الأربعاء، 20 أكتوبر 2010

الانفجار العظيم..... محاكاة الخيال للنشأة والتكوين


         
الانفجار العظيم.....  محاكاة الخيال للنشأة والتكوين
                         


الانفجار العظيم عودة للوراء وغوص في  اللانهاية  من بداية نشوء الكون وهو محاولة للملمة  المعرفة العلمية المحدودة  للإنسان لبداية الخلق وتكون مادته في ظل عصر متوهج بالعلوم و التكنولوجيا إذ كيف نخطط للمستقبل ونستعد له دون أن نرجع لحظة للوراء  ونستوعب  البداية .
تجربة الانفجار العظيم للكون تأتي في إطار خيال العلماء لإثبات نظرياتهم الكونية في فيزياء  المجسمات , وتكوينات الكون الذي مازال  غامضا ومحيرا للعلماء ,مما جعلهم  مختلفين  في طرق تفسير نشوء الكون وتكويناته التي بدأت منذ ما يقارب 13.7مليار عام  حسب تقديراتهم لذلك مالوا  إلي إجراء التجارب التي تثبت افتراضاتهم المختلفة .
 
فتجربة الانفجار العظيم التي أجرها في 30 مارس 2010 م من قبل باحثون اوربيون في المنظمة الأوربية للأبحاث النووية "سيرن" قرب جنيف بسويسرا من اكبر التجارب التي استطاع العلماء القيام بها حتى الآن .
ويعد مسرع مصادم الهدرونات الكبير أضخم آلة للأبحاث في العالم وقد استمر بناؤه ربع قرن من الزمن بتكلفة تقدر بنحو (9.4 مليار دولار).

حققت التجربة نجاحا كبيرا بعد فشلها في سبتمبر/أيلول 2008م بسبب خلل تقني عندما حاول العلماء القيام بمحاكاة للانفجار العظيم في النفق ذي المسار الدائري الذي يبلغ طوله 27 كيلومتراً، والذي صمم لهذا الغرض, وبعد تسعة أيام فقط من افتتاحه تكسرت الكتل المغناطيسية الضخمة التي يبلغ وزنها عدة أطنان، والتي كانت تعمل على تحديد مسار حزم البروتونات المنطلقة بسرعة تقترب من سرعة الضوء والمنطقة الدائرية محاكاة لاعتقاد العلماء بان المادة أخذت الشكل الدائري عند تكونها  وهو ما يجعل  الجسيمات تأخذ مسارا دائريا محددا لا تتجاوزه . 
واستمرت الإصلاحات نحو عام ونصف العام، لكن هذا العمل الشاق قد أتى ثماره أخيرا ، كما يؤكد عالم الفيزياء السويسري غونتر ديسرتوري قائلاً "هدفنا الآن على مر الشهور والأعوام هو أن نسجل ملايين ومليارات من تلك التصادمات, عن أكثرها جذباً للانتباه".
و لاحظ العلماء على شاشة مراقبة  كبيرة أمامهم عند انطلاق التجربة أن التجربة قد نجحت وأن البروتونات الشديدة السرعة قد اصطدمت بعضها ببعض بكم طاقة هائل، يصل إلى 3.5 ترليون إلكترون فولت، مصدرة شرارة شديدة الصغر لكنها أيضاً شديدة الكثافة، أي أنها تمثل نوعا من الانفجار الكبير، ولكن على مستوى شديد الصغر.
 وقال أوليفر بوخمولر، أحد العلماء الرئيسيين في المشروع "إننا في غاية السعادة، لقد قضينا وقتاً طويلاً في التحضير لهذه التجربة، والآن نجح هذا التصادم لأول مرة، وتمكنا من رؤيته، إنه أمر رائع".


التجربة العملاقة

وجرت التجربة  على شكل إطلاق أشعة خاصة في اتجاهين متقابلين لإحداث انفجار مماثل للانفجار العظيم في ذلك النفق على عمق حوالي 100 متر تحت الأرض وهو مفرغ تمامًا من الهواء لتسهل فيه حركة الجسيمات وهو مصصم خصيصا لتصادم بروتونات الذرة وجزيئاتها .
وينتج عن هذا كله 600 مليون تصادم بين الجزيئات في الثانية الواحدة، ويؤدي كل واحد من هذه التصادمات إلى انشطار آلاف الأجزاء من الجزيئات، التي يتم تسجيلها ورصدها تمهيدا للتعرف الي كيفية تحول الطاقة إلي كتلة واكتشاف الآلية التي يتم بها اكتساب الأجسام لكتلها.

وتحكي التجربة الدائرية طريقة التكوين اللولبي لالتفاف المادة وتصادمها عند نشوء الكون .
وحسب مركز سيرن فإن هذا المسرع هو أضخم آلة شيدها الإنسان على الإطلاق. 
وتبلغ درجة الحرارة داخل المسرع سالب (-271.3)درجة مئوية أي أقل بقليل من درجة الحرارة في الكون الخارجي، الذي تبلغ درجة الحرارة فيه سالب(- 270.4 ) درجة مئوية. 
وفي الوقت نفسه ستصبح درجة الحرارة عند انفجار الذرات  داخل المسرع أكبر مائة ألف مرة منها في مركز الشمس. كما سيجبر مجال مغنطيسي أقوى مائة ألف مرة من المجال المغنطيسي للأرض الجزيئات على الانتظام في مدارها.

وستحتاج التجربة إلى 120 ميجاوات من التيار الكهربائي وهي الكمية نفسها التي تحتاج اليها مدينة مثل جنيف، التي يقارب عدد سكانها 160 ألف نسمة. ومن المنتظر أن يتم التصادم بين بروتونات الذرة بسرعة الضوء تقريبا وأن تقطع 54211 دورة في الثانية في هذه الاسطوانة العملاقة تحت الأرض وستقطع مسافة 299780 كيلومتر في الثانية.
اختيار البروتونات

لماذا تم اختيار البروتونات بالذات لإجراء التجارب عليها في تجربة محاكاة الانفجار العظيم للكون ؟
يقول د محمد باسل الطائي أستاذ الفيزياء الكونية بجامعة اليرموك الأردن انه تم اختيار البروتونات للأسباب الثلاثة التالية :-
1:-  لان البروتونات هي أكثر الجسيمات توفرًا في الكون فهي نوى ذرات الهيدروجين الخفيف.
2:-  البروتونات هي أثقل الجسيمات المشحونة المستقرة.
3:-  شحنة البروتونات تمكننا من تسريعها بالمجالات الكهربائية وتوجيهها بالاتجاه
المطلوب بدقة عالية باستخدام المجالات المغناطيسية بقيم مناسبة.

القتامه السوداء والكون المظلم

وتجرى التجار العلمية في المختبر عن طريق أجهزة حاسوبية متطورة وكاميرات خاصة ومجسات تعمل على مراقبة لحظات التصادم وأي نتجةأخرى قد تحدث أو تتكون بين جزئيات مادية قد تعمل على إماطة اللثام عن كيفية تحول المادة إلي كتلة بعدما كانت عبارة عن كرة من النار في الانفجار العظيم 
وهو ما سيساعد على التعرف الي المادة المعتمة أو غير المرئية التي يكتظ بها الفضاء على شكل كون مظلم , والتي تعمل كنوع من المواد اللاصقة التي تحافظ على المسافات بين المجرات .
وتأتي التجربة امتداد لأراء الفيزيائي الشهير "ستيفن هوكنج" عن نظريته الخاصة  بالثقوب السوداء.
وفي الإطار نفسه ، من المنتظر أن يساعد هذا المصادم على تعقب أسرار "جزئيات هيغز"(نظرية عالم الفيزياء البريطاني بيتر هيغز التي تفيد بان الكون يتغلغل فيه نوع من المادة الهلامية التي تكبح الجزيئات بشكل يتفاوت مع تفاوت صفات هذه الجزيئات مما يمنحها الكتلة) 
من المفترض أن تكون هذه الجزئيات هي المسؤولة عن تكون المادة، إذ إنها  تعمل على التحام المكونات الأولية للمادة مما يعطيها تماسكها وكتلتها. 
لكن ليس من المنتظر أن يتم اكتشاف سر هذه الجزئيات سريعا. فبعد الحادث الذي وقع أثناء التجارب في سبتمبر/أيلول 2008، أصبح رولف هوير وفريق الباحثين العامل معه أكثر حرصاً. وهو يقول في هذا الإطار "نحن نسير الآن خطوة فخطوة، ونستخدم فقط نصف كمية الطاقة". فالمصادم، لا يعمل الآن بكل طاقته الممكنة، خوفاً من تكرار الحادث. ومن المنتظر أن يتم إيقافه تماماً في عام 2012 للصيانة ولتغيير بعض مكوناته، وبعدها، ستعمل "آلة الانفجار العظيم" بكامل قوتها". 
لاشك ان التجربة التي اجريت في مركز (سيرن) الأوربي  تعد فتحا علميا جديدا يستشرف ملامح المستقبل في صورة تبدو منطقية كمحاولة لفهم غموض الكون ,لكن هذه التجارب وامثالها قد تنقلب وبالا على البشرية إذا لم نحسن الاستفادة منها وتوجيهها بما يخدم مصلحة البشرية وتطورها .



ليست هناك تعليقات: