هاشم الغيلي: نجم العلوم اليمني على فيسبوك
بنجامين بلاكيت / 06-03-2016
احتاج شاب في الثامنة عشر من عمره إلى ثقة
كبيرة بالنفس لمقاومة طلب والديه في البقاء في المنزل والعمل في الحقول التي تمتلكها
العائلة. إذ وضع هاشم الغيلي، طريقاً جديداً لنفسه وذهب إلى الخارج للحصول على شهادة
جامعية وليبدأ بذلك رحلته التي جعلت منه ناقلاً للعلوم ويحصد متابعة ما يزيد عن المليون
مشاهدة على صفحته على الفيسبوك.
قال الغيلي “كل طفل في اليمن يولد ليكون
مزارعاً. لذلك كان من الصعب إقناع والدي بأن طموحي يكمن في العلم.”
يقع منزل الأسرة وأراضيها، المؤلفة من حقول
مدرجة على سفوح الجبال، على بعد رحلة تستغرق ست ساعات بالسيارة شمال العاصمة صنعاء.
ذهب الغيلي إلى صنعاء سراً ليقوم بملء إستمارة التقدم بطلب للحصول على منحة دراسية
من وزارة التربية والتعليم.
قال، مستعيداً رحلته الأولى إلى صنعاء،
“لو كنت قد أبلغت والدي عن ذلك، ما كان ليوافق. لذلك قمت بالذهاب فحسب.”
أثبتت المحاولة أنها تستحق المخاطرة.
وافقت الحكومة على دفع أقساط دراسته للحصول
على شهادة البكالوريوس، التي أخذها من جامعة بيشاور في باكستان، في مجال التكنولوجيا
الحيوية – وهي الخطوة التي لم يدعمها والداه بشكل كامل.
بعد تخرجه، عاد الغيلي إلى اليمن، حيث عمل
لفترة وجيزة في منظمة حكومية لمراقبة الجودة، ليعمل على إختبار المنتجات في إحدى المختبرات.
وبعد بضعة أشهر سافر مرة أخرى. هذه المرة،
بهدف الدراسة للحصول على شهادة الماجستير في جامعة جاكوبس في ألمانيا بعد أن حصل على
منحة من هيئة التبادل الأكاديمي الألمانية DAAD.
في النهاية، أدرك والداه بأنه لن يكون مزارعاً.
قال خالد عبدالله، صديق وزميل الغيلي في جامعة جاكوبس، “في الثقافة اليمنية، من الصعب
حقاً أن تتصرف بالضد من رغبة والدك. لكن والده قد أصبح شخصا ً آخر اليوم، فشقيق هاشم
يدرس الآن أيضاً للحصول على شهادة البكالوريوس، وهو دليل على أنهم يرون في قصة هاشم
نجاحاً.”
الآن، يشجع والدا الغيلي طموحاته. ويأمل
هو في أن تشجع قصته الشباب العرب غيره ممن يكافحون من أجل تحقيق التوازن بين ما تريد
أسرهم منهم أن يقوموا به فيما يتعلق بأهدافهم الخاصة بهم.
قال الغيلي “في اليمن والشرق الأوسط، إذا
ما كان أولياء الأمور يريدون منك الذهاب إلى الجامعة، فإنهم عادة ما يريدون منك دراسة
الطب أو الهندسة. لكن إذا ما كانت لديك إمكانيات في مجال آخر، فلا تتردد في خوضها.
كن جريئاً، وغامر ولا تنظر إلى الوراء.”
إن الثقة بالنفس التي يتمتع بها الغيلي
هي الصفة التي ساعدته في التألق كناقل للعلوم.
بعد تخرجه من جامعة جاكوبس، في سن الـ25،
أصبح نائب رئيس تحرير النسخة العربية من مجلة مرصد المستقبل، المجلة التي تغطي الإبتكارات
في مجالي العلوم والتكنولوجيا.
كما يدير أيضاً صفحته الخاصة على موقع الفيسبوك،
والتي تنشر باللغة الإنجليزية. يتابع الصفحة أكثر من 2.8 مليون شخص ولا زالت تنمو.
تسعى الصفحة لشرح العلوم للقراء العاديين وحملهم على الإهتمام بالعلم والتحدث عنه.
يمتاز جمهور صفحته بكونه أكثر دولية من صفحة الباحثون السوريون، الصفحة المماثلة باللغة
العربية، على الرغم من إمتلاك الغيلي لمتابعة عربية كبيرة.
قال الغيلي “غالبية المتابعين من الولايات
المتحدة الأميركية، لكن مع ذلك، فإنني أمتلك الكثير من المتابعين من مصر، والمملكة
العربية السعودية، والإمارات، والعراق أيضاً.”
يقوم الغيلي بتصميم ونشر الرسوم البيانية،
ومقاطع الفيديو، ومحتويات أخرى حول مواضيع تتراوح من الضمادات المكافحة للعدوى وحتى
علم النفس. قال “في أسوأ الأيام، تنال الصفحة 10.000 إعجاب. لكن في الأيام الجيدة تحصد
الصفحة بحدود الـ100.000 إعجاب.”
قال رولاند بنز، أستاذ التكنولوجيا الحيوية
بجامعة جاكوبس و المشرف على الغيلي، إنه “كان من الواضح، ومنذ بداية العمل مع الغيلي،
بأنه محاور محترف. لقد كان قادراً على تلخيص وعرض البيانات المعقدة بطريقة ممتازة.
وعندما نتناقش في مسائل العلوم نكون على قدم المساواة، بحيث أنك لا تشعر بأنه حوار
بين طالب ومعلمه.”
عندما تخرج الغيلي بحصوله على شهادة الماجستير،
أراد بنز إبقاءه في المختبر. لكن الغيلي ليس ذلك الشخص الذي يتبع رغبات الآخرين.
قال بنز “كان عليه أن يختار بين القيام
بممارسة العلوم ووصفها، وهو ما يقوم به الآن بشكل جيد حقاً.”
يبدي بنز فخره بما يحققه الغيلي كناقل للعلوم.
قال “إنها وظيفة مهمة، فالجمهور يحتاج لفهم العلوم، وأشخاص مثله يقومون بمساعدتهم.
فمن أجل القيام بذلك، تحتاج لأن تكون واثقاً مما تقوله. وهو كذلك بالتأكيد.”
لكن هذا لا يعني بأن الجميع يتابعون صفحة
الغيلي على الفيسبوك هم من محبيها – فهو يقضي الكثير من الوقت في حذف المتصيدين عبر
الإنترنت. قال الغيلي “لقد بدأت بتلطيف التعليقات الفظيعة وغير المحترمة. وسأستمر بحظر
الأشخاص، وهذا يستغرق الكثير من الوقت، لكن الأمر يستحق ذلك في النهاية.”
يريد الغيلي لصفحته أن تكون قوة من أجل
الخير. فمن الأسباب التي دفعته للبدء بالنشر عن العلوم والتكنولوجيا هي رؤيته المستمرة
للأخبار السيئة فقط من المنطقة على صفحته على الفيسبوك. قال “هنالك الكثير من السلبية.
لذا اعتقدت إنها ستكون فكرة جيدة للناس عندما يسجلون دخولهم إلى الموقع ليروا شيئاً
إيجابياً ولو لمرة واحدة في اليوم على الأقل.”
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق