الأحد، 23 أغسطس 2009

الكتابة العلمية شئون وشجون

الكتابة العلمية شئون وشجون
محمود الفقي
في تبسيط العلوم إبداع أي إبداع، ولعل من أقوى الأسباب في تقدم الغرب أنه أدرك مبكراً قيمة العلم وركز على المنهج التجريبي بعدما خلع نفسه من ربقة المنطق الأرسطي. (كتاب: "مهزلة العقل البشري" لعالم الاجتماع العراقي الدكتور علي الوردي)أما نحن هنا في بلاد العرب فما نزال نجتر ماضينا بدون أن نضيف إليه جديدا. لست هنا بطامح في أن نلحق بالغرب فليس هذا بهدف مقدس الآن كما أن الأمر من التعقيد بحيث يتطلب التخلص من مثلث الخطر الذي تحدث عنه العلامة الدكتور النفيسي الذي لخص مشكلات العرب في ثلاثة أشياء: الاستبداد وسوء توزيع الثروة والجهل. آهٍ من الجهل.أذكر هنا مقولة سياسية شهيرة لا أذكر قائلها: ليس الظلم هو المحفز للثورة وإنما الإحساس بالظلم.نعم فالإحساس يتولد من المعرفة والعلم والإدراك والفهم لا من الجهل والسطحية والاتكال على الماضي والبحث عن نقاط الخلاف والتطاحن بين كل فريق في محاولة ساذجة ليثبت كلا الطرفين الفاشلين أيهما أقل فشلا وخيبة من صاحبه.كتبت مقالات عن أهمية الكتابة العلمية وحاجة مصر وكل البلاد العربية والإسلامية لمحررين علميين وإنفاق ورعاية ودعم حكومي ومدني على حد سواء للنابغين في العلوم الطبيعية والمجالات التجريبية. ولا يخفى على أحد أن ألمانيا نفسها تقوم على التعليم الفني الذي يتخرج فيه الطالب عندنا يدوب يقدر يفك الخط! والله بلا مبالغة.في تبسيط العلوم قرأت الكثير للعالم الكبير - المجهول طبعاً، وهذا هو الطبيعي في بلادي - د. عبد المحسن صالح الذي كان أستاذا بكلية العلوم وله كتاب مشهور جميل بعنوان: "الإنسان الحائر بين العلم والخرافة" صدر ضمن سلسلة عالم المعرفة وهي سلسلة عظيمة الفائدة. ومرة أخرى تحية لدولة الكويت فهي الوحيدة تقريبا التي تنفق على الكتابة العلمية في مجلات عظيمة الفائدة.ومن جميل ما جذبني لكتابات هذا العالم الجليل أنه - ويا لندرة هذا الأمر- يكتب العلم أحيانا بأسلوب ساخر (كتابه: "مسكين عالم الذكور" نموذجاً. وهو متاح على جوجل) وله كتب أخرى ماتعة من أشهرها - والتي تمتعت بما فيها من علم وأدب -كتابه: "التنبؤ العلمي ومستقبل الإنسان".وفي تجوالي عبر شبكة الإنترنت رأيت مجلة عظيمة اسمها آفاق العلم تصدر في صورة ما أبهاها وتبسيط ما أروعه وفوائد لا تحصى. تصدر هذه المجلة مطبوعة وأعدادها كلها موجودة على موقعها الإلكتروني، وقد حملتها لي ولأسرتي ناوياً إن شاء الله أن أجعلها زادا لطفلتي الصغيرة أجمل ما خلق الله (في عيني) منة الله لكن ما لفت نظري وأكد لي أننا أمة لا تموت ما دام فيها عظماء مثل هذا الرجل صاحب المجلة هو كلام الرجل الذي كتبه تحت عنوان: "من نحن" أنقله لكم بالنص. وحقاً إنه لرجل عظيم:"مجـلتنـا تعنى بحقول مختلفة من العلوم... و لرغبتنـا في المساهمة بالوصول الى تغـيير حـقيقي في مجتمعاتنا العربية، و لعلمنـا بأن التغييـر يأتي فـقـط عن طـريق العلم و المعرفة، فقد قررنا العمل على إصدار هذه المجلة الموجهة للجميع و بشكلٍ مجاني لتقديم العلوم و المعارف العالمية الى كل من يرغب في القراءة.ما نأمله هو أن تصل المجلة (بأي شكل من الأشكال) الى أكبر عدد من القراء، لذا فقد اخترنا أقصر الطرق بعيداً عن المطابع و عن دور النشر و عن روتين القوانين في دولنا العربية و قررنا و ضع كل عدد من هذه المجلة على هذا الموقع آملين أن يجدها كل من يود معرفة ما تتوصل إليه العلوم في جميع أنحاء العالم و دون عناء.نأمل أن تتكرر زيارتكم لنا و نرجو أن تعلمونا دائماً بآرائكم و بإقتراحاتكم.فلنعمل جميعاً من أجل التغيير.إياد أبو عوضرئيس التحرير"وعليه فإني جد سعيد ومغتبط للمقالات التي يكتبها أستاذنا الدكتور محمد زكريا توفيق هنا في مصرنا والتي أحرص على قراءتها دوماً فهي نوع من الكتابة التحفيزية التي تحرك المياه الآسنة الراكدة التي تعشش في رؤوسنا وترينا نوعا جديدا خبريا لا إنشائيا من الكتابة. وكما قلت فإني أدرك أن الفجوة بيننا وبين الغرب جد كبيرة ومخيفة لكني أستحضر هنا قول أمل دنقل: ربما ننفق كل العمر كي ننقب ثغرة ... ليمر النور للأجيال مرة.وبهذا الأسلوب السلس المبسط للعلم سنحصل قدرا كبيرا من المعرفة التي هي قيمة كبيرة في حد ذاتها، وهذا يذكرني بكلمة جميلة رائعة مررت بها بينما كنت أدرس مادة المقال في الجامعة ورأيت هذه الكلمة متجسدة في أسلوب الدكتور زكريا توفيق: The aim of writing is not simply to make it possible to be understood but to make it impossible to be misunderstood والمعنى أن الهدف من الكتابة ليس هو أن تجعل من السهل فهم الشيء بل من المستحيل عدم فهمه. وبهذا النوع من الكتابة سنثبت لأنفسنا أنّا قوم نجيد العلم كما نجيد الأدب والجدال في أمور أكل عليها الدهر وشرب. وعلى سبيل المثال ففي المقالات الدينية التي يكتنفها خلاف عظيم أنظر للتعليقات أجدها تقريبا كلها سرقة من مواقع ومنتديات يقصها السارق عفوا القاريء المعلق (وبعض من يفعل هذا أحسبه سليم دواعي الصدر) ويلصقها تحت مقال الكاتب وهكذا فلا دين ولا خلاق ولا شيء.وهنا تحضرني قصة حقيقية أنقلها لكم من موسوعة ويكيبيديا عن الفيزيائي الألماني النابغة في النانوتكنولوجي د. جان هندريك شون المولود في عام 1970 والذي حقق إنجازات علمية ضخمة استحق بها أعظم الجوائز والشهادات العالمية مثل جائز أوتوكلانج ويبربانك وجائزة براونشفيج عام 2001 وجائزة الشباب المكتشف الواعد من جمعية الأبحاث الفيزيائية في عام 2002 فضلا عن الدكتوراه وغيرها من الشهادات بل وترشيحه لنوبل. لكن الشاهد أيها الكرام هو اكتشاف تزويره لبعض الأبحاث ونسبتها لنفسه. الشاهد الأهم أن جامعته سحبت منه الدكتوراه وسحبت المجلات العلمية المحكمة الأبحاث التي نشرتها وكانت فيها ولو شبهة ضده (مجلة العلوم نموذجاً) وفضح على نطاق كبير ويكفي أن تكتب اسمه في جوجل لتظهر لك فضيحته. ماذا يعني هذا؟ يعني ما علمنا إياه إسلامنا العظيم وهو: من بركة العلم أن تنسبه لأهله. وبالطبع فإني أؤكد مرة أخرى على سلامة دواعي الصدر عند بعض من ينقلون لكني أحببت أن أؤكد وأذكر بوجوب ثقافة العزو.وأخيراً فإنه في الكتابة العلمية سيتبين لنا المثقف الحقيقي من المثقف الزائف وكما قال الشاعر الذي لا أعرف اسمه: إذا اشتبكت دموع في عيون تبين من بكى ممن تباكى. وكل عام وأنتم بكل خير بمناسبة شهر رمضان الكريم ولا حرمنا الله منكم
http://www.ouregypt.us/Bfiqy/mfekiiiiiiiiiiiiiiiiiii27.html

هناك تعليق واحد:

Star Alliances يقول...

You make agreat effort here and for reliability that's the only scientific blog in the arabic language I had ever seen.
Also I'd like to thank you for keeping moving forward however the low attendance here.
Name : Ahmed
Gmail: egagent