الاثنين، 8 مارس 2010

الفوتوشوب.. بين تزييف الوقائع وتصحيح أخطاء الصور

الفوتوشوب.. بين تزييف الوقائع وتصحيح أخطاء الصور



نبأ نيوز- أمستردام/ فيليمين خروت -



فتيات إعلان بمنتهى الرشاقة، وجلود غضة كفاكهة طازجة، سحب دخانية كثيفة في سماء بيروت، وسرب من الغزلان يحدق في عدسة الكاميرا. صور حققت شهرة، لكنها لا تمت للواقع بصلة. إنها من منتجات برنامج الفوتوشوب الذي مر عليه الآن عشرون عاماً بحيث لم يعد بوسع أي مصور أو مكتب إعلان أن يستغني عن مكاسب الفوتوشوب. بقليل من الجهد يمكن تعديل أي خطأ في الإضاءة، أو في درجات اللون خلال لحظات، أخطاء كان تعديلها في الماضي يحتاج أحياناً إلى ساعات من العمل الدقيق في غرفة مظلمة

لم يعد بوسع أي مصور أو مكتب إعلان أن يستغني عن مكاسب الفوتوشوب لكن الفوتوشوب لا يستخدم لتعديل أخطاء التصوير فقط، بل للتحكم بصورة الواقع.. وتحويرها لأغراض شتى.

يرى المصور الصحفي الهولندي فليب فرانسن أن حذف أو إضافة عناصر معينة من صورة شخصية يعتبر بشكل من الأشكال تزويراً للواقع. مع ذلك يعترف المصور الذي حاز على "الكاميرا الفضية" ثلاث مرات، بأنه يحذف أحياناً بعض العناصر غير المرغوبة في صوره. على سبيل المثال في صورة لمعبد أكروبوليس الأثري في العاصمة اليونانية اثينا، حيث ظهرت في الصورة رافعة بناء قبيحة شوهت المنظر. لكن فرانسن تردد كثيراً قبل أن يقرر حذفها كما يقول:



"في تلك الحالة كانت الصورة لبناية، ولم يكن هناك أي شخص. كما إنها ليست صورة مرتبطة بحدث آني. المبنى قائم منذ قرون. وهي ليست صورة صحافية، بل صورة يمكن استخدامها لإعلان سياحي. لذلك رأيت أنني يمكن أن أسمح لنفسي باستخدام هامش الحرية في هذه الحالة. لو كانت الرافعة أو غيرها موجودة هناك بسبب أعمال صيانة طويلة الأمد، فلن أسمح لنفسي يحذفها من الصورة، لكنها كانت موجودة بشكل مؤقت. بالنسبة لي هذا هو المعيار ، خاصة وأنني لست دائم التواجد في اثينا حتى أنتظر فرصة أخرى للتصوير."

تزييف الواقع



من الصعب كشف تزييف الصور إذا تم على يد شخص محترف في استخدام الفوتوشوب. ولكن كشفه يمكن أن يسبب للمزيف عواقب سيئة جداً على الصعيد المهني. مثلما حصل للمصور الهولندي جان بيير يانس، الذي خسر الكثير بعد أن امتنعت صحيفة دي فولكس كرانت اليومية عن التعامل معه، بعد أن تبين تزييفه لعدد من الصور، اشهرها صورة يظهر فيها شخص يحمل جهاز تسجيل وأمامه سرب من الغزلان في غابة. أحد الغزلان أضافه المصور بواسطة الفوتوشوب، كما أضاف سلسلة من الأشجار، وغصناً على العشب


قواعد السلوك



بطلب من صحيفة دي فولكس كرانت أجرى الأستاذ في المعهد الهولندي للتصوير الفوتوغرافي، إدوارد دي كام، فحصاً لتلك الصورة، واكتشف التزييف فيها. ويتبع دي كام قاعدة واضحة: عندما تكون الصورة جميلة جداً فعليك أن تشك في الأمر:



"عليك الانتباه إلى التفاصيل المهمة. ركز في الصورة، انظر ما إذا كانت الخطوط متصلة بشكل طبيعي مع بعضها. في تلك الصورة كان لافتاً للانتباه أن الضوء بدا مختلفاً في موضعين من الصورة. في الجزء الأمامي من الصورة كان الضوء خافتاً، بينما في الجزء الخلفي الذي تظهر فيه الغزلان كان ضوء الشمس ساطعاً. من السهل أن تستنتج أن هناك خللاً ما.. فليس هناك سوى شمس واحدة. في الحقيقة كان يمكن لأي شخص أن يرى أن الضوء كان يأتي من جهتين مختلفتين.. ولكن لا أحد انتبه إلى ذلك."


في العام الماضي أصدرت وكالة الأنباء الهولندية بالاشتراك مع مكتب "المرتفع الهولندي" للتصوير، مدونة سلوك للمصورين. كما إن العديد من أرباب العمل أخذوا يطلبون من المصورين إرسال النسخ الأصلية من الصور.

النظرة الفاحصة



بالرغم من سنوات خبرته الطويلة، يشعر المصور فليب فرانسن، أن الناس أخذت تنظر إلى أعماله بمزيد من الحذر والنظرة الفاحصة الناقدة. فلم يعد من البديهي أن تكون الصورة معبرة عن الواقع. يقول فرانسن:

"أنا على وعي بالإمكانيات التي يتيحها برنامج الفوتوشوب. والكل يعلم الآن أن الصور صارت قابلة للتغيير والتحوير بسهولة. حين يتبين أن مصورين صحافيين محترفين يمارسون هذا التحوير أيضاً لإظهار الواقع على غير ما هو عليه، فإن هؤلاء هم المسؤولون عن الشكوك التي صارت تحيط بعملهم."

في الولايات المتحدة تخصص عدد من المدونين الالكترونيين (بلوغرز) في متابعة الصور الناجحة، وكشف التزييف فيها. وصاروا يطلقون على أنفسهم اسم "بيكسل بوليس" أو شرطة الفوتوشوب. وتجد على مدوناتهم أمثلة كثيرة ومثيرة للصور المحورة بواسطة الفوتوشوب.



















ليست هناك تعليقات: