الاثنين، 26 أبريل 2010

مراكز تخزين البيانات تغذي النباتات المحمية !!


مراكز تخزين البيانات تغذي النباتات المحمية !!
روناء المصري

عندما تقوم بضغطة من الماوس "الفأرة" للبحث على أحد محركات البحث على شبكة الإنترنت ، او عندما تريد الدخول على أحد المواقع ، فإن كل البيانات التي تحصل عليها يتم تخزينها في مراكز ضخمة يطلق عليها إسم " داتا سنترز" او مراكز  تخزين البيانات . لكن الجديد هو أن يتم إستغلال نواتج هذه المراكز المعلوماتية وإستخدامها كمدخلات للزراعات النباتية المحمية ؟ !
أليس ذلك عبقريا؟!

"وحدات الطاقة المزدوجة"
في "هولندا"  ، وطبقا للمحاضرة العلمية التي ألقاها علينا  " كيفين بورتون " مدير شركة "باراثينون" المختصة بمراكز تخزين البيانات على الإنترنت، في يوم الخميس الموافق 27 نوفمبر 2009م و بحضور مجموعة من الصحافيين العلميين من شتى بقاع العالم بينما كنت الصحفية العربية والمصرية الوحيدة بينهم جميعا،ذكر في المحاضرة أنه ؛ يوجد ما يقرب من 55 هكتارا من الزراعات المحمية أو المعروفة بإسم الصوب الزراعيةgreen houses  ، بحيث  تحتاج كل إثنين ونصف هكتارات من الزراعات إلى وحدة تشغيل خاصة يطلق عليها إسم " وحدة الحرارة والطاقة المزدوجة "  combined heat and power unit , CHP ، وتعمل هذه الوحدات بالغاز الطبيعي ، ومن نواتج هذه الوحدات غاز ثاني أكسيد الكربون  والذي يتم إستخدامه في تغذية النبات داخل الصوب الزراعية ، بالإضافة إلى الحرارة الناتجة و التي يمكن إستخدامها كذلك في تدفئة الصوبة الزراعية ،إلى هنا و حتى هذه المرحلة، لا يوجد دخل بأي حال من الأحوال لمراكز المعلومات من قريب أو بعيد.

"باراثينون" و" التنمية من النبات "
من خلال فكرة طرأت على  قسم الأبحاث والتطوير بإحدى شركات المعلومات و التي تملك مراكز للبيانات"باراثينون" ، بدا العمل في إستغلال نواتج مراكز تخزين البيانات لعمل الزراعات المحمية .
فبينما تحتاج هذه المراكز لأكثر من 60 ميجا وات لتشغيلها مما ينتج عنه حرارة شديدة و ، بسبب الطاقة الكهربية المستخدمة في التشغيل يتم إنتاج غاز ثاني اكسيد الكربون كذلك كأحد العوادم الخاصة بإستهلاك الكهرباء ، فإن هذه النواتج يمكن استخدامها بحيث تكون مدخلات المزروعات النباتية المحمية ، اي ان الحرارة المنبعثة من مراكز البيانات يمكن أن يستغلها النبات في التدفئة و بهذا الشكل يتم تبريد أجهزة تخزين البيانات للعمل من جديد بكفاءة عالية وبشكل فوري ، كما يتم الإستفادة  في نفس الوقت من غاز ثاني اكسيد الكربون في عملية التمثيل الضوئي للنباتات المزروعة .
حسنا إذن كيف يتم الأمر؟
"الترابط في المشروع "
فكر معي في خلق دائرة عمل متكاملة عمادها و حدة CHP   واحدة فقط تقوم على تشغيل المراكز البيانية و في المقابل تقوم مراكز البيانات في توصيل نواتجها إلى نباتات الزراعات المحمية ، و يمكن أيضا أن يتم عمل خزانات للطاقة energy reservation centers   بحيث تظل الطاقة مخزنة هناك طوال العام لإستخدامات النباتات ، او للمنشآت المختلفة  المجاورة ، فلو أن هناك بنايات سكنية لأمكن تدفئتها عن طريق هذه المخازن .
الآن نأتي للإبتكار ....

"إبتكار جديد"
ماذا لو إستطعنا أن ننشيء وحدات خاصة لإكثار الطحالب بجوار مراكز البيانات ؟
و ماذا لو أمدت هذه المراكز مزارع الطحالب بالحرارة والطاقة كذلك ؟
هكذا تساءل العاملون في مجال المعلومات عندما قرروا خوض تجربة علمية جديدة بغرض التنميةو توفير الطاقة ،و كانت الإجابة هي :إننا نستطيع أن ننتج زيوتا و صناعات أخرى قائمة على الزيوت المستخلصة من الطحالب بشكل اكثر كفاءة ، ذلك لأن الطحالب تحتاج فقط إلى 30 درجة مئوية للنمو ، و لو قارنا كميات غاز ثاني أكسيد المتصاعدة في نهاية المطاف ، لوجدناها أقل بكثير عن معدلاتها السابقة ، ذلك لأن نواتج وحدة طاقة واحدة  من CHP يتم إستخدامها في أكثر من شكل و باكثر من طريقة ـ أولها : الصوب النباتية ، ثانيها : مخازن الطاقة ، و ثالثها : زراعة الطحالب ، ناهيك عن تشغيل مراكز تخزين البيانات في بادئ الأمر.
الفكرة ببساطة هي محاولة تحقيق الإستخدام الأمثل و الكفاءة المثلى في إستغلال الغازات الضارة بالبيئة ونواتج النشاط الإنساني الجانبية بما يوفر الطاقة و يخدم قضايا البيئة في نفس الوقت .
تقول  الإحصاءات الخاصة بالشركة : أن حوالي 13.000  طن متري من غاز ثاني اكسيد الكربون يمكن توفيره بهذه الطريقة ، و إذا أخذنا في الإعتبار قوانين الحفاظ على البيئة ومعاهداتها فإن ذلك التوفير في كميات غاز ثاني  أكسيد الكربون يمكن المقايضة بها فيما بعد فيما يعرف بإسم " مقايضة الكربون " carbon credits to trade  
و بدلا من إنشاء محطة CHP  لكل 2,5 هكتار من الزراعات المحمية ، يمكن توفير المزيد من وحدات الطاقة إذ تكفي وحدة واحدة لتشغيل عشرة هكتارات في نفس الوقت بهذا الأسلوب .
أليس ذكيا من شركة واحدة أن تفكر في تلك الفكرة البسيطة والعبقرية في نفس الوقت ؟!
يقول " كيفين بورتون " مدير شركة " باراثينون" و صاحب الفكرة في البداية : إن الطبيعة مليئة بنماذج يتعاون فيها الجميع مع بعضهم البعض من أجل تحقيق الإستمرارية في الحياة و الإستفادة بأعظم ما فيها ..الوقت و الطاقة ، و علينا أن نبحث دوما على مثل هذه النماذج و تطبيقها إذا أردنا تحقيق التنمية بحق ."

مواقع ذات صلة :

ليست هناك تعليقات: