قات اليمن.. يستنزف مياهها الجوفية
نشر بموقع اسلام اون لاين
عمر الحياني
مزارع القات باليمن
"بعد أن كنا نجد المياه اللازمة لري القات على بعد 10 أمتار خلال الثمانينيات من القرن الماضي، نقوم الآن بحفر آبار المياه لعمق 500 متر وأكثر لنسقي القات".. بهذه العبارة عبر المزارع حسين الهمداني صاحب مزارع قات بمحافظة صنعاء عن واقع استنزاف زراعة القات للمياه الجوفية باليمن.
وحسب الإحصاءات الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء، يقدر استهلاك القات للمياه بـ800 مليون م3 سنويا مقابل 25 ألف طن من القات، أي أن الطن من القات يستهلك 32 ألف م3 من المياه؛ حيث تستهلك ربطة القات الواحدة 16 م3 من المياه وتشكل هذه الكمية 8% من متوسط نصيب الفرد في اليمن من المياه بالسنة، طبقا لتقرير صدر عن منظمة الأغذية والزراعة "الفاو عام (1995).
القات أكبر مستنزف للمياه
ويستخدم المزارعون طريقة الغمر لري القات؛ وهو ما يسبب جفاف كثير من الأحواض المائية في المناطق التي تشتهر بزراعات القات نتيجة الحفر العشوائي للآبار والاستنزاف الجائر للمياه الجوفية في ظل بيئة جبلية تفتقر لمخزون مائي كبير.
وقد أدت زيادة الطلب على القات والأرباح الكبيرة التي يجنيها المزارعون إلى عزوفهم عن زراعة أشجار البن والعنب والحبوب وكثير من المحاصيل المختلفة، والتركيز في زراعة القات وحده.
ويقدر الاستهلاك المائي للقات بـ6279 م3 للهكتار، أي أنه يفوق استهلاك القمح بـ4252 م3 للهكتار، ويستهلك القات في محافظة صنعاء حوالي 60 مليون م3 سنويا من المياه وهو ضعف ما يستهلكه سكان العاصمة من الماء، طبقا لنتائج البحوث التي أجرتها هيئة البحوث الزراعية.
وتشير التقديرات الإحصائية لهيئة البحوث الزراعية إلى أن عدد أشجار القات المزروعة وصل إلى قرابة 260 مليون شجرة عام 2007، تستنزف أكثر من 50% من مخزون المياه، فطبقا للدراسة التي أعدها أحمد عبد الله جحاف الباحث المتخصص بحوض مياه صنعاء عام 2009م فإن هناك أعددا هائلة من الآبار الإنتاجية في حوض صنعاء جلها تستخدم لري شجرة القات، والتي بلغت 7 آلاف و963 بئرا إنتاجية من إجمالي الآبار المحفورة على الحوض والبالغة 13 ألفا و425 بئرا حتى عام 2002، حسب تقرير وزارة المياه والبيئة.
وتنتمي شجرة القات إلى عائلة القاتيات أو الحرابيات، وتحتوي هذه العائلة على 400 نوع، ويزرع القات على ارتفاع 1000-2400م فوق مستوى سطح البحر، ويحتاج إلى درجة حرارة تتراوح بين 16-25، وكمية أمطار تتراوح بين 213- 527 مم3.
وإلى جانب اليمن، يزرع القات في إثيوبيا، وكينيا، والصومال، وتنزانيا، وتمتد زراعته باليمن في كثير من المناطق بعد أن كانت زراعته محصورة في محافظتين هما: تعز، وآب، وتصل المساحة المزروعة بالقات إلى حوالي 141 ألف هكتار.
دعوات لوقف زراعة القات
يقدر عدد متناولي القات في اليمن بـ7 ملايين شخص: 70%من الرجال و30% من النساء، ويخصص اليمنيون مجالس لتناول القات يطلقون عليها تسميات مختلفة؛ فهو ديوان، أو طيرمانة، أو مفرج، وتكون في الغالب في أعلى دور بالمنزل، ويتم اعتبار ذلك عند بداية بناء المنزل والتخطيط له.
وفي الآونة الأخيرة برزت دعوات كثيرة من منظمات دولية وداخلية تحذر من خطورة شجرة القات على المخزون المائي؛ مما حدا بالكثيرين إلى المطالبة باستيراد القات من إثيوبيا بدلا من زراعته في اليمن؛ حفاظا على ما تبقى من المخزون المائي الشحيح أصلا.
وكانت آخر تلك الدعوات من الرئيس اليمني علي عبد الله صالح للسلطة المحلية بمحافظة ذمار يوم 2 فبراير 2009م داعيا إياهم لاتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع زراعة القات بقاع جهران بما يكفل استغلال أراضي القاع في زراعة المحاصيل الزراعية الغذائية.
وتزامنا مع دعوة رئيس اليمن، أصدر المجلس المحلي قرارات بمنع زراعة القات في القاع، لكن الواقع يقول إن القاع يتعرض لهجوم غير عادي من مزارعي القات؛ حيث يعد قاع جهران من أفضل القيعان الزراعية في اليمن، وقد ازدادت نسبة زراعة القات في القاع في عام 2008م من 100 إلى 150 لبنة بعد أن كانت المساحات المزروعة خلال العام 2007 م تتراوح بين 15 إلى 20 لبنة في كل قرية.
وفي ظل هذه الأوضاع التي يعيشها كثير من المدن اليمنية -ومنها العاصمة صنعاء التي باتت تتجه نحو جفاف حوضها المائي لتصبح خلال العقد القادم أول عاصمة بالعالم تعاني من الجفاف- تتجه الحكومة نحو إقرار عقد مؤتمر وطني حول مشكلة المياه نهاية 2010 لوضع حد لهذه الكارثة.
--------------------------------------------------------------------------------
صحفي يمني- عضو بالرابطة العربية للإعلاميين العلميين
المراجع والهوامش:
1- موسوعة القات العلمية إعداد الدكتور أحمد محمد الحضراني رئيس جامعة ذمار, الطبعة الثانية 2007م .
2- موقع صحيفة السياسية http://www.alsyasiah.net
3- موقع الجهاز المركزي للإحصاء http://www.cso-yemen.org
نشر بموقع اسلام اون لاين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق