التنوع الحيوي سر توازن الحياة والبقاء
الدكتور المهندس الزراعي مجد جرعتلي *
جنسترا - يعرف التنوع الحيوي BIODIVERSITY بأنه تنوع جميع الكائنات الحية الموجودة على الكرة الأرضية، والتفاعل في ما بينها، بدءا بالكائنات الدقيقة التي لا نراها إلا بواسطة المجهر، وانتهاء بالأشجار العملاقة والحيتان الضخمة.
والتنوع الحيوي موجود في كل مكان، في الصحارى والمحيطات والأنهار والبحيرات والغابات. ومن الصعوبة معرفة عدد أنواع الكائنات الحية على الكرة الأرضية. فقد تراوحت التقديرات لهذه الأنواع بين( 5 و 80 ) مليون أو أكثر، ولكن الرقم الأكثر إحتمالا هو( 10 ) مليون نوع.
وبالرغم من التقدم العلمي الذي يشهده العالم لم يوصف من هذه الأنواع حتى الآن سوى( 1.4 ) مليون نوع، من بينها( 000, 750 ) حشرة و( 000, 41 ) من الفقاريات و(000, 250 ) من النباتات، والباقي من مجموعات اللافقاريات والفطريات والطحالب وغيرها من الكائنات الحية الدقيقة.
وتعتبر المناطق الاستوائية من أغنى المناطق في العالم بأنواع الأحياء المختلفة من الحشرات والثدييات والنباتات المختلفة وطبعا ليس وحدها هي النظم الغنية بالتنوع الحيوي فدول البحر الأبيض المتوسط بها أيضا مجموعات غنية من النباتات وتعتبر كل بقعة برية من العالم كنزا منفردا بما تحويه من الكائنات الحية بكافة أنواعها , كذلك يعتبر القطر العربي السوري من أهم مراكز التنوع الحيوي الزراعي في العالم، كونه يحوي تنوعاً حيوياً غنياً بالأصناف والأنواع النباتية ذات الأهمية العالمية كمحاصيل الحبوب والبقوليات، وأنواع كثيرة من الأشجار والشجيرات المثمرة وغيرها من محاصيل الخضار و المراعي والتوابل والنباتات البرية و العطرية والطبية والأزهار ..
أهمية وفوائد التنوع الحيوي:
لكل نوع من الكائنات الحية حق الحياة و البقاء، لأنها شريك في هذا التراث الطبيعي الذي يسمى( المحيط الحيوي) الذي خلقه الله بأحسن إتقان وكمال , والتنوع الحيوي ذو فوائد كثيرة في غاية الأهمية فمنها فوائد مباشرة ومنها ما سوف يتم اكتشاف أهميته وقيمته في المستقبل ككنوز دفينة لأجيالنا القادمة فيجب حمايته وعدم تدميره و المساهمة معا في العمل والتوعية للحفاظ عليه .
أولاً: فوائد التنوع الحيوي في المجال الإقتصادي:
يوفر التنوع الحيوي الأساس للحياة على الأرض . إذ تساهم الأنواع البرية والجينات والمواد الفعالة داخلها مساهمات كبيرة لاتحصى في تطور كافة أنشطة الحياة وخاصة في مجالات ( الزراعة والطب والصناعة).
أهم الفوائد الاقتصادية للتنوع الحيوي:
يعتبر التنوع الحيوي الزراعي في غاية الأهمية في استدامة العمل الزراعي وتطوره عالمياً، وإسهامه المباشر في تحقيق الأمن الغذائي للمجتمعات المحلية.
تشكل المراعي البرية الداعم الكبير للناتج القومي الإجمالي في العديد من دول العالم .
أدت التحسينات الجينية في آسيا إلى زيادة إنتاج القمح والأرز بدرجة كبيرة إنطلاقا من أصناف برية .
تم الإفادة من جين واحد من( الشعير الإثيوبي) في حماية محصول الشعير في أمريكا من فيروس القزم الأصفر، وحقق هذا عائدا بما يزيد عن (160 ) مليون دولار سنويا للمزارعين فكلما زادت الموارد الوراثية زادت الفرص المتاحة للنمو والابتكار في مجال الزراعة.
تبلغ قيمة الأدوية البشرية المستخلصة من النباتات البرية في العالم حوالي (40) مليار دولار سنويا.
تم استخلاص مادة فعالة من نبات ( الونكه الوردية ) في (مدغشقر)، كان لها أثر كبير في علاج حالات اللوكيميا ( سرطان الدم ) لدى الأطفال، مما رفع نسبة الشفاء من (20% إلى 80% ).
تم استخلاص العديد من المواد الفعالة من النباتات البرية والتي تستخدم حاليا في صناعة المبيدات العضوية لمكافحة الحشرات والآفات الزراعية وليس لها أي أثر سام على صحة الإنسان والبيئة.
تم استخلاص العديد من المواد المنكهه و الملونة من النباتات البرية والتي تستخدم حاليا في الصناعات الغذائية بديلا عن المنكهات و الملونات الكيميائية المصنعة والضارة بصحة الإنسان.
تعتبر الأصناف النباتية البرية من أكثر الأصناف الوراثية قوة ومقاومة والتي تستخدم كأصول يتم التطعيم عليها بأصناف أخرى.
تعتبر النباتات البرية من أكثر العوامل أهمية في حماية الأراضي من التعري والتصحر وملجأ وسكن للعديد من الطيور والحيوانات والكائنات الحية.
ثانيا : فوائد التنوع الحيوي في الزراعة و البيئة:
يعد كل نوع من الكائنات الحية ثروة وراثية ( بنك للجينات )، بما يحتويه من مكونات وراثية. ويساعد الحفاظ على التنوع الحيوي في الإبقاء على هذه البنوك أو الثروات والموارد البيئية من محاصيل وسلالات للحيوانات والطيور ومنتجات أخرى كثيرة. ولاشك أن السبل مفتوحة أمام العلماء لاستنباط أنواع جديدة من الأصناف الموجودة، خاصة الأصناف البرية، باستخلاص بعض من صفاتها ونقلها إلى السلالات التي يزرعها المزارعون أو يربيها الرعاة.
إن تطور التقنيات العلمية وخاصة في مجال التقانة الحيوية، يفتح المجال أمام نقل الصفات الوراثية ليس بين الأنواع المختلفة فحسب، بل بين الفصائل المتباعدة. وذلك لتحسين محاصيل الخضار والفاكهة وراثياً، ليجعلوها أكثر مقاومة للعديد من الآفات وأكثر إنتاجية. كذلك يتطلع علماء الزراعة إلى نقل الصفات الوراثية التي تجعل لبعض الأنواع النباتية القدرة على النمو في الأراضي المالحة أو في المناطق الجافة أو الحارة .و باختصار يمكن الجزم بأن التطور العلمي يجعل كل من الكائنات الحية مصدراً لموارد وراثية ذات نفع كبير جدا.
فإن فقدان التنوع الحيوي لا يحدّ من فرص النمو المتاحة لنا فحسب، بل ويضع إمداداتنا الغذائية في خطر. حيث تصبح الزراعة أقل قدرةً على التكيف مع التغيرات البيئية مثل الإحتباس الحراري أو الجفاف أو التصحر أو ظهور آفاتٍ وأمراض جديدة….) , فإذا لم تكن إمداداتنا الحالية من الأغذية قادرة على التكيف مع التغيرات المناخية التي تحدث في البيئة فقد نقع في مأزق نقص غذائي كبير ومجاعات.
ثالثاً: فوائد التنوع الحيوي في السياحة البيئية:
يعتبر نمو السياحة البيئية أحد الأمثلة للاتجاه الحالي لتنوع أنماط السياحة في العالم، فالطبيعة الغنية بالنظم البيئية الفريدة والنادرة بدأت تأخذ قيمة اقتصادية حقيقية وتدر الأموال الطائلة للدول والأفراد المستثمرين بهذا المجال الحيوي . فعلى سبيل المثال تدر المناطق الساحلية بما فيها من شعاب مرجانية في غربي آسيا ومنطقة جزر الكاريبي مئات الملايين من الدولارات سنويا من الدخل السياحي، وفى جمهورية مصر العربية تدر مناطق سياحية في سيناء ملايين الجنيهات سنوياً من الغطس لمشاهدة الشعاب المرجانية في البحر الأحمر وخليج العقبة. كذلك نمت سياحة الحدائق الطبيعية، بما فيها من تنوع حيواني برى واسع، في إفريقيا وكذلك في دول الخليج العربي وخاصة في دولة الإمارات العربية المتحدة التي تنظم ألاف الرحلات السياحية لرؤية الصحاري والحياة البرية بها.
تناقص وتتدهور التنوع الحيوي في العالم:
أوضحت الدراسات العلمية الحديثة أن التنوع الحيوي يتناقص بمعدلات سريعة نتيجة للنشاطات البشرية الخاطئة. وبالرغم من أنه لا يمكن وضع تقدير دقيق لأنواع الحيوانات والنباتات التي إنقرضت، إلا أن البيانات تشير إلى أنه منذ عام (1600م ) إنقرض (724) نوعا. وفى الوقت الحالي يوجد( 3956 ) نوعا مهددا بالخطر و(3647 ) نوعا معرضا للخطر و(7240 ) نوعا أصبح نادر الوجود. وقد ذكرت بعض التقارير وللأسف الشديد أن( 25% ) من التنوع الحيوي معرضة لخطر الإنقراض خلال أل (20-30 ) سنة القادمة .
أسباب تناقص وتتدهور التنوع الحيوي في العالم:
هناك عدة أسباب رئيسية لتناقص وتتدهور التنوع الحيوي يمكن تلخيصها بما يلي:
تدمير أو تعديل بيئة الكائنات الحية الطبيعية ، فإزالة الغابات مثلا يؤدى إلى فقدان أعداد متزايدة من هذه الكائنات ذات القيمة الكبيرة .
الإستغلال المفرط للموارد، فقد أدى هذا الإستغلال الجائر ( كالصيد والرعي الجائر والإحتتطاب وإستغلال الأراضي الزراعية الطبيعية والغابات للتوسع العمراني وبناء المصانع الملوثة …) إلى تناقص أنواع كثيرة من( الأسماك والحيوانات والطيور والنباتات) ، بالإضافة إلى إنقراض العديد منها.
التلوث بأنواعه، فقد أثرت سلبا المبيدات الحشرية السامة والأسمدة الكيماوية في أنواع كثيرة من الطيور والكائنات الحية النافعة الأخرى. وبالإضافة إلى هذا نجد أن تلوث الهواء بالغازات الضارة والدخيلة و حدوث (الأمطار الحامضية ) وتلوث المياه قد أثرا بشكل سلبي و ملحوظ في كافة الكائنات الحية .
تأثير الأنواع الغريبة المدخلة في البيئة وتهديدها للأنواع الأصلية إما عن طريق الإفتراس أو المنافسة أو تعديل البيئة الأصلية . فإدخال أنواع جديدة من الحبوب أو الفواكه أو الخضار ذات الإنتاجية العالية أدى إلى فقد جينات أصلية ( الأصناف البلدية ) في بلدان عديدة من دول الشرق الأوسط والهند .
الإجراءات الدولية لحماية و صون التنوع الحيوي:
منذ الاتفاقية المتعلقة بالحفاظ على الحيوانات والنباتات على حالتها الطبيعية عام(1933م) وإلى اتفاقية التنوع البيولوجي ( الحيوي )، التي تم التوقيع عليها أثناء قمة الأرض في عام (1992م ) ومرورا بالعديد من الاتفاقيات الدولية فقد أتخذ كل من المجتمع الدولي وحكومات أغلب دول العالم أربعة أنواع من الإجراءات والقرارات لتشجيع صون وحماية التنوع الحيوي وإستخدامه على نحو قابل للاستمرار لأجيالنا وهي:
الإجراءات الرامية إلى حماية البيئة الخاصة ( العوائل ) مثل الحدائق الوطنية أو المحميات الطبيعية .
الإجراءات الرامية إلى حماية أنواع خاصة أو مجموعات خاصة من الأنواع من الإستغلال المفرط.
الإجراءات الرامية إلى الحفظ خارج البيئة الطبيعية للأنواع الموجودة في الحدائق النباتية أو في بنوك الجينات .
الإجراءات الرامية إلى كبح تلوث المحيط الحيوي بكافة أنواع الملوثات .
* دكتورة دولة في العلوم الزراعية
mjuratly@gmail.com
.Filed Under: featured • البيئة
الدكتور المهندس الزراعي مجد جرعتلي *
جنسترا - يعرف التنوع الحيوي BIODIVERSITY بأنه تنوع جميع الكائنات الحية الموجودة على الكرة الأرضية، والتفاعل في ما بينها، بدءا بالكائنات الدقيقة التي لا نراها إلا بواسطة المجهر، وانتهاء بالأشجار العملاقة والحيتان الضخمة.
والتنوع الحيوي موجود في كل مكان، في الصحارى والمحيطات والأنهار والبحيرات والغابات. ومن الصعوبة معرفة عدد أنواع الكائنات الحية على الكرة الأرضية. فقد تراوحت التقديرات لهذه الأنواع بين( 5 و 80 ) مليون أو أكثر، ولكن الرقم الأكثر إحتمالا هو( 10 ) مليون نوع.
وبالرغم من التقدم العلمي الذي يشهده العالم لم يوصف من هذه الأنواع حتى الآن سوى( 1.4 ) مليون نوع، من بينها( 000, 750 ) حشرة و( 000, 41 ) من الفقاريات و(000, 250 ) من النباتات، والباقي من مجموعات اللافقاريات والفطريات والطحالب وغيرها من الكائنات الحية الدقيقة.
وتعتبر المناطق الاستوائية من أغنى المناطق في العالم بأنواع الأحياء المختلفة من الحشرات والثدييات والنباتات المختلفة وطبعا ليس وحدها هي النظم الغنية بالتنوع الحيوي فدول البحر الأبيض المتوسط بها أيضا مجموعات غنية من النباتات وتعتبر كل بقعة برية من العالم كنزا منفردا بما تحويه من الكائنات الحية بكافة أنواعها , كذلك يعتبر القطر العربي السوري من أهم مراكز التنوع الحيوي الزراعي في العالم، كونه يحوي تنوعاً حيوياً غنياً بالأصناف والأنواع النباتية ذات الأهمية العالمية كمحاصيل الحبوب والبقوليات، وأنواع كثيرة من الأشجار والشجيرات المثمرة وغيرها من محاصيل الخضار و المراعي والتوابل والنباتات البرية و العطرية والطبية والأزهار ..
أهمية وفوائد التنوع الحيوي:
لكل نوع من الكائنات الحية حق الحياة و البقاء، لأنها شريك في هذا التراث الطبيعي الذي يسمى( المحيط الحيوي) الذي خلقه الله بأحسن إتقان وكمال , والتنوع الحيوي ذو فوائد كثيرة في غاية الأهمية فمنها فوائد مباشرة ومنها ما سوف يتم اكتشاف أهميته وقيمته في المستقبل ككنوز دفينة لأجيالنا القادمة فيجب حمايته وعدم تدميره و المساهمة معا في العمل والتوعية للحفاظ عليه .
أولاً: فوائد التنوع الحيوي في المجال الإقتصادي:
يوفر التنوع الحيوي الأساس للحياة على الأرض . إذ تساهم الأنواع البرية والجينات والمواد الفعالة داخلها مساهمات كبيرة لاتحصى في تطور كافة أنشطة الحياة وخاصة في مجالات ( الزراعة والطب والصناعة).
أهم الفوائد الاقتصادية للتنوع الحيوي:
يعتبر التنوع الحيوي الزراعي في غاية الأهمية في استدامة العمل الزراعي وتطوره عالمياً، وإسهامه المباشر في تحقيق الأمن الغذائي للمجتمعات المحلية.
تشكل المراعي البرية الداعم الكبير للناتج القومي الإجمالي في العديد من دول العالم .
أدت التحسينات الجينية في آسيا إلى زيادة إنتاج القمح والأرز بدرجة كبيرة إنطلاقا من أصناف برية .
تم الإفادة من جين واحد من( الشعير الإثيوبي) في حماية محصول الشعير في أمريكا من فيروس القزم الأصفر، وحقق هذا عائدا بما يزيد عن (160 ) مليون دولار سنويا للمزارعين فكلما زادت الموارد الوراثية زادت الفرص المتاحة للنمو والابتكار في مجال الزراعة.
تبلغ قيمة الأدوية البشرية المستخلصة من النباتات البرية في العالم حوالي (40) مليار دولار سنويا.
تم استخلاص مادة فعالة من نبات ( الونكه الوردية ) في (مدغشقر)، كان لها أثر كبير في علاج حالات اللوكيميا ( سرطان الدم ) لدى الأطفال، مما رفع نسبة الشفاء من (20% إلى 80% ).
تم استخلاص العديد من المواد الفعالة من النباتات البرية والتي تستخدم حاليا في صناعة المبيدات العضوية لمكافحة الحشرات والآفات الزراعية وليس لها أي أثر سام على صحة الإنسان والبيئة.
تم استخلاص العديد من المواد المنكهه و الملونة من النباتات البرية والتي تستخدم حاليا في الصناعات الغذائية بديلا عن المنكهات و الملونات الكيميائية المصنعة والضارة بصحة الإنسان.
تعتبر الأصناف النباتية البرية من أكثر الأصناف الوراثية قوة ومقاومة والتي تستخدم كأصول يتم التطعيم عليها بأصناف أخرى.
تعتبر النباتات البرية من أكثر العوامل أهمية في حماية الأراضي من التعري والتصحر وملجأ وسكن للعديد من الطيور والحيوانات والكائنات الحية.
ثانيا : فوائد التنوع الحيوي في الزراعة و البيئة:
يعد كل نوع من الكائنات الحية ثروة وراثية ( بنك للجينات )، بما يحتويه من مكونات وراثية. ويساعد الحفاظ على التنوع الحيوي في الإبقاء على هذه البنوك أو الثروات والموارد البيئية من محاصيل وسلالات للحيوانات والطيور ومنتجات أخرى كثيرة. ولاشك أن السبل مفتوحة أمام العلماء لاستنباط أنواع جديدة من الأصناف الموجودة، خاصة الأصناف البرية، باستخلاص بعض من صفاتها ونقلها إلى السلالات التي يزرعها المزارعون أو يربيها الرعاة.
إن تطور التقنيات العلمية وخاصة في مجال التقانة الحيوية، يفتح المجال أمام نقل الصفات الوراثية ليس بين الأنواع المختلفة فحسب، بل بين الفصائل المتباعدة. وذلك لتحسين محاصيل الخضار والفاكهة وراثياً، ليجعلوها أكثر مقاومة للعديد من الآفات وأكثر إنتاجية. كذلك يتطلع علماء الزراعة إلى نقل الصفات الوراثية التي تجعل لبعض الأنواع النباتية القدرة على النمو في الأراضي المالحة أو في المناطق الجافة أو الحارة .و باختصار يمكن الجزم بأن التطور العلمي يجعل كل من الكائنات الحية مصدراً لموارد وراثية ذات نفع كبير جدا.
فإن فقدان التنوع الحيوي لا يحدّ من فرص النمو المتاحة لنا فحسب، بل ويضع إمداداتنا الغذائية في خطر. حيث تصبح الزراعة أقل قدرةً على التكيف مع التغيرات البيئية مثل الإحتباس الحراري أو الجفاف أو التصحر أو ظهور آفاتٍ وأمراض جديدة….) , فإذا لم تكن إمداداتنا الحالية من الأغذية قادرة على التكيف مع التغيرات المناخية التي تحدث في البيئة فقد نقع في مأزق نقص غذائي كبير ومجاعات.
ثالثاً: فوائد التنوع الحيوي في السياحة البيئية:
يعتبر نمو السياحة البيئية أحد الأمثلة للاتجاه الحالي لتنوع أنماط السياحة في العالم، فالطبيعة الغنية بالنظم البيئية الفريدة والنادرة بدأت تأخذ قيمة اقتصادية حقيقية وتدر الأموال الطائلة للدول والأفراد المستثمرين بهذا المجال الحيوي . فعلى سبيل المثال تدر المناطق الساحلية بما فيها من شعاب مرجانية في غربي آسيا ومنطقة جزر الكاريبي مئات الملايين من الدولارات سنويا من الدخل السياحي، وفى جمهورية مصر العربية تدر مناطق سياحية في سيناء ملايين الجنيهات سنوياً من الغطس لمشاهدة الشعاب المرجانية في البحر الأحمر وخليج العقبة. كذلك نمت سياحة الحدائق الطبيعية، بما فيها من تنوع حيواني برى واسع، في إفريقيا وكذلك في دول الخليج العربي وخاصة في دولة الإمارات العربية المتحدة التي تنظم ألاف الرحلات السياحية لرؤية الصحاري والحياة البرية بها.
تناقص وتتدهور التنوع الحيوي في العالم:
أوضحت الدراسات العلمية الحديثة أن التنوع الحيوي يتناقص بمعدلات سريعة نتيجة للنشاطات البشرية الخاطئة. وبالرغم من أنه لا يمكن وضع تقدير دقيق لأنواع الحيوانات والنباتات التي إنقرضت، إلا أن البيانات تشير إلى أنه منذ عام (1600م ) إنقرض (724) نوعا. وفى الوقت الحالي يوجد( 3956 ) نوعا مهددا بالخطر و(3647 ) نوعا معرضا للخطر و(7240 ) نوعا أصبح نادر الوجود. وقد ذكرت بعض التقارير وللأسف الشديد أن( 25% ) من التنوع الحيوي معرضة لخطر الإنقراض خلال أل (20-30 ) سنة القادمة .
أسباب تناقص وتتدهور التنوع الحيوي في العالم:
هناك عدة أسباب رئيسية لتناقص وتتدهور التنوع الحيوي يمكن تلخيصها بما يلي:
تدمير أو تعديل بيئة الكائنات الحية الطبيعية ، فإزالة الغابات مثلا يؤدى إلى فقدان أعداد متزايدة من هذه الكائنات ذات القيمة الكبيرة .
الإستغلال المفرط للموارد، فقد أدى هذا الإستغلال الجائر ( كالصيد والرعي الجائر والإحتتطاب وإستغلال الأراضي الزراعية الطبيعية والغابات للتوسع العمراني وبناء المصانع الملوثة …) إلى تناقص أنواع كثيرة من( الأسماك والحيوانات والطيور والنباتات) ، بالإضافة إلى إنقراض العديد منها.
التلوث بأنواعه، فقد أثرت سلبا المبيدات الحشرية السامة والأسمدة الكيماوية في أنواع كثيرة من الطيور والكائنات الحية النافعة الأخرى. وبالإضافة إلى هذا نجد أن تلوث الهواء بالغازات الضارة والدخيلة و حدوث (الأمطار الحامضية ) وتلوث المياه قد أثرا بشكل سلبي و ملحوظ في كافة الكائنات الحية .
تأثير الأنواع الغريبة المدخلة في البيئة وتهديدها للأنواع الأصلية إما عن طريق الإفتراس أو المنافسة أو تعديل البيئة الأصلية . فإدخال أنواع جديدة من الحبوب أو الفواكه أو الخضار ذات الإنتاجية العالية أدى إلى فقد جينات أصلية ( الأصناف البلدية ) في بلدان عديدة من دول الشرق الأوسط والهند .
الإجراءات الدولية لحماية و صون التنوع الحيوي:
منذ الاتفاقية المتعلقة بالحفاظ على الحيوانات والنباتات على حالتها الطبيعية عام(1933م) وإلى اتفاقية التنوع البيولوجي ( الحيوي )، التي تم التوقيع عليها أثناء قمة الأرض في عام (1992م ) ومرورا بالعديد من الاتفاقيات الدولية فقد أتخذ كل من المجتمع الدولي وحكومات أغلب دول العالم أربعة أنواع من الإجراءات والقرارات لتشجيع صون وحماية التنوع الحيوي وإستخدامه على نحو قابل للاستمرار لأجيالنا وهي:
الإجراءات الرامية إلى حماية البيئة الخاصة ( العوائل ) مثل الحدائق الوطنية أو المحميات الطبيعية .
الإجراءات الرامية إلى حماية أنواع خاصة أو مجموعات خاصة من الأنواع من الإستغلال المفرط.
الإجراءات الرامية إلى الحفظ خارج البيئة الطبيعية للأنواع الموجودة في الحدائق النباتية أو في بنوك الجينات .
الإجراءات الرامية إلى كبح تلوث المحيط الحيوي بكافة أنواع الملوثات .
* دكتورة دولة في العلوم الزراعية
mjuratly@gmail.com
.Filed Under: featured • البيئة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق