الذهب الأسود من الصخر الزيتي – حل عملي لنقص النفط؟
المصدر :-دوتشية
صخور زيتية في كولورادو بوالايات المتحدة
تتجه أنظار صناعة النفط العالمية إلى الصخر الزيتي الذي يمكن استخراج البنزين والسولار ووقود الطائرات منه. وقد بدأت بعض البلدان كالصين والبرازيل بممارسة ذلك، وأبرمت دول أخرى كالأردن والمغرب عقودا بهذا الخصوص.
صخور زيتية في كولورادو بوالايات المتحدة |
توجد الصخور الزيتية في بلدان كثيرة، وربما كان من المبالغ فيه إطلاق هذه التسمية عليها، لأنها لا تحتوي على النفط حقا، وإنما على شكل من النفط سابق لشكله السائل المعروف لدينا. كذلك هناك اختلاف في نشأة الصخر الزيتي والنفط، فبغض النظر عن مكان وجود النفط والغاز، فإن أصلهما واحد: ميكروبات وكائنات دقيقة غرقت في قيعان البحار والمحيطات وحوصرت بالرواسب، ثم تحللت مع الزمن وتحولت إلى هيدروكربونات.
ويقول الخبير الأمريكي جيريمي بوآك الذي يرأس مشروعا لمعهد بحوث الطاقة في جامعة كولورادو، إن النفط يستخرج من الصخر الزيتي في الصين واستونيا والبرازيل. وهناك دول كالأردن والمغرب فيها كميات كبيرة من الصخر الزيتي وقد أبرمت عقودا لاستخراجه، ويضيف: "الصخر الزيتي موجود بأشكال مختلفة حسب تكوّنه التاريخي، وهذا التكوّن يحدد إن كان الصخر يحتوي على نفط أم غاز. وقد تكون الهيدروكربونات غير "ناضجة" بعد وفي حالة صلبة، في هذه الحالة يستخدم الماء الممزوج بالمواد الكيميائية للحفر في الصخر لاستخراج النفط أو الغاز. وهناك طريقة أخرى وهي غليُ الهيدروكربونات".
الصخر الزيتي ومخاطره البيئية
صورة توضيحية لطبقات الأرض، كلما زاد العمق، كلما ارتفعت درجات الحرارة في باطن الأرض.
في هذه الحالة يُستخرج الصخر الزيتي ويُسَخن إلى درجات حرارة مرتفعة في فرن كهربائي حتى تتكسر جزيئات المواد الهيدروكربونية، وهذه الجزيئات يمكن فصلها عن بعضها البعض لاستخلاص النفط منها. ويمكن للولايات المتحدة مثلا أن تستخرج حوالي 800 مليار برميل نفط من الصخور الزيتية الموجودة في أراضيها.
صورة توضيحية لطبقات الأرض، كلما زاد العمق، كلما ارتفعت درجات الحرارة في باطن الأرض. |
لكن المشاكل البيئية المرافقة لاستغلال الصخر الزيتي أكبر بكثير من تلك المرتبطة باستغلال النفط العادي، كما يقول جيريمي بوآك: "يجب الانتباه إلى كيفية تخزين بقايا الصخور الزيتية بحيث لا يصل النفط والمواد الكيميائية المتبقية فيها إلى المياه الجوفية وتلويثها".
ويمكن أيضا أن تتلوث البحيرات والأنهار، كما حدث في استونيا في عهد الاتحاد السوفيتي حين لم يكن الحفاظ على البيئة يحتل المكانة التي يحتلها في أيامنا هذه. ويلخص الخبير الأمريكي هذه المخاطر بالغبار الناجم عن قطاع التعدين حيث "يعلق فيه بقايا ضارة من الهيدروكربونات. ثم تحمل الرياح هذا الغبار إلى المياه السطحية وتلوثها".
استغلال حرارة باطن الأرض
تستعمل ألواح الصخر الزيتي في ألمانيا لتغطية الأسطح والجدران الخارجية للبيوت.
وللحيلولة دون التسبب بهذه الأضرار البيئية، تتم عملية الغلي في باطن الأرض عن طريق ضخ بخار أو ماء ساخن وحقنه في الصخر الزيتي، فتنفصل الهيدروكربونات عن الصخور وتطفو فوق الماء. وهذه الطريقة مستعملة منذ سنوات رغم تلويثها للمياه الجوفية. وللحيلولة دون ذلك، يجري الآن اختبار طريقة جديدة يتم فيها عزل منجم التعدين بجدار من الجليد، كما يشرح جيريمي بوآك: "يتم أولا حفر آبار حول المنجم ثم يضخ فيها نيتروجين سائل شديد البرودة، فتتجمد المياه الجوفية وتتحول إلى جدار عازل. ثم تضخ المياه في الصخور الموجودة في أعماق الأرض، حيث تسود درجة حرارة مرتفعة جدا، فيتبخر الماء حين يلامسها ويصعد البخار إلى السطح وقد علقت به الهيدروكربونات".
تصعد المواد الحيوية الضارة إلى السطح ويتم غسلها وفصلها عن النفط وإعادة تخزينها بشكل رفيق بالبيئة بعد فصل النفط عن الماء. ومن حسنات هذه الطريقة إمكانية معالجة النفط المستخرج بشكل أسهل بكثير من نفط الصخور الزيتية المستخرج بطرق أخرى. إذ تكفي بعض الإجراءات لكي يصبح جاهزا لنقله إلى مصافي البترول وتكريره. هذه الطريقة لاستغلال الصخر الزيتي ما زالت في بداياتها، لكنها تعدُ بالكثير، ورغم ذلك يشترك هذا النفط مع النفط العادي بكونه يستهلك كميات كبيرة من الطاقة لاستخراجه، كما ينجم عنه ثاني أكسد الكربون كأي نفط آخر.
داغمار رورليش / عبد الرحمن عثمان
مراجعة: طارق أنكاي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق