تعليم العلوم في الوطن العربي... بين جمود التلقين وعزوف المتعلمين -
د. محسن فراج موقع- أنفاس نت
لم تلاق التربية العلمية في تاريخ البشرية اهتماماً قدر ما تلاقيه في الوقت الراهن في المجتمعات المتقدمة والمجتمعات النامية، وقد تعددت مسارات هذه المجتمعات في معالجة وإدارة التربية العلمية. لذلك لا يمكن القول أن هناك مجتمعاً مهما كان تقدمه انه وصل للمستوى المطلوب من التربية العلمية لمواطنيه، وربما كان الدليل على ذلك ما ينشر بين الحين والحين من كتب لكبار المفكرين ورؤساء الدول ينبهون من خطورة تدنى مستويات المواطن في القدر اللازم له من التربية العلمية لكي يعيش هذا العصر بكل ما يحمله من تغيرات متسارعة ومتغيرات متعددة تفرض على المسئولين عن تربية المواطن وتربيته العلمية بصفة خاصة بذل ما في وسعهم لملاحقة المتغيرات والتطورات العلمية التي تتدخل في الحياة اليومية لكل مواطن.ولربما كان تعليم العلوم في الماضي أمراً سهلاً نسبياً لا يتطلب مشقة فقد كان التركيز بالدرجة الأولي ينصب على إعطاء الطلاب قدراً من المعلومات والحقائق المحددة في مجالات العلوم مثل الكيمياء والفيزياء وعلوم الحياة وغيرها، لذلك فإن مستويات تعليم العلوم في ذلك الوقت كانت مسايرة إلي حد ملحوظ للمستويات العالمية وليست بينها فجوة كبيرة تحتم إعادة النظر فيها وتطويرها، ويرجع السبب الأكبر في ذلك إلي وجود بعض النظريات التربوية والنفسية التي كانت سائدة حينئذ، والتي كانت تنظر إلي العلوم في المدرسة على أنها مجرد قدر من الحقائق المحددة يجب على كل طالب أن يستوعبها بغض النظر عن قيمتها الوظيفية في حياته، لذلك كانت الفجوة سحيقة بين ما يتعلمه الطلاب في المدارس وتصرفاتهم في شتي نواحي الحياة اليومية، وهذا أمر لا يمكن أن يستمر في عصر العلم والتكنولوجيا الذي أصبح كل مواطن يعيش فيه في حاجة ماسه إلي قدر من العلم وطرق التفكير لكي يعايش المتغيرات السريعة التي تحدث كل يوم.ولقد كشفت نتائج العديد من الدراسات التقويمية لواقع تعليم العلوم إلي أنه لا يزال يركز جل اهتمامه بإكساب الطلاب للمعرفة العلمية والتي تتسم في الغالب بصعوبة وجفاف محتواها، وغالباً ما لا ترتبط بحياتهم ومشكلاتهم الحقيقية حتى أصبحت هذه المعرفة هدفا أساسيا في حد ذاتها.وقد ترتب على ذلك ظهور العديد من المشكلات التي تهدد تحقيق تعليم العلوم لأهدافه المنشودة، ولعل من أهم هذه المشكلات عزوف الطلاب عن دراسة العلوم حيث تتناقص أعداد الطلاب الدارسين للمواد العلمية وخاصة الفيزياء سنة بعد أخري، فقد أكدت نتائج عدد ليس قليل من هذه الدراسات أن كثيرا من الطلاب عازفون عن دراسة الفيزياء والرياضيات بدرجة تفوق عزوفهم عن دراسة الفروع الأخرى للعلم.
وقد باتت هذه الظاهرة تشكل خطراً جسيماً علي مستويات خريجي مراحل التعليم وقد عبر المهتمين بشؤون التعليم عن سبب هذه الظاهرة بغياب الوظيفية عن مناهج العلوم وتعليمها. فالعلوم هي علوم لوظيفة أي لتحقيق أهداف، وبمعنى آخر تربية من خلال العلوم Education Through Science. والوظيفية سمة لأي منهج علوم ناجح، وتعليم العلوم إذا لم يستشعر الطالب قيمته وفائدته خارج المدرسة، وإذا لم تؤد مناهج العلوم بالمدرسة ذلك الدور فإنها سوف تبعد الطالب والمدرسة كثيراً عن الواقع وتصنع الحواجز بينها وبين المجتمع.مداخل لجعل تعليم العلوم أكثر نفعاً ومتعة :* مدخل العلم والتكنولوجيا والمجتمع: يعد مدخل العلاقة بين العلم والتكنولوجيا والمجتمع أكثر المداخل التي اهتمت بإصلاح وتطوير تعليم العلوم وينطلق من عدة مبادئ لفهم العلاقة المتبادلة بين العلم والتكنولوجيا والمجتمع: - التكنولوجيا أساس لحل مشكلات تكيف الإنسان مع البيئة.- للتكنولوجيا آثار سلبية وبالتالي فهي غير كاملة وغير مثالية.- تتوقف درجة اعتماد المجتمع على التكنولوجيا على درجة تحمله لمخاطرها * التربية الوقائية: فالاهتمام بالتربية الوقائية كشق أساسي في حياة كل فرد من الأفراد ونجاحها في تحقيق أهدافها يغير كثيراً من طبيعة ما نلاحظه في حياتنا من خسائر في الأرواح ومشكلات الصحة والاقتصاد وتشمل التربية الوقائية العديد من الجوانب منها: الوقاية من الأمراض، الوقاية من العقاقير المخدرة، الكوارث الطبيعية والصناعية، الغذاء والصحة. لذلك لا ينبغي أن تكون إجراءات التربية الوقائية مجرد ردود أفعال لما يحدث من كوارث أو حوادث بل يجب العناية والاهتمام برفع الوعي الوقائي لدى الطلاب للحفاظ على صحتهم وسلامتهم ووقايتهم من الحوادث أو الوقوع في الأخطار المتوقعة، وأهمية الدور الذي يمكن أن يؤديه تعليم العلوم في جميع مراحل التعليم العام في تزويد الطلاب بمتطلبات التربية الوقائية وجوانبها المختلفة.* مدخل التطبيقات العلمية والتكنولوجية: تتأكد الحاجة إلي التأكيد في محتوى مناهج العلوم ومعالجتها التدريسية على التطبيقات العلمية والتكنولوجية. وتعد مناهج الكيمياء والفيزياء والأحياء من المناهج المسئولة عن إبراز هذا الجانب الوظيفي والتطبيقي للعلم لكونها من العلوم التي شهدت تطورات متسارعة نتج عنها تطبيقات علمية وتكنولوجية حققت تأثيرا مباشراً في حياة الإنسان وأهمية إظهار الدور الفعال للعلوم في مختلف المجالات وفتحت بدورها آفاقا جديدة لتطبيق النظريات العلمية واستخدام الأسلوب العلمي في معالجة الكثير من المشكلات والتي بلغت ذروتها في غزو الفضاء .* التنور العلمي: والتنور العلمي يعنى الحد الأدنى من المعرفة العلمية والمهارات وتحصيل المعرفة من مصادرها واتخاذ القرارات، ويستخدم مفهوم التنور العلمي في الوقت الحاضر بتوسع، وقد اكتسب أهمية خاصة سواء في الدول المتقدمة أو النامية بدرجة أصبح معها التنور العلمي هدفاً رئيسياً لتعليم العلوم؛ إذ أن المواطن العادي الذي لن يتخذ بالضرورة العلم ميداناً للتخصص ولا المهن العلمية عملاً للاشتغال، هذا المواطن أصبحت تربيته وإعداده للمشاركة المثمرة في حياة المجتمع لا تكتمل بدون التنور العلمي. *المدخل الجمالي .. محاولة لجعل التربية العلمية ممتعة: فالعلم كمسار للفكر البشرى واكتشاف هذا المسار به الكثير من نواحي الجمال التي لا تمسها مناهج العلوم في الوقت الحاضر. ويمكن أن تكون دراسة العلوم والظواهر الطبيعية مثيرة للاستمتاع باستخدام المدخل الجمالي الذي يسعى إلي تحقيق ذلك.والمدخل الجمالي هو "اقتراح لبناء وتنفيذ مناهج العلوم بما يحقق أهداف التربية العلمية ويؤدى في نفس الوقت إلي الاستمتاع بالجوانب الجمالية والفنية في مختلف مسارات العلم وظواهره بما لا يخل بالنواحي الموضوعية والعمليات التي تميز العلم ويحقق بالإضافة إلي ذلك تأكيد الجوانب الوجدانية ونواحي التقدير المتعددة التي كثيراً ما أهملت على الرغم من أهميتها".
لم تلاق التربية العلمية في تاريخ البشرية اهتماماً قدر ما تلاقيه في الوقت الراهن في المجتمعات المتقدمة والمجتمعات النامية، وقد تعددت مسارات هذه المجتمعات في معالجة وإدارة التربية العلمية. لذلك لا يمكن القول أن هناك مجتمعاً مهما كان تقدمه انه وصل للمستوى المطلوب من التربية العلمية لمواطنيه، وربما كان الدليل على ذلك ما ينشر بين الحين والحين من كتب لكبار المفكرين ورؤساء الدول ينبهون من خطورة تدنى مستويات المواطن في القدر اللازم له من التربية العلمية لكي يعيش هذا العصر بكل ما يحمله من تغيرات متسارعة ومتغيرات متعددة تفرض على المسئولين عن تربية المواطن وتربيته العلمية بصفة خاصة بذل ما في وسعهم لملاحقة المتغيرات والتطورات العلمية التي تتدخل في الحياة اليومية لكل مواطن.ولربما كان تعليم العلوم في الماضي أمراً سهلاً نسبياً لا يتطلب مشقة فقد كان التركيز بالدرجة الأولي ينصب على إعطاء الطلاب قدراً من المعلومات والحقائق المحددة في مجالات العلوم مثل الكيمياء والفيزياء وعلوم الحياة وغيرها، لذلك فإن مستويات تعليم العلوم في ذلك الوقت كانت مسايرة إلي حد ملحوظ للمستويات العالمية وليست بينها فجوة كبيرة تحتم إعادة النظر فيها وتطويرها، ويرجع السبب الأكبر في ذلك إلي وجود بعض النظريات التربوية والنفسية التي كانت سائدة حينئذ، والتي كانت تنظر إلي العلوم في المدرسة على أنها مجرد قدر من الحقائق المحددة يجب على كل طالب أن يستوعبها بغض النظر عن قيمتها الوظيفية في حياته، لذلك كانت الفجوة سحيقة بين ما يتعلمه الطلاب في المدارس وتصرفاتهم في شتي نواحي الحياة اليومية، وهذا أمر لا يمكن أن يستمر في عصر العلم والتكنولوجيا الذي أصبح كل مواطن يعيش فيه في حاجة ماسه إلي قدر من العلم وطرق التفكير لكي يعايش المتغيرات السريعة التي تحدث كل يوم.ولقد كشفت نتائج العديد من الدراسات التقويمية لواقع تعليم العلوم إلي أنه لا يزال يركز جل اهتمامه بإكساب الطلاب للمعرفة العلمية والتي تتسم في الغالب بصعوبة وجفاف محتواها، وغالباً ما لا ترتبط بحياتهم ومشكلاتهم الحقيقية حتى أصبحت هذه المعرفة هدفا أساسيا في حد ذاتها.وقد ترتب على ذلك ظهور العديد من المشكلات التي تهدد تحقيق تعليم العلوم لأهدافه المنشودة، ولعل من أهم هذه المشكلات عزوف الطلاب عن دراسة العلوم حيث تتناقص أعداد الطلاب الدارسين للمواد العلمية وخاصة الفيزياء سنة بعد أخري، فقد أكدت نتائج عدد ليس قليل من هذه الدراسات أن كثيرا من الطلاب عازفون عن دراسة الفيزياء والرياضيات بدرجة تفوق عزوفهم عن دراسة الفروع الأخرى للعلم.
وقد باتت هذه الظاهرة تشكل خطراً جسيماً علي مستويات خريجي مراحل التعليم وقد عبر المهتمين بشؤون التعليم عن سبب هذه الظاهرة بغياب الوظيفية عن مناهج العلوم وتعليمها. فالعلوم هي علوم لوظيفة أي لتحقيق أهداف، وبمعنى آخر تربية من خلال العلوم Education Through Science. والوظيفية سمة لأي منهج علوم ناجح، وتعليم العلوم إذا لم يستشعر الطالب قيمته وفائدته خارج المدرسة، وإذا لم تؤد مناهج العلوم بالمدرسة ذلك الدور فإنها سوف تبعد الطالب والمدرسة كثيراً عن الواقع وتصنع الحواجز بينها وبين المجتمع.مداخل لجعل تعليم العلوم أكثر نفعاً ومتعة :* مدخل العلم والتكنولوجيا والمجتمع: يعد مدخل العلاقة بين العلم والتكنولوجيا والمجتمع أكثر المداخل التي اهتمت بإصلاح وتطوير تعليم العلوم وينطلق من عدة مبادئ لفهم العلاقة المتبادلة بين العلم والتكنولوجيا والمجتمع: - التكنولوجيا أساس لحل مشكلات تكيف الإنسان مع البيئة.- للتكنولوجيا آثار سلبية وبالتالي فهي غير كاملة وغير مثالية.- تتوقف درجة اعتماد المجتمع على التكنولوجيا على درجة تحمله لمخاطرها * التربية الوقائية: فالاهتمام بالتربية الوقائية كشق أساسي في حياة كل فرد من الأفراد ونجاحها في تحقيق أهدافها يغير كثيراً من طبيعة ما نلاحظه في حياتنا من خسائر في الأرواح ومشكلات الصحة والاقتصاد وتشمل التربية الوقائية العديد من الجوانب منها: الوقاية من الأمراض، الوقاية من العقاقير المخدرة، الكوارث الطبيعية والصناعية، الغذاء والصحة. لذلك لا ينبغي أن تكون إجراءات التربية الوقائية مجرد ردود أفعال لما يحدث من كوارث أو حوادث بل يجب العناية والاهتمام برفع الوعي الوقائي لدى الطلاب للحفاظ على صحتهم وسلامتهم ووقايتهم من الحوادث أو الوقوع في الأخطار المتوقعة، وأهمية الدور الذي يمكن أن يؤديه تعليم العلوم في جميع مراحل التعليم العام في تزويد الطلاب بمتطلبات التربية الوقائية وجوانبها المختلفة.* مدخل التطبيقات العلمية والتكنولوجية: تتأكد الحاجة إلي التأكيد في محتوى مناهج العلوم ومعالجتها التدريسية على التطبيقات العلمية والتكنولوجية. وتعد مناهج الكيمياء والفيزياء والأحياء من المناهج المسئولة عن إبراز هذا الجانب الوظيفي والتطبيقي للعلم لكونها من العلوم التي شهدت تطورات متسارعة نتج عنها تطبيقات علمية وتكنولوجية حققت تأثيرا مباشراً في حياة الإنسان وأهمية إظهار الدور الفعال للعلوم في مختلف المجالات وفتحت بدورها آفاقا جديدة لتطبيق النظريات العلمية واستخدام الأسلوب العلمي في معالجة الكثير من المشكلات والتي بلغت ذروتها في غزو الفضاء .* التنور العلمي: والتنور العلمي يعنى الحد الأدنى من المعرفة العلمية والمهارات وتحصيل المعرفة من مصادرها واتخاذ القرارات، ويستخدم مفهوم التنور العلمي في الوقت الحاضر بتوسع، وقد اكتسب أهمية خاصة سواء في الدول المتقدمة أو النامية بدرجة أصبح معها التنور العلمي هدفاً رئيسياً لتعليم العلوم؛ إذ أن المواطن العادي الذي لن يتخذ بالضرورة العلم ميداناً للتخصص ولا المهن العلمية عملاً للاشتغال، هذا المواطن أصبحت تربيته وإعداده للمشاركة المثمرة في حياة المجتمع لا تكتمل بدون التنور العلمي. *المدخل الجمالي .. محاولة لجعل التربية العلمية ممتعة: فالعلم كمسار للفكر البشرى واكتشاف هذا المسار به الكثير من نواحي الجمال التي لا تمسها مناهج العلوم في الوقت الحاضر. ويمكن أن تكون دراسة العلوم والظواهر الطبيعية مثيرة للاستمتاع باستخدام المدخل الجمالي الذي يسعى إلي تحقيق ذلك.والمدخل الجمالي هو "اقتراح لبناء وتنفيذ مناهج العلوم بما يحقق أهداف التربية العلمية ويؤدى في نفس الوقت إلي الاستمتاع بالجوانب الجمالية والفنية في مختلف مسارات العلم وظواهره بما لا يخل بالنواحي الموضوعية والعمليات التي تميز العلم ويحقق بالإضافة إلي ذلك تأكيد الجوانب الوجدانية ونواحي التقدير المتعددة التي كثيراً ما أهملت على الرغم من أهميتها".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق