الأربعاء، 15 يوليو 2009

عزيزي المتصفح.. أنت الآن تساهم في احترار الأرض



عزيزي المتصفح.. أنت الآن تساهم في احترار الأرض
ياسر سليمان -اسلام اون لاين
بينما تشرع في قراءة هذا المقال هناك ما يناهز الـ20 مليجراما من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون (CO2) انطلقت إلى الهواء؛ لتسهم بدورها في زيادة ظاهرة الاحتباس الحراري، ومع مضيك قدما في متابعة القراءة -ووفقا لمدى سرعتك- فإن المزيد من الغازات تنبعث لتصل إلى آلاف المليجرامات خلال دقائق؛ هذا ما أكده تقرير حديث نشرته شبكة CNN الإخبارية الأمريكية.
وعلى الرغم من أن كم الانبعاثات لا تبدو كبيرة، إلا أننا إذا أخذنا في الاعتبار أن عدد مستخدمي الإنترنت يفوق 1.6 مليار مستخدم، ووفقا لتقديرات موقع Internet World Stats.. "فإن الرقم الإجمالي للانبعاثات سيصبح كبيرا"، كما يؤكد البروفيسور أليكساندر ويزنر جروس، أستاذ البيئة بجامعة هارفارد .
ويتفق بيل أرنود، من منظمة Canarie الكندية المتخصصة في تطوير الإنترنت مع رأي دكتور جروس قائلا: إن "أغلب المستخدمين لا يدركون أن جهاز الكمبيوتر الخاص بهم يشارك في ظاهرة الاحتباس الحراري.. إن بعض الدراسات تشير إلى أن استخدام الإنترنت سوف يسهم في 20% من كمية «الغازات الدفيئة» المنبعثة في العالم خلال السنوات العشر التالية؛ وهو بالطبع أمر غير مقبول".
وفي عام 2002 أنتج مركز معلومات عالمي حوالي 76 مليون طن من غاز CO2، وهو الرقم الذي يتوقع أن يزداد إلى ثلاثة أضعاف في العقد القادم.
وفي ذات السياق نشرت شركة Gartner تقريرا لعام 2007 مفاده أن عملية تدفق المعلومات وتكنولوجيا الاتصالات تولد ما يقرب من 2% من "الغازات الدفيئة" المنبعثة على مستوى العالم، وهي نسبة مقاربة لما تنتجه صناعة الطيران بالكامل.
وتشير شركة McAfee لصناعة البرامج المضادة لفيروسات أنظمة تشغيل الكمبيوتر، إلى أن كمية الكهرباء المطلوبة للتخلص من الرسائل الإلكترونية المتطفلة (Spam) سنويا تساوي كمية الطاقة المطلوبة لإدارة مليوني بيت في الولايات المتحدة، كما تنتج كمية من الغازات تساوي ما تنتجه 3 ملايين سيارة.
الأثر موجود وغير محسوب
ونشر موقع "فوكس نيوز" الإخباري تقريرا يؤكد أن غلي إبريق واحد من الماء يصدر نحو 15 جراما من غاز ثاني أكسيد الكربون، بينما تصدر عملية البحث الواحدة قرابة 7 جرامات من هذا الغاز المتسبب في الظاهرة الخطيرة.
بينما ذكر تقرير CNN أنه من الصعب حساب أثر الغازات الصادرة عن شبكة الإنترنت بشكل تفصيلي دقيق؛ فهي ليست بسهولة كحساب الغازات المنبعثة من سيارة، ولكن تعد مراكز المعلومات والبنايات الضخمة التي تحوي المئات أو الآلاف من "خوادم الويب" (servers) التي تسجل كل صغيرة وكبيرة على الشبكة هي المذنب الأسوأ من حيث إيذاء البيئة.
وقدرت الدراسة نفسها الانبعاثات الناتجة من استخدام الإنترنت أنها تتراوح بين 4 ملايين طن من الكربون وتصل إلى50 مليونا بحلول عام 2020. وبحسبة غير دقيقة يمكن القول إن تصنيع واستخدام أجهزة الحاسوب الشخصية أنتج ما يقرب من 200 مليون طن من الانبعاث في 2002.
وقد يصل هذا الرقم إلى ثلاثة أضعاف بنهاية العقد التالي؛ لأن ملايين البشر يستخدمون المزيد من الأجهزة كل عام، وذلك وفقا لتقدير Climate Group report وذلك مع الأخذ في الاعتبار أن بعض الأنشطة التي نقوم بها على الشبكة تستهلك طاقة أكثر من غيرها.
جوجل يزيد من الاحترار
أعرب إيريك تيتزل، أحد المهندسين أصدقاء البيئة بشركة Google عن أن المزيد من الطاقة يتم استهلاكه لتحميل أو نقل فيلم فيديو مقارنة بمجرد التصفح العادي: "إن بحثا بسيطا على محرك البحث العالمي ينتج حوالي 0.2 جراما من الـCO2 ويشمل ذلك الطاقة التي نستهلكها نحن داخل Google للعمل على البحث ورده إلينا مرة أخرى".
ويضيف تيتزل: "نحن نستطيع أن نحسب طلبات البحث التي نعمل عليها يوميا، ومن ثم نحدد بدقة كمية الانبعاث الناتجة عن كل بحث".
وهذا يعني أن موقع Google الذي تضعه شركة Alexa في الترتيب رقم 1 على مستوى العالم هو أكبر المساهمين في نشر تلك الغازات، وتقول بعض التقديرات إن مستخدمي Google يجرون ما يناهز 250 مليون عملية بحث يوميا؛ وهو ما يوازي بالطبع غلي 125 مليون إبريق.
وبما أن عدد مستخدمي الإنترنت يتزايد عاما بعد عام فإن بعض الباحثين يعتقد في حتمية إيجاد نظام صديق للبيئة بصورة عاجلة.
ويقول كريس لارج، رئيس البحث والتطوير في مجموعة Climate Action المتمركزة في المملكة المتحدة: "إن ذلك جزء من صورة كاملة"، مضيفا: "يخبرنا العلماء أن لدينا من الوقت 10 سنوات كي نتخذ موقفا جديا لتفادي الآثار البشعة للتغير المناخي، لذلك فإن أي مبادرة من أي نوع ستكون حيوية جدا".
حملة ترشيد الطاقة
ورغم أن تيتزل قد رفض أن يفشي أي معلومات عن فاتورة Google السنوية للكهرباء متعللا بأسباب تنافسية، إلا أنه قال إن الشركة في طريقها إلى تحويل حقولها ذات الـ 5 و الـ 6 ميجاوات إلى خوادم صديقة للبيئة، وكذلك مراكز المعلومات الصغيرة التابعة لها حول العالم؛ وذلك من خلال استخدام الطاقة المتجددة، وإعادة تدوير المياه، واستخدام برامج أكثر كفاءة تقوم بإنجاز المهام مستهلكة طاقة أقل.
وقال المهندس بالشركة العالمية: إن "من وجهة النظر التجارية من الجيد أن تحصل على أقصى ما تريد باستهلاك أقل ما يمكن من المصادر؛ لذلك فإن مجهوداتنا لترشيد الطاقة تنبعث من رغبتنا في كسب المزيد من التنافسية".
ويتجه عدد آخر من الشركات إلى انتهاج طريق أكثر قبولا في اختيار بنيتها التحتية للشبكة، ويملك الدكتور جروس من جامعة هارفارد شركة تسمى CO2Stats، هذه الشركة تتيح للأعمال التجارية مراقبة ومتابعة الأثر البيئي الذي تحدثه مواقعهم الإلكترونية، ثم شراء شهادات طاقة متجددة وفقا لـ"بصمة الكربون" الشهرية الخاصة بمواقعهم.
فجماعات Clean Bitsالمتمركزة في هولندا تتجه بمواقعها الإلكترونية نحو بيئة أفضل، إما من خلال شراء ما يعوض انبعاث الكربون، أو من خلال التحول إلى مقدمي خدمة أصدقاء للبيئة مثل AISO.net وهو مركز معلومات في كاليفورنيا يعتمد على الطاقة الشمسية.
وكما فعل Google يقوم Yahoo أيضا بالتحول إلى الطاقة المتجددة وأساليب أخرى لترشيد الطاقة في مراكز المعلومات التابعة له. ومع ذلك لا يستطيع أحد أن يسقط من الاعتبار دور الإنترنت في جعل حياة الملايين أكثر كفاءة وصداقة للبيئة.

ليست هناك تعليقات: