الخميس، 23 ديسمبر 2010

العثرب نبات من ارض اليمن

"العثرب.... يمني "    
عمر الحياني 

نشرت بصحيفة الثورة 
بتاريخ 21 ديسمبر2010م 

إن الأرض التي ينمو فيها العثرب هي أرض يمنية , قالها محمد صالح منذ ثلاثة عقود  أثناء نقاش دار  بين أهالي القرية حول  بعض النباتات  (لا يعلم أن العثرب ينمو في كثير من الدول منها أثيوبيا وكينيا  وتنزانيا  الخ ) ما زالت هذه العبارة ترن على مسامعي كلما رأيت نبات العثرب ومع ذلك فالنبتة يمنية الانتماء والروح
فأحد الأفراد القادم من ريف محافظة اب جلب معه  نبات العثرب إلي حديقة منزله  في صنعاء  , حيث قال إنها تشعره بالحنين لريف أب و  العثرب يجعله يعيش ذلك الحنين .


ويعد العثرب  من النباتات العشبية  المعمرة والتي تنمو في البرية , ويكثر منابتها  على  بطون وضفاف الأودية وجوانب الطرقات وممرات السيول , وتنمو كمجموعات  متلاصقة   , ويبلغ ارتفاع سيقانها المتر والنصف , و هي ذات خضرة دائمة وأزهارها تميل إلي اللون الوردي الفاتح .

وينبت العثرب في اليمن  على امتداد واسع من جبال وسهول اليمن وبالذات السلسلة الجبلية في المناطق الغربية والوسطى ,  منها محافظة اب , تعز , ذمار, صنعاء, المحويت   .
يرتبط ذكر العثرب في ريف اليمن بشجرة القات , وكأنهما صنوان لا يفترقان , فهما ينبتان في ظروف مناخية  واحدة .
ناجي على القادم من ريف أب  ما زال يتذكر بحسرة  كيف كان العثرب يحفظ أغصان القات لأيام محتفظا بجودة الطعم ورطوبة الأغصان ،  ولا تطيب تناول القات في أوقات  بعد الظهيرة  إلا ملفوفا بأغصان العثرب الطري والغض.

العثرب على طاولة البحث العلمي

ويعد العثرب من النباتات التي كانت ومازالت تجد لها إقبالا للتداوي بها من بعض الأمراض الجلدية والمعوية ,في بعض مناطق اليمن .
خضع  العثرب لطاولة  البحث العلمي في مختبرات الأبحاث , ففي إحدى الدراسات التي أجريت في جامعة الملك عبد العزيز بالرياض توصلت  إلي أن عصارات العثرب عبارة عن  زيوت طياره  ومواد سكريه من ضمنها سكر الجلوكوز وبعض الأحماض  الامينية والمواد الكربوهيدراتية  وبعض المواد الأخرى .
احتوى العثرب على الجلوكوز  يفسر مذاقه المساعد على  تناوله في بعض مناطق اليمن, فلطالما كان ملاذ أمانا لرعاة الأغنام والأبقار  في سفوح الهضاب وبطون الأدوية , لتخفيف حدة الجوع ، عبر تناول أغصانه الطرية و أوراقه الخضراء  مخلوطا بالتين البري(البلس ).

  فأم يحيى تسرد حكايتها مع العثرب بقولها لطالما أكلنا العثرب مع البلس (التين) أو تناولنا أغصانها الطرية فهي لذيذه وتقضي على الدود , وتواصل حديثها بالقول إن أفضل الخبز البلدي ما كان حطبه من العثرب فهو يعطي مذاقا جميلا .
ويستخدم العثرب في تعز وخاصة  في شهر رمضان مخلوطا مع البطاطس، وعند نضجها تُعجن ويضاف إليها الحليب, ويعتبر العثرب نبتة جيدة لحفظ الخضروات والفواكه  .

الدراسة سابقة الذكر توصلت  إلي أن   مستخلص العثرب يعطى تأثيرا مثبطا لنمو طفيل الليشمانيا  الجلدية (مرض  الليشمانيا ينشا من لدغة بعوض الرمل مسببة تشوهات خلقية  في الوجه أو الجلد).
ويستخدم العثرب  في الريف كضماد للجروح  و تجبير كسور العظام , ومسكن لآلم الآسنان, أو كسواك لتنظيفها, إضافة انه يعد مضاد و طارد للديدان (كالإسكارس)  , وهو ما أكده الدكتور جميل القدسي في احد لقاءاته بقوله "أن العثرب ( Rumex ) نبات عشبي معمر الجزء المستخدم منه الأغصان الفتية الطرية الطازجة يؤكل غصن إلى غصنين فيقتل دودة الاسكارس وهي وصفة مجربة".
وقديما ذكر العثرب في بعض المراجع  فهو عند ابن منظور، نوع من الحُمَّاض «العُثْرُبُ: شجر نحوُ شجر الرُّمَّان في القدر، وورقه أحمر مثلُ ورق الـحُمّاضِ، تَرِقُّ عليه بطونُ الماشية أَوَّل شيءٍ، ثم تَعْقِدُ عليه الشَّحْمَ بعد ذلك، وله عسالِـيجُ حُمْرٌ، وله حَبٌّ كحَبِّ الـحُمَّاضِ، واحدته عُثْرُبة.
وورد في بعض كتب التاريخ أن العثرب يستخدم في الدباغة إلا أنه يجعلها قاسية كما قال أبو الغَمر العَضَليّ :
لانَ ولم يُخْلَطْ لَهُ بالعُثْرُبِ     فهو كبُرْدِ اليُمْنَةِ المُهَدَّبِ
ويستخدم العثرب كواحد من النباتات المفيدة للبيئة والإنسان ,فهو مخصب للتربة لاحتواها على العديد من العناصر الهامة لنمو الأشجار بالاضافة الى تثبيت التربة ومنعها من الانجراف  .