الخميس، 7 أكتوبر 2010

برعاية الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان

المؤتمر الدولي السابع للتخزين الإستراتيجي للمياه باستخدام تقنية الحقن الاصطناعي للمياه في الخزانات الجوفية يبدأ أعماله في أبوظبي الأحد المقبل

o تزايد الطلب على الموارد المائية الشحيحة أدى إلى ظهور فجوة بين الموارد المائية المتجددة المتاحة والطلب عليها.

o يناقش المؤتمر 140 ورقة علمية ويصل عدد المشاركين فيه إلى 300 من العلماء والخبراء يمثلون 51 دولة من مختلف أنحاء العالم.


أبوظبي: عماد سعد:خاص

تحت رعاية سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان ممثل الحاكم في المنطقة الغربية رئيس مجلس إدارة هيئة البيئة – أبوظبي، تنظم الهيئة بالتعاون مع شركة شلمبرجير لخدمات المياه في الفترة من 9-13 أكتوبر 2010، المؤتمر الدولي السابع للتخزين الإستراتيجي للمياه باستخدام تقنية الحقن الاصطناعي للمياه في الخزانات الجوفية.

يشارك بالمؤتمر نخبة متميزة من العلماء والباحثين والخبراء والاستشاريين البيئيين في مجال المياه وتقنيات الحقن الاصطناعي للمياه في الخزانات الجوفية بالإضافة إلى ممثلين عن هيئات وسلطات المياه والمؤسسات الصناعية لمناقشة القضايا المتعلقة بالمياه والتنمية المستدامة للموارد المائية وتوفير الإمدادات من المياه الجوفية. ومن المتوقع أن يصل عدد المشاركين بالمؤتمر إلى 300 مشارك يمثلون 51 دولة، وسيتم تقديم 140 ورقة عمل خلال المؤتمر.

يفتتح المؤتمر، الذي سيقام في نادي ضباط القوات المسلحة، يوم الأحد الموافق 10 أكتوبر 2010 معالي الدكتور راشد أحمد بن فهد، وزير البيئة والمياه بحضور معالي محمد أحمد البواردي، الأمين العام للمجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي والعضو المنتدب لهيئة البيئة – أبوظبي، وستقام ورشة العمل التحضيرية للمؤتمر في يوم السبت 9 أكتوبر 2010.

وستقوم الوفود المشاركة بزيارة ميدانية لمشروع التخزين الإستراتيجي للمياه بالمنطقة الغربية بمنطقة ليوا الذي يهدف إلى تخزين احتياطي استراتيجي من المياه الجوفية يكفي مدينة أبوظبي وما حولها من المناطق السكنية في حالات الطوارئ. وقال سعادة ماجد المنصوري، الأمين العام لهيئة البيئة: "إنه ومع تزايد معدلات النمو السكاني في إمارة أبوظبي- حيث تشير التقديرات إلى أن عدد سكان الإمارة سيتراوح بين 3-5 مليون نسمة في 2030 - ومع تنفيذ المشاريع الاقتصادية التنموية الطموحة، تزايد الطلب على الموارد المائية الشحيحة مما أدى إلى حدوث فجوة بين الموارد المائية المتجددة المتاحة والطلب عليها ".

وذكر "أن دولة الإمارات ومنطقة الخليج العربي تقع في حزام المناطق الجافة والقاحلة حيث ينخفض معدل الهطول المطري ويرتفع البخر مع عدم وجود مجاري مائية سطحية دائمة الجريان كالأنهار أو البحريات العذبة، لذلك فان تنظيم مؤتمر لمناقشة قضايا الأمن المائي والتخزين الاستراتيجي للمياه أصبح ضروريا لمناقشة التدابير اللازمة والحلول المناسبة للتخفيف من مشكلة إدارة الموارد المائية والقضايا الإستراتيجية المتعلقة بتوفير احتياطي للمياه في مختلف أنحاء العالم ".

وعبر المنصوري عن سعادة الهيئة باستضافة هذا المؤتمر الدولي الهام بالتعاون مع شركة شلمبرجير لخدمات المياه، متوجها بالشكر للجهات الداعمة لهذه المؤتمر بما فيها هيئة مياه وكهرباء أبوظبي، وشركة أبوظبي للخدمات الصرف الصحي، وهيئة السياحة - أبوظبي وغيرها من المؤسسات المشاركة بتنظيم هذا المؤتمر".

وسيتم خلال المؤتمر استعراض الحلول والمقترحات المناسبة لتعزيز الموارد المائية وتحسين نوعية المياه بطرق مناسبة ومستدامة بيئيا ومجدية من الناحية الفنية والاقتصادية، والمناسبة اجتماعيا. كما سيتم خلال المؤتمر طرح سبل تشجيع وتطوير واعتماد الممارسات المحسنة لإدارة إعادة شحن المياه الجوفية. كما ستتناول جلسات المناقشة القضايا المتعلقة بتغير المناخ وإمدادات المياه.



حول سلسلة المؤتمرات الدولية السابع للتخزين الإستراتيجي للمياه:

بدأت سلسلة المؤتمر الدولي للتخزين الإستراتيجي للمياه، والذي يعقد كل سنتين مرة، في عام 1988 عندما تم تنظيم الندوة الدولية حول التغذية الاصطناعية المياه الجوفية والتي نظمتها الجمعية الأمريكية للمهندسين المدنيين والجمعية الدولية للهيدروجيولوجين. وقد عقد الدورة الخامسة من هذا المؤتمر في برلين ، ألمانيا عام 2005، في حين عقد في عام 2007 في فينيكس بالولايات المتحدة الأمريكية). ونظراَ للدور الرائد لإمارة أبوظبي في مجال التخزين الإستراتيجي ووجود واحد من أكبر مشاريع التخزين الإستراتيجي للمياه بالمنطقة الغربية بإمارة أبوظبي فقد قام المنظمون للمؤتمر الدولي للتخزين الإستراتيجي خلال اجتماعهم في الولايات المتحدة عام 2008 باختيار إمارة أبوظبي لتستضيف المؤتمر في دورته السابعة. ويعتبر هذا المؤتمر من أكبر المؤتمرات العالمية للتخزين الإستراتيجي للمياه في العالم.

السبت، 18 سبتمبر 2010

كتاب «طعام سام»: صناعة المواد الغذائية تقتل أبناءها


كتاب «طعام سام»: صناعة المواد الغذائية تقتل أبناءها
الأحد, 19 سبتمبر 2010:- صحيفة  الحياة
مصطفى العروي

قديماً، رفع الطبيب اليوناني الشهير إبوقراط (عاش في القرن الرابع قبل الميلاد) شعار: «دوائي أكلي وأكلي دوائي»، بمعنى إمكان الاعتماد على المواد الغذائية في الوقاية من الأمراض وعلاجها. وحاضراً، باتت المأكولات المُصنّعة تفوق الطعام المُهيأ بطريقة طبيعية بنسبة 80 في المئة.

تعطي المواد الاصطناعية المستعملة في المأكولات مذاقاً ومنظراً جذابين، وتحافظ عليها لمدة طويلة، كما تسمح بالحصول عليها خارج أوقات مواسمها، وبأسعار اقتصادية نسبياً. والنتيجة؟ صار ما نأكله سبباً في كثير من الأمراض، بحسب رأي علمي عام. وانقلب قول إبوقراط إلى عكسه «مرضي أكلي وأكلي مرضي». وفي كتاب أثار كثيراً من النقاش في الغرب أخيراً، بيّن صحافي فرنسي متخصص أن المواد الغذائية المُصنّعة والمأكولات السريعة، تؤدي دوراً كبيراً في مجموعة من الأمراض.

باتت مضار المواد الغدائية المُصنّعة والمأكولات السريعة، موضع نقاش كبير في الأوساط الطبية حاضراً، إذ يميل كثير من العلماء للنظر إليها بارتياب كبير. ولعل الأحدث في هذا المجال هو كتاب «طعام سام» Toxic Food، من تأليف ويليام ريموند، الصحافي الفرنسي المستقر في الولايات المتحدة. وصدر حديثاً عن دار «فلاماريون» في فرنسا.

في هذا الكتاب، لم يكن الكاتب رحيماً لا بوطنه الأم فرنسا ولا بالبلد الذي يعيش فيه (أميركا)، إذ انتقد أنماط الغذاء فيهما، استناداً الى دراسات علمية أنجزت في أميركا الشمالية والقارة الأوروبية.

ويلاحظ الكتاب أن جلّ الأطفال يأكلون ويشربون سوائل ومواد غذائية مُصنّعة، كما يُلاحظ عزوفهم عن الوجبات المطبوخة في البيت. ومنذ عقود، لوحظ أن نظام التغذية تغيّر كثيراً في الغرب، خصوصاً مع انغماس النساء في أسواق العمل، وتوسّع صناعة الأغذية، وانتشار نظام الأكل الأميركي بأثر من العولمة وآثارها المتنوّعة.

ويشير الكاتب إلى نقطة أخرى أساسية تتعلق بعملية المضغ التي تعطي طبيعياً إشارات إلى الدماغ تتراكم لتعطي إحساساً بالشبع. وتضعف هذه العملية عند استعمال المأكولات السريعة، ما يقود إلى التهام كميات أكثر، كأننا نأكل من دون فرامل.

أطعمة بنوع أدنى

يلفت ريموند، الذي ألّف كتباً عدّة عن الموضوع عينه، إلى التغييرات التي تحدث في تركيبة الأطعمة، عند إنتاجها بوسائل الصناعة. فمثلاً، يفقد الحليب 13 في المئة من الفوسفور ونصف الحديد و36 في المئة من الكالسيوم. وبالرجوع إلى مصادر متنوّعة، يثبت الكاتب أن استعمال وسائل اصطناعية في زراعة الفواكه والخضار، أعطى منتجات تحتوي كميات قليلة من الفيتامينات والمواد المفيدة صحياً، بل أقل كثيراً مما كانت تحتويه نظيراتها في الستينات من القرن العشرين.

وكذلك يورد دراسة بريطانية راجعت إحصاءات تقارن بين أعوام 1951 و1972 و1999، فوجدت أن اللحم ازدادت نسبة شحمه وانخفضت نسبة الحديد فيه، كما تزايدت شحوم الدجاج الأبيض ونقصت فيتاميناتها، بأثر من الاستعمال المُكثّف للأسمدة والأطعمة الاصطناعية، المترافق مع وهـن في الخصوبة الطبيعية للتربة.

ويتحدث الكتاب عن مجموعة من الأمراض التي تناولتها دراسات علمية في أوروبا وأميركا، وتبيّن أنها كانت تظهر سابقاً في سن متأخرة من عمر الإنسان، لكنها تظهر حاضراً عند الأطفال والمراهقين مثل السمنة وهشاشة العظام ومرض السكري وغيرها. كما تأكد مدى علاقة بعض الأمراض، مثل أورام البروستات، مع الأطعمة المُنتجة بوسائل الصناعة.

ويشير الكاتب إلى العلاقة بين طبيعة المآكل المعاصرة، وبعض الأمراض التي تصيب الدماغ، مستنداً الى دراسات ارتكزت الى أساليب التصوير الطبي الحديثة الثلاثية الأبعاد. ويوضح أن الدراسات خلصت إلى القول بأن أمراض العصر، مثل سرطان 091904b.jpg البروستات والثدي والقولون والخصيتين، تعتبر أمراً نادراً في سهول الصين مثلاً. ويشير أيضاً إلى أن بعض دول العالم الثالث لا تعرف النسبة عينها من هذه الأمراض. في المقابل، ترتفع معدلات الإصابة بهذه الأمراض بين مواطني الدول عينها، عندما يهاجرون الى البلدان المتقدمة، ويتأثّرون بطُرُق الأكل الـمعتمدة على الأطـعمة السريع، مع ما يرافقها من اضطرابات في صحتهم العامة.

لوبي صناعة الأطعمة وتجربة التدخين

يؤكد الكاتب أن كثيراً من مُكوّنات المواد الغذائية المُصنّعة تشكل وقوداً لعملية انتقال الخلايا من الحال الطبيعية الى الوضع السرطاني. ويورد دراسات عملت على التأكّد بطريقة مباشرة من ذلك الأمر، عِبر اختبارات على فئران التجارب. وظهر في إحدى هذه التجارب أن الفئران التي اعتمدت في أكلها على البروتين من أصل حيواني، تدهور حال سرطان الكبد عندها ليصل الى مرحلة الانتشار القاتل. ويقتبس الكتاب عن «منظمة الصحة العالمية» تأكيدها أن مادة الـ «إكريلاميد» تشكّل خطراً ضارياً على الصحة. والمعلوم أنها تتكون من قلي البطاطا في الزيوت التي يتكرر القلي بها، كحال البطاطا التي تباع مع الوجبات السريعة («فرينش فرايز») والـ «شيبس» وغيرها. و شدّدت المنظمة الدولية على دور الـ «أكريلاميد» في مجموعة من الأورام السرطانية. ويعيد الكتاب التشديد على ما بات شائعاً عن للعلاقة بين أمراض القلب والشرايين من جهة، والدهون المضرة وقلة الرياضة من جهة أخرى.

ويتحدث الكتاب أيضاً عن العلاقة بين المآكل المنتجة بوسائل الصناعة وظهور مجموعة من الأمراض المعروفة.

ويورد مثلاً ان الأطعمة المقلية في الزيت المتكرر الاستخدام، لها علاقة مع السمنة والأورام السرطانية أيضاً. وينبّه الى أن الاستهلاك المتطاول للأغذية المُحضّرة صناعياً بإضافة عشرات المواد الكيماوية الحافظة (وتلك ضرورة كي تصلح الأطعمة للتصدير)، يؤدي إلى آثار سلبية داخل خلايا جسم الانسان، وضمنها تحريك عمليات سرطنة الخلايا والأنسجة.

ويناقش الكتاب الدور المؤثّر الذي تلعبه جماعات الضغط «اللوبي» المرتبطة بصناعة الغذاء (خصوصاً في الولايات المتحدة)، إلى حدّ أنها تموّل بعض الدراسات العــلمية، ثم تتدخل في نشر النتائج والخلاصات العلمية المتأتية عنها! وثمة مثال شائع: الدور الذي لعبه لوبي شركات التـبغ في منع انتشار نتائج الدراسات العلمية التي ربطت منذ خمسينات القرن الماضي، بين التدخين والإصابة بسرطانات الجهاز التنفسي.

ويورد الكتاب مجموعة من النصائح العملية، مثل عدم حفظ البطاطا المثلجة لفترة طويلة، وعدم استعمالها اذا تغيّر لونها أو شكلها، وكذلك تقصير زمن القلي الى الحدّ الأدني، والتركيز على استهلاك الخضار والفواكه المحلية.

وبنبرة لا تخلو من الألم، يتحدث الكاتب عن تغذية الدجاج في أوروبا ببروتينات أصلها من الخنازير، لتغيير مذاقه وزيادة وزنه، بهدف الربح الأعمى. ويشير الى ان ذلك يطرح مشكلة دينية بالنسبة الى المسلمين واليهود، إضافة إلى أن هذه الصناعة تبدو وكأنها تُسمّم الدجاج سعياً الى الربح، ولكنها تسمّم الإنسان في نهاية المطاف. ويــسير ذلك وكأن قضية «جنون البقر» وعـلاقتها مع التغذية الاصطناعية للمواشي، لم تستوعب كلياً. لذا، يحضّ الكاتب على ضرورة التحوّط بشدّة من الأطعمة المعلّبة. ويستعيد الكتاب مقولة «نحن بالضبط ما نأكل»، مشيراً الى ان معظم جينات البشر ما زالت على الوضع الذي كانته في العصر الحجري، فيما تغيّرت معادلة الأغذية بأثر من تصاعد الأرباح، وليس بفعل دراسات عن مدى ملاءمة هذه الأطعمة البشر وبنيتهم وتركيبتهم بيولوجياً. ويتحدث الكتاب بأسى عن واقع ان الأغذية مسؤولة عن ثلاثة أرباع عمليات التدهوّر في البيئة، 091903b.jpg خصوصاً تضرّر المصادر الطبيعية للكرة الأرضية.

وعند قراءة هذا الكتاب، يصعب عدم التفكير في الأوضاع التي تعيشها الدول العربية. إذ يتحول الارتفاع في الدخول، وهو عنصر إيجابي عموماً، الى عامل سلبي بأثر من هجران الأطعمة المُحضّرة منزلياً، وعدم الالتفات الى أهمية الاعتماد على الخضر والفواكه في مواسمها. والأدهى من ذلك هو انتشار ظاهرة المآكل السريعة «فاست فود» في صفوف الأطفال والشباب.

وغالباً ما يرى هؤلاء أن الأكل الغربي السريع هو علامة تقدم، فيما ينظر الى المأكولات الشرقية والمتوسطية التقليدية وكأنها علامة تخلّف. واستطراداً، شرع بعض الأطباء والعلماء في التركيز على عواقب مأكولات الـ «فاست فود» وأشباهها، ورفع الوعي بمزايا الطبخ التقليدي مع الإشارة الى ضرورة تحديثه وإدخال تغييرات عليه، خصوصاً التقليل من الدهون والملح والسكر فيه.

النفايات الالكترونية في العالم العربي

النفايات الخطرة في المنطقة العربية
الخميس, 02 سبتمبر 2010

باسل اليوسفي * صحيفة الحياة
Related Nodes:
حرق نفايات صناعية في العراء (©UNEP).jpg
تصنَّف النفايات «خطرة» بناء على طبيعتها وتأثيراتها السلبية المحتملة في صحة الإنسان والبيئة. وهي تنطوي على إحدى أو بعض الخواص الجوهرية الآتية: متفجرة، قابلة للاشتعال، أكّالة، مُعدية، سامة. وثمة بلدان قليلة في المنطقة العربية أنشأت مرافق فنية مأمونة لمعالجة النفايات الخطرة وتخزينها والتخلص الآمن منها، لكن الغالبية الساحقة ما زالت تفتقر الى المعرفة التكنولوجية والوسائل المالية لبناء هذه النظم المعقدة.
على رغم أن معظم الحكومات صادقت على اتفاقية بازل الخاصة بضبط انتقال النفايات الخطرة عبر الحدود والتخلص منها، فإن غالبية الدول النامية، بما فيها العربية، ما زالت تكافح لوضع آليات عملية من أجل التصدي للمشاكل الملحّة المتعلقة بتوليد هذه النفايات وإدارتها. وفي حالات كثيرة، لا تتوافر بيانات مكتملة وموثوقة حول الكميات المولدة، بل تقديرات أولية متناثرة هنا وهناك. والتشريعات الوطنية في هذه البلدان، وإن بُنيت على أساس نصوص اتفاقية بازل وأحكامها، فما زالت تعوقها نواقص حادة في البنى التحتية المناسبة لإدارة النفايات الخطرة، وقصور واضح في الموارد البشرية المدربة والقادرة على التعامل مع جوانب هذه المشكلة التي عادة ما تكون معقدة تقنياً.
كثيراً ما لوحظت زيادات في مخاطر حدوث تأثيرات صحية سلبية لدى تجمعات سكانية قرب مواقع النفايات الخطرة، مثل انتشار أنواع من السرطان والعيوب الخلقية وانخفاض الوزن عند الولادة وأعراض مرضية مثل الصداع والتعب والأرق وسواها... ويقدر أنه بحلول عام 2020، سيتم انتاج نحو ثلث انتاج العالم من المواد الكيماوية في بلدان نامية، وسيكون الانتاج العالمي أعلى 85 في المئة عما كان عام 1995. إن هذا التوجه في تحول انتاج المواد الكيماوية الى البلدان الفقيرة، مع ما يرافقها من نفايات، سيزيد المخاطر الصحية والبيئية المفروضة على سكانها.
«مساعدات» سامة الى دول عربية
لم تولِ البلدان العربية حتى وقت قريب اهتماماً كافياً بالمشاكل والتأثيرات التي يسببها توليد النفايات الخطرة والتعامل غير المنضبط معها. ومع التطور الصناعي والتوسع الحضري في المنطقة، تستمر معدلات توليدها في الارتفاع. وتعتبر الصناعات الكيماوية والبتروكيماوية المصدر الرئيس، لكن صناعات ومنشآت أخرى تساهم أيضاً بنسبة معتبرة، مثل تصنيع المعادن والفلزات ومرافق العناية الصحية والمختبرات. كذلك تساهم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، مثل ورش التصفيح الكهربائي ودباغات الجلود وكاراجات اصلاح السيارات، بحصة كبيرة واسعة الانتشار وقاصرة الانضباط. وتحتوي النفايات البلدية أيضاً على كميات من النفايات الخطرة، مثل المذيبات الكيماوية والطلاءات ومنتجات التنظيف والمواد الصيدلانية المنتهية الصلاحية والبطاريات. وللأسف، لا توجد قواعد بيانات شاملة أو موثقة تعكس بدقة كميات وأنواع النفايات الخطرة وغيرها من النفايات المولدة في المنطقة.
وتمثل الملوثات العضوية الثابتة (POPs)، بما في ذلك المبيدات المنتهية الصلاحية، تحدياً خاصاً للبلدان العربية، اذ تنقصها عادة القدرة على تحديد مصادر تسرب هذه الملوثات الى الهواء والاستجابة لها (مثل الديوكسين والفوران)، والى المياه والتربة (مثل ثنائيات الفينيل المتعددة الكلورة PCBs). وكانت بعض الدول العربية، بموجب بعض برامج المساعدات وبالتغاضي عن التهريب، ضحايا شحنات مواد كيماوية سامة من بلدان صناعية، مثل مبيدات الأعشاب والآفات. وغالباً ما تتحول هذه «المساعدات» سريعاً الى مصادر للنفايات الخطرة، مما يتطلب عناية إدارية وفنية معقدة تفتقر اليها المنطقة وخصوصاً البلدان الأقل نمواً. وقدرت دراسة أجرتها منظمة الأغذية والزراعة (فاو) في أواسط التسعينات من القرن الماضي وجود نحو 7000 طن من مبيدات الآفات المهملة في 15 بلداً عربياً، تم التخلص من معظمها كنفايات خطرة، لكن ربما تراكم المزيد منها عبر السنين الماضية.
ولإظهار التباين بين الدول العربية، يذكر مثلاً أن الأردن، وهو بلد غير منتج للنفط عدد سكانه نحو ستة ملايين نسمة، أبلغ اتفاقية بازل عام 2005 أنه ولّد 17 ألف طن من النفايات الخطرة. وأبلغت تونس، وهي بلد غير منتج للنفط عدد سكانه نحو 10 ملايين نسمة، عن توليد 71 ألف طن. أما عُمان، وهي بلد منتج للنفط والغاز عدد سكانه نحو ثلاثة ملايين نسمة، فأبلغت في السنة ذاتها عن توليد 242 ألف طن. وفي كل الأحوال، من المتوقع أن تكون كميات النفايات الخطرة المنتجة في المنطقة للفرد الواحد مماثلة لتلك التي تنتجها البلدان الصناعية، علماً أن بعض البلدان العربية ما زالت تقوم برمي النفايات في مكبات عشوائية أو حرقها في الهواء الطلق كوسيلة وحيدة للتخلص منها نهائياً. وتعتبر مرافق معالجة النفايات الخطرة وتخزينها والتخلص منها في شكل آمن نادرة في المنطقة.
النفايات الطبية: الى أين؟
من أكثر ما يسـبب قلقاً صحياً بيئياً خاصـاً لمـنـظمة الصحة العالمية مـسألة ادارة نـفايات العناية الصحية والتخلص منها في شكل سليم. وغالباً ما يشار الى هذه المجموعة من النفايات بعبارة «النفايات الطبية»، التي تصنف خصائصياًً بأنها خطرة أو غير خطرة. فنحو 80 في المئة مـنها هي نفايات عامة مـمـاثـلـة في ماهيتها للـنـفايات المنزلية. أما البقية فـتعـتـبر خـطرة حكماً، إذ قد تكون مـعدية أو سامة أو مـشـعة. والنفايات الـمعـديـة، أو الـخطرة بـيـولوجـيـاً، يمكن أن تؤدي الى تفشي أمراض مـعدية وأوبـئة وخـيـمة. ومـن الأمـثلـة علـيـها الدم وأعضاء الجسم والأدوات الحادة التي قد تكون ملوثة، مثل الإبر والمباضع ولأدوات الأخرى المستعملة القادرة على وخز الجلد واختراقه. وتنتج المرافق الطبية تشكيلة واسعة من المواد الكيماوية الخطرة والصيدلانية المهملة، بما في ذلك المواد المشعة.
على رغم قصص نجاح عدة في الدول العربية المتقدمة نسبياً، ما زال الوضع العام لنفايات العناية الصحية في المنطقة أبعد من أن يوصف بأنه ادارة سليمة ومأمونة ومتكاملة. وقد سُنّت قوانين جديدة وتشريعات وطنية في هذا الخصوص، لكن بآليات تنفيذ رخوة ونتائج نهائية متباينة. ويقدر عدد مرافق العناية الصحية في المنطقة العربية بنحو 3685 مستشفى و25000 مركز طبي ونحو 50000 صيدلية. وتقدر كمية النفايات الصحية الخطرة بنحو 330 ألف طن سنوياً، بمعدل يراوح من 0,2 الى 1,9 كيلوغرام للسرير في اليوم أو من 0,08 الى 0,75 كيلوغرام للمريض في اليوم. هذه الكميات يتم التعامل معها إما محلياً وإما في نحو 445 مرفقاً مركزياً لمعالجة النفايات الطبية والتخلص منها. وتتراوح عمليات المعالجة النهائية من ممارسات حرق قديمة الى تكنولوجيات حرق وتعقيم أكثر تقدماً، كالمحارق الحديثة أو أجهزة التعقيم بالضغط والبخار (أوتوكلاف). وفي قليل من الدول العربية والمناطق النائية الأقل تطوراً، ما زالت معظم النفايات الطبية بما فيها الخطرة تمتزج بمصادر ومسارب النفايات البلدية العامة، ليتم التخلص منها بعدئذ في مكبات عشوائية مكشوفة وحرقها في الهواء الطلق.
عشوائية الإلكترونيات
تشير التقديرات الى أنه في كل سنة يتولد نحو 50 مليون طن من نفايات الأجهزة الكهربائية والالكترونية في أنحاء العالم. ويشكل الحديد والفولاذ نحو 50 في المئة من هذه النفايات الالكترونية، يليهما البلاستيك (21 في المئة) والمعادن غير الحديدية مثل النحاس والألومنيوم (13 في المئة)، إضافة إلى المعادن الثمينة مثل الفضة والذهب والبلاتين والبلاديوم وسواها... ووجود عناصر مثل الرصاص والزئبق والزرنيخ والكادميوم والسيلينيوم والكروم السداسي التكافؤ ومعوقات اللهب بكميات تفوق الحد الأدنى المقبول في النفايات الالكترونية يصنفها بأنها نفايات خطرة.
تنتهي غالبية هذه النفايات الالكترونية في مجتمعات فقيرة وبلدان متخلفة - بما في ذلك بعض بلداننا العربية - تفتقر الى الإمكانات والمعارف اللازمة للتعامل معها بأمان. وللأسف، يتم استغلال مناطق فقيرة كمواقع للتخلص من النفايات الالكترونية تحت حجج متنوعة، حيث يعطى كثير منها تحت مسمى «تبرعات خيرية» أو من أجل تأمين فرص عمل تتعلق بإعادة التدوير. وما يزيد البلية أن فئات سريعة التأثر، مثل الأطفال، هي الأكثر تعرضاً للمخاطر المرتبطة بهذه النفايات.
لا تتوافر احصاءات موثوقة ودقيقة تتعلق بمشكلة النفايات الالكترونية الداهمة في المنطقة العربية. وإن يكن انتشار تكنولوجيات المعلوماتية والاتصالات متـسـارعـاً فـيهـا، فإنـه لا يزال أدنى من المعدلات العالمية. فمن عام 2002 الى عام 2007 ارتفع عدد المشتركين في شبكة الانترنت أربعة أضعاف في المنطقة، وارتفعت نسبة المشتركين في الهاتف المحمول أكثر من 56 في المئة في السنوات الخمس الأخيرة. ونتيجة ذلك، هـناك نمو هائل في مصادر وكميات وأنواع النفايات الالكترونية، مما يوجد تحديات وفرصاً في الوقت ذاته. وحتى الآن، ما زال تدوير النفايات الالكترونية في المنطقة العربية حديث العهد، يتولاه قطاع عشوائي غير رسمي، تطبق فيه اجراءات احترازية ووقائية قليلة جداً لحماية صحة العمال وسلامة المجتمع والبيئة.
أخطار مخلفات الحروب تبقى أجيالاً
كانت المنطقة العربية وما زالت مسرحاً لعمليات حربية ونزاعات عسكرية كبيرة ومتعددة، ربما تأتي في المرتبة الأولى عالمياً. لذا لا يمكن إغفال معضلة النفايات الخطرة ذات المنشأ العسكري، خصوصاً في الأراضي الفلسطينية المحتلة والعراق.
خلال الحروب والنزاعات المسلحة تتولد النفايات الخطرة إما من الأسلحة المستخدمة نفسها، كاليورانيوم المستنفد، وإما من مواد البناء والمخزونات الموجودة في المنشآت التي تعرضت للقصف، مثل ألياف الأسبستوس أو المواد الكيماوية المخزنة. ففي قطاع غزة، مثلاً، ما زال عدد كبير من المواقع المدمرة والملوثة نتيجة العدوان الأخير يعاني مشاكل بيئية صحية، نظراً لتسرب عناصر ونفايات خطرة إلى الأوساط الطبيعية أدت إلى تلوث التربة والمياه وسواها. وفي مثل هذه الحالات تتعقد الأمور، بحيث يجب تقويم كل موقع على حدة بطريقة علمية منهجية بغية تحديد حيثيات التلوث وتفاصيلها وسيناريوات التعرض والاجراءات التصحيحية اللازمة.
وفي العراق ولبنان، أحدث القصف العسكري لمواقع صناعية، (مثل موقع القادسية في العراق ومحطة الجية لتوليد الكهرباء في لبنان)، تلوثاً كيماوياً حاداً في البر والبحر على المديين المتوسط والبعيد، كما سببت الانفجارات والتسربات الكيماوية والحرائق الثانوية المرافقة الناتجة من القصف ارتفاعاً ملحوظاً في مستويات تلوث الهواء على المدى القريب. واذا لم يتم تنظيف هذه المواقع وإصحاحها بحسب الأصول، فإنها ستبقى تشكل خطراً كبيراً على البيئة وصحة البشر، خصوصاً على العاملين في تلك المواقع والداخلين إليها والتجمعات السكانية المجاورة.
توصيات للمنطقة العربية
في سبيل مواجهة هذه التحديات الصحية البيئية، نقدم التوصيات الآتية:
دعم استراتيجية متكاملة لإدارة النفايات الخطرة في المنطقة العربية، من خلال التنسيق والتعاون بين الدول وتشجيع الاتفاقيات الثنائية المتعلقة باستيراد وتصدير النفايات الخطرة ضمن سياق وأحكام اتفاقية بازل والصيغ القانونية الأخرى ذات الصلة.
تشجيع الدول العربية على اقامة نظم متكاملة ومرافق فنية لادارة المواد والنفايات الخطرة.
تطوير الاستراتيجيات الوطنية والاقليمية وتحفيز سياسات التنفيذ لإقامة نظم لتتبع ورصد وإدارة نوعيات محددة من مكونات النفايات الخطرة في شكل سليم وآمن منعاً لتسربها مع النفايات البلدية، وإرساء ثقافة وأنظمة خاصة تمنع التعرض للمخاطر وتعنى بالصحة والسلامة المهنية.
الحض على اقامة نظم وآليات تمويل صارمة موثوقة ومدعومة دولياً، تعتمد مبدأ «الملوث يدفع»، للتعامل مع النفايات الناجمة عن العمليات الحربية والنزاعات العسكرية، بما في ذلك الاجراءات التصحيحية وتوفير آليات التعويض المنصفة.
دعم تأسيس آلية ربط شبكي إلكتروني إقليمية للتسجيل ونشر المعلومات وتبادل الخبرات بالتنسيق مع الوكالات الاقليمية والدولية والحكومات ومنظمات المجتمع الأهلي والخبراء العرب.
دعم تطوير برامج عربية وطنية أو اقليمية لتبادل النفايات تعتمد شعار «النفايات كمادة أولية»، تربط منتجي النفايات بالصناعات التي ستعيد استعمال النفايات أو تدويرها في عملياتها الانتاجية، وفق نصوص اتفاقية بازل.
دعم تنفيذ استراتيجيات الانتاج الأنظف والاستهلاك المستدام في المنطقة العربية.
تشجيع الصناعة والمجتمعات المحلية على المشاركة في مبادرات طوعية في مجالات منع التلوث والمسؤولية الاجتماعية والبيئية للشركات ومؤسسات الأعمال.
حض البلدان العربية على توقيع كل الاتفاقيات والمعاهدات البيئية المتعددة الأطراف ذات الصلة والمصادقة عليها والانضمام اليها، مثل اتفاقيات بازل وروتردام واستوكهولم، وإقرار المنهج الاستراتيجي للإدارة الدولية للمواد الكيماوية كإطار عمل على المستويات الوطنية.
تنفيذ برامج وحملات توعية وتثقيف وتدريب وبناء قدرات في أنحاء المنطقة العربية حول ادارة النفايات الخطرة.
وهناك حاجة ماسة الى إطلاق مبادرات بحثية متعددة الاختصاص حول تقويم المخاطر التي تفرض على الصحة العامة من مواقع النفايات الخطرة. وهذه تشمل تقصيات وبائية ودراسات سُمّية قصيرة وطويلة الأجل تتمحور حول جماعات وفئات محددة. إن الادارة السليمة للنفايات الخطرة، المطلوبة بالحاح في منطقتنا، يجب أن تحمي في المقام الأول الصحة العامة والإنسان وسلامة البيئة، من خلال تخفيض التأثيرات والتداعيات الناتجة من التعرضات البيئية لمخاطر محتملة.
* مدير المركز الاقليمي لأنشطة صحة البيئة التابع لمنظمة الصحة العالمية

كتاب علمي لباحث يمني يتصدر قائمة الكتب العالمية


كتاب علمي لباحث يمني يتصدر قائمة الكتب العالمية

المصدر أونلاين - صنعاء

أصدرت دار النشر الأكاديمية الألمانية لابيرت مؤخرا كتاب باللغة الإنجليزية للباحث اليمني الدكتور سامح العريقي بعنوان (Durability of Gamma-sterilized Biomedical Polyolefins: Degradation, Morphology, Biodegradation, Initiation Oxidation and Stabilization).



وبحسب بلاغ صحفي، فقد تم نشر وتوزيع الكتاب في جميع الشركات العالمية المتخصصة ببيع الكتب، حيث بلغ سعر الكتاب 123 دولار في شركة الأمزون الأمريكية (AMAZON) المتخصصة ببيع الكتب، وإلى 207 دولار في شركة بوكتوبيا الاسترالية BOOKTOPIA.



ويتكون الكتاب من 292 صفحة، ويحتوي ستة فصول يتناول فيه المؤلف الأبحاث العملية التي أجراها في المجالات الآتية:

- تقنية التحلل البيولوجي للمواد البلاستيكية.

- التغير في التركيب البلوري والخواص الحرارية للمواد البلاستيكية عند التعرض لأشعة جاما.

- آلية تدمير الخواص الكيميائية الفيزيائية والميكانيكية والضوئية في بنية المواد البلاستيكية عند التعرض لأشعة جاما.

- تخليق مواد مانعة للأكسدة غير سامة وآمنة للاستخدام البشري تعمل على عدم تحلل المنتجات البلاستيكية الطبية.

- دراسة نظرية وتحليله للأبحاث السابقة في تلك المجالات.



يشار إلى أن الدكتور سامح العريقي يعمل أستاذ للكيمياء الصناعية والبيئة في كليتي الهندسة والعلوم التطبيقية بجامعة تعز، وقد حصل مؤخرا على جائزة رئيس الجمهورية للبحث العلمي للعام 2010م وجائزة أفضل بحث في المؤتمر الدولي لتكنولوجيا البوليمرات.



وللكاتب أيضا كتاب آخر في تقنية النانوتكنولوجي مع علماء أمريكيين وهنود وكوريين نشر في دار النشر الأمريكية للعلوم بميتشغن.

الجمعة، 17 سبتمبر 2010

أحمد زويل

أحمد زويل

عبدالفتاح حيدرة:- المصدر اون لاين

لطالما سحرتني الحكايات العلمية عن الكون الفسيح والهائل، وعن جزيئات المادة وصغرها المتناهي، وكنت في كثير من المرات اندهش أكثر من أن أعرف أو أفهم، وأتذكر أن أحد الكتب التي اقتنيتها في المرحلة الإعدادية كانت عن شرح النظرية النسبية لمؤلف عربي متخصص في مجال الفلسفة، ولم أفطن إلى أن التعقيد في نظرية النسبية لم يكن ينقصه تعقيد الفلسفة، والنتيجة أنني لم أفهم شيئاً سوى أن الضوء الذي يلمع في السماء هو لنجم لم يعد موجوداً أصلاً.

مع ذلك ظللت أقرأ بعناد بغل ما يقع تحت يدي من قصص علمية، ولسوء حظي أو فهمي فقد كنت أتعقد أكثر، وعندما كتبت ذات مرة في هذا المكان عن تقنية النانو شعرت وكأنني كتبت لنفسي فقط، فتركت هذه العادة السيئة، وانصرفت ومعي القارئ تقريباً إلى الاهتمام بقصصنا اليمنية التقليدية جداً، التي لا تنتمي إلى عصر العلم أبداً.

في الواقع ظلت هناك أشياء علمية تلهب خيالي باستمرار من نوع أن الضوء يقطع المسافة بين الأرض والقمر في زمن مقداره ثانية واحدة، وهذه مفهومة، لكن أن يستطيع العلم إيجاد مقاييس لتحديد الزمن الذي يقطعه الضوء بين قطر شعرة الرأس فهذا يشبه معنى الجملة التي كان يرددها استاذ الرياضيات في مدرستنا بالقرية عندما نسأله عن مسألة حسابية صعبة فيرد: "اذا كنت عاجب فأنا مطنن"!

حسناً، العالم العربي أحمد زويل نال جائزة نوبل في الكيمياء لأنه تمكن من وضع وحدة قياس يستطيع بها حساب الزمن الذي يقطعه الضوء بين قطر الشعرة، وحدة القياس هذه أو التقويم الزمني بوصف زويل هي "الفمتو ثانية" وهي تساوي جزء من مليون مليار جزء من الثانية، وبكلام مفهوم فإن النسبة بين الثانية والفيمتو ثانية هي النسبة بين الثانية و32 مليون سنة. والإنجاز الرئيسي في عمل زويل أنه استطاع أن يرصد ويصور التفاعلات الكيميائية الدقيقة داخل الذرة وبذلك يكون أول شاهد عيان للأحداث الكيميائية التي تقع في زمن يقدر بجزء من مليون بليون من الثانية.

وكنت قد سمعت أن كبير العلماء العرب زويل، المرشح للفوز بجائزة نوبل للمرة الثانية في مجال الطب، يمتاز بقدرته على شرح الأشياء المعقدة بطريقة سهلة وميسرة، فاشتريت كتابه "عصر العلم" الذي صدر في العام 2005 وطبع منه حتى العام الجاري 12 طبعة، وقرأت في الجزء الأول منه رحلة "أذكى رجل مصري" إلى بلاد العم سام والصدمات العلمية والسياسية والحضارية التي واجهته في ذلك المجتمع، وكيف كانت مالكة المنزل الذي استأجر فيه أول شقة في ولاية فيلادلفيا تشرح له أن الجهاز الموجود في ركن المطبخ اسمه"ثلاجة" وهو يستخدم لتبريد الأشياء، ولم يستطع إقناعها أنه قادم من بلد توجد فيه مثل هذه الأجهزة ولا داعي لشرحها أو طريقة استخدامها.

ومن عاداتي التي أحاول التخلي عنها أن إعجابي بالكتاب ينتقل على الفور إلى المؤلف، وأحياناً يُهيأ لي أن المؤلف أصبح يعرفني لكثرة ما قرأت له، وسيستقبلني بالأحضان في أول لقاء. في الواقع هناك دائماً علاقة تنشأ بين القارئ والمؤلف، غير أني "زودتها حبتين" وأنا أتهيأ للقاء زويل في منتدى الإعلام العربي الذي عقد في مايو الماضي في دبي وافتتح جلساته زويل بكلمة عدها المتابعون أشهر كلمة افتتاحية قيلت في المنتدى منذ انطلاقه قبل 9 سنوات.

زويل الذي جاء إلى المنتدى بصحبة الشيخ محمد بن راشد خيب ظني الساذج ولم يتعرف إليّ بين 1800 شخص حضروا الجلسة الافتتاحية، حتى وأنا أصافحه بعد أن ألقى الكلمة، فقد كان مشغولاً بالمئات الذين التفوا حوله وبينهم الكاتب فهمي هويدي الذي كتب مقالاً قبل فوز زويل بنوبل، انتقد فيها احتفالات الحكومة المصرية المبالغ فيها بزويل، ووصفها بالزفة التي لا داعي لها ولمح في المقال إلى ارتباط هذا الأخير بدوائر وأجهزة معروفة بعلاقتها المتينة باسرائيل، ذلك كان في نهاية التسعينيات، ويبدو أن رأي الرجل في زويل قد تغير. وبالنسبة لي، ورغم أن زويل -كما اتفقنا- صديقي، لم أقاطع ما يكتب هويدي ولا زلت مستمراً في قراءة عموده الأسبوعي في جريدة الخليج الإماراتية.

في الجلسة الافتتاحية التي ألقى فيها زويل كلمته وهي مسجلة على موقع اليوتيوب كان الصديق نصر طه مصطفى والعميد علي الشاطر يجلسان في الصفوف الأمامية يستمعون إلى ما يقوله الرجل عن خطط أمريكا لإرسال رجل إلى سطح المريخ، والخلايا الجذعية التي ستمكن الإنسان من صناعة قلب أو رئة احتياطيين يحتفظ بهما في الثلاجة لتبديلهما وقت الحاجة، وصعوبة غلق النوافذ الإعلامية والسماء ممطرة بالمعرفة، وقد خطر لي في تلك اللحظات سؤال بدا لي فيما بعد غبياً جداً: هل سينقل الشاطر شيئاً من حديث زويل إلى الرئيس في أول لقاء له به؟

نصيحتي للقارئ أن يقرأ "عصر العلم" الذي ألفه زويل وحرره الصحفي المصري أحمد المسلماني الذي يحب أن يوصف بالسكرتير الإعلامي للعالِم العربي، وفي الكتاب قصة الرجل المصري المقعد الذي يعيش على بيع عقود الياسمين في ساحة مسجد الحسين بالقاهرة الذي أجهش بالبكاء فور رؤيته للعالم زويل افتخاراً به، مصرّاً على إهدائه كل عقود الياسمين رافضاً أي مقابل مادي.


هذه القصة هزتني، كما قصص كثيرة عبرت بصدق عن فرح المصريين بعالمهم الكبير دون أن يعرفوا -كما قال زويل- بما حققه لأنهم لم يكن يعنيهم ذلك. كان يهمهم أن واحداً من أبنائهم بسحنته التي تشبههم قد أدخل إلى قلوبهم الفرح والأمل، ويستطيعون أن يتباهوا به ويتفاخروا كما لو أن هذا الرجل واحد من أفراد عائلاتهم، كما يقول الكاتب صلاح منتصر "ربما ابنك أو أخوك أو عمك، وفي كل الحالات فأنت تريد أن تحتضنه وتضمه إلى صدرك".
كل عام وأنتم بخير


الثلاثاء، 24 أغسطس 2010

الانترنت في رمضان ..........عبادات وعلم

الانترنت في رمضان
عبادات وعلم

عمر الحياني
عضو الرابطة العربية للإعلاميين العلميين -
نشرت بمجلة تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات عدد سبتمبر2010م

كل عام وانتم بخير بحلول  ضيف عزيز ومحطة إيمانية تتجلى شعاع نورها على قلوب المؤمنين ويعم الهدوء والسكينة أفئدة المتقين  فيعم الخير وتحل البركات وتعمر المساجد بالإيمان والذكر .
ما أعظم ديننا الإسلامي كله بركات وخيرات  لا تفارقنا فكل صلواتنا  اليومية محطات إيمانية  وكل جمعة لنا عيد وعطلة أسبوعية نتوقف فيها للتزود والاسترشاد وكل سنة ننتظر زاد التقى  في شهر  رمضان قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:183] إنها تجليات الروح المؤمنة التي لا تزال تتقرب إلي الله بالعبادات وتتزود بالإيمان طوال الوقت  لتكون المحطة الأخير رحلة الحج , وليكون عمر المسلم كله عبادات وطاعات .

النت و التكنولوجيا في رمضان

مع بزوغ عصر الثورة المعلوماتية غزت التكنولوجيا بيوتنا ومجالسنا وجيوبنا وراحلتنا وأصبحت تشكل ضرورة عصرية  , ولكنها سلبت منا  الشعور الروحاني والإيماني بجماليات الشهر الكريم ونورانياته , فالفضائيات جعلت من رمضان موسم سباق  تنفق المليارات في سبيل كسب ود الصائمين وإمتاعهم بالغث والسمين  .
أما الانترنت فإنها إصابتنا بالإدمان ,ومع ذلك لسنا دعاة مقاطعة التكنولوجيا , بل  نشجع على ارتياد هذا العلم الجديد والاحتكاك بالعالم الافتراضي , الذي حول العالم لشبكة واحدة من التواصل والمعرفة والتعليم والإعلام والتجارة ,ولكن يجب الموازنة في استخدامها . فالشبكة السحرية الانترنت خدمت البشرية بكل إبداعاتها وقربت إلينا بحور من المعلومات  الرقمية , حتى أصبحنا لا نطيق الجلوس يعيدا عنها سواء في عملنا أو منازلنا .
الانترنت شبكة مفتوحة لكل شخص ليشارك فيها برأي, فكر , معرفة ....الخ فالويكي أصبح مفتوح الذراعين لكل شخص ليعبر بكل ألوان الطيف وكل تقسيمات النفس البشرية خيرها وشرها , ولكننا يجب أن نجعل من رمضان موسم ومحطة إيمانية نربي فيها أنفسنا على خير العمل  الصالح  والأخلاق الرفيعة,  فإذا أخذتك الخلوة على شاشة الحاسوب فاعلم أن كل  إنسان مسئول عن كل لفظ ينطقه أو كلمة يكتبها  (( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)) سورة ق الآية 18‏.
 فالمواقع والمنتديات اليوم أصبحت وسيلة للقدح والمدح والذم وغرس بذور الكراهية والتفرقة  بين المسلمين , وكأننا أصبحنا بلا أخلاق ولا ضمير , اليوم أصحاب النفوس المريضة تنفث سمومها  عبر جيش من هواة النفاق  لزرع الكراهية بين أبناء البلد الواحد  , نقول لهؤلاء هاهو رمضان على الأبواب يفتح أبوابه للتوبة من اللغو وسيئات  الأخلاق ,والتوجه نحو كل خير وتقوية النفوس بالحب والتواصل وكلمة الخير .
وبدلا عن ذلك ندعوك لتكريس الوقت في تلاوة القران عبر الانترنت والتفاسير و قرأة الكتب الالكترونية والعلمية المفيدة خلال أيام رمضان فرمضان فرصة لتزكيتها وتعليمها ومراجعة ما قد غاب عنها وسط انشغال الإنسان بطلب الرزق طيلة العام وكم كانت تجربة آبائنا مدهشة ومثيرة عندما كانوا يعملون طيلة أيام العام وقبل رمضان بأشهر يستعدون لهذا الشهر استعداد خاصا , ومادام أنت موظف فلا باس من اخذ جزء من الإجازة السنوية وتمضية أيام شهر  رمضان في الطاعات وزيارة الأرحام والتعبد واخذ قسط من التأمل والتفكر فهي عبادة منسية .
فالتكنولوجيا سهلت لنا كثير من الطاعات فما أجمل أن نقرا القران من خلال صفحات الفلاش عبر الانترنت واليك موقع لذلك http://www.quranflash.com/quranflash.html أو أنزلة على جهازك ولا تنسى أن يكون لديك برنامج فلاش فلا يعمل المصحف بدونه  وهناك بعض المصاحف صوت وصورة , طريقة أخرى لك أن تعمل على الاستماع للقران عبر الانترنت عبر مجموعة من القراء فهو أجمل لشهر القران .
أما في حالة امتلاكك لتلفون جوال حديث تستطيع إنزال القران كاملا وقرأته من جهاز التلفون أو الاستماع إلية وخاصة أجهزة نوكيا عبر موقعها (https://store.ovi.com )حيث تحتفل نوكيا بشهر رمضان عبر إنزال مجموعة من البرامج الرمضانية وتشمل باقة رمضان لهذا العام 7 تطبيقات، هي «القرآن الكريم»، وهو بالخط العثماني وله إضافات ممتعة في البحث والانتقال والتكبير  و«مواقيت الصلاة»، ل1000 مدينة في 200دولة حول العالم و«الحديث النبوي»، و«بيوت الله»، عبر تحديد أماكن المساجد  و«أرابيكا»، لتعلم اللغة العربية لغير الناطقين بها و«مذكر»،خصص للبحث والترجمة لمجموعة من الأذكار  و«مكة والمدينة» مخصص للذاهبين لأداء العمرة والحج كدليل على أماكن الشعائر الإسلامية .
وتتضمن التطبيقات مزايا جديدة، مثل تلاوة القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة بقراءات عدة، بحيث يمكن للمستخدم تحميل صوت القارئ المفضل له بشكل منفصل على شكل ملفات MP3, كلها برامج بإمكانك إنزالها عبر الرابط السابق فهي خدمة لزبائنها المسلمين , أو عبر موقع قران فلاش فهو الآخر تتوفر فيه نسخة من القران بطريقة
الكترونية  مخصصة لأجهزة التلفونات الجواله .

جوجل يحتفل برمضان (Google celebrates Ramadan)
يقدم  محرك البحث Google مجموعة فريدة من الأدوات التي صُممت لشهر رمضان . حيث يمكنك الوصول إلى مواعيد الصلاة وحساب الزكاة مباشرة من صفحة Google الرئيسية. لقد قامت Google بطرح مجموعة من الأدوات والسمات الخاصة برمضان والتي يمكنك إضافتها إلى صفحة iGoogle الخاصة بك، وهي صفحة Google الرئيسية التي يمكن تخصيصها لتشاهد جوجل رمضان على الصفحة الرئيسية لجوجل . عبر iGoogle يمكن للمستخدمين تخصيص صفحتهم الرئيسية على الإنترنت بإضافة أدوات وقوالب تعزز تجربة تصفح الشبكة من خلال جلب المحتوى ذو الأهمية للمستخدم إلى صفحته الرئيسية. والآن يمكنك الاختيار من بين سمتين لتزيين صفحة Google الرئيسية وإضافة 6 أدوات جديدة مخصصة لشهر رمضان المبارك (القران الكريم – مواعيد الصلاة – الطبخ – احتساب الزكاة –نصيحة اليوم – العد التنازلي للوقت ) بالإضافة إلى 30 سمة أخرى باللغة العربية.
أما هواة تصفح الشبكات الاجتماعية فلها  فوائد جمة فكم صديقا بعيد عنك وجدته على صفحات الفيسبوك وتناقشت وتواصلت معه, لذا يجب أن نستخدمها بما ينفعنا وما أفضل عندما تكون في تبادل العلوم والمعارف والمعلومات فالانترنت  كان الهدف الأساسي لاختراعه التواصل العسكري والعلمي أولا  وليس لقضاء الوقت فيما لا طائل منه .
عندما جلس مارك جوكربيرج امام شاشة الكمبيوتر في حجرته بمساكن الطلبة في جامعة هارفارد الامريكية العريقة، وبدأ يصمم موقعا جديدا على شبكة الانترنت، كان لديه هدف واضح، وهو تصميم موقع يجمع زملاءه في الجامعة ويمكنهم من تبادل أخبارهم وصورهم وآرائهم.
لم يفكر جوكربيرج، الذي كان مشهورا بين الطلبة بولعه الشديد بالانترنت، بشكل تقليدي. مثلا لم يسع إلى إنشاء موقع تجاري يجتذب الإعلانات، أو إلى نشر أخبار الجامعة أو .. ببساطة فكر في تسهيل عملية التواصل بين طلبة الجامعة على أساس أن مثل هذا التواصل، إذا تم بنجاح، سيكون له شعبية جارفة.

جوكربيرج حقق نجاحا سريعا في وقت قصير,واطلق جوكربيرج موقعه "فيس بوك" في عام 2004، وكان له ما أراد.
واليوتيوب تستخدمه الجامعات الأمريكية لعمل برامج علمية بكل جديد العلم ليقوم المتخرجون القداماء بمتابعة هذه الدروس والمحاضرات ليكونوا على تواصل مستمر مع العلم .
أخيرا الانترنت يحمل الخير ولكنة قد يحمل السيئات لمن يعمل على ذلك , ورمضان  يجب أن يكون بعيدا عن اللغو والقذف والكراهية والانفصالية التي أصبحت تعج بها بعض المواقع من بعض النفوس المريضة .
فالانترنت أصبح وسيلة للعلم والتجارة والإعلام  والمعرفة والترفية كلها في بوتقة فمن يستفيد يفيد ومن يطلب حامض العنب يشرب منه وكل طالب وله طلب فليكن طلبنا عذب زلال .
رمضان مبارك لكل قراء مجلتنا ولشعبنا وقيادته ولامتنا.



الجمعة، 20 أغسطس 2010

خسرنا العلماء ....وربحنا السيليكون. أحلام مستغانمي

خسرنا العلماء ....وربحنا السيليكون. أحلام مستغانمي


خبر صغير أيقظ أوجاعي......

لا شيء عدا أنّ الهند تخطّط لزيادة علمائها، وأعدَّت خطّة طموحاً لبناء قاعدة من العلماء والباحثين لمواكبة دول مثل الصين وكوريا الجنوبية في مجال الأبحاث الحديثة.

لم أفهم كيف أنّ بلداً يعيش أكثر من نصف سكانه تحت خط الفقر الْمُدْقِع، يتسنّى له رصد مبالغ كبيرة، ووضع آلية جديدة للتمويل، بهدف جمع أكبر عدد من العلماء الموهوبين من خلال منح دراسيّة رُصِدَت لها اعتمادات إضافية من وزارة العلوم والتكنولوجيا، بينما لا نملك نحن، برغم ثرواتنا المادية والبشرية، وزارة عربية تعمل لهذه الغاية، (عَدَا تلك التي تُوظّف التكنولوجيا لرصد أنفاسنا)، أو على الأقل مؤسسة ناشطة داخل الجامعة العربية تتولّى متابعة شؤون العلماء العرب، ومساندتهم لمقاومة إغراءات الهجرة، وحمايتهم في محنة إبادتهم الجديدة على يد صُنَّاع الخراب الكبير.

أيّ أوطان هذه التي لا تتبارى سوى في الإنفاق على المهرجانات ولا تعرف الإغداق إلاّ على المطربات،

فتسخو عليهنّ في ليلة واحدة بما لا يمكن لعالم عربي أن يكسبه لو قضى عمره في البحث والاجتهاد؟

ما عادت المأساة في كون مؤخرة روبي

تعني العرب وتشغلهم أكثر من مُقدّمة ابن خلدون،

بل في كون اللحم الرخيص المعروض للفرجة على الفضائيات،

أيّ قطعة فيه من "السيليكون" أغلى من أي عقل من العقول العربية المهددة اليوم بالإبادة.

إن كانت الفضائيات قادرة على صناعة "النجوم" بين ليلة وضحاها، وتحويل حلم ملايين الشباب العربي إلى أن يصبحوا مغنين ليس أكثر، فكم يلزم الأوطان من زمن ومن قُدرات لصناعة عالم؟

وكم علينا أن نعيش لنرى حلمنا بالتفوق العلمي يتحقّق؟

ذلك أنّ إهمالنا البحث العلمي، واحتقارنا علماءنا، وتفريطنا فيهم هي من بعض أسباب احتقار العالم لنا.

وكم كان صادقاً عمر بن عبدالعزيز (رضي اللّه عنه) حين قال: "إنْ استطعت فكن عالماً. فإنْ لم تستطع فكن مُتعلِّماً. فإنْ لم تستطع فأحبّهم، فإنْ لم تستطع فلا تبغضهم". فما توقَّع أن يأتي يوم نُنكِّل فيه بعلمائنا ونُسلِّمهم فريسة سهلة إلى أعدائنا، ولا أن تُحرق مكتبات علمية بأكملها في العراق أثناء انهماكنا في متابعة "تلفزيون الواقع"، ولا أن يغادر مئات العلماء العراقيين الحياة في تصفيات جسدية مُنظَّمة في غفلَة منّا، لتصادف ذلك مع انشغال الأمة بالتصويت على التصفيات النهائية لمطربي الغد.

تريدون أرقاماً تفسد مزاجكم وتمنعكم من النوم؟

في حملة مقايضة النفوس والرؤوس، قررت واشنطن رصد ميزانية مبدئية تبلغ 160 مليون دولار لتشغيل علماء برامج التسلُّح العراقية السابقين، خوفاً من هربهم للعمل في دول أُخرى، وكدفعة أُولى غادر أكثر من ألف خبير وأستاذ نحو أوروبا وكندا والولايات المتحدة.

كثير من العلماء فضّلوا الهجرة بعد أن وجدوا أنفسهم عزلاً في مواجهة "الموساد" التي راحت تصطادهم حسب الأغنية العراقية "صيد الحمَام". فقد جاء في التقارير أنّ قوات "كوماندوز" إسرائيلية، تضم أكثر من مئة وخمسين عنصراً، دخلت أراضي العراق بهدف اغتيال الكفاءات المتميزة هناك.

وليس الأمر سرّاً، مادامت مجلة "بروسبكت" الأميركية هي التي تطوَّعت بنشره في مقالٍ يؤكِّد وجود مخطط واسع ترعاه أجهزة داخل البنتاغون وداخل( سي آي إي)، بالتعاون مع أجهزة مخابرات إقليمية، لاستهداف علماء العراق.

وقد حددت المخابرات الأميركية قائمة تضمّ 800 اسم لعلماء عراقيين وعرب من العاملين في المجال النووي والهندسة والإنتاج الحربي. وقد بلغ عدد العلماء الذين تمت تصفيتهم وفق هذه الخطة أكثر من 251 عالماً. أما مجلة "نيوزويك"، فقد أشارت إلى البدء باستهداف الأطباء عبر الاغتيالات والخطف والترويع والترهيب. فقد قُتل في سنة 2005 وحدها، سبعون طبيباً.

العمليات مُرشَّحة حتماً للتصاعُد، خصوصاً بعد نجاح عالم الصواريخ العراقي مظهر صادق التميمي من الإفلات من كمين مُسلّح نُصِبَ له في بغداد، وتمكّنه من اللجوء إلى إيران. غير أن سبعة من العلماء المتخصصين في "قسم إسرائيل" والشؤون التكنولوجية العسكرية الإسرائيلية، تم اغتيالهم، ليُضافوا إلى قائمة طويلة من العلماء ذوي الكفاءات العلمية النادرة، أمثال الدكتورة عبير أحمد عباس، التي اكتشفت علاجاً لوباء الالتهاب الرئوي " سارس"، والدكتور العلاّمة أحمد عبدالجواد، أستاذ الهندسة وصاحب أكثر من خمسمئة اختراع، والدكتور جمال حمدان، الذي كان على وشك إنجاز موسوعته الضخمة عن الصهيونية وبني إسرائيل.

أجل خسرنا كل شيئ .. ولكن البركة في السليكون