بقلم : عادل عبدالصادق -جريددة الاهرام
اخذ الاهتمام العالمي بالبعد الامني لشبكه الانترنت يتصاعد بعد احداث11 سبتمبر2001 والحمله الامريكيه علي ما يعرف بالارهاب الدولي, الامر الذي فرض تحديات جديده لكل البلدان دون استثناء. وقد كشف نجاح استخدام تنظيم القاعده لشبكه الانترنت عن مدي قدره الفاعلين من غير الدول علي التهديد بالتحكم في المعطيات التكنولوجيه لخدمه اغراض التنظيم. ومن ناحيه اخري فجر الطابع الاستخباراتي لشبكه الانترنت الذي كثيرا ما حاولت الدول الكبري اخفاءه العديد من الاسئله والمسائل القانونيه, حيث برز تساول مهم يدور حول ان كانت المنظمات' الارهابيه' وهي محدوده الامكانيات قد استخدمت الانترنت علي هذا النحو المذهل من النجاح فما بال الدول ذاتها وما تملكه من اجهزه استخبارات قويه وعلي درجه عاليه من التقنيه ولديها موارد ماليه اكبر؟
وقد ظهر دور الانترنت في الاستخبارات بشكل ملموس في القضيه الاخيره التي اعلنت عنها الاجهزه الامنيه المصريه, والمتهم فيها مهندس مصري بالتخابر لصالح الموساد عبر اختراق انظمه الكمبيوتر لهيئه الطاقه النوويه من خلال دس برنامج علي اجهزتها للاطلاع علي المعلومات الخاصه بنشاطها, وانشاء موقع باسم حركي علي البريد الالكتروني والتراسل منه باستخدام شفره سريه, وليعيد للاذهان ما كشفته صحيفه معاريف الاسرائيليه في ابريل2006 عن نجاح احد المهندسين في نقل اسرار منظومه' حيتس' الصاروخيه الي مخابرات دوله اخري عن طريق اختراق برنامج كمبيوتر رئيسي لتشغيل هذه المنظومه. والحالتان تعبران معا عن اثر الانترنت كبيئه عمل واداه حرب جديده ذات تاثير كبير علي تطور منتج وسياسه واهداف وطريقه عمل اجهزه الاستخبارات الدوليه.
الانترنت ثوره الاستخبارات
لقد فرضت الثوره التكنولوجيه تحديات امنيه علي جميع دول العالم, خاصه مع تراجع دور ما يعرف بالقوه الصلبه التقليديه وتصاعد عناصر القوه اللينه, فضلا عن اعتماد البنيه الاساسيه الحرجه في تشغيلها علي شبكه الانترنت بما فيها قطاع الاتصالات والطاقه الي خدمات الطوارئ, ومن الصفقات الماليه الي العمليات العسكريه والخدمات الحكوميه الالكترونيه.
وفي ظل هذا التطور ظهر مفهوم' المخابرات عبر الانترنت, ليعبر عن تحول شبكه المعلومات الدوليه الي مسرح لحرب معلومات من نوع خاص يمزج بين بيئه جديده واداه غير تقليديه, لاسيما اذا ما تم استخدامها الي جانب العمليات العسكريه التقليديه, او حتي كسلاح مختار في الصراع بين عناصر ضد عناصر اخري حتي داخل الدوله الواحده او ضد قوي خارجيه, او حتي استخدام الدول للمنظمات الارهابيه او افراد اذكياء ليوثروا علي مصالح الخصوم, وذلك كبديل للحرب التقليديه ضد الدول الاخري والخصوم الاخرين, وبذلك تصبح الاهداف السياسيه هي الغايه والانترنت هي الوسيله.
ومن المعروف ان الانترنت وفرت سيلا عالميا للمعلومات لا يقتصر علي وجهه النظر الرسميه للدول والحكومات, بل تعدي ذلك لدور الافراد في انتاج المعلومات وترويجها,وفي توافر كم هائل للتحليلات السياسيه والاقتصاديه, وبما جعل الانترنت ساحه افتراضيه هائله غير محدوده يتم فيها التعبير عن جميع التيارات السياسيه والفكريه والدينيه, فضلا عن وجود الخرائط الفضائيه التفصيليه للارض بما فيها المنشات المدنيه الحيويه والعسكريه. وبهذا تحولت الانترنت لاداه وشبكه عالميه يتعامل معها ما يزيد علي مليار مستخدم حول العالم وما يزيد علي مليون موقع للانترنت, مع رخص التكلفه وسهوله انتقال المعلومات والاخبار عابره الحدود, فضلا عن تجاوز العوائق الامنيه التقليديه.
وشكل ذلك ثوره معلوماتيه هائله لا حدود لها, مادامت عكفت عليها اجهزه الاستخبارات الكبري للحصول عليها اولا, والبحث فيها ثانيا وتوظيف نتائجها ثالثا, ومن ثم استخدمت امكانات البحث الهائله لدي محركات البحث الكبري كجوجل او ياهو, نظرا لما يتمتعان به من قدرات كبيره وسريعه علي تصنيف المعلومات وتبويبها, بل ومعرفه توجهاتها الصديقه او العدائيه. وفي اطار عمل الاجهزه الاستخباريه اصبح من الممكن استخدام الانترنت بما تحمله من امكانات لتوظيف الالفاظ والصور والتقديرات والايماءات والتحريض والحقائق والاكاذيب, وذلك من اجل الحاق الخسائر الماديه والنفسيه لدي الخصوم, وهو ما يمثل تطبيقا حديثا للمكونات الاساسيه الشهيره لعمل المخابرات وهي جمع المعلومات والاستخبار المضاد والتحليل والتحرك المستتر.
وفقا لهذا التطور الوظيفي, فقد اثرت الانترنت في عمل المخابرات فيما يتعلق بنوعيه منتجها عبر جمع المعلومات ثم استغلالها ليتم بعد ذلك معالجتها وتحليلها, وكذلك في السياسه الاستخباراتيه ذاتها وتاثيرها علي ادراك سلوك وخيارات الدوله, بما يتيح لها وضع خطه منضبطه للتاثير علي الراي العام وصانعي القرار. وفي هذا الاطار ايضا لم تعد مساله استقطاب المعلومات وتجنيد العملاء امرا معقدا, فبعد ان كان العميل شخصا يتوجب تجنيده بشكل مباشر, اصبح يبدو جاهزا وقابلا للاتصال به بطريقه سهله ومستتره ايضا, حيث يجد من يتحاور معه بشكل يمنحه الثقه ويخرجه من بيئته المحيطه بمشاكلها وتعقيداتها ليخرج لعالم ارحب, والي هويه وانتماء يختارها هو وبشكل يمنحه الحريه النسبيه.
حرب بلا دماء
لقد اصبحت المعلومات في كل مناحي الحياه, وليست فقط العسكريه او الامنيه, اداه من ادوات حروب المستقبل وساحه يتصارع فيها الاعداء من الدول والجماعات والافراد, وقوه قوميه لصانعي القرار خاصه مع تسارعها وتشابك المجالات المدنيه والعسكريه, ووجود سوق عالميه مفتوحه للافكار, تتنافس فيها الشركات العالميه والدول للحصول عليها والتي تنفق عليها الكثير لتطويرها, وقد تصبح في لمح البصر بايدي من لا يحق له امتلاكها. وفي حرب المعلومات الجديده لم يعد من الممكن التحكم الكامل في مجالها ومداها ونتائجها, وذلك نظرا لعدد اطرافها وصعوبه اكتشاف الهجوم الا بعد تفاقم الخسائر. فكل ما يتطلبه الامر فقط وجود جهاز كمبيوتر ونقطه اتصال بالانترنت.
في ظل هذا التطور غير المسبوق, باتت اجهزه الاستخبارات الدوليه تستخدم الانترنت لتحقيق عده اهداف, منها:
1 الحرب النفسيه من خلال نشر معلومات وبيانات مضلله والدعايه والترويج لسياسه الدوله الاعلاميه والخارجيه بهدف التاثير في الخصم او الراي العام الداخلي او العالمي.
2 المساعده في جمع المعلومات والتنقيب عنها الخاصه بالدول او الجماعات المعارضه في الداخل او الخارج عبر مواقع المخابرات المباشره علي الانترنت او تبنيها مواقع اخري تقدم لها خدمه المعلومات والتخابر, او انها تقوم بانشاء مواقع قد تبدو انها معاديه ولكنها تكون تابعه لها لجذب المويدين ومعرفه افكارهم.
3 انشاء قاعده بيانات عن الدول والاشخاص الذين قد يكونوا هدفا محتملا لاجهزه الاستخبارات الدوليه, وذلك بسهوله تقديم اغراءات منح دراسيه او الهجره خاصه الاشخاص ذوي الكفاءه والخبره التقنيه.
4 خلق شبكه عملاء دوليين, واحدي الوسائل المهمه ما يعرف بغرف الدردشه والمراسلات البريديه لتشكل اهم المحاور لاجهزه استقطاب المعلومات واحتفاظ العميل بخصوصيته وسهوله تلقي التحويلات الماليه والتدريب عبر الانترنت.
5 تعميم المعلومات وتبادلها بين اجهزه المخابرات داخل الدوله ذاتها او بينها وبين دول اخري حليفه, وهذا ما يساعد علي تقديم خدمه المتابعه والملاحقه والتخطيط والتنسيق.
6 عمليات التجسس ببث برامج علي الجهاز في حال اتصاله بشبكه الانترنت او بث برامج خفيه بمرحله تصنيع الجهاز ويتم تصديره الي منشات حيويه في بلد ما او التجسس علي الاتصالات البريديه والصوتيه عبر الانترنت.
7 شن حرب المعلومات للتاثير علي عمليات التخزين والادخال والمعالجه والارسال والتحكم في نظم المعلومات للمنشات الحيويه والاستراتيجيه للطرف المستهدف.
البقاء للاقوي
لتنفيذ اهداف الدول الكبري في استخدامها للانترنت انتهجت سياسات ثابته لدعم التجسس وانظمته عبر الانترنت والاتصالات السلكيه واللاسلكيه والموجات والترددات والاقمار الصناعيه, وليصبح العالم في حاله انكشاف معلوماتي تستطيع الدول الكبري توظفيها اقتصاديا وسياسيا وعسكريا.
وقد تناثرت معلومات حول اتفاق سري وشراكه مع موقع جوجل علي الانترنت لاداره معلومات العالم لصالح وكاله المخابرات المركزيه الامريكيه, والذي استخدمته بالفعل في وضع قائمه العقوبات الدوليه علي شخصيات ايرانيه, كما طالبت بريطانيا من موقع جوجل للخرائط ازاله موقع القواعد العسكريه من علي برنامجها خشيه تعرضها لهجمات, وانشات الولايات المتحده موسوعه علي الانترنت' انتيليبيديا' في ابريل2006, وذلك لاحداث تغيير جذري في ثقافه اجهزه الاستخبارات الامريكيه بتعميم المعلومات بين اجهزتها.
ومازالت الولايات المتحده تحتفظ باحتكار اداره الانترنت, وتقوم بتوجيه اقمار تجسس لرصد اتصالات الاجهزه السلكيه واللاسلكيه عن طريق التقاط الاشارات الكهرومغناطيسيه وارسالها حول العالم لتدخل الي اجهزه كمبيوتر متطوره لتحليلها, ويشارك في عمليه الالتقاط هذه مشروع ايشلون بالتعاون مع الولايات المتحده وبريطانيا ونيوزيلاندا واستراليا وكندا_,_ كما ان هناك تحالفا استخباراتيا يتكون اعضاوه من الدول المتحدثه بالانجليزيه يسمي يوكوزا(UKUSA), وفي ابريل2004 قرر الاتحاد الاوروبي انفاق11 مليون يورو لتطوير نظم اتصالات مومنه وفق مشروع'SECOQC' وهو نظام يعتقد انه لا يمكن اختراقه من اي برامج تنصت او تجسس في العالم.
وفي فبراير2005 قامت اجهزه لاستخبارات الامريكيه باجراء'مناوره الكترونيه' سميت بالعاصفه الافتراضيه'CyberStorm' ووضعت البني التحتيه الحيويه لمحاكاه هجوم الكتروني, وتقوم كل من الصين وروسيا بفحص شامل للاجهزه الالكترونيه المستورده من الولايات المتحده او من حلفائها قبل دخولها اراضيها وذلك منعا لمحاولات التجسس او ارسال رسائل مشفره الي مصدر استخباراتي معاد.
وقامت اسرائيل بتاسيس مكتب المخابرات عبر الانترنت عام2001 بالتعاون مع وكاله الاستخبارات المركزيه الامريكيه لاستقطاب شباب العالم الثالث, حيث تم تقسيم هذه العمليه الي عده محاور منها محور الصراع مع اسرائيل ومحور العداء لامريكا في امريكا اللاتينيه, والتعاون عبر الاقمار الصناعيه والمواقع البريديه وغرف الدردشه وتجنيد عملاء الانترنت, وهم من اهم الركائز الاعلاميه لاجهزه المخابرات الاسرائيليه والامريكيه.
ويطرح ذلك عددا من التحديات الخاصه بامكانيه التعرض لحرب معلومات خاصه ان الطرف الاقوي له ميزه الضربه الاولي, حيث ياتي الضعيف دائما متاخرا, وهذا ما يستلزم وجود متطلبات وشروط الامن الرقمي ليدخل ضمن الامن القومي للبلد في مفهومه الشامل, وضروره انتهاج سياسه وطنيه لامن المعلومات بعد تحديد مصادر واشكال الخطر التي تهدد البنيه التحتيه للمعلومات, والتي لم تعد مقصوره علي الاشكال التقليديه, بل اصبح لها اوجه رقميه الكترونيه غير مسبوقه في شمولها وعمقها واختلافها واتساع نطاق تغطيتها, فضلا عن فداحه اضرارها وذكاء منفذيها وتعقد الياتها وتواصل هجماتها.
اخذ الاهتمام العالمي بالبعد الامني لشبكه الانترنت يتصاعد بعد احداث11 سبتمبر2001 والحمله الامريكيه علي ما يعرف بالارهاب الدولي, الامر الذي فرض تحديات جديده لكل البلدان دون استثناء. وقد كشف نجاح استخدام تنظيم القاعده لشبكه الانترنت عن مدي قدره الفاعلين من غير الدول علي التهديد بالتحكم في المعطيات التكنولوجيه لخدمه اغراض التنظيم. ومن ناحيه اخري فجر الطابع الاستخباراتي لشبكه الانترنت الذي كثيرا ما حاولت الدول الكبري اخفاءه العديد من الاسئله والمسائل القانونيه, حيث برز تساول مهم يدور حول ان كانت المنظمات' الارهابيه' وهي محدوده الامكانيات قد استخدمت الانترنت علي هذا النحو المذهل من النجاح فما بال الدول ذاتها وما تملكه من اجهزه استخبارات قويه وعلي درجه عاليه من التقنيه ولديها موارد ماليه اكبر؟
وقد ظهر دور الانترنت في الاستخبارات بشكل ملموس في القضيه الاخيره التي اعلنت عنها الاجهزه الامنيه المصريه, والمتهم فيها مهندس مصري بالتخابر لصالح الموساد عبر اختراق انظمه الكمبيوتر لهيئه الطاقه النوويه من خلال دس برنامج علي اجهزتها للاطلاع علي المعلومات الخاصه بنشاطها, وانشاء موقع باسم حركي علي البريد الالكتروني والتراسل منه باستخدام شفره سريه, وليعيد للاذهان ما كشفته صحيفه معاريف الاسرائيليه في ابريل2006 عن نجاح احد المهندسين في نقل اسرار منظومه' حيتس' الصاروخيه الي مخابرات دوله اخري عن طريق اختراق برنامج كمبيوتر رئيسي لتشغيل هذه المنظومه. والحالتان تعبران معا عن اثر الانترنت كبيئه عمل واداه حرب جديده ذات تاثير كبير علي تطور منتج وسياسه واهداف وطريقه عمل اجهزه الاستخبارات الدوليه.
الانترنت ثوره الاستخبارات
لقد فرضت الثوره التكنولوجيه تحديات امنيه علي جميع دول العالم, خاصه مع تراجع دور ما يعرف بالقوه الصلبه التقليديه وتصاعد عناصر القوه اللينه, فضلا عن اعتماد البنيه الاساسيه الحرجه في تشغيلها علي شبكه الانترنت بما فيها قطاع الاتصالات والطاقه الي خدمات الطوارئ, ومن الصفقات الماليه الي العمليات العسكريه والخدمات الحكوميه الالكترونيه.
وفي ظل هذا التطور ظهر مفهوم' المخابرات عبر الانترنت, ليعبر عن تحول شبكه المعلومات الدوليه الي مسرح لحرب معلومات من نوع خاص يمزج بين بيئه جديده واداه غير تقليديه, لاسيما اذا ما تم استخدامها الي جانب العمليات العسكريه التقليديه, او حتي كسلاح مختار في الصراع بين عناصر ضد عناصر اخري حتي داخل الدوله الواحده او ضد قوي خارجيه, او حتي استخدام الدول للمنظمات الارهابيه او افراد اذكياء ليوثروا علي مصالح الخصوم, وذلك كبديل للحرب التقليديه ضد الدول الاخري والخصوم الاخرين, وبذلك تصبح الاهداف السياسيه هي الغايه والانترنت هي الوسيله.
ومن المعروف ان الانترنت وفرت سيلا عالميا للمعلومات لا يقتصر علي وجهه النظر الرسميه للدول والحكومات, بل تعدي ذلك لدور الافراد في انتاج المعلومات وترويجها,وفي توافر كم هائل للتحليلات السياسيه والاقتصاديه, وبما جعل الانترنت ساحه افتراضيه هائله غير محدوده يتم فيها التعبير عن جميع التيارات السياسيه والفكريه والدينيه, فضلا عن وجود الخرائط الفضائيه التفصيليه للارض بما فيها المنشات المدنيه الحيويه والعسكريه. وبهذا تحولت الانترنت لاداه وشبكه عالميه يتعامل معها ما يزيد علي مليار مستخدم حول العالم وما يزيد علي مليون موقع للانترنت, مع رخص التكلفه وسهوله انتقال المعلومات والاخبار عابره الحدود, فضلا عن تجاوز العوائق الامنيه التقليديه.
وشكل ذلك ثوره معلوماتيه هائله لا حدود لها, مادامت عكفت عليها اجهزه الاستخبارات الكبري للحصول عليها اولا, والبحث فيها ثانيا وتوظيف نتائجها ثالثا, ومن ثم استخدمت امكانات البحث الهائله لدي محركات البحث الكبري كجوجل او ياهو, نظرا لما يتمتعان به من قدرات كبيره وسريعه علي تصنيف المعلومات وتبويبها, بل ومعرفه توجهاتها الصديقه او العدائيه. وفي اطار عمل الاجهزه الاستخباريه اصبح من الممكن استخدام الانترنت بما تحمله من امكانات لتوظيف الالفاظ والصور والتقديرات والايماءات والتحريض والحقائق والاكاذيب, وذلك من اجل الحاق الخسائر الماديه والنفسيه لدي الخصوم, وهو ما يمثل تطبيقا حديثا للمكونات الاساسيه الشهيره لعمل المخابرات وهي جمع المعلومات والاستخبار المضاد والتحليل والتحرك المستتر.
وفقا لهذا التطور الوظيفي, فقد اثرت الانترنت في عمل المخابرات فيما يتعلق بنوعيه منتجها عبر جمع المعلومات ثم استغلالها ليتم بعد ذلك معالجتها وتحليلها, وكذلك في السياسه الاستخباراتيه ذاتها وتاثيرها علي ادراك سلوك وخيارات الدوله, بما يتيح لها وضع خطه منضبطه للتاثير علي الراي العام وصانعي القرار. وفي هذا الاطار ايضا لم تعد مساله استقطاب المعلومات وتجنيد العملاء امرا معقدا, فبعد ان كان العميل شخصا يتوجب تجنيده بشكل مباشر, اصبح يبدو جاهزا وقابلا للاتصال به بطريقه سهله ومستتره ايضا, حيث يجد من يتحاور معه بشكل يمنحه الثقه ويخرجه من بيئته المحيطه بمشاكلها وتعقيداتها ليخرج لعالم ارحب, والي هويه وانتماء يختارها هو وبشكل يمنحه الحريه النسبيه.
حرب بلا دماء
لقد اصبحت المعلومات في كل مناحي الحياه, وليست فقط العسكريه او الامنيه, اداه من ادوات حروب المستقبل وساحه يتصارع فيها الاعداء من الدول والجماعات والافراد, وقوه قوميه لصانعي القرار خاصه مع تسارعها وتشابك المجالات المدنيه والعسكريه, ووجود سوق عالميه مفتوحه للافكار, تتنافس فيها الشركات العالميه والدول للحصول عليها والتي تنفق عليها الكثير لتطويرها, وقد تصبح في لمح البصر بايدي من لا يحق له امتلاكها. وفي حرب المعلومات الجديده لم يعد من الممكن التحكم الكامل في مجالها ومداها ونتائجها, وذلك نظرا لعدد اطرافها وصعوبه اكتشاف الهجوم الا بعد تفاقم الخسائر. فكل ما يتطلبه الامر فقط وجود جهاز كمبيوتر ونقطه اتصال بالانترنت.
في ظل هذا التطور غير المسبوق, باتت اجهزه الاستخبارات الدوليه تستخدم الانترنت لتحقيق عده اهداف, منها:
1 الحرب النفسيه من خلال نشر معلومات وبيانات مضلله والدعايه والترويج لسياسه الدوله الاعلاميه والخارجيه بهدف التاثير في الخصم او الراي العام الداخلي او العالمي.
2 المساعده في جمع المعلومات والتنقيب عنها الخاصه بالدول او الجماعات المعارضه في الداخل او الخارج عبر مواقع المخابرات المباشره علي الانترنت او تبنيها مواقع اخري تقدم لها خدمه المعلومات والتخابر, او انها تقوم بانشاء مواقع قد تبدو انها معاديه ولكنها تكون تابعه لها لجذب المويدين ومعرفه افكارهم.
3 انشاء قاعده بيانات عن الدول والاشخاص الذين قد يكونوا هدفا محتملا لاجهزه الاستخبارات الدوليه, وذلك بسهوله تقديم اغراءات منح دراسيه او الهجره خاصه الاشخاص ذوي الكفاءه والخبره التقنيه.
4 خلق شبكه عملاء دوليين, واحدي الوسائل المهمه ما يعرف بغرف الدردشه والمراسلات البريديه لتشكل اهم المحاور لاجهزه استقطاب المعلومات واحتفاظ العميل بخصوصيته وسهوله تلقي التحويلات الماليه والتدريب عبر الانترنت.
5 تعميم المعلومات وتبادلها بين اجهزه المخابرات داخل الدوله ذاتها او بينها وبين دول اخري حليفه, وهذا ما يساعد علي تقديم خدمه المتابعه والملاحقه والتخطيط والتنسيق.
6 عمليات التجسس ببث برامج علي الجهاز في حال اتصاله بشبكه الانترنت او بث برامج خفيه بمرحله تصنيع الجهاز ويتم تصديره الي منشات حيويه في بلد ما او التجسس علي الاتصالات البريديه والصوتيه عبر الانترنت.
7 شن حرب المعلومات للتاثير علي عمليات التخزين والادخال والمعالجه والارسال والتحكم في نظم المعلومات للمنشات الحيويه والاستراتيجيه للطرف المستهدف.
البقاء للاقوي
لتنفيذ اهداف الدول الكبري في استخدامها للانترنت انتهجت سياسات ثابته لدعم التجسس وانظمته عبر الانترنت والاتصالات السلكيه واللاسلكيه والموجات والترددات والاقمار الصناعيه, وليصبح العالم في حاله انكشاف معلوماتي تستطيع الدول الكبري توظفيها اقتصاديا وسياسيا وعسكريا.
وقد تناثرت معلومات حول اتفاق سري وشراكه مع موقع جوجل علي الانترنت لاداره معلومات العالم لصالح وكاله المخابرات المركزيه الامريكيه, والذي استخدمته بالفعل في وضع قائمه العقوبات الدوليه علي شخصيات ايرانيه, كما طالبت بريطانيا من موقع جوجل للخرائط ازاله موقع القواعد العسكريه من علي برنامجها خشيه تعرضها لهجمات, وانشات الولايات المتحده موسوعه علي الانترنت' انتيليبيديا' في ابريل2006, وذلك لاحداث تغيير جذري في ثقافه اجهزه الاستخبارات الامريكيه بتعميم المعلومات بين اجهزتها.
ومازالت الولايات المتحده تحتفظ باحتكار اداره الانترنت, وتقوم بتوجيه اقمار تجسس لرصد اتصالات الاجهزه السلكيه واللاسلكيه عن طريق التقاط الاشارات الكهرومغناطيسيه وارسالها حول العالم لتدخل الي اجهزه كمبيوتر متطوره لتحليلها, ويشارك في عمليه الالتقاط هذه مشروع ايشلون بالتعاون مع الولايات المتحده وبريطانيا ونيوزيلاندا واستراليا وكندا_,_ كما ان هناك تحالفا استخباراتيا يتكون اعضاوه من الدول المتحدثه بالانجليزيه يسمي يوكوزا(UKUSA), وفي ابريل2004 قرر الاتحاد الاوروبي انفاق11 مليون يورو لتطوير نظم اتصالات مومنه وفق مشروع'SECOQC' وهو نظام يعتقد انه لا يمكن اختراقه من اي برامج تنصت او تجسس في العالم.
وفي فبراير2005 قامت اجهزه لاستخبارات الامريكيه باجراء'مناوره الكترونيه' سميت بالعاصفه الافتراضيه'CyberStorm' ووضعت البني التحتيه الحيويه لمحاكاه هجوم الكتروني, وتقوم كل من الصين وروسيا بفحص شامل للاجهزه الالكترونيه المستورده من الولايات المتحده او من حلفائها قبل دخولها اراضيها وذلك منعا لمحاولات التجسس او ارسال رسائل مشفره الي مصدر استخباراتي معاد.
وقامت اسرائيل بتاسيس مكتب المخابرات عبر الانترنت عام2001 بالتعاون مع وكاله الاستخبارات المركزيه الامريكيه لاستقطاب شباب العالم الثالث, حيث تم تقسيم هذه العمليه الي عده محاور منها محور الصراع مع اسرائيل ومحور العداء لامريكا في امريكا اللاتينيه, والتعاون عبر الاقمار الصناعيه والمواقع البريديه وغرف الدردشه وتجنيد عملاء الانترنت, وهم من اهم الركائز الاعلاميه لاجهزه المخابرات الاسرائيليه والامريكيه.
ويطرح ذلك عددا من التحديات الخاصه بامكانيه التعرض لحرب معلومات خاصه ان الطرف الاقوي له ميزه الضربه الاولي, حيث ياتي الضعيف دائما متاخرا, وهذا ما يستلزم وجود متطلبات وشروط الامن الرقمي ليدخل ضمن الامن القومي للبلد في مفهومه الشامل, وضروره انتهاج سياسه وطنيه لامن المعلومات بعد تحديد مصادر واشكال الخطر التي تهدد البنيه التحتيه للمعلومات, والتي لم تعد مقصوره علي الاشكال التقليديه, بل اصبح لها اوجه رقميه الكترونيه غير مسبوقه في شمولها وعمقها واختلافها واتساع نطاق تغطيتها, فضلا عن فداحه اضرارها وذكاء منفذيها وتعقد الياتها وتواصل هجماتها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق