960 بشخص كان يعمل صحافيا وأخبرني أنهم بحاجة إلى عامل لنسخ الملفات في «مكتب أخبار مدينة شيكاغو» وهو أحد المراكز الإعلامية الشهيرة التي تم تأسيسها في العشرينات من القرن الماضي.



وعلى الرغم من أن شيكاغو كان لديها عدد كبير من الصحف، فإن أخبار الجريمة كانت كثيرة للغاية حتى أنهم أنشأوا وكالة متخصصة في تغطية أخبار الجريمة، حتى لا تضطر الصحف إلى تغطية القصص نفسها.



وبالتالي، بدأت العمل كناسخ وقضيت أربعة أشهر أعدو بين ماكينات الاختزال، لم يكن لدينا في ذلك الوقت أجهزة فاكس، وبالتالي عملت على طباعة القصص الصحافية، ثم انتقلت للعمل كصحافي بوليسي، ثم انتقلت لتغطية الأخبار المتعلقة بالجيش. وبعد ذلك انتقلت للعمل في إحدى الصحف المحلية، ومنها إلى صحيفة «يونايتد برس» ثم انتقلت إلى «الأسوشييتدبرس». وبعد ذلك انتقلت إلى العمل مع المرشح الرئاسي السيناتور ماكرتني، لأنني كنت مناهضا للحرب في فيتنام، ثم انتقلت لـ«نيويورك تايمز» بعدما نشرت الموضوعات المتعلقة بمذبحة «ماي لاي» ولكنني في البداية لم أكن أعتقد أنني سوف أكون صحافيا.



*كصحافي تحقيقات، يستغرق إعداد كثير من كتبك وتحقيقاتك أسابيع وربما أشهر. كيف تقنع مصادرك أن يقدموا لك هذه المعلومات المهمة التي تكون في أغلب الأحوال غير متاحة للآخرين؟



- لقد اكتشفت أن الناس في الجيش والحكومة يتحدثون كثيرا حول الصحافيين، ويتحدثون حول القصص الصحافية. ومن جهة أخرى، فعندما تتوطد علاقتك بهم يقولون: «يمكنني التعامل مع هيرش لسببين: إنه لن يفضح أمري، بالإضافة إلى أنه لن يعود إلي مرة أخرى قائلا هل يمكنك إجراء حوار مع أحد أصدقائي». فعندما أنتهي من التحقيق الذي أقوم به أكون قد انتهيت فعلا. فقد ألفت كتابا حول كيسنجر في عام 1983 ولم أكتب كلمة واحدة إضافية عنه منذ ذلك الوقت. وبالتالي فأنا أتوقف فور انتهائي من تغطية القصة الصحافية. كما أنني لم أعد أريد كتابة موضوعات تدور حول التعذيب، فبعدما فرغت من موضوع كتابة أبو غريب توقفت عن ذلك. فإذا ما كنت أحد المسؤولين في الحكومة وكنت تريد التحدث معي، ستجد عدة مميزات في ذلك؛ أولا: إن معظم المعلومات التي أحصل عليها أتعامل معها باعتبارها مجرد إشارات؛ أي أنها مجرد جزء من القصة، وأنا أدرك الآن جيدا أنه علي أن أبدأ من تلك الإشارة محاولا الوصول إلى ما هو أبعد منها. وثانيا: إذا قدمت إلي معلومة تعرفها من مصادر داخلية فإنني أقضي وقتا في الحديث إلى الهيئات والأقسام الأخرى التي ليس لديها المعلومات التي أعطيتني إياها. وبالتالي فعندما أكتب القصة في النهاية، سيكون بها معلومات لا تتعلق بالمعلومات التي أعطيتني إياها، وبالتالي لن يبدو تحقيقا بشأن المعلومات التي أخبرتني بها، وهو ما يجنبك المساءلة. ومثلا، إذا ما أخبرتني بوجود انتهاكات في الجيش، فإنني سوف أبحث في الأماكن الأخرى، فإذا ما اكتشفت أن تلك الانتهاكات ليست في الجيش فقط، بل إنها موجودة كذلك في البحرية، فستخرج قصتي بشكل لا يمكن أن يدل على أن أحد المسؤولين بالجيش هو من منحني المعلومات. فيمكنك التحدث معي، وسوف أجعل القصة أفضل باستخدام معلومات لا تعرفها أنت، وبالتالي فمن الصعب الوصول لك ومساءلتك.



*تحتاج التحقيقات التي تستغرق وقتا طويلا خاصة تلك التحقيقات التي يتم إجراؤها في دول أخرى إلى تكلفة عالية. من الذي يدفع تكلفة تلك التحقيقات، وهل تم رفض أي من تحقيقاتك المقترحة نظرا لتكلفتها العالية؟



- بالطبع، فقد رفضت كثير من القصص الصحافية التي اقترحتها. إن المشكلة الأساسية - خاصة خلال فترة رئاسة جورج بوش - هي أنك يمكن أن تواجه مشكلات كثيرة على المستوى المهني إذا ما ضبطت وأنت تتحدث، فإذا ما كنت ميجور جنرال بالجيش فلن تترقى أبدا. وبالطبع هناك مشكلة فيما يتعلق بالنفقات. وعادة كنت أقوم بإعداد القصة، ولكن الإدارة كانت ترفضها، وفي بعض الأحيان كان المحررون يقولون: «ليس لدينا ما يكفي لكي نثبت صحتها بالنسبة للقراء».



وفي بعض الأحيان، تكون القصة معتمدة على مصدر واحد، وبالتالي فإذا ما نشرنا القصة سوف نكشف المصدر، وربما أضر شخصا آخر على المستوى المهني وهو ما سوف يضرني على المدى البعيد. وذلك أحد أهم العوامل. يتعلق العامل الثاني بما إذا كانت التكلفة مرتفعة، خاصة في أوقات الأزمات الاقتصادية، خاصة في ظل أن الصحف الأميركية تعاني بصفة عامة من أزمات مادية. فقد طلب مني خلال تغطية آخر موضوعاتي الصحافية أن أقلل التكلفة، وكأنني أقوم بعملي لأول مرة، فقد طلبوا مني أن لا أنزل في فنادق باهظة التكلفة وأن لا أسافر بطيران الدرجة الأولى. فهم مهتمون إلى حد كبير بخفض التكلفة، وأعتقد أن لذلك أثرا سلبيا. وقبل عامين أو ثلاثة قضيت خمسة أشهر في إعداد قصة لم نتمكن من نشرها، وأعتقد أنهم يمكن أن يفكروا في طريقة لنشرها الآن، نظرا لكل المال الذي تم إنفاقه كي تنجح القصة. ومن أسوأ الأشياء في مهنتي هي أنه ليس بها إحساس بالمشاركة. فإذا ما نشرت «واشنطن بوست» شيئا أنكره الجميع، لم تمد «نيويورك تايمز» يد العون لها. ولكنني عندما كنت أعمل في تغطية القصص المتعلقة بفضيحة ووترغيت، كانت الـ«واشنطن بوست» و«نيويورك تايمز» تتعاونان معا، ولكن ذلك لم يعد يحدث الآن، بل أصبحت الصحف تتصارع من أجل نشر قصص جيدة وأصبح الأمر كله يتعلق بالمال.



*وإذا ما وصلت لك معلومات ترى أنها مهمة، هل من الضروري أن تحصل مسبقا على موافقة رئيسك رئيس التحرير قبل نشرها؟



- بالطبع. وأكثر من ذلك، إنهم كانوا يتحدثون من «النيويوركر» إلى الأشخاص الذين تحدثت معهم حتى إن لم أذكر أسماءهم. وكنت أخبر مصادري أن هناك أشخاصا من المجلة التي أعمل بها سوف يتصلون بهم كي يتأكدوا من صحة المعلومات ويتحققوا من القصة. إن التحقق من المعلومات مهم للغاية، وبالتالي فقد كنت أخبر مصادري أنهم سوف يتلقون اتصالا من أحد الأشخاص الذي يمثلني، وأؤكد لهم أنهم يستطيعون الوثوق فيه. وكنت أخبرهم أنه سوف يتصل بكم على أي رقم تريدونه في أي وقت ومكان تريدونه، وأنه يمكنكم الحديث له وكأنكم تتحدثون معي تماما. وكان بعض الناس يرفضون، وبالتالي لم أكن أستطيع استخدام المعلومات التي يخبرونني بها، ولكن معظم الناس كانوا يقبلون.



ولكنني كنت أحب ذلك، فقد كنت أحيانا وأنا أعمل في «نيويورك تايمز» التي لا يتم فيها التحقق من المعلومات أكتشف بعض المعلومات التي أخطأت فيها. وأنا لا أخطئ في العادة عندما تكون المعلومات جديدة، ولكن إذا كنت أكتب عن شيء كتب عنه شخص آخر أو عن حقيقة أخرى كنت أعتقد أنني أعرفها، أحيانا أخطئ، وبالتالي كانوا يتحققون من كل الأشياء التي أكتبها. فعلى سبيل المثال، كتبت ذات مرة شيئا على الموقع الإلكتروني حول بشار الأسد، ولكنني أخطأت في كتابة عمره فصححوه لي. جميعنا نرتكب أخطاء، ولكن التحقق من المعلومات يقلل فرصة الخطأ.



*ما هي أفضل القصص التي قمت بها من بيروت؟



- يمكنني أن أقول لك إن نصر الله واحد من أفضل الشخصيات التي قابلتها على الإطلاق. أعرف أن الناس ينظرون له باعتباره إرهابيا، ولكنني أدرك أنهم كانوا يعتقدون في الثمانينات أن الطريقة الوحيدة التي يستطيعون عبرها مواجهة القنابل الإسرائيلية هي العمليات الانتحارية. وكانوا يعتقدون أن ذلك عادل. وأنا أتفهم ذلك. ولكنني أستطيع أن أؤكد لك بعيدا عن ذلك، وسوف يقول لك الإسرائيليون الشيء نفسه، إنه رجل يلتزم بكلمته. فإذا ما قال إنه سوف يفعل شيئا فإنه سوف يفعله؛ فمثلا، في عملية تبادل السجناء التي كان يتوسط فيها الألمان، سوف يخبرك الألمان أن معظم المشكلات كانت تأتي من جهة الإسرائيليين خلال عملية تبادل السجناء. وأنا لست أنفي ارتكاب أشياء قاسية قبل ثلاثين عاما في الوقت الذي تأسست فيه حماس، كما أنني لست أوافق على كل الأشياء التي قاموا بها، ولكنه أصبح بلا شك من أهم الشخصيات في الشرق الأوسط. وإذا كان الإسرائيليون أو السوريون يعتقدون أنهم يستطيعون السيطرة على حسن نصر الله، فإنهم بلا شك يمزحون. ومن الأشياء الطيبة التي يمكنني أن أذكرها عن أوباما (أنا لا أذكر كثيرا من الأشياء الطيبة حول أوباما) هي أنه أوضح عندما تولى السلطة أنه لا يعتقد أن حماس تسيطر تماما على بعض الحكومات الأخرى.



لقد التقيت بنصر الله خمس أو ست مرات. ومن المثير في شخصية نصر الله؛ لم أكن قد التقيت بنصر الله بعد الحرب مع إسرائيل عام 2006 لبعض الوقت، ولكنني عندما التقيت به كان الأمر صعبا للغاية لأنه كان مضطرا لحماية نفسه، وبالتالي فقد ظللت أتنقل من مخبأ إلى مخبأ للدواعي الأمنية، ولم أكن أعلم أين هو لأن الإسرائيليين كانوا يضعونه على قائمة الاغتيالات. وكان المترجم الذي يترجم من العربية إلى الإنجليزية سعيدا للغاية فكان يقول لي: «لم أر الزعيم منذ أن كنا هنا آخر مرة، فإنا لا آتي كي أرى الزعيم ولكنني أترجم للأجانب». ومن ثم كان سعيدا لأنه سوف يلقاه مرة أخرى. وخلال اللقاء، اتضح لي أن نصر الله يعرف اللغة الإنجليزية على نحو لا تتوقعه، حتى إنه كان يصحح للمترجم، وهو بالتأكيد يدرك متى لا تعبر اللغة العربية عن المعنى الذي قصده. وعند نقطة ما كنت أتحدث إلى نصر الله وقد أعطاني إجابة، وعندما بدأ المترجم يتحدث، دارت مناقشة حامية بينه وبين المترجم باللغة العربية. فاستوقفتهم، وسألت عما يحدث، فقال لي المترجم إنه يعتقد أن الزعيم لم يعطني الإجابة الملائمة لأنها غير دقيقة. والمهم في تلك القصة أن المترجم لم يكن يخشى أن يصحح لنصر الله أمامي.



*ما مدى أهمية الشرق الأوسط للتغطية الصحافية بـ«نيويوركر»؟



- ذلك سؤال سهل للغاية. فما زلت أعتقد أننا إذا ما تمكنا من حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني سوف يختفي قدر كبير من حالة الغضب العربي. وبالطبع، يعني ذلك أنه علينا الخروج من العراق وأفغانستان وباكستان، كما علينا ألا ندخل لليمن.



*ما أكثر المقالات التي كتبتها تكلفة؟ وفي اعتقادك كم تكلفت تلك المقالة؟



- لا أعرف، ولكنني عندما بدأت عملي مع «نيويورك تايمز» أخبرني أحد المحررين أن أحد الموضوعات التي كتبتها كلفت الصحيفة ما يفوق 100 ألف دولار، وكان ذلك قبل ثلاث سنوات. ولكنني لا أعرف شيئا عن التكلفة سوى ذلك القدر من النفقات التي أنفقها في الانتقالات. ولكن كل شيء يسهم في زيادة النفقات، وهذه هي المشكلة.



*هل كتبت قصة قبل ذلك تسببت في أن تخسر أحد أصدقائك أو أن تتلقى تهديدات؟



- لقد كلفتني كثير من القصص التي كتبتها صداقات كثيرة، كما أنني لا أحب فعليا أن أتحدث حول التهديدات حتى لا أسهم في تشجيعها.



*باعتبارك صحافيا محققا، هل تعرضت قبل ذلك لرقابة مكتب التحقيقات الفيدرالي أو غيرها من الهيئات الأمنية؟



- الجميع يخبرني أنني مجنون لأنني لا أخشى ذلك، ولكنني بالفعل لست قلقا بهذا الشأن. ومع ذلك فأنا حريص على أن لا أضع أبدا أسماء أو أرقام هواتف مصادري على الحاسوب تحسبا للطوارئ، ولكنني الآن أبلغ 72 عاما ولم أعد أحفل. فيمكن أن يكونوا قلقين بشأني، ولكنني لست قلقا بشأنهم، فأنا أفعل ما أريده. ولكن أكبر المشكلات التي واجهتني كانت تتعلق بالموضوعات التي تغطي الشركات الأميركية، فقد كان يجن جنونهم إذا ما كتبت عنهم. فإذا ما تعلق الأمر بالمال يصيبهم الجنون، فالتعامل مع الحكومة أسهل إلى حد كبير من الشركات.



*ما أكثر القصص التي تفتخر بها؟



- أحب جميع الأعمال التي قمت بها على نحو متساو، فهم كأبنائي تماما. ولكن يبدو أن الموضوعات المتعلقة بمذبحة «ماي لاي» كانت أكثرهم أهمية، كذلك الموضوعات المتعلقة بسجن أبو غريب، ولكن هناك قصصا أخرى كنت أحبها وإن لم تلفت انتباه أحد. فمثلا الموضوع الذي كتبته حول ملاحقة أميركا لإيران، والذي لم يهتم أحد به لمدة عامين كاملين. وبالطبع يعرف الآن الجميع أن ذلك كان حقيقيا، ولكنني كنت أكتب كثيرا من القصص التي تجعل الناس ينظرون إلي وكأنني مجنون.



*هل تعتقد أنه من الضروري أن يوجد صحافيون متخصصون لتغطية مجالات محددة، مثلا أن يتخصص أحدهم في العراق أو أفغانستان؟



- لقد كانت أكثر المشكلات التي واجهتني هي أنني لا أجيد لغات أخرى، فعلى غرار كثير من الأميركيين، لا أجيد أي لغات أجنبية. ولكن ابني الأصغر يدرس الآن اللغة العربية وأنا سعيد بذلك جدا، وأعتقد أنه أمر طيب. ولكن حتى في بيروت يتحدث معظم الناس اللغة الإنجليزية، وبالتالي فيمكنك تغطية بعض الموضوعات من خلال اللغة الإنجليزية، ولكن تغطية أخبار الحرب من خلال الحديث مع الجنود دون أن يكون ملما بالعربية أمر صعب للغاية. فيجب أن تجيد لغة البلد التي تعمل بها. وذلك نوع الاختصاص الذي أؤمن بأهميته، فإذا ما أردت أن تعمل في الشرق الأوسط يجب أن تكون قادرا على الحديث باللغة العربية، وإذا كنت سوف تذهب إلى إيران فيجب أن تكون ملما بالفارسية. ذلك هو الشيء المهم، ولكنني أتجاوز ذلك من خلال لغتي الإنجليزية فقط لأنني أغطي في معظم الأحيان موضوعات سياسية. وفي سورية على سبيل المثال، جعل الرئيس الأسد دراسة اللغة الإنجليزية في المرحلة الابتدائية بدءا من سن السادسة إجباريا، كما تحمل معظم المحال في بيروت لافتات باللغة الإنجليزية.



*أخبرتني أن بعض القصص تستغرق شهورا لإنهائها. ألم تخش قبل ذلك أن يحدث تسريب وأن يأخذ القصة أحد منافسيك؟



- لم أقلق حيال ذلك من قبل، وبالتحديد منذ هجمات 11 سبتمبر (أيلول) لأن أيا من «نيويورك تايمز» أو «واشنطن بوست» لم يكونوا مهتمين بنوعية القصص التي كتبتها. فقد كانوا يرغبون في كتابة قصص توافق ما يفضله البيت الأبيض. فلم تكن هناك انتقادات واسعة لبوش، كما أعتقد أن الصحف فشلت في التزامها بالوقوف ضد وجوب خوضنا لحرب العراق. وبالطبع تخسر في بعض الأحيان، ولكن الحياة قصيرة.



*بعد تزايد انتشار شبكة الإنترنت، هل تعتقد أن الصحافة المطبوعة أصبحت مهددة، وما رأيك بالنسبة للقرار المقترح بأن يدفع المستخدم أجرا لقاء تصفحه لكل الأخبار المنشورة على شبكة الإنترنت بعدما كان مجانيا؟



- أستطيع أن أتفهم حالة الهلع التي أصابت الصحف. فهم يريدون استعادة أموالهم، فلم يعد هناك إعلانات مبوبة، فقد اختفى ذلك كله الآن. فأنت لم تعد تذهب إلى الصحف لشراء سيارة، بل تذهب إلى إحدى تلك القوائم المنشورة على شبكة الإنترنت. لقد أوشكت صناعة الصحف على الانتهاء. ولكنني أعتقد أن بعض الصحف القومية مثل «نيويورك تايمز» سوف تستمر، ولكن شكلها سوف يتغير. كما أنني أحب أن تنشر موضوعاتي على الموقع الإلكتروني قبل نشرها في الجريدة بيوم، لأنها تحصل على الملايين من المشاهدات العالمية. وعلى الرغم من أنني لا أخشى الإنترنت، فإنني لا أعرف كيف يمكننا أن نجني المال عبره. ولكن مما لا شك فيه أن معرفة كل تلك المعلومات عبر شبكة الإنترنت أمر مذهل.













السبت، 13 مارس 2010

إكتبـــوا..!

رئيس إدارة جوجل يقول العالم العربي: إكتبـــوا..!
الجمعة, 12-مارس-2010 - 23:01:52
 عرب اونلاين/ نادين يوسف -
نصح أريك شميدت رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمحرك غوغل العالم العربي لمواجهة معضلة تدفق المعلومات بقوله "اكتبوا"، وقال في مداخلته خلال اليوم الثاني من قمة ابو ظبي للاعلام "إننا ننتج كمّا من المعلومات أكثر ممّا نحتاجه".
لا تحظى المنطقة العربية والشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي يقطنها أكثر 337 مليون نسمة بتمثيل لائق في الفضاء الإلكتروني، حيث يقوم 56 مليون شخص "17 بالمئة" فقط من مستخدمي الإنترنت بالبحث باللغة العربية.
وتحاول غوغل تقديم رؤية شاملة عن مستقبل الإنترنت وتحديات وطموحات الإبداع في الأسواق الناشئة وخاصة في المنطقة حيث مارس أريك شميدت، مايشبه أداء الممثل المسرحي المتسق بامتياز مع دوره. وغادر شميدت منصة الإلقاء وتحرك بحرية امام الجمهور وهو يصف الثورة التكنولوجية بـ"السحر".

غير أنه احتار في مداخلته خلال اليوم الثاني من قمة ابوظبي للاعلام، امام سؤال من احد الحاضرين حول مصير الكم الهائل من المعلومات المتدفقة على غوغل بقوله "انها تحفظ بالسيرفرات"! وأكد ان كمها الهائل لا يخيفه لان المستقبل يتكيف مع الطبيعة التكنولوجية.
وقارن أريك شميدت بين ما عرفه العالم منذ سنوات قليلة مضت وصولاً إلى تصفح صفحات الإنترنت واستخدام خدماته من خلال الهواتف المحمولة التي تسجل "أرقاما مخيفة في الاستخدام في الشرق الأوسط" مشيراً إلى أن الاتجاه اليوم هو لإنتاج أجهزة كومبيوتر ذكية أكثر من التركيز على إنتاج أجهزة كومبيوتر شخصية.
ولفت إلى أنه في الإمارات أكثر من 100 في المائة من السكان يستخدمون الخلوي وفي شرق أوروبا يصل استخدامه إلى نسبة 130 في المائة، وقد تحول استخدام الخلوي من جهاز اتصال وحسب إلى جهاز أكثر شمولية.
وتراهن غوغل على حدوث قفزة هائلة في استخدام الانترنت بالعالم العربي خلال السنوات القليلة المقبلة، مؤكدة أنه يرجح ارتفاع مستخدمي الإنترنت في العـالم العربي خلال الثلاث سنوات المقبلة بنسبة 100 في المائة مما يجعل من العالم العربي سوقاً مهمة لمنتجات التكنولوجيـا.
وقال شميدت، الذي يقود أكبر شبكة بحث على الإنترنت في العالم "إن على العالم العربي التحول إلى عصر التكنولوجيا لإيجاد حلول عملية لمواجهة التحديات التي تقف عائقاً أمام تطوره اليوم، حيث تبرز عدة قضايا أهمها الصحة والتعليم والتدريب وخلق المزيد من فرص العمل".
ويرى مراقبون أنه على رغم نسب الاستعمال المرتفعة في بعض البلدان العربية، يبقى العرب مجرد مستهلكين للمنتوج الرقمي حيث يعاني العالم العربي من هوّة رقمية مزدوجة، اذ تنتصب بينه وبين العالم المتقدم، وكذلك تفصل بين بلدانه المختلفة نفسها.
ويرجع ذلك لأسباب مثل ضعف الاستثمارت المخصصة لهذا القطاع، عدم التنسيق بين بلدان المنطقة في ما بينها، بالاضافة الى ضعف انتشار اللغة العربية نفسها على شبكة الإنترنت. ويشكل الناطقون بالعربية في الشبكة 4,1 في المئة من سكان العالم.
غير أن رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لغوغل، الذي أشاد بقمة أبوظبي للإعلام، واصفاً أياها بـ "قمة السحر"، أكد أن أكبر معدلات النمو في استخدام الإنترنت في العالم هي في الشرق الأوسط حيث ثلث السكان هم دون الرابعة عشرة من العمر وبعد أربع سنوات سيكونون جيل مستخدمي الإنترنت بامتياز.

ويخطط مسؤولوا غوغل، في سعيهم لاستمالة الشباب العربي الذي يمثلون الفئة الكبرى من السكان، التوسع في عدد من دول العالم العربي، حيث أسست الشركة أخيراً مقراً إقليمياً في القاهرة. كما اطلقوا العديد من المنتجات لتلبية احتياجات المتحدثين باللغة العربية.



الجمعة، 12 مارس 2010

استلهام الثقافة العلمية في الإبداع الأدبي.. تجربة خاصة


استلهام الثقافة العلمية في الإبداع الأدبي.. تجربة خاصة

بقلم : الدكتور محمد المخزنجي



اندهشوا، تنتعشوا. كان ذلك هو شعاري وأنا أكتب للصحافة المستقلة في مصر زاوية أسبوعية عنوانها «مساحة للدهشة»، والتي استمرت عاما كاملا من النجاح حتى نال منها السأم، فانسحبت. لكن البحث عن الدهشة والمدهش لم يختف، بل غير موقعه فقط، لأن الدهشة بالنسبة لي ليست أول الحكمة، كما في القول المأثور، بل هي نوع من شحن طاقة الحياة، والتي كثيرا ما تعبر عن نفسها بحماقة الفرح، ولعل هذه الحماقة تحديدا هي التي تبدأ الطريق إلى الحكمة، تبعا للمفارقة التي تقول إن مواجهة الجنون تستدعي التعقُّل.

أظن أن إكسير حياتي كلها كان هذا المزيج السحري الشفاف الذي تلخصه الدهشة، في المدرسة الابتدائية كان أحد مدرسينا الرائعين يسميني «المندهش»، لأنني كنت شاردا دائما، وبعيون مفتوحة أطل على ما يحدث خارج الفصل، عبر النافذة التي كنت أحارب للجلوس إلى جوارها، في الصفوف الخلفية. كنت أقطف دهشتي من سحابة عابرة تتشكل في صورة سفينة، سفينة تسبح في السماء، أو عصفور يتقافز بدوافع سرية من غصن إلى غصن على شجرة في الفناء، أو قطة تطارد فراشة على السور.

كان ذلك يشكل لي مآزق متواصلة، أقلها أن كثيرين ظلوا يعتقدون إنني لا أسمع، لأنهم يمعنون في ندائي ولا أجيب، وكانوا لايدركون أنني تائه في عالم مواز أبحث عن أكسير الدهشة.

مصادر عديدة كانت تتيح لي الحصول على هذا الأكسير، بعضها شديد الخطورة، ولا يتناسب أبدا مع ما يبدو على مظهري الهادئ. لكن مع تساحب السنين أو فرارها، لم يعد احتمال المخاطر واردا، كما أن زحام العالم، المحيط بي، والمتاح، لم يعد واعدا بكثرة المدهشات. نعم كانت هناك الغرائب، بل الكثير جدا من الغرائب تنمو بسرعة وتفاقم توالد الفطر، في حياتنا العربية، كما في حياة العالم، لكن الغرائب، والغريب، والاستغراب، كان شيئا نقيضا تماما لمطلب روحي من .. الدهشة .

لكن الله كان رحيما بي دائما ولايزال، شكرا لله، فقد منحني مع العمر مصادر للدهشة لاتتطلب مخاطر المغامرة، ولا شدائد السعي العضلي، إنه تامل العالم الواسع، عبر منظار مُقرِّب اسمه العلم، بل الثقافة العلمية تحديدا، العالم بحيواناته ونباتاته، بخلاياه ونجومه، بجسيماته متناهية الصغر في قلب الذرة، وأجسامه متنامية الكِبَر من الفيل الإفريقي حتى جبل إفرست .

العلم لم يعد شيئا يوحي بالحيادية والبرودة، ويبدو أبعد ما يكون عن ساحة تتطلب الدفء والحميمية، ساحة الإبداع، والإبداع الأدبي خصوصا بالنسبة لي. العلم بات دافئا وحميما إلى درجة تحريك القلب، هكذا أرى مسألة فارقة بين الموت الطوعي للخلايا الحية السوية، والموت القسري والبشع لخلايا السرطان القاتلة والأنانية والشرهة في طلب الخلود. معنى قادني لكتابة قصة - لم تصدر في كتاب بعد - اسمها «حكاية سرطان». وبنفس الطريقة من اقتناص الدهشة، رأيت القدرة العجيبة لرذاذ الصوت الجماعي الهائل، للإشعاع بموجات فوق صوتية وتحت صوتية قادرة على تقشير أصباغ الزيف في نظم الاستبداد إلى درجة المسخرة، ومن ثم الإزاحة، في قصة اشتهرت كثيرا في مصر عنوانها «زوموا»، وهي أيضا لم تُنشَر بعد في كتاب، لكنني ضبطتها تتجول في الفضاء الرقمي للإنترنت

أما في الكتب، وأنا أصر أن أسمي ما أنشره «كتبا قصصية» لامجموعات قصصية - لأسباب تتعلق بوحدة التشكيل أو الجوهر أو كليهما في كل كتاب - فإن الدهشة الناتجة من المعايشة الحية والتدقيق في هذه المعايشة بمنظار العلم، أهدتني كتبا نشرتُها، وكتبا في الطريق. علم سلوك الحيوان المقارن (الايثولوجي) ممزوجا بمشاهداتي في غابات ومحميات الكثير من بقاع العالم، هما مادة البناء في كتاب «حيوانات أيامنا». وتأملي في بعض التجليات الخارقة في وجود الحياة على الأرض مدعومة بفهمي للفيزياء الحديثة، كانت مناط حقل واسع من عالم قصصي ورد تحت مسمى «الباراسيكلوجيات» في كتاب «البستان». وهذا الكتاب تحديدا حير بعض الناقدين من تقسيمي له إلى ثلاثة أجزاء هي: فيزيقيات، وسيكلوجيات، وباراسيكلوجيات. لكنني التزمت الصمت، ولعلي أبوح الآن بأنني كنت أُعلن عن حيرتي إزاء هذا الفصل الجائر بين ثلاثة حقول رأيتها وأراها متكاملة، وهو ماعبرت عنه في كتابي «رنين أوتار الماء»، حيث برهنت على أن هذه الحقول الثلاثة من مظاهر الوجود، هي أطياف لونية لجوهر واحد هو حياتنا الأرض.

ولعل هذا الكتاب تحديدا «رنين أوتار الماء» هو التدشين الأوضح لعطايا الثقافة العلمية التي تهديني أجمل شرارات الدهشة، ومن هنا يحلو لي أن أسترجع بعض الومضات التي أرى في ضوئها ما أزعم أنه تأثير واضح للثقافة العلمية في الإبداع القصصي عندي، وبلا أي ادعاء للتواضع أظن أنها تجربة طليعية في الإبداع العربي القصصي الحديث.

يبدأ الكتاب بجرس إنذار وتنبيه في شكل نبذة افتتاحية تقول بعض مغنيات الأوبرا من «السوبرانو» ذوات الأصوات بالغة النقاء والقوة، يستطعن بأصواتهن تهشيم كئوس البلور النقي بفعل الرنين
Resonance
وهو محاولة المادة للاهتزاز توافقيا مع موجة صوتية عالية الطاقة تجعل الزجاج يرج نفسه بعنف حتى يتحول إلى نثار كيما ينجز هذا التوافق وكأنه تحول إلى أوتار عديدة يتجاوب كل منها مع موجة الصوت الحافز، ثم تبدأ القصص في التوالي....

في قصة «تلك الحياة الفاتنة»، يحدث تجل خارق لرجل أوشكت زوجته أن تلقى حتفها في جراحة خطيرة بسبب حمل خارج الرحم، وبينما هو في دوار عواطفه المتأججة تدهس السيارة التي يركبها قطة تعبر الطريق، فيرى القطة مرتين، مدهوسة على الأسفلت، وحية تقفز ناجية نحو الرصيف الآمن. ويقول بطل القصة في مونولوج داخلي يناجي به زوجته النائمة في المستشفى: «أعرف ياسكني أن احدا لن يصدقني مثلك، وأعرف أن تصديقك لي ليس مماشاة مجنون تحبينه، لكنه تصديق شريكك في الإيمان بأن الكون من حولنا مليء بالمدهشات التي لانعرف قوانينها فنسميها «معجزات» أو خوارق. وأعرف أنك طيبة إلى درجة الفرح بكل معجزة شجية. لهذا لن أخون طيبتك تلك وسأبسط بين يديك تفسيري لتلك الرؤية التي تكشفت لي وأنا في الطريق إليك بعد نجاتك من الموت مرتين، مرة من النزيف الداخلي، ومرة من تلك الجراحة الكبرى التي استأصلوا فيها جزءا من داخلك.

بقوانين عالمنا المحسوس، ياسكني، اندفعت القطة فدهستها عجلات السيارة. لكنها بحسابات الروح وبما كانت فيه من فرح اللعب، ثم في مواجهة المباغتة الخئون للخطر الداهم، قفزت قفزة الحياة في وجه الموت، فنجت. ولو شئنا ياطيبتي تفسيرا آخر، لحدثتك في ضوء نسبية الزمن الذي يتلكأ أمام راصد دافئ، فقد لمحت اللحظتين معا.

نعم يا سكني، لمحت اللحظتين، بل لمحت لحظة النجاة قبل الموت، وهذا جائز عندما تبرق أذهاننا بسرعة تفوق سرعة الضوء فنرى العلل قبل معلولاتها.. نرى النتائج قبل الأسباب».

ثم تنتهي القصة، بالطريقة التي أعشقها كثيرا، وهي المعادل الروحي أو النفسي للظاهرة الفيزيقية، فيقول بطل القصة في ختام مناجاته لزوجته «ياسكني، كثير من هؤلاء الناس الذين نراهم يمضون من حولنا في نهر الحياة، دهستهم الحياة من قبل، مرة أومرات. لكنهم انتفضوا ليواصلوا المسير. فالحياة طيبة بالرغم من كل شيء، وبالرغم من أنها في مثل تلك الحالات تغدو مثقلة بذكرى اللحظات الأليمة .. تغدو مفعمة بالشجن .. والشجن حزن جليل. والجلال أعلى مراتب الفتنة .. ياسكني».

وفي قصة «حقيبة بلون الشفق والرمل» يقول الراوي: «غريبة هي الحقيبة التي ترقد في الخزانة ذات الواجهة الزجاجية في بيت تشيخوف في موسكو. أذهلني تطابقها مع تلك التي حلمت بها يوما. اللون نفسه والهيئة والمقبض الحنون والجيوب الخارجية والأقفال. المفروض أنها حقيبة طبيب لكنها مختلفة عن أى حقيبة لطبيب. إنني على استعداد أن أقسم بأنها الحقيبة نفسها التي حلمت بها يوما، وقادني حلمي بها إلى اكتشاف ما اكتشفته. إنني بمقدار يقيني في وحدة الكون، لا أشك لحظة في أن بارقا برق - لسبب ما - في الوجود، يوم كنت في العاشرة، ونقل إلى ذهني الحالم صورة تلك الحقيبة النائمة في خزانة ذات واجهة زجاجية على بعد آلاف الأميال، وراء بحرين، وسلسلة جبال راسخة، وفي أقاصي قارة بعيدة». هكذا كتبت عن ظاهرة غرائبية، بشكل يقيني، ولولا اقتناعي بآراء كارل جوستاف يونج التي أسماها «التزامنية» في تفسير مثل هذا الظواهر، ماكنت كتبت بمثل ذلك اليقين .

في قصة «قارب صغير يتسع لاثنين»، يقوم رسام بإعداد قارب ينجيه هو وحبيبته من الطوفان الذي سيتسبب عن ضرب إسرائيل للسد العالي بقنبلة نووية، وهو ما هدد به الصهيوني مقزز التعصب «أفيكتور ليبرمان» في وقت مبكر، وكرره شامير في وقت لاحق. تصور القصة حالة تأهب ملايين المصريين للطوفان القادم مع انهمار مليارات الأطنان من المياه عبر السد المضروب، يتأهبون للنجاة بطوافات ومراكب وسفن من كل نوع، ويتسلحون بكل أدوات الانتقام الممكنة ضد عدوهم وعدو الحياة على الأرض. سيناريو كارثي كوني، كتبته بحرقة لأن العلم يزودني بحقيقتين، علم النفس يجعلني أومن أن فلتات اللسان تعبر عن مكنون داخلي، وان المتخيل البشع ليس في حاجة إلا لإراداة شريرة حتى يتحول إلى واقع تدميري، وإسرائيل مكدسة بمثل هذه الإرادات الشر يرة، ولعل إحراق غزة يعطينا أقرب وأوضح الدلائل، أما وصف الطوفان المحتمل، فهو معتمد على حسابات بيئية اطلعت عليها بتدقيق كثير، وتقص واسع.

في قصة «شرفة العطور»، بحث عن تجليات حضور الأرواح السابحة من حولنا في اللامحسوس الذي يكتنف المحسوس، ومزاوجة بين روح العطور وأرواح البشر، ولقد سألني سائل ماكر ألا تتشابه هذه القصة مع قصة «العطر» لزوسكند، فابتسمت بشفقة ولم أجب، لأن الإجابة كانت هي أننا كلانا - زوسكند وأنا - شربنا من النبع نفسه، وهو فرع من علم درسته في إطار الطب البديل الذي أحمل شهادة دولية كمتخصص فيه، وهذا الفرع يسمى «العلاج بالعطور Aromotheraby» . لكن بينما كان زوسكند يتعقب قاتلاً، كنت أنا أتعقب أرواحا هائمة. ولكل إنسان عطره!

في قصة «المختفي مرتين»، أتحدث عن حنين الإنسان إلى استعادة حبه الضائع، وكيف يعبر بطل القصة الزمن بآلية هي مزيج من علم الفيزياء والعلوم الروحية في الشرق، تقول القصة عن عابر الزمن الذي اختفى وهو يتعقب حبه الضائع : «أتذكر أول جلسة مناقشة معه قبل الشروع في البحث. حلق بي في أجواء كونية وعوالم متداخلة بدلا من الغوص في أرض الفيزياء المسطحة. كان مفتونا بنظرية الكم ونسبيتي أينشتين العامة والخاصة. ولديه يقين في أن الزمن بعد رابع قابل للتحرك به وعليه ذهابا وإيابا، شأن الأبعاد الثلاثة الأخرى التي نألفها في وجودنا المعتاد: الطول والعرض والعمق. ولطالما كن يردد قول أينشتين : «الناس الذين على شاكلتنا ممن يؤمنون بالفيزياء، يدركون أن الحواجز بين الأزمنة، الماضي والحاضر والمستقبل، ما هي إلا مجرد أوهام، وإن بدت مستعصية».

وفي قصة «رنين أوتار الماء» التي يهرب فيها إنسان من أصوات الآلام والعويل والعذاب البشري التي تطارده كلما فتح صنبورا أو دوشا للماء، ويلتمس مكانا تحت الشمس نقيا من بؤس هذه الأصوات، فإن المعرفة بطبيعة الصوت تفسر أعجوبة كمون أصوات الماضي في مسام الحاضر، «كدت أيأس وأستسلم لفكرة أنني مجنون وأن ما أسمعه مجرد هلاوس سمعية لا وجود لها في الواقع، لكن خاطرا عابرا أضاءني فجأة، وأحسست أنني أعثر على تفسير لم يقل به أحد وينبع من قوانين الفيزياء البسيطة التي تعلمناها في المدرسة الثانوية. وأنت تعرف أن الصوت موجات من تضاغط وتخلخل في الهواء، وتراكيب تنطلق من حولنا ولا تختفي أو تتبدد كما يظن معظم الناس. إنها طاقة، تبقى وتتخذ لها مكامن تتناسب مع قوتها وحيزها المضغوط، تنغرس في مسام الخشب، في شقوق الحيطان، في الفجوات حيثما كانت، ولا تنطلق إلا بجذبها جذبا من جديد. وهنا لب مسألتي، فالماء عندما يخرج مضغوطا بقوة من ثقوب الدوش الرفيعة أو من مصفاة صنبور الحوض، أو بجذب كتلة الأرض لزخات المطر. الماء في هذه الحالات يغدو كأوتار مشدودة قابلة للاهتزاز بأصغر نسمة وأوهى نفس، وكما في صندوق الرنين يهتز وتر من اوتاره دون لمس عندما نطرق شوكة رنانة بقربه، هكذا يستدعي اهتزاز أوتار الماء الأصوات المختبئة وتخرجها من مكامنها».

وفي قصة «ذلك الوميض»، فإن الزوجة العاقر التي تبنت وزوجها القطط كأبناء بدائل، يحدث لها حمل مفاجئ، لكن الوليد يأتي بعيون تومض في الظلمة كما عيون القطط. وبالرغم من أن القصة تقدم كشفا لآلية حدوث الاحتمال، عبر فهم طبيعة خلايا التابيتم في شبكية عيون القطط، وإمكانية التأثير النفسي للمرأة شديدة الشوق للإنجاب في تغيير فسيولوجية الجسد، يبدو الخارق محتملا. ويحدث انقلاب في مفاهيم راسخة في الطب والطب النفسي لمصلحة أشواق الإنسان الحارقة.

كانت تلك ومضات من تأثير الثقافة العلمية في هذا الكتاب القصصي، أستعيدها للتذكر، لكن لا يفوتني التذكير بأن هذه الومضات لم تكن إلا وسيلة لنسج القصص، التي هي قطعا خارج إطار مايسمى بأدب الخيال العلمي، بل هي في متن القصص الإنساني، في قلب الأدب الذي أرى أن أبلغ تعريف له أنه «سجل المشاعر»، والعلم الحديث في ذراه، لم يعد جامدا جمود السببية في الفيزياء التقليدية، بل صار مولدا للأسئلة الكبرى التي تتعلق بالوجود الإنساني، وفي قلب هذا الوجود تتألق المشاعر، وتلمع الدهشة.

د. محمد المخزنجي
من كتاب " تجارب في الإبداع العربي






الاثنين، 8 مارس 2010

الفوتوشوب.. بين تزييف الوقائع وتصحيح أخطاء الصور

الفوتوشوب.. بين تزييف الوقائع وتصحيح أخطاء الصور



نبأ نيوز- أمستردام/ فيليمين خروت -



فتيات إعلان بمنتهى الرشاقة، وجلود غضة كفاكهة طازجة، سحب دخانية كثيفة في سماء بيروت، وسرب من الغزلان يحدق في عدسة الكاميرا. صور حققت شهرة، لكنها لا تمت للواقع بصلة. إنها من منتجات برنامج الفوتوشوب الذي مر عليه الآن عشرون عاماً بحيث لم يعد بوسع أي مصور أو مكتب إعلان أن يستغني عن مكاسب الفوتوشوب. بقليل من الجهد يمكن تعديل أي خطأ في الإضاءة، أو في درجات اللون خلال لحظات، أخطاء كان تعديلها في الماضي يحتاج أحياناً إلى ساعات من العمل الدقيق في غرفة مظلمة

لم يعد بوسع أي مصور أو مكتب إعلان أن يستغني عن مكاسب الفوتوشوب لكن الفوتوشوب لا يستخدم لتعديل أخطاء التصوير فقط، بل للتحكم بصورة الواقع.. وتحويرها لأغراض شتى.

يرى المصور الصحفي الهولندي فليب فرانسن أن حذف أو إضافة عناصر معينة من صورة شخصية يعتبر بشكل من الأشكال تزويراً للواقع. مع ذلك يعترف المصور الذي حاز على "الكاميرا الفضية" ثلاث مرات، بأنه يحذف أحياناً بعض العناصر غير المرغوبة في صوره. على سبيل المثال في صورة لمعبد أكروبوليس الأثري في العاصمة اليونانية اثينا، حيث ظهرت في الصورة رافعة بناء قبيحة شوهت المنظر. لكن فرانسن تردد كثيراً قبل أن يقرر حذفها كما يقول:



"في تلك الحالة كانت الصورة لبناية، ولم يكن هناك أي شخص. كما إنها ليست صورة مرتبطة بحدث آني. المبنى قائم منذ قرون. وهي ليست صورة صحافية، بل صورة يمكن استخدامها لإعلان سياحي. لذلك رأيت أنني يمكن أن أسمح لنفسي باستخدام هامش الحرية في هذه الحالة. لو كانت الرافعة أو غيرها موجودة هناك بسبب أعمال صيانة طويلة الأمد، فلن أسمح لنفسي يحذفها من الصورة، لكنها كانت موجودة بشكل مؤقت. بالنسبة لي هذا هو المعيار ، خاصة وأنني لست دائم التواجد في اثينا حتى أنتظر فرصة أخرى للتصوير."

تزييف الواقع



من الصعب كشف تزييف الصور إذا تم على يد شخص محترف في استخدام الفوتوشوب. ولكن كشفه يمكن أن يسبب للمزيف عواقب سيئة جداً على الصعيد المهني. مثلما حصل للمصور الهولندي جان بيير يانس، الذي خسر الكثير بعد أن امتنعت صحيفة دي فولكس كرانت اليومية عن التعامل معه، بعد أن تبين تزييفه لعدد من الصور، اشهرها صورة يظهر فيها شخص يحمل جهاز تسجيل وأمامه سرب من الغزلان في غابة. أحد الغزلان أضافه المصور بواسطة الفوتوشوب، كما أضاف سلسلة من الأشجار، وغصناً على العشب


قواعد السلوك



بطلب من صحيفة دي فولكس كرانت أجرى الأستاذ في المعهد الهولندي للتصوير الفوتوغرافي، إدوارد دي كام، فحصاً لتلك الصورة، واكتشف التزييف فيها. ويتبع دي كام قاعدة واضحة: عندما تكون الصورة جميلة جداً فعليك أن تشك في الأمر:



"عليك الانتباه إلى التفاصيل المهمة. ركز في الصورة، انظر ما إذا كانت الخطوط متصلة بشكل طبيعي مع بعضها. في تلك الصورة كان لافتاً للانتباه أن الضوء بدا مختلفاً في موضعين من الصورة. في الجزء الأمامي من الصورة كان الضوء خافتاً، بينما في الجزء الخلفي الذي تظهر فيه الغزلان كان ضوء الشمس ساطعاً. من السهل أن تستنتج أن هناك خللاً ما.. فليس هناك سوى شمس واحدة. في الحقيقة كان يمكن لأي شخص أن يرى أن الضوء كان يأتي من جهتين مختلفتين.. ولكن لا أحد انتبه إلى ذلك."


في العام الماضي أصدرت وكالة الأنباء الهولندية بالاشتراك مع مكتب "المرتفع الهولندي" للتصوير، مدونة سلوك للمصورين. كما إن العديد من أرباب العمل أخذوا يطلبون من المصورين إرسال النسخ الأصلية من الصور.

النظرة الفاحصة



بالرغم من سنوات خبرته الطويلة، يشعر المصور فليب فرانسن، أن الناس أخذت تنظر إلى أعماله بمزيد من الحذر والنظرة الفاحصة الناقدة. فلم يعد من البديهي أن تكون الصورة معبرة عن الواقع. يقول فرانسن:

"أنا على وعي بالإمكانيات التي يتيحها برنامج الفوتوشوب. والكل يعلم الآن أن الصور صارت قابلة للتغيير والتحوير بسهولة. حين يتبين أن مصورين صحافيين محترفين يمارسون هذا التحوير أيضاً لإظهار الواقع على غير ما هو عليه، فإن هؤلاء هم المسؤولون عن الشكوك التي صارت تحيط بعملهم."

في الولايات المتحدة تخصص عدد من المدونين الالكترونيين (بلوغرز) في متابعة الصور الناجحة، وكشف التزييف فيها. وصاروا يطلقون على أنفسهم اسم "بيكسل بوليس" أو شرطة الفوتوشوب. وتجد على مدوناتهم أمثلة كثيرة ومثيرة للصور المحورة بواسطة الفوتوشوب.



















الأربعاء، 3 مارس 2010

موسوعة جينيس.. الإمارات تتصدر دول العالم بزراعة نخيل التمر



موسوعة جينيس.. الإمارات تتصدر دول العالم بزراعة نخيل التمر
خاص -عماد سعد :ابوظبي

بتوجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة (حفظه الله) وحضور سمو الشيخ نهيان مبارك آل نهيان وزير التعليم العالي والبحث العلمي تستضيف العاصمة أبوظبي في قصر الإمارات المؤتمر الدولي الرابع لنخيل التمر خلال الفترة من 15 – 17 مارس الجاري، وسط حضور نوعي لأصحاب المعالي والسعادة وزراء الزراعة العرب والأجانب في الدول المنتجة للتمور ليتسنى لهم الاطلاع على أحدث المعلومات والابتكارات التقنية ذات العلاقة بزراعة النخيل وإنتاج التمور في المنطقة والعالم. ويأتي هذا المؤتمر في نسخته الرابعة تتويجاً للجهود المتواصلة التي تبذلها دولة الإمارات لزيادة إنتاجية التمور كماً ونوعاً، وتحقيق أفضل استفادة ممكنة من صناعة نخيل التمر، للوصول بهذه الصناعة إلى مستوى يعزز الاقتصاد الوطني.
كما يعكس المؤتمر الرابع لنخيل التمر الاهتمام الخاص الذي يبديه سمو رئيس الدولة بهذا القطاع الاقتصادي الهام، إذ تتصدر الآن دولة الإمارات المرتبة الأولى بين دول العالم بزراعة أكبر عدد من أشجار نخيل التمر (42 مليون نخلة) بحسب شهادة من موسوعة جينيس للأرقام القياسية التي قدمت لسموه كهدية من سمو الشيخ نهيان مبارك آل نهيان وزير التعليم العالي والبحث العلمي في العام 2009.
يذكر بأن المؤتمر الدولي الرابع لنخيل التمر يأتي ضمن السلسلة التي أطلقتها بنجاح جامعة الإمارات العربية المتحدة قبل أحد عشر عاماً (حيث عقد المؤتمر الدولي الأول في الفترة من 8-10 مارس 1998، ثم الثاني في الفترة من 25-27 مارس 2001م ، ثم الثالث في الفترة من 19-21 مارس 2006م) ويوفر المؤتمر فرصة ثمينة لتبادل الخبرات والآراء بين العلماء المتخصصين في نخيل التمر، وكبار المسئولين عن صناعته حول العالم.
كما سوف يشارك فيه مزارعو نخيل التمر، والمديرون التنفيذيون، ومديرو التسويق والتجار الدوليون، والعلماء المتخصصون في مختلف جوانب زراعة وصناعة نخيل التمر، والمنظمات والهيئات ومراكز البحوث المتخصصة، وصناع منتجات التمور، وخبراء التغذية والمتخصصون في التقانات الحيوية.


الاثنين، 1 مارس 2010

لماذا لا يصعد المسلمون إلي القمر؟


لماذا لا يصعد المسلمون إلي القمر؟
بقلم إدوارد قيصر*
هناك أسطور لطيفة تشاع بين المسلمين عن تيل ارمسترونج أول من صعد القمر .
تقول الأسطورة : أنة حين حطت قدمه الأولى على سطح القمر نمت إلي سمعه أصوات ,لكنة لم يفهمها ,ثم لما زار مصر بعد ذلك ببضعة اشهر ,سمع أصوات المؤذنين من المآذن,فسال عن معناها ,فقيل له إنها :الآذان ,تقول الله اكبر الله اكبر اشهد أن لا آلة إلا الله , حينها اخبرهم ارمسترونج ,أن هذه الأصوات هي التي سمعها على سطح القمر وأعلن أسلامة.
إي ا ن اول شخص حطت قدمه على سطح القمر ,كان مسلما !احتفل الغرب العام الماضي بالذكرى الأربعين للهبوط على سطح القمر بينما ظل الشرق صامتا الأمر الذي دفع عبد المنعم  سعيد مدير مركز القاهر ة إلي طرح سؤال ناقد للذات حول سر عدم اهتمام العالم العربي بهذه القفزة العملاقة للإنسان ورد بقولة لان العالم العربي المسلم يفتقر إلي تلك العقلية البحثية التي قادت الفضول العلمي إلي القيام برحلات علمية ثم افترض قائلا لم يصل العرب القمر ولن يصلوا أبدا لان تفكيرهم يدور حول البحث عن اليقين بينما جوهر الفكر العلمي يقوم على الشك وحين تتوقف حضارة عن طرح الأسئلة والشك في جدارة الواقع وتتوقف عن النظر إلي العالم على أنة قابل للتغير من خلال التقدم العلمي والتقني فإنها آنذاك تفتقد لمبررات وجودها وتغدو عرضه لغزو حضارات أخرى مهتمة بالعقلية البحثية .
ثغرة في التفكير :
عبد المنعم سعيد ليس المستغيث الوحيد فها هو الفيلسوف الفلسطيني رئيس جامعة القدس ساري نسيبة يقول مشكلتنا ليست فراغا علميا نحن نعاني من فراغ في التفكير ومؤخرا كتب باول سالم مدير مركز كارنيجي –الشرق الأوسط في بيروت أكثر ما يتميز به الغرب هو أكثر ما يحتاجه العالم العربي ألا وهو التعليم فالمعركة من اجل مستقبل العالم الإسلامي لن تحسم في ساحة الوغى و إنما في الفصول الدراسية .
ما سبب هذا الجمود العلمي الإسلامي بعد عصور الازدهار التي شهدها في بغداد في القرن الحادي عشر ثم في الأندلس في القرنيين الثاني عشر والثالث عشر ؟
إنه تساؤل غير بري لان كثيرا من المؤرخين –وليس المسلمون فقط يرجعون سبب التراجع الواضح للنهضة العلمية الإسلامية إلي تلك العملية الاستشراقية سيئة الصيت التي عبر عنها ارنست رنان في محاضرة له بجامعة السوربون سنة 1883بقولة الإسلام في الواقع يتبع المنهج العلمي الدقيق والفلسفة لكنة في النهاية خنقها .
تتجلى هنا غطرسة سافرة لتاريخ كتبة منتصرون يسقطون أنموذج تطورهم على ثقافات أخرى ثم ينتقون ما قاد إلي العلم والتقنية في العصر الحديث .
أسلمة العلم :
المسلمون أيضا ليسوا منزهين عن التقليد فالمفكر الإسلامي الذي نشا في خضم الحضارة في القرن التاسع عشر جمال الدين الأفغاني  كان يؤمن بثلاث نقاط الأولى العلم والتقنية بحد ذاتهما ضمان للتقدم العلمي ولابد للعرب من اجل مواصلة الماضي العريق وبناء السلطة هذا ثانيا وثالثا أن ذلك ليس تقليدا ولا استيرادا وإنما استعاده لإرث شرعي من التاريخ .
هذه النقاط الثلاث هي التي تحدد حتى يومنا هذا فهم المسلمين للعلم وعلى أساسها تناقش الشريحة المثقفة منذ الثمانينات فكرة أسلمة العلم .
ثم عنونة تقرير التنمية البشرية 2003م باسم بناء مجتمع المعرفة وهو شعار يعني ليس محاكاة الغرب وإنما شق طريق خاص لكن كيف يمكن أن يكون هذا الطريق الخاص فهذا ما يثار جدل بشأنه بين المثقفين المسلمين وانتهاج طريق خاص قد يفضي إلي طرق خاطئة .
ليس بدون تفويض الهي :
القران بحسب المفهوم التقليدي يحوي كل العلم الذي انزله الله على النبي ومن ثم إلي الناس وبالتالي ليسوا بحاجة إلي البحث عما هو جديد وإنما حسن تفسير القديم فالقران في نظر عدد ليس بالقليل من المسلمين بوابة المعرفة العلمية الحديثة وعلى عكس ما هو سائد في الغرب من اعتبار العلم بديلا عن الدين فان المسلمين يرون في الدين بديلا عن العلم مستشهدين بآيات قرآنية جاء العلم الحديث ليؤيدها زاعمين بان الآيات سبقت العلم الحديث إلي تلك المعلومات .
ولسخرية القدر أن الغرب حقق الريادة هنا أيضا فالطبيب الفرنسي موريك بوكلية ألف في السبعينيات كتابا حظي باهتمام واسع في الدوائر الإسلامية بعنوان الإنجيل والقران والعلم سرد فيه بطريقة وصفية عدد كبيرا من الآيات القرآنية. مثلا: تعتبر بداية الآية التالية أمرا إلهيا لغزو الفضاء (يا معشر الجن والأنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فا نفذوا لا تنفذون إلا بسلطان"
صحيفة دربوند السويسرية بالألمانية ترجمة محمود سعيد -سبأ