منتدى «السلام الأزرق» في
اسطنبول:
الحوار والتعاون لحل صراعات المياه في الشرق الاوسط
عمر
الحياني – استطنبول
يعد الصراع
المستقبلي على المياه في الشرق الاوسط القضية البارزة التي تواجهه دول المنطقة في ظل المتغيرات
والمؤشرات التي تعصف بها .
فخلال
الخمسين سنة الاخيرة تصاعد الطلب على المياه في أعقاب التزايد الكبير لأعداد
السكان مع بروز نقص حاد في الموارد المائية مرتبطا بقضايا التلوث البيئي والتغيرات المناخية
والاستخدام السيء لها مع غياب مفهوم الادارة
المستدامة والكفؤة للموارد المتاحة .
ولأن تحقيق
الأمن المائي من الأولويات التي يفرضها المستقبل ، لاسيما في منطقة تعاني من شح في
الموارد المائية في ظل وجود موارد مائية مشتركة بين عدد من الدول وخاصة العراق ، وسوريا ، والاردن ، ولبنان بالإضافة الى تركيا ، كان لابد من ظهور تحركات
سريعة لمواجهة احتمالات الصراع
على تلك الموارد .
وقد
برزت مبادرة «السلام
الأزرق في الشرق الأوسط» التي أطلقت عام 2010 في الاردن والتي تهدف الى استخدام المياه
كأداة لصنع السلام وتعزيز التعاون لآجل تحقيق الأمن المائي في المنطقة.
واستمرارا للمبادرة السابقة عقد منتدى
"السلام الازرق في الشرق الاوسط " في اسطنبول
بتركيا في الفترة من (19-20 سبتمبر/ أيلول 2014)، الذي نظمته مجموعة الاستبصار
الاستراتيجي وجامعة (MEF)
بإسطنبول والإدارة
السياسية لوزارة الاتحادية السويسرية للشئون الخارجية، وعدد من الخبراء والمتخصصين
ونواب بشأن المياه.
وقد شارك في المنتدى 90 شخصا من صانعي السياسات وأعضاء البرلمان، و ووزراء سابقين
وقادة وسائل إعلام وأكاديميين وخبراء في مجال المياه من مختلف أنحاء الشرق الأوسط .
وقد تمحورت الجلسات النقاشية والحوارية في المنتدى حول مفهوم موحد ومشترك
بأن «المياه ليست ملكاً لدولة فهي مَورد إقليمي مشترك».
كما تطرق المنتدى الى
أبعاد
الصراعات الدولية حول المياه وتأثيراتها
السلبية بين الدول المشتركة
في الموارد المائية كتركيا ، والعراق ، وسوريا ، ولبنان ، والاردن .
ونوه المشاركون في
المنتدى بأهمية العمل على تفعيل الحوار كأداة للتفاوض المستقبلي لحل المشكلات
المائية وتقاسم موارده بعيدا عن الحروب ودورات الصراعات المتواصلة .
ادارة مشتركة للموارد
المائية
وتظل الادارة المشتركة
للموارد المائية حل وحيد ومقبول لحل اشكاليات المياه ووفق التجارب التي عرضت في هذا الجانب أبدى المشاركون
في المنتدى إهتماما بالغا بأهمية استفادة الدول
العربية الأربع وهي سورية والعراق والأردن ولبنان بالإضافة لتركيا من تجارب سويسرا
بنهر الراين والسنغال في إدارة مواردها المائية المشتركة، بطريقة مستدامة قائمة على
الادارة المشتركة للموارد المائية .
وهو ما أكده وزير الزراعة
والموارد المائية في حكومة إقليم كردستان، العراق. عبد الستار مجيد القادر، في كلمته التي القاه في المنتدى بقوله أن "الإدارة
الجماعية للموارد المائية ضرورية للغاية ، ويمكن تحقيقها بالتعاون والاستخدام المستدام
للموارد الحالية وعبر استكمال الموارد مع وسائل أخرى مثل مياه الأمطار والينابيع واستخدام
تكنولوجيا متقدمة".
هذا
وقد عرض بامدين ضمن جلسات المنتدى تجربة
حوض نهر السنغال في ادارة المياه المشتركة بين الدول المجاورة مثل موريتانيا، السنغال ، غينيا وتقاسم
المنافع من خلال الإدارة المشتركة للنهر وبما يعزز الاكتفاء الذاتي من خلال توزيع
المياه لأغراض الزراعة والري حسب حاجات المزارعين في حوض السنغال .
وفيما يخص اتخاذ القرارات بشان القضايا التي
تواجههم أكد بامدين "ان الية اتخاذ القرارات بين دول الحوض تتم بالتوافق وليس
بالتصويت " .
موضحا
انه وعلى الرغم من التوترات التي كانت سائدة بين موريتانيا والسنغال في الفترة ما
بين عامي 1989و1992 كان المسئولون في المنظمة
يلتقون ويتحاورون بشكل ملفت وبطريقة رائعة ".
وقد تطرق المنتدى الى
قضايا التغيرات المناخية والاحتباس
الحراري وتأثيراتهما على مناسيب المياه
وتدفقها مع استمرار النمو السكاني وتدهور البيئة .
حيث
تعد التغيرات المناخية والاحتباس الحراري عاملان مؤثران على الموارد المائية ، ولمواجهة هذان العاملان
يجب الالتزام المتبادل بالتعاون في سبيل توفير المياه في ظل الضغوط الإضافية بسبب تدفق
أعداد كبيرة من اللاجئين بسبب الصراعات المستمرة في كلا من العراق وسوريا .
وقد
شدد المشاركون في المنتدى على انه لا ينبغي
ان يستخدم الماء كورقة ضغط في العلاقات بين الدول، ولكن بالأحرى أن ينظر للمياه
المشتركة كأداة لتطوير الحوار والسلام.
وعلى ضوء ذلك، قالت الخبيرة في مجال المياه، أمين
عام وزارة المياه والري السابق في الأردن ميسون الزعبي: إن «الفكرة من منتدى
السلام الأزرق للمياه بأن تستخدم المياه في صنع السلام والحوار بدل أن تستخدم
المياه كسلاح للحروب وقتل الشعوب».
مضيفة «جاءت الفكرة بأن تكون المياه لصنع السلام ولغة
الحوار وأن تكون هناك حلقات من التعاون المستمر بين الدول المشاركة وهي العراق
والأردن ولبنان وسورية بالإضافة لتركيا، باعتبار إنها تشارك في أحواض مياه مشتركة».
وقد اقر المنتدى "السلام
الازرق" في ختام جلسات مناقشته سبعة مبادئ
للتعاون بين الدول الاقليمية بحيث تشكل ركيزة للعمل الجماعي لعل ابرزها إنشاء مجلس
تعاون من أجل الإدارة المستدامة للموارد المائية في الشرق الأوسط وبما يشكل جسر
لبناء الثقة بين البلدان عن طريق تبادل البيانات والمعلومات والتكنولوجيا .
والسعي الى تحقيق الامن المائي
والغذائي والطاقة ، وضرورة التعاون لإدارة مخاطر المناخ وتحسين ادارة المياه بطرق مستدامة مع رفض
استخدام المياه كأداة للحرب .
وذكرت الزغبي «لكي نخرج بتوصيات مناسبة قمنا
بإجراء دراسة عن كل دولة، وأهم توصية خرجت من الدراسة أن ينشئ مجلس إقليمي للمياه
من شأنه جعل الدول العربية مع تركيا أن يتشاركوا في الرأي والدراسات التي تهدف
لإدارة متكاملة مع مصادر المياه».
كما شددت «على أن يكون الإعلام جزءاً أساسياً
ومطلعاً على مانقوم به، فهو لغة التواصل بين الشعوب وقررنا أن يشاركنا في المنتدى
أشخاص قريبون من صناع القرار لكي يوصلوا توصياتنا ودراساتنا لهم بشأن حثهم على
إيجاد حلول لأزمة المياه».
وللاطلاع على تجارب الآخرين، تقول الزغبي «قمنا
بزيارة لنهر الراين في سويسرا للإطلاع على تجاربهم في مجال المياه، كما ستكون
لدينا زيارة لفيتنام لنتعرف على نهر نيكتون، وقد اطلعنا في هذا المؤتمر على تجربة
السنغال الناجحة في إدارة المياه».
وفي
نهاية المنتدى، قالت مديرة «منتدى السلام الأزرق في الشرق الأوسط»، أمبيكا فيشواناث
«اتفق المشاركون على ضرورة التعاون بين الدول المعنية لإدارة الموارد المياه
المشتركة وخاصة سورية، لبنان، العراق، الأردن وتركيا.
كما شددت على بناء الثقة وتعزيز روح التعاون وبما يساهم في تبادل
المعلومات التكنولوجيا، و تقاسم المنافع وخلق ادارة قادرة على صنع تنمية مستدامة للجميع يحفظ الحقوق المائية للكل
وبما يساعد على الامن المائي والغذائي والطاقة،
وإدارة مخاطر التغيّر المناخي، وعلى كل دولة إدارة مواردها المائية بكفاءة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق