الجمعة، 31 أغسطس 2012

روح لينداو تجمع علماء نوبل للعلوم


روح لينداو تجمع علماء نوبل للعلوم
ملتقى " سحر الفيزياء"



 المؤتمر الـ62لعلماء نوبل للعلوم- اكبر تجمع عالمي لعباقرة العالم وعلماء نوبل للعلوم 

عمر الحياني – لينداو  المانيا
نشر في مجلة تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات 

في اكبر تجمع عالمي لعلماء نوبل للعلوم  تستضيف  مدينة  لينداو  الالمانية  سنويا مؤتمرها العلمي للحائزين على جوائز نوبل في العلوم مع باحثين من جميع انحاء العالم في تجربة فريدة من نوعها  .
علماء نوبل في المؤتمر ال62 للحائزين على جوائز نوبل في العلوم
حيث نظمت مدينة لينداو خلال  الفترة من 1 -6يوليو(تموز)2012م فعاليات الدورة الـ62 لمؤتمر  الحائزين على جوائز  نوبل في العلوم تحت شعار" تعليم، إلهام، تواصل" بمشاركة  27 من الحائزين على جائزة نوبل في العلوم، وحوالي 592 باحثا شابا من 69 بلدا .
حدث علمي كبير جمع عباقرة العلم مع باحثين شباب من مختلف دول العالم ، عبر جلسات متنوعة  من المحاضرات والحوارات وحلقات النقاش العلمي  المخصصة  هذا العام لنقاشات حول مواضيع  في فيزياء الجزيئات وعلم الكون وقضايا الطاقة وتغير المناخ .
اكتشافا علميا قد يكون الأكبر في هذا القرن..
ولعل ابرز ما حدث في هذا المؤتمر اعلان اكتشافا علميا قد يكون الاهم في القرن الواحد والعشرين  فعلى هامش مؤتمر علماء نوبل  عقد الباحثون في مركز سيرن للأبحاث الاوربية  يوم  الاربعاء يوليو2012م مؤتمرهم    الصحفي أعلن خلاله  اكتشاف و رصد جسيما له خصائص مشابهة لما يعرف بـ"بوزون هيغز" المسؤول نظريا عن اكتساب المادة لكتلتها، وشكل نشأة  الكون .
وقد احدث هذا الخبر صدى عالمي  وتصدر هذا الاكتشاف الصفحات الاولى لكبريات الصحف والمواقع الإخبارية العالمية وغمرت الفرحة العلماء والباحثين في لينداو بإعلان هذا الاكتشاف الذي بدأ كنظرية ثم فكرة ثم مشروع ثم تجربة واخيرا ظهور بيانات أثبتت نتائجها وجود هذا الجسيم، حيث دارت جلسات علمية عقب المؤتمر لمناقشة أبعاد هذا الاكتشاف العلمي.
عمر الحياني - عبد الرحمن ابو طالب - لينداو المانيا
ووصف الباحث في الفيزياء الذرية والفضائية في جامعة هارفارد الامريكية  الدكتور محمد محمد زغر في تصريح خاص  بقولة  "ان هذا الاكتشاف يعد بمثابة بداية لمرحلة جديدة من البحوث المتعمقة في فهم المادة وتشكلها الاولي ، وسوف يخلق افاق جديدة للعلم وللعلماء.. من شأنها أن تضيء ألغازا في الكون ".
وتعود القصة إلى عام 1964، حيث كان العالم البريطاني بيتر هيجز واثنين من زملائه هما روبير بزو و فرنسوا انغلير قد افترضا نظريا وجود هذا الجسيم ضمن مجال كوني يتخلل كل الكون وآمن الكثير من العلماء بهذه النظرية التي تفسر كثير من الظواهر الكونية وتؤكد نظرية الانفجار العظيم الذي سبب الكون .
أعظم مشروع علمي على وجه الارض
ولكن كان لابد من الإثبات العملي لهذه النظرية واكتشاف ورصد هذا الجسيم وهذا يحتاج إلى محاكاة عملية بإجراء تجربة تصادم كونية نووية في ظروف بالغة التعقيد ولهذا الغرض ومن أجل هذه التجربة تم منذ منتصف الثمانينات البدء في بناء مصادم الهدرونات الكبير كأعظم مشروع علمي على وجه الأرض كلف أكثر من عشرة مليار دولار وشارك في بنائه عشرة آلاف فيزيائي ومهندس من مائة دولة ويعتبر هذا المصادم هو الأضخم والأعلى طاقة لتسريع الجسيمات في العالم في درجة تبريد تصل إلى 270 درجة تحت الصفر ويتكون من نفق دائري قطرة 27  كيلومتر على عمق 100 متر تحت سطح الأرض على الحدود الفرنسية السويسرية.

الباحثون العرب خارج التفاعل العلمي
ورغم اهمية المؤتمر العلمية  فان الجامعات ومراكز البحث العربية عازفة عن المشاركة في هذه المؤتمرات العلمية ، وفي تصريح خاص  اوضح  دكتور حسين سما عمري من دائرة الفيزياء  جامعة القدس  فلسطين " ان عدد المشاركين من العالم العربي  ثمانية مشاركين فقط بالرغم من اهمية المؤتمر العلمية و العالمية و ما يحتويه من  افكار هامة في جانب  الفيزياء و العلوم الاخرى "
ويضيف  " ان المؤتمر يوفر  فرصة  سانحة للحصول على المنح العلمية  للشباب و الباحثين من مختلف مراكز البحوث العالمية  ويعد المؤتمر تجمع استقطاب للباحثين "  ويؤكد في سياق حديثة "ان  الجامعات العربية والجهات الرسمية هي من يقع عليها التقصير في  مستوى التمثيل والمشاركة الهزيلة للباحثين العرب" .
اما الدكتور سيد سلامة احمد من  قسم الفيزياء  جامعة عين شمس فقد اوجز حديثة  بقولة " المؤتمر ملتقى علمي ومشاركة العرب هامة لأنه يعمل عملية تواصل ونقل تجارب وخبرات علميه وعملية  متبادلة ، لان عدم مشاركتنا في كهذا مؤتمرات  يجعلنا خارج نطاق ما يدور في العالم العلمي  ".
يواصل حديثة "مشاركة الباحثين في هذا المؤتمر يصقل الباحثين وحتى الطلاب ، بخبرات وأفكار  علمية جديدة  ، ويعمل على تغيير افكار الطلاب في كيفية التفكير وماذا نريد ان نعمل" .
الباحثون السنغافوريون برفقة رئيسهم
 وفي بادرة هي الاولى رافق رئيس دولة  سنغافورة الدكتور توني تان الباحثين السنغافوريين الي المؤتمر وكان على رأس ضيوف الشرف الذين حضروا المؤتمر هذا العام حيث أكد في كلمة ألقاها أمام الحاضرين اهتمام بلاده بالبحث العلمي كوسيلة لتحقيق التنمية المستدامة.. منوها إلى أن حضوره المؤتمر برفقة وفد الباحثين السنغافوريين يهدف إلى تحفيز وحث الشباب السنغافوري على الاهتمام بالبحث العلمي لصنع المستقبل.
رئيس دولة  سنغافورة الدكتور توني
وأضاف انه في بلد صغير كسنغافورة لا تتجاوز مساحتها 700 كيلومتر مربع ومواردها الطبيعية تساوي صفر لم يكن أمامهم سوى الاستثمار في المعرفة والعلوم بميزانية تقدر بستة مليار دولار سنويا مخصصة للبحث العلمي وهو ما جعل سنغافورة رغم صغرها من أهم اقتصاديات العالم بناتج قومي يقدر بحوالي 250 مليار دولار سنويا على حد تعبيره.
روح لينداو
على ضفاف بحيرة كونستانت في الجنوب الشرقي لألمانيا  بين الحدود الألمانية النمساوية السويسرية تقع جزيرة  لينداو  ضمن ولاية بافاريا , جمعت الجزيرة  بين  الفن المعماري القديم وروعة وسحر المكان .
 بهدوء يعيش  سكانها البالغ عددهم 3000 نسمة  على مساحة  نصف كيلو متر مربع  ، يتجاذب اليها السياح  من مختلف دول العالم  ، لكن صيتها الاشهر  نبع من استضافتها لمؤتمر ليندوا للحائزين على جوائز نوبل في العلوم منذ واحد وستين عاما عندما نشأت فكرة المؤتمر لدى عالمين فيزيائيين من لينداو هما فرانز كارل وجوستاف براد وبرعاية الكونت لينارت بيرنادوت.
جزيرة لينداو من اعلى جبل بفاندر النمسا
 تم وبصعوبة جمع سبعة علماء "نوبل" من أوربا عام 1951 ليثبت الألمان آنذاك قدرتهم على تجاوز آثار الحرب العالمية الثانية في سنوات قليلة.
ومنذ ذلك التاريخ صارت لينداو تستضيف كل عام وعلى مدى أسبوع في جزيرة صغيرة لا تتجاوز مساحتها نصف كيلومتر مربع نخبة من أكثر العلماء نبوغا وذكاء على وجه الأرض
انها روح لينداو التي تجمع العلماء منذ 61 عاما حسب وصف  الكونتسية  بنيتا   رئيسة مجلس لينداو خلال  كلمتها الافتتاحية للمؤتمر بقولها "ان استمرار تجرية   اجتماع الحائزين  على جائزة نوبل في العلوم   تمثل  روح لينداو  التي تجمع العلماء وتمثل رغبة مشتركة للتصدي للتحديات التي تواجه العالم , عبر مناقشة مسائل البحث العلمي  ذات الصلة  بقضايا العالم وعبر ربط العلم والمجتمع  .
 وكان المدير التنفيذي لمؤسسة نوبل في ستوكهولم  في السويد  لارس  هكينستن ، قد اكد في كلمته الترحيبية "نحن نواجه صعوبة في اختيار المرشحين  لجوائز نوبل للعلوم ، واعترف بوقوع بعض الاخطاء في اختيار المرشحين  لكنها طفيفة " .
عمر الحياني =جزيرة ميناو - المانيا
الختام رحلة الي جزيرة الزهور   ومستقبل الطاقة النظيفة
ختام المؤتمر كانت  رحلة بحرية الي جزيرة الزهور ميناو التي تبعد مسافة ساعتين بالباخرة من لينداو الي غرب جزيرة بحيرة الكونستانس  ، تمثل هذه الجزيرة متحف طبيعي  للنباتات والزهور النادرة تصل الي اكثر من ثلاثة الف نوع من بينها زهور التوليب والياقوت الأصفر وزهور الداليا ونباتات السحلب بالإضافة للبن اليمني  وصبار الصحراء وغيرها.
وعلى ربوع هذه الجزيرة عقدت حلقة نقاشية موسعة في الهواء الطلق عن مستقبل الطاقة في العالم  والي اين نتجه  والكوارث التي تخلفها انظمة الطاقة النووية وعن ازدواج التحديات  العالمية في نقص  الطاقة وزيادة معدلات الاحتباس الحراري.
وقد اوضح  غيورغ شوته  الامين الفيدرالي في الوزارة الاتحادية للتعليم والبحث العلمي  عن استراتيجية المانية  ذات تخطيط طويل الامد باعتماد  ثمانين بالمائة من الالمان  الطاقة النظيفة والامنة بحلول عام 2050م واكد اننا   لا نريد تكرار مأساة اليابان النووية.
في الباخرة الي جزيرة ميناو
ونبه المتحدثون  ان  الطاقة النووية ليست مصدر للتلوث كالطاقة الغازية ولكنها مصدر كارثي للتلوث في حالة الكوارث وغير آمنة.
وفي هذا الصدد علق الباحث في الفيزياء الذرية والفضائية في جامعة هارفارد الامريكية  الدكتور محمد محمد زغر في تصريح خاص  بقولة "ان منطقة الشرق الاوسط سوف تظل خلال المائة سنة القادمة مصدر الطاقة وعلى العرب استغلال هذه الفترة في بناء مجتمع علمي واستغلال هذه الاموال الطائلة في الاستثمار في البحث العلمي" .