الجرافين: سعيًا وراء الكربون الفائق
خصائص الجرافين المبهرة تَعِدُ بثورة تكنولوجية، لكن قد يقتضي
الأمر مليار يورو للتغلب على بعض المشكلات الأساسية.
مارك بِبْلُو
يظهر السيد جي متفرسًا في ملصق حائطي لتجنيد وتوظيف الخبرات
بأحد مباني الهندسة بجامعة كمبريدج، بالمملكة المتحدة،. ينتفخ رداؤه الكاريكاتوري وراءہ،
وتتموج عضلاته المرسومة تحت زيِّه، وصدره مزركش بحرف G داخل مضلع سداسي، وتشير سبابته للناظر إليه مباشرة: «أريدك لسفينة قيادة
الجرافين!»، هكذا يعلن المحارب الكاريكاتوري، مناصرًا مادة فائقة، كما هو أيضًا سوبرمان.
والجرافين هو أكثر المواد رقة على الإطلاق: رقاقة مفردة،
سُمْكها من ذرات الكربون، تتخذ شكلًا نمطيًّا كخلايا قرص العسل سداسية الأضلاع. والجرافين
صلب كالماس، وأقوى من الصلب مئات المرات، لكنه في الوقت نفسه في غاية المرونة، بل وقابل
للمط. يوصل الكهرباء عند درجة حرارة الغرفة أسرع من أي مادة أخرى معروفة، ويمكنه تحويل
الضوء من أي طول موجي إلى تيار. وخلال العقد الماضي منذ فُصل الجرافين لأول مرة، اقترح
الباحثون عشرات التطبيقات الممكنة، من رقائق (شرائح) حاسوبية أسرع، وشاشات لمس مرنة
إلى خلايا طاقة شمسية وأغشية تحلية مياه عالية الكفاءة.
إنّ تسخير خواص الجرافين المميزة للاستخدام العملي أثبت أنه
التحدي الكبير. فالجرافين معقد، وتكلفة صنعه في رقاقات كبيرة باهظةٌ، حيث تكون به عادة
عيوب كثيرة وتمزقات على المستوى الذري، فتفشل في مضاهاة الخواص المدهشة لرقاقات الجرافين
الصغيرة المدروسة بالمختبر. وحتى لو جاءت النوعية جيدة، ليست هناك طرق صناعية للتعامل
مع أشياء بالغة الرقة، أو لدمجها بمواد أخرى؛ لإنشاء منتجات مفيدة. والأكثر من ذلك..
هناك ضعف فائق بالجرافين، فإلكتروناته قد تكون فائقة الحركة، لكن الخواص الأخرى تجعله
غير ملائم أساسًا كمفتاح للتشغيل والتعطيل، الذي يمثل لب الإلكترونيات الرقمية.
ومن ثمَّ تأتي حملة السيد جي للاستعداد للمواجهة، حيث ابتُدِعَت
هذه الشخصية في 2011 للمساعدة في ترويج انطلاقة متعددة الجنسيات لمشروع سفينة قيادة
الجرافين: مجهود أوروبي خالص يكلف مليار يورو (1.35 مليار دولار) ويمتد عِقدًا، بهدف
نقل الجرافين من منصات المختبرات إلى عنابر المصانع. وليس فقط الجرافين... فأنصار المشروع
يريدون أيضًا دراسة أكثر من عشر مواد أخرى ذرية السُمْك، اكتُشفت على إثر الجرافين—ولو
استُخدمت غلافًا للجرافين؛ فقد تساعد في التغلب على تحديات استخداماته1.
نجحت الحملة.. فقد أطلقت المفوضية الأوروبية إشارة البدء
في مشروع سفينة قيادة الجرافين في يناير 2013 (انظر: Nature 493, 585–586; 2013).
يمثل المشروع فعلًا أكبر مجهود في العالم في مجاله، مستقطبًا مئات العلماء من 17 دولة
أوروبية، وسوف ينمو أكثر بعد إطلاق سفينة القيادة أول دعوة لمقترحات مشروعات إضافية
في 25 نوفمبر الماضي.
حمَّسَ ضخ الأموال والطاقة أوساط الاهتمام بالجرافين، حسب
قول أندريا فراري، مدير مركز جرافين كمبريدج، ورئيس المجلس التنفيذي للمشروع. يقول
فراري، الذي يعرض جدار مكتبه ملصق السيد جي الإعلاني: «لم ينخرط أحد في أي شيء بهذا
الحجم من قبل».
العديد من الأطراف
يتساءل البعض إنْ كان المشروع ضخمًا جدًّا.. أيكون مجهود
تعاون بين الأكاديميات والصناعة ـ والمغلول حتمًا بقيود بيروقراطية مثل هذا المشروع
الضخم ـ أفضل طريقة لإنجاز ثورة تكنولوجية؟ يقول فايدون إيڤوريس، الباحث في الجرافين
وتكنولوجيا النانو بمركز أبحاث توماس واتسون، التابع لشركة IBM في يوركتاون هايتس، نيويورك: «هذه ليست طريقة حقيقية لتطوير المنتجات».
بعض الباحثين المنخرطين في المشروع قَلِقَ من أن القوى السياسية، وليس الأولويات العلمية،
هي التي سوف توجه تخصيص الموارد المالية خلال السنوات القليلة القادمة.
إنّ احتمالات نجاح سفينة القيادة تبدو قوية بما يكفي لأنْ
تقوم الحكومات وشركات صناعية مشاركة ـ مثل نوكيا، وإيرباص ـ بتغطية نصف تمويل المشروع،
حيث (ستقدم المفوضية الأوروبية باقي التمويل). يقول مدير سفينة القيادة جاري كيناريت،
ومقره بجامعة تشالمرز للتكنولوجيا بِجوتنبرج، بالسويد: «آمل بعد عشر سنوات أن تصبح
تقنيات الجرافين ومواد الرقائق الأخرى في التيار العام». وبالضبط كما نفعل الآن مع
البوليمرات وأشباه الموصلات والسيراميك. يؤكد كيناريت: «ينبغي أن نعتبر الجرافين أمرًا
مفروغًا منه».
ينقسم برنامج سفينة القيادة إلى 16 حزمة عمل، معظمها مستهدف
بتطبيقات متطورة كالإلكترونيات عالية التردد، وأجهزة الاستشعار، وتخزين الطاقة. وتبلغ
قيمة الموارد المخصصة لمقترحات المشروعات في نوفمبر الماضي 9 ملايين يورو، وهي مجرد
بداية لمرحلة تكثيف أبحاث التطوير البالغة مخصصاتها 54 مليون يورو، ويُتوقع تسليم أول
موجة نماذج أولية بحلول عام 2016.
ولن تكون هناك رقائق جرافين حاسوبية، أو أجهزة استشعار جرافينية،
أو خلايا جرافين شمسية بدون إمدادات متواصلة من الجرافين ذاته. إنّ أحد أهم التحديات
لسفينة القيادة هو إيجاد طرق أكثر اقتصادية وموثوقية لإنتاج رقاقات عالية الجودة من
الجرافين.
وما زالت أغلبية مختبرات الأبحاث تصنع الجرافين باستخدام
طريقة بدأها منذ 2004 أندريه جايم، وقنسطنطين نوفوسيلوف بجامعة مانشستر، بالمملكة المتحدة،
اللذان فازت أبحاثهما بجائزة نوبل للفيزياء في عام 2010. توصّل جايم ونوفوسيلوف إلى
استخدام شريط لاصق عادي للمس الجرافيت العادي، مكون من طبقات جرافين بالمليارات، مكوّمة
فوق بعضها، ويمكن تقشيرها كرقاقات كربون صغيرة. وبتكرار تجزئة هذه الرقاقات، ينتهي
أمرها إلى جرافين2. استطاع أي مختبر استخدام هذه التقنية؛ ومن هنا اندلعت أبحاث الجرافين.
وهذه الطريقة أبطأ وأصعب كثيرًا من أن تُستخدم للإنتاج الصناعي.
فصنع رقاقة جرافين بحجم ميكرومتر واحد بهذه الطريقة يكلف أكثر من 1000 دولار؛ مما يجعل
جرام الجرافين ـ مقارنة بغيره ـ من أغلى المواد على الأرض.
يعتمد الأسلوب البديل الأبرز3 على «ترسيب الأبخرة الكيميائية
« CVD،
حيث يُضخ غاز الميثان في رقاقة نحاسية محفزة مسخنة لدرجة حرارة 1000 مئوية. ومع تفكك
الميثان، تبدأ جزر صغيرة من الكربون في النمو على رقاقة النحاس، وتترابط معًا لتشكل
رقاقة خليط بلوري متعدد من الجرافين. وتُستخدم الكيميائيات الصلبة لإزالة النحاس، والحصول
على رقاقة جرافين بعرض عشرات السنتيمترات، يمكن نقلها فوق ركيزة من سيليكا أو بوليمر.
وبهذه العملية، تصل تكلفة متر الجرافين المربع أقل من 100 ألف دولار، لكن المنتج غالبًا
مليء بعيوب تُخِلّ بخواصه الكهربية، مما يجعله أضعف كثيرًا من الرقاقات المنتجة بطريقة
الشريط اللاصق.
خطة صناعية
يعالج برنامج سفينة القيادة هذه المشكلة جزئيًّا عبر شركائه
الصناعيين، كشركة «جرافينيا» بِسان سباستيان، إسبانيا، التي تصنع بالفعل نحو 15 مترًا
مربعًا من الجرافين سنويًّا. ويُفترَض أن تستفيد من صفقة وقعت في سبتمبر الماضي، ستقوم
بموجبها شركة إنتاج جرافين ناشئة «بلوستون جلوبال تيك» Bluestone Global Tech،
ومقرها وابنجرز فولز بنيويورك، بافتتاح منشأة تجهيز ما قبل الإنتاج ومكاتب بمعهد الجرافين
القومي، بمانشستر، مركز مجهود الجرافين ببريطانيا. بدأت بلوستون السنة الماضية تسريع
عجلة الإنتاج، وخفض التكاليف باستخدام فقاعات الهيدروجين لندف طبقات الجرافين الأحادية
بعيدًا عن رقاقة النحاس بدون خدش5،4.
وحتى عملية إنتاج بلوستون للجرافين «لا تزال طريقة معقدة
جدًّا لإضافة الجرافين إلى ركيزة»، حسبما يقول تاباني ريهانن، رئيس أبحاث أجهزة الاستشعار
والمواد بشركة نوكيا الفنلندية، وعضو المجلس الاستشاري لسفينة القيادة. وتهدف سفينة
القيادة إلى صقل عملية ترسيب الأبخرة الكيميائية، وتحسين طرق الإنتاج البديلة. كذلك،
تمثل عملية النقل الصعبة للجرافين الطازج من رقاقة (النحاس) المحفزة إلى ركيزة جديدة
إشكالية أخرى. ولو بُسِط الجرافين الطازج على ركيزة سيليكون، مثلا، لتجعَّد وانثنى.
وأحد الحلول أن يُنتَج الجرافين مباشرة فوق ركيزة، أو فوق طبقة أحادية متينة واقية،
مثل نيتريد البورون، وهي عملية استُخدمت على نطاق صغير في السنة الماضية6.
وفي نهاية المطاف، يقول رود رويوف بجامعة تكساس بأوستن، الذي
قاد تطوير طريقة إنتاج الجرافين بترسيب الأبخرة الكيميائية، إنّ أفضل طريقة لخفض التكاليف
والدفع بالجرافين إلى التيار العام هو صنع طبقات جرافين أحادية عالية الجودة من الجرافيت
الخام—تقشير على المستوى الصناعي. ستبحث سفينة القيادة المعاملات الكيميائية، والاهتزاز
فوق الصوتي، وغيرها؛ لكن الطريقة العملية والقابلة للقياس تبدو بعيدة المنال الآن.
يقول رويوف: «نحتاج هنا إلى إنجاز كبير».
ورغم تحديات تصنيعه، يسارع المتحمسون للإشارة إلى وصول الجرافين
إلى الأسواق بالفعل. فالجرافين متعدد الطبقات، حيث تكون الرقائق مكومة فوق بعضها، يُستخدم
لتقوية مضرب التنس الذي تنتجه «هيد» Head للأدوات الرياضية، مثلًا، ويُستخدم لتشكيل دائرة موصِّلة في تغليف يكافح
السرقة لشركة «ڤوربك مَتيريالز» Vorbeck Materials، في جيسَب، ميريلاند.
وهذه الأشكال من الجرافين الأرخص تضم نطاقًا من البِنَى المختلفة،
هي أساسًا قطع جرافيت نانومترية الحجم. وخواص خليط الشظايا السخامي هذا لا تضاهي قوى
الجرافين الفائقة لدى السيد جي، التي تبلغ أوجها في طبقات بِكر أحادية الذرة وترتيب
ذري مثالي فقط. في هذه الحالة فحسب، تتدفق الإلكترونات بسرعة أكبر من أي مادة أخرى.
ولتحريك التيار خلال أي بلورة، ينبغي للإلكترونات أولًا إزالة
عائق يسمى فجوة النطاق: الطاقة المطلوبة لإطلاقها من الذرات الفردية وإفلاتها لتتجول
بحرية. تكون لدى المواد العازلة فجوة نطاق كبيرة، أي أن إلكتروناتها مقيدة بشدة إلى
ذراتها، وتحتاج دفعة طاقة ضخمة لبدء الحركة (انظر: «انتبه للفجوة»). أما فجوة نطاق
أشباه الموصِّلات، كالسيليكون، والجرمانيوم فتكون أصغر كثيرًا، وبذلك تحتاج دفعة طاقة
صغيرة. إنّ المعادن ليست لها فجوة نطاق إطلاقًا؛ فهي موصلات جيدة، لأن بعض إلكتروناتها
على الأقل تكون حرة دائمًا، لكن الجرافين يتموضع بالضبط على الحدود، متمتعًا بفجوة
نطاق متناهية الصغر، تساعد التيار ليمر عبر السداسيات المتشابكة أسرع بمائة إلى مائتين
مرة من سرعته عبر السيليكون7.
تجعل فجوة النطاق الضئيلة هذه الجرافين نَهِمًا بصريًّا.
فالسيليكون يستطيع امتصاص الفوتونات بمستويات طاقة تفوق فجوة نطاقه فقط؛ فإذا أصابته
فوتونات طاقتها أضعف، لا تستطيع تحرير الإلكترونات من ذراتها الأصلية. وعلى نقيض ذلك..
يستطيع الجرافين امتصاص الفوتونات عبر الطيف المرئي وما وراءہ، محولًا طاقتها إلى تيار
كهربي. يقول دانيال نَيْماير من شركة الأبحاث المتعاقدة «أمو» AMO،
بآخِن في ألمانيا، الذي يقود رزمة تطوير الإلكترونيات عالية التردد لسفينة القيادة:
«حقيقةً، ليست هناك مادة أخرى لها خواص جيدة لكل من البصريات والإلكترونيات».
«لا أحد سيترك السيليكون، إذا لم يكن هناك سبب مقنع حقّا
لذلك»
وهذا المزيج من القدرات يجعل الجرافين مرشحًا واعدًا لتحويل
الفوتونات إلى إشارات كهربية. مكشاف الفوتونات الجرافيني، يتيح للرقائق الحاسوبية الاتصال
بواسطة الضوء، بدلًا من الإلكترونات كبديل أبطأ وأكثر استهلاكًا للطاقة. وهو تقدُّم
سيخفض استهلاك الطاقة، ويتيح للحواسيب التعامل مع البيانات بشكل أكفأ. ستكون مِكْشافات
الفوتونات الجرافينية أصغر من المكشافات الراهنة المصنوعة من الجرمانيوم، ويمكنها التعامل
مع نطاق عريض من الأطوال الموجية؛ مما يتيح لها تفسير إشارات متعددة مجمعة معًا بالشعاع
نفسه (انظر: Nature
http://doi.org/pz2; 2013).
يفيد الجرافين أيضًا في أجهزة المسح الطبي والأمني التي تستخدم
إشعاعًا بمستويات تردد عند التيراهرتز. فتوليد ومعالجة موجات التيراهرتز، الواقعة بين
منطقتي تحت الحمراء والمايكروويف بطيف التردد، يتطلب غالبًا أجهزة ضخمة أو تبريدًا
شديدًا، لكن أجهزة الجرافين مضغوطة، ويمكنها توليد أو اكتشاف الموجات بدرجة حرارة الغرفة.
وحسب قول إيڤوريس، فإن هذه ربما تكون أفضل فرص الجرافين لفتوحات تطبيقية، لأنه قد يجد
دورًا لم تشغله أي مادة أخرى راسخة الاستخدام بعد.
ويرى آخرون أن خاصية الجرافين البصرية الأبرز (وهي شفافيته)
قد تثمر تطبيقها الرئيس الأول في صناعة الإلكترونيات. وحاليًا، تطوِّر «سامسونج» وشركات
آسيوية أخرى أقطاب جرافين شفافة، كشاشات لمس للهواتف الذكية. فأقطاب أكسيد قصدير الإنديوم
المستخدمة اليوم قابلة للكسر، بينما الجرافين قوي ومرن. ورغم أن شاشات اللمس الجرافينية
أغلى حاليًا من الأنواع التقليدية، «إلا أن التكلفة تنخفض بسرعة مع تعزيز حجم الإنتاج»،
حسب قول يو–مينج لين، أحد مؤسسي شركة «بلوستون».
عيوب الجرافين
عندما يتعلق الأمر بالإلكترونيات الرقمية، فقوة الجرافين
الكبرى هي أيضًا ضعفه الأكبر. ومبدئيًّا، إلكتروناته المتحركة للغاية تتيح لترانزستورات
الجرافين معالجة البيانات بمعدل عالٍ جدًّا، بل تتجاوز سرعة بعض أجهزتها لمعالجة البيانات
400 جيجاهرتز، أي أسرع بمرات عديدة من أجهزة السيليكون الموازية لها8، لكن افتقاد الجرافين
عمليًّا لفجوة النطاق يجعل من الصعب جدًّا ‘تعطيل’ التيار، بعد أن بدأ يتدفق، وهي عقبة
خطيرة لعمليات المنطق الرقمي، التي جوهرها تشغيل وتعطيل التيار. واستخلاص الجرافين
باستخدام مواد أخرى، أو تقطيعه أشرطة ضيقة، يمكن أن ينشئ فجوة نطاق صغيرة، لكن هذا
يبطئ أيضًا تدفق الإلكترونات. لذلك.. يحاول الباحثون ضبط خواص الجرافين الكهربية بالجمع
بين الجرافين ومواد أخرى أحادية الطبقة، مثل نيتريد البورون أو ابتداع ترانزستورات
ثاني كبريتيد الموليبدينوم وثاني سيلينيد التنجستن9–11.
ما زال طريق الجرافين ليحل محل إلكترونيات السيليكون طويلًا،
حسب قول تيم هارپر، بشركة تطوير التكنولوجيا «سَيَنتيفيكا» Cientifica،
بلندن: «لا أحد سيترك السيليكون إنْ لم يكن هناك سبب مقنع حقًا لذلك». وفي الأمد القريب،
ستكون نقطة رواج ترانزستور الجرافين الكبرى هي قدرته على العمل عبر نطاق من الجهد الكهربي،
وليست أي قدرة على التعطيل والتشغيل. وقد تضم التطبيقات أجهزة استشعار لملوثات البيئة،
أو لمستويات أكسجين الدم، أو مرسلات ومستقبلات بالهواتف المحمولة. وبنهاية مرحلة الثلاثين
شهرًا لتكثيف برنامج سفينة القيادة، سيكون هدف نَيْماير بناء نماذج أوليّة تثبت إمكانات
الجرافين بهذه المجالات. يقول نيماير: «التوقعات في اللحظة الراهنة كبيرة جدًّا».
وهناك أيضًا مخاوف لبعض الباحثين. فباعتبارها أحد أبرز مشروعات
أوروبا العلمية الرفيعة، فإن سفينة قيادة الجرافين معرضة للإبحار في مياه سياسية غادرة..
فالمفوضية الأوروبية تريد لسفينة القيادة أن تكون شاملة قدر الإمكان، للتأكيد على أن
الدول الأعضاء الأقل تمثيلًا حصلت على قطعة من العمل. وإحدى عواقب ذلك.. أن الدعوة
لمقترحات المشروعات في 25 نوفمبر الماضي مفتوحة فقط لشركاء جدد، حيث يُحظر على مجموعات
أبحاث مشروع سفينة القيادة التقدم بعطاءات للاستفادة من تلك الأموال. يقول كيناريت:
«جاء ذلك كالمفاجأة». فالقاعدة المتبعة هنا تستبعد كافة الباحثين الذين سجلوا جماعيًّا
عبر شبكات الأبحاث القومية، كالمركز القومي للأبحاث العلمية (CNRS)
بفرنسا، وجمعية ماكس بلانك بألمانيا، والمجلس الأعلي للأبحاث العلمية (CSIC)
بإسبانيا. مارست الشبكات القومية ضغوطًا على المفوضية الأوروبية لتغيِّر تلك القاعدة،
لكن كيناريت يقول «لم نكن ناجحين».
يتوقع كيناريت أن يتغير هذا التقييد في السنة القادمة لدى
دخول برنامج الاتحاد الأوروبي «هورايزن 2020» حيز التنفيذ، وتتوافر مسارات تمويل أخرى
في الوقت نفسه، لكنْ هناك شعور بالتشاؤم لدى بعض الباحثين، حيث يتخوف فيراري من مخاطر
إغفال الهدف الأصلي: ثورة تكنولوجية حقيقية في عشر سنوات. وبتجزئة أموال سفينة القيادة
إلى كتل أصغر، وتوزيعها بشكل أوسع، يمكن لأوروبا إسعاد دول أعضاء أكثر، لكن قد يضعف
هذا من تأثير المشروع. يؤكد فيراري أن «الامتياز يجب أن يكون هو المعيار».
في تلك الأثناء، تواجه أوروبا منافسة قوية من آسيا في سباق
تحويل الجرافين إلى منتجات. فرغم أن الاتحاد الأوروبي هو الأول عالميًّا في إنتاج أبحاث
الجرافين الأكاديمية، لكن مكتب الملكية الفكرية التابع للحكومة البريطانية في نيوبورت
أورد في مارس 2013 أن 15 من أصل 20 حائزًا على براءات اختراع تخص الجرافين هي شركات
وجامعات في الصين واليابان وكوريا الجنوبية، مع تصدُّر «سامسونج» بشوط كبير. وبعض شركات
التصنيع الصينية تقول إن الأجهزة المحمولة المجهزة بشاشات لمس جرافينيّة ستُطرح في
الأسواق في هذا العام.
لقد قادت أوروبا العالَمَ في أبحاث الجرافين الأكاديمية،
لكنها تأخرت في التطوير. يقول كيناريت: «هذا هو ما نأمل أن نغيِّره».
References
Geim, A. K. & Grigorieva, I. V. Nature 499,
419–425 (2013).
Novoselov, K. S. et al. Science 306, 666–669
(2004).
Li, X. et al. Science 324, 1312–1314 (2009).
Gao, L. et al. Nature Commun. 3, 699 (2012).
Wang, Y. et al. ACS Nano 5, 9927–9933 (2011).
Yang, W. Nature Mater. 12, 792–797 (2013).
Chen, J.-H., Jang, C., Xiao, S., Ishigami, M.
& Fuhrer, M. S. Nature Nanotechnol. 3, 206–209 (2008).
Cheng, R. et al. Proc. Natl Acad. Sci. USA 109,
11588–11592 (2012).
Hunt, B. et al. Science 340, 1427–1430 (2013).
Radisavljevic, B., Radenovic, A., Brivio, J.,
Giacometti, V. & Kis, A. Nature Nanotechnol. 6, 147–150 (2011).
Liu, W. et al. Nano Lett. 13, 1983–1990 (2013).
هناك تعليق واحد:
هل يعد هذا من تقنيات النانو ؟؟؟
إرسال تعليق