السبت، 17 يناير 2009

أسرار التهابات قناة الإذن في الشتاء

م/ عمـــــــر الحياني
عضو الرابطة العربية للإعلاميين العلميين -نشرت في صحيفة السياسية
ما إن يحل علينا فصل و ويودعنا آخر إلا ونرى كثيرا من الاعتلالات المختلفة التي يصاب بها الكبار والصغار على حد سواء. وما ذلك إلا نتاج تغير الفصول. ولكن مع نهاية فصل الخريف وبداية اصفرار الأشجار إيذانا برحيله وقدوم الضيف الكبير فصل الشتاء حتى تهب نسمات البرد معلنة أننا قادمة فاستعدوا. ورغم أن الأطفال ينالون الحظ الأوفر من نزلات البرد، إلا أن ذلك لا يعني أن الكبار مستثنون من هدايا هذا الضيف الثقيل على أنوفنا وصدورنا وحناجرنا بل وعظامنا، وبالتالي فإننا نكون أمام تحدٍّ كبير نواجه كل سنة من أعمارنا، وخاصة أن هناك أكثر من 200 نوع من الفيروسات التي قد يتسبب أحدها بالإصابة بنزلة البرد.
ومما لا شك فيه أن الأعداد الكبيرة للمصابين بنزلات البرد أثناء الشتاء، يعني شيئين مهمين، حسب قول استشاري جراحة الأنف والأذن والحنجرة الدكتور خالد أبو منصر؛ الأول: تفاوت حدة الأعراض ونوعيتها فيما بين المُصابين بتلك النزلات. والثاني: ما تشير إليه الإحصائيات الطبية من أن الشخص البالغ السليم من أي أمراض مزمنة، عُرضة لما بين 2 إلى 4 نزلات برد سنوياً. أما الأطفال الصغار، ما دون السادسة من العمر، فقد يصل معدل إصابة الواحد منهم بنزلات البرد إلى ما بين 6 إلى 10 مرات في العام الواحد!
وأعتقد أن كل أو جُلّ ما أوردناه يعرفه الكثير من الناس، إلا أن ما قد يغيب عن أذهان العامة هو الإصابات الخطيرة التي قد تصاب بها أعضاء أخرى من الجسم، حيث أن نزلات البرد قد تؤثر على أغلى شي نملكه وهو السمع، فالتهابات الأذن وخاصة الأذن الوسطى تتأثر بنزلات البرد وتصيبها بالألم والتقيح والانسداد وفقدان التوازن والسمع في مراحله الحرجة وهو ما يتوجب الحرص الشديد على احد أهم حواسنا ووسيلة الاتصال السمعي مع العالم الخارجي.
اثر نزلات البرد على الأذن
وفي توضيح عن اثر نزلات البرد على التهابات الأذن الوسطى يقول أبومنصر، إن "المخاطر والالتهابات التي قد تصيب الأذن ربما تؤذي المصاب وخاصة في حالات وجود تشوهات في الأنف الداخلية"، مشيرا إلى أن الأذن الوسطى عبارة عن صندوق سداسي الحائط يتصل بالأذن الخارجية بطبلة الأذن كما يتصل بالأذن الداخلية بواسطة فتحتين هما النافذة الدائرة وهي مغلقة بطبلة رقيقة والنافذة البيضاوية التي تغلق بواسطة قدم عظمة الركاب ويوجد في الأذن الوسطى عظيمات التوصيل السمعي وعددها ثلاث كما يوجد بها العصب السابع. والتهاب الأذن قد يؤدي إلى تلف هذه العظيمات وهو ما قد يؤدي إلى فقدان السمع التوصيلي أو تلف العصب السابع الذي يؤدي إلى شلله أو انتشار الالتهابات إلى الأذن الداخلية مما يؤدي إلى فقدان العصب السمعي. والتهاب الأذن يظهر أكثر عند الأطفال وخاصة في السن المبكرة عند سنة إلى ست سنوات"، وأن هذه التهابات يصاب بها الذكور أكثر من الإناث"، وحول الأسباب المؤدية إلى التهابات الأذن الوسطى يرى الدكتور أبومنصر أن "المتسبب الكبير لهذا الالتهاب هي البكتريا أو انسداد أنبوبة ابوستيكيان أو نقص المناعة ووجود التهابات بكتيرية في الحلق الأنفي ونزلات البرد الشديدة التي تؤثر على الأذن الوسطى وخاصة القناة الموصلة بين الأذن والحلق". فالأذن الوسطى تحتوي على الهواء فقط ولا توجد فيها سوائل، حيث يحدث الالتهاب عندما تتجمع السوائل في الأذن الوسطى نتيجة للإفرازات الأنفية الشديدة والتي تعمل على الدخول عبر القناة الموصلة بين الحلق والأذن فتبدأ البكتيريا بالتكاثر. كما أن تجمع الصديد يسبب الضغط على طبلة الأذن، وفي حالة عدم العلاج المباشر تنفجر طبلة الأذن نتيجة الضغط الشديد ويخرج الصديد عن طريق قناة الأذن للخارج ويحدث ثقب في طبلة الأذن. هذا الثقب قد يلتحم أو يبقى بشكل دائم". وأشار أبومنصر إلى أنه في حالة عدم التئام الثقب في طبلة الأذن فإن الأذن الوسطى تبقى معرضة لدخول المياه والبكتيريا من الخارج مما يسبب التهاب مزمن في الأذن الوسطى وشعور بامتلاء الأذن وثقلها وشعور بالحمى وفقدان التوازن ثم في مرحلة أخرى التهاب الغشاء الجراحي وتمتد المضاعفات إلى داخل الجمجمة وهو ما يتطلب تدخلا جراحيا.
درهم وقاية..
وحول الوقاية من مضاعفات البرد ونزلاته، ينصح الدكتور أبومنصر بارتداء ملابس الشتاء للأطفال والكبار وعدم التعرض للبرد أو التعرض المفاجئ له وعدم الاختلاط المباشر مع المصابين.
ويشدد الأطباء على أغذية معينة في فصل الشتاء يرون فيها العلاج الأنجع لإصابات البرد، ومن هذه الأغذية، فواكه الشتاء البرتقال والحمضيات بأنواعها، بالإضافة إلى العسل والحبة السوداء والزنجبيل، فهي من المضادات الطبية، والاهتمام بالأكلات الساخنة التي تعطي الجسم الحيوية والنشاط. ولا ننسى السمك في فصل الشتاء فهو معزز للطاقة والحيوية.
عند التعرض لنزلات البرد ينصح الأطباء بمعالجة النزلات بالمضادات الحيوية باستشارة الطبيب بالإضافة، إلى الغرغرة بالماء والملح. حيث يقول الباحثون من "مايو كلينك" إن من المفيد في حالات نزلة البرد غرغرة الحلق بالماء الممزوج بالملح، لأنه يُخفف من ألم الحلق والشعور بالتهيج فيه. وينصحون بإعداد ذلك منزلياً عبر مزج كمية من الملح بما بملء نصف ملعقة شاي، في كوب من الماء الدافئ، بحجم حوالي 240 ملليلترا. إلى جانب بخاخ الأنف المحتوي على الماء المملح. وهو ما يتوفر في الصيدليات لتلك الغاية. والفرق بين الغرغرة وغسيل الأنف واضح، لذا يُمكن استخدام مزيج الماء والملح المُعد منزلياً للغرغرة بينما نحتاج إلى محلول طبي للماء والملح حال غسيل الأنف. وغسيل الأنف مفيد للكبار والصغار، ولا يتسبب بتلك المضاعفات التي تحصل نتيجة استخدام بخاخات مضادات الاحتقان.
ولم يهمل بعض الباحثين دور الإكثار من تناول السوائل في تخفيف أعراض نزلات البرد. والأثر الكبير لترطيب المنزل. حيث ثبت علمياً أن فيروسات نزلة البرد تنشط في الأجواء الجافة، ولذا تنتشر الإصابات في الشتاء. كما أن جفاف هواء المنزل يُؤدي إلى جفاف أغشية بطانة الجهاز التنفسي. ولذا فإن الاهتمام بترطيب هواء المنزل، باستخدام جهاز ترطيب الهواء، وهو أحد الوسائل المفيدة في تخفيف حدة المعاناة من نزلة البرد. مع الحرص على نظافة الجهاز وتغيير الماء فيه.
وينصح الأطباء المصابين بنزلات البرد بالراحة ومسكنات الألم ومضادات الاحتقان وشراب الحكة للأطفال والمضادات وخاصة مضادات الهيستامين.
وأخيرا عند الإحساس بالألم في الأذن لا تتردد لحظة واحدة في الذهاب لطبيب الأذن ليتلافى الالتهاب قبل تشعبه ومعالجة الالتهاب قبل فقدان السمع والصحة تاج فوق رؤوس الأصحاء والسمع نعمة تحتاج من يحافظ عليها

ليست هناك تعليقات: