الخميس، 19 يونيو 2014

حصار البكتيريا



حصار البكتيريا 

دكتور :- مروان الغفوري 

هذا الصباح في الغارديان عن مجلة "Nature" ـ واحدة من أهم المجلات العلمية في العالم ـ توصل العلماء في جامعة إيست أنغل في بريطانيا إلى اكتشاف "كعب أخيليس" في سر مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية.
كانت تقاير الأطباء، كما تذكرنا الصحيفة، تقول إننا على وشك العودة إلى زمن ما قبل المضادات الحيوية بظهور أنواع جديدة ـ سلالات محورة من البكتيريا قادرة على العيش وسط أقوى أنواع المضادات الحيوية على الإطلاق. كانت البشرية تتجه، بالفعل ووفقاً لدراسات علمية كبيرة وعديدة، إلى السقوط مرة أخرى في فخ البكتيريا القاتلة. ولا تزال الصورة، عملياً، كذلك حتى هذه اللحظة ..
بالمناسبة ظهرت أول سلالة مقاومة للبكتيريا في الحرب العالمية الثانية.
ثم صعدت المعركة كالتالي:
بكتيريا جديدة تقاوم المضادات الحيوية
الصناعات العلمية تحاول حصار البكتيريا.
البكتيريا تحاول الإفلات من حصار العلم، والطب.
ظهرت السلالة الثانية منتصف الستينات. ثم صعدت المعركة، وكسبت البكتيريا أرضاً جديدة حتى أصبح لدينا طيفاً كبيراً من البكتيريا الشرسة التي تقاوم غالبية أنواع المضادات الحيوية. أي بمقدورها القضاء المريض خلال وقت قياسي.
المثير في الصراع، حيوياً، أن العقل البكتيري أستطاع أن يناور عبر ميكانيزمات شديدة التعقيد، وينتصر حتى الآن على العقل البشري.
تذكروا أننا حتى ما قبل 1928، عندما اخترع الإنسان المضاد الحيوي لأول مرة، كان يكفي أن تصاب بخدش صغير حتى "يمكن" أن تموت بسهولة فيما لو تسللت البكتيريا إلى الجرح.
وقبل ألف عام من الآن كان متوسط عمر الإنسان حوالي 40 عاماً. حالياً في الدول المتقدمة حول الثمانين، يزيد أو يقل.
دراسة علمية نشرت قبل عامين افترضت إن واحداً من كل عشرة مواليد من بعد العام 2012 في ولاية شمال الراين، ألمانيا، سيتجاوز المائة عام.
لكن الدراسات الإكلينيكية كانت تعترض: خلال عشرين عاما من الآن قد تصبح عملية صغيرة أو متوسطة، مثل زراعة مفصل، شديدة الخطورة وقد تقضي على المريض.
ذلك أن تسلل بكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية يمكن أن تنهي حياته.
على سبيل المثال: هناك نوع من البكتيريا هو MRSA وهي سلالة من المكورات العنقودية شديدة الخطورة تقاوم طيفاً واسعاً من المضادات الحيوية. لا تزال نسبة الإصابة بهذه البكتيريا "داخل المشافي" مرتفعة حتى في أوروبا نفسها. دراسة علمية كبيرة قالت إن واحداً من كل اثنين يصاب بهذه البكتيريا في العنايات المركزة في أسبانيا، وواحد من كل خمسة في ألمانيا. بينما تنخفض النسبة إلى 2% في السويد.
الكشف العلمي القادم من انجلترا شديد الأهمية، يمكن القول إنه قد يدشن ثورة جديدة في الطب. يجري التفكير الآن في كعب أخيليس: الجدران التي تبنيها هذه السلالات حولها لتمنع اختراق المضاد الحيوي. هناك ميكانيزمات عديدة للمقاومة البكتيرية، بالطبع، غير أن "كعب أخيليس" هو الجدار. يقول الخبراء الذين أنجزوا الاكتشاف إن تفتيت الجدران البكتيرية، الخرسانة التي تبنيها البكتيريا حول ذاتها، هو المخرج الواعد، وأنهم فهموا الطريقة التي تعمل من خلالها تلك الجدران.

يا لها من محاولة عظيمة للخروج من الزمن الرديء الممتد من داعش حتى ال MRSA ..
م. غ.

ليست هناك تعليقات: