مراكز تخزين البيانات تغذي النباتات المحمية !!
روناء المصري
عندما تقوم بضغطة من الماوس "الفأرة" للبحث على أحد محركات البحث على شبكة الإنترنت ، او عندما تريد الدخول على أحد المواقع ، فإن كل البيانات التي تحصل عليها يتم تخزينها في مراكز ضخمة يطلق عليها إسم " داتا سنترز" او مراكز تخزين البيانات . لكن الجديد هو أن يتم إستغلال نواتج هذه المراكز المعلوماتية وإستخدامها كمدخلات للزراعات النباتية المحمية ؟ !
أليس ذلك عبقريا؟!
"وحدات الطاقة المزدوجة"
في "هولندا" ، وطبقا للمحاضرة العلمية التي ألقاها علينا " كيفين بورتون " مدير شركة "باراثينون" المختصة بمراكز تخزين البيانات على الإنترنت، في يوم الخميس الموافق 27 نوفمبر 2009م و بحضور مجموعة من الصحافيين العلميين من شتى بقاع العالم بينما كنت الصحفية العربية والمصرية الوحيدة بينهم جميعا،ذكر في المحاضرة أنه ؛ يوجد ما يقرب من 55 هكتارا من الزراعات المحمية أو المعروفة بإسم الصوب الزراعيةgreen houses ، بحيث تحتاج كل إثنين ونصف هكتارات من الزراعات إلى وحدة تشغيل خاصة يطلق عليها إسم " وحدة الحرارة والطاقة المزدوجة " combined heat and power unit , CHP ، وتعمل هذه الوحدات بالغاز الطبيعي ، ومن نواتج هذه الوحدات غاز ثاني أكسيد الكربون والذي يتم إستخدامه في تغذية النبات داخل الصوب الزراعية ، بالإضافة إلى الحرارة الناتجة و التي يمكن إستخدامها كذلك في تدفئة الصوبة الزراعية ،إلى هنا و حتى هذه المرحلة، لا يوجد دخل بأي حال من الأحوال لمراكز المعلومات من قريب أو بعيد.
"باراثينون" و" التنمية من النبات "
من خلال فكرة طرأت على قسم الأبحاث والتطوير بإحدى شركات المعلومات و التي تملك مراكز للبيانات"باراثينون" ، بدا العمل في إستغلال نواتج مراكز تخزين البيانات لعمل الزراعات المحمية .
فبينما تحتاج هذه المراكز لأكثر من 60 ميجا وات لتشغيلها مما ينتج عنه حرارة شديدة و ، بسبب الطاقة الكهربية المستخدمة في التشغيل يتم إنتاج غاز ثاني اكسيد الكربون كذلك كأحد العوادم الخاصة بإستهلاك الكهرباء ، فإن هذه النواتج يمكن استخدامها بحيث تكون مدخلات المزروعات النباتية المحمية ، اي ان الحرارة المنبعثة من مراكز البيانات يمكن أن يستغلها النبات في التدفئة و بهذا الشكل يتم تبريد أجهزة تخزين البيانات للعمل من جديد بكفاءة عالية وبشكل فوري ، كما يتم الإستفادة في نفس الوقت من غاز ثاني اكسيد الكربون في عملية التمثيل الضوئي للنباتات المزروعة .
حسنا إذن كيف يتم الأمر؟
"الترابط في المشروع "
فكر معي في خلق دائرة عمل متكاملة عمادها و حدة CHP واحدة فقط تقوم على تشغيل المراكز البيانية و في المقابل تقوم مراكز البيانات في توصيل نواتجها إلى نباتات الزراعات المحمية ، و يمكن أيضا أن يتم عمل خزانات للطاقة energy reservation centers بحيث تظل الطاقة مخزنة هناك طوال العام لإستخدامات النباتات ، او للمنشآت المختلفة المجاورة ، فلو أن هناك بنايات سكنية لأمكن تدفئتها عن طريق هذه المخازن .
الآن نأتي للإبتكار ....
"إبتكار جديد"
ماذا لو إستطعنا أن ننشيء وحدات خاصة لإكثار الطحالب بجوار مراكز البيانات ؟
و ماذا لو أمدت هذه المراكز مزارع الطحالب بالحرارة والطاقة كذلك ؟
هكذا تساءل العاملون في مجال المعلومات عندما قرروا خوض تجربة علمية جديدة بغرض التنميةو توفير الطاقة ،و كانت الإجابة هي :إننا نستطيع أن ننتج زيوتا و صناعات أخرى قائمة على الزيوت المستخلصة من الطحالب بشكل اكثر كفاءة ، ذلك لأن الطحالب تحتاج فقط إلى 30 درجة مئوية للنمو ، و لو قارنا كميات غاز ثاني أكسيد المتصاعدة في نهاية المطاف ، لوجدناها أقل بكثير عن معدلاتها السابقة ، ذلك لأن نواتج وحدة طاقة واحدة من CHP يتم إستخدامها في أكثر من شكل و باكثر من طريقة ـ أولها : الصوب النباتية ، ثانيها : مخازن الطاقة ، و ثالثها : زراعة الطحالب ، ناهيك عن تشغيل مراكز تخزين البيانات في بادئ الأمر.
الفكرة ببساطة هي محاولة تحقيق الإستخدام الأمثل و الكفاءة المثلى في إستغلال الغازات الضارة بالبيئة ونواتج النشاط الإنساني الجانبية بما يوفر الطاقة و يخدم قضايا البيئة في نفس الوقت .
تقول الإحصاءات الخاصة بالشركة : أن حوالي 13.000 طن متري من غاز ثاني اكسيد الكربون يمكن توفيره بهذه الطريقة ، و إذا أخذنا في الإعتبار قوانين الحفاظ على البيئة ومعاهداتها فإن ذلك التوفير في كميات غاز ثاني أكسيد الكربون يمكن المقايضة بها فيما بعد فيما يعرف بإسم " مقايضة الكربون " carbon credits to trade
و بدلا من إنشاء محطة CHP لكل 2,5 هكتار من الزراعات المحمية ، يمكن توفير المزيد من وحدات الطاقة إذ تكفي وحدة واحدة لتشغيل عشرة هكتارات في نفس الوقت بهذا الأسلوب .
أليس ذكيا من شركة واحدة أن تفكر في تلك الفكرة البسيطة والعبقرية في نفس الوقت ؟!
يقول " كيفين بورتون " مدير شركة " باراثينون" و صاحب الفكرة في البداية : إن الطبيعة مليئة بنماذج يتعاون فيها الجميع مع بعضهم البعض من أجل تحقيق الإستمرارية في الحياة و الإستفادة بأعظم ما فيها ..الوقت و الطاقة ، و علينا أن نبحث دوما على مثل هذه النماذج و تطبيقها إذا أردنا تحقيق التنمية بحق ."
مواقع ذات صلة :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق