ملف خاص
الإعلام العلمي العربي ... الهموم والتطلعات
- مجلة تكنولوجيا تستطلع أراء عدد من رواد الإعلام العلمي في الوطن العربي :
يجب أن يكون للإعلام العلمي العربي دورا فاعلا في إحداث التنمية والتغيير
اغلب الإعلاميين العرب لم يسمعوا يوما بمصطلح الإعلام العلمي أو الصحافة العلمية
ضرورة تأهيل الصحفي العربي أولا في مجال الصحافة التخصصية
نفور الصحفيين من تناول القضايا العلمية واحدة من أهم القضايا
غياب صناعة العلماء إعلاميا في عالمنا العربي
السياسات الإعلامية العربية تعيش حالة من العداء والتجاهل للعلوم
عمر الحياني – بيروت
عضو الرابطة العربية للإعلاميين العلميين
Omer_alhyani@hotmail.com
*نشر بمجلة تكنولوجيا الاتصالات وتقنية المعلومات عدد(113)نوفمبر 2010م
"الكتابة العلمية لون من ألوان الاختيارات الدقيقة " بهذه العبارة يصف الصحفي العلمي الألماني بان لوبنسلكي الكتابة عن العلوم ,بأنها فن الاختيار الدقيق لمفردات التعبير في الصحافة العلمية.
د.مجدي سعيد وعمر الحياني -بيروت |
الصحافة العلمية التخصصية في الدول الغربية تعاطت مع هذا النوع من الإعلام المتخصص منذ بداية القرن الثامن عشر عبر تأسيس جمعيات علمية كان لها سبق المبادرة في تناول القضايا العلمية عبر عشرات من الدوريات والمجلات والصحف , وكان هذا الاهتمام يأخذ دوره بمحاذاة الثورة العلمية التي انطلقت مع باكورة الثورة الصناعية في اروبا وأمريكا .
" الجمعيات في الغرب تصنع العلم والعلوم "
فجمعية ناشيونال جيو جرافيك الأمريكية التي تأسست 1888م أصبحت اليوم من أكبر المؤسسات العلمية والتعليمية غير الربحية في العالم ,حتى أصبح يطلق عليها " إمبراطورية الإطار الأصفر" فإصدارها الأشهر من مجلة "ناشيونال جيوجرافيك" تطبع 32 طبعة باثنين وثلاثين لغة حول العالم، وتوزع من طبعاتها المختلفة 9 ملايين نسخة شهريا يقرؤها ما يزيد عن 50 مليون قارئ حول العالم., بالإضافة لمواد علمية وبيئية , وتصل المنتجات الإعلامية للجمعية إلى أكثر من 350 مليون شخص حول العالم شهريا وبمختلف اللغات , والوسائل الإعلامية .
الجمعية الأمريكية لتقدم العلوم هي الأخرى لها تاريخ عريق في العلوم حيث تأسست عام 1848م وتصدر عنها مجلة العلم Science التي تمتلك اكبر قاعدة من الاشتراكات المدفوعة لأية مجلة علمية محكمة في العالم , وتنسب إليها 262 جمعية وأكاديمية علمية وتعد اكبر جمعية علمية عامة في العالم , وتصنف كأفضل مجلة علمية محكمة على المستوى العالمي و تترجم إلي أكثر من لغة حول العالم , هدف الجمعية الأمريكية " تقدم العلوم وخدمة المجتمع " من خلال المبادرات المتعلقة بالسياسات العلمية والبرامج الدولية ,وتعليم العلوم , وغيرها .
هموم الإعلام العربي في بيروت
في ورشة العمل الإقليمية لتدريب الإعلاميين العلميين العرب حول فنون تناول القضايا العلمية في وسائل الإعلام , وأوضاع الإعلام العلمي في الوطن العربي , والتي عقدت مؤخرا في العاصمة اللبنانية بيروت ... كانت النقاشات والحوارات والتدريبات كلها تصب في خانة الهموم والصعاب التي تواجه الإعلام العلمي العربي .
الورشة حضرها عشرون صحفي وخمسة متدربين من اثنتي عشر دولة عربية وأجنبية ومراقبون من ألمانيا وفرنسا وكندا , كان لمجلة التكنولوجيا والاتصالات حضورا فاعلا في نقاشات ومحاضرات الورشة التي كانت مثمرة في وضع العلاج على الجرح عبر طرح مشاكل الأعلام العلمي في اليمن والوطن العربي ,وكان لنا هذا الرصد واللقاء بعدد من رواد الإعلام العلمي في الوطن العربي عبر تحقيق هو الأول من نوعه في اليمن الذي يتناول الإعلام العلمي .
التنمية والتغيير
- في بداية الورشة تحدثت راغدة حداد المدير التنفيذي لمجلة البيئة والتنمية اللبنانية بقولها أن الإعلام العلمي يجب أن يكون له دورا فاعلا في إحداث التنمية والتغيير في العالم العربي حيث "أن مسئولية الصحفي العلمي إحداث فرق وتغيير في المجتمع العربي وخاصة في المجال التقني أو الطبي أو التثقيف الصحي أو استنزاف المياه ومكافحة تلوث البيئة التي تواجه الدول العربية ,بصياغة علمية صحفية اقرب ما تكون إلي المجتمع .
ورغم أن الصحافة العلمية لازالت غريبة عن المجتمع العربي فان الغرابة أن اغلب الإعلاميين العرب لم يسمعوا يوما بمصطلح الإعلام العلمي أو الصحافة العلمية , والتي هي باختصار شديد صحافة تخصصية تهتم بنشر القضايا العلمية والبيئية عبر تقديمها بطرق جذابة قابلة للفهم من عموم الناس , في أشكال صحفية مختلفة .
الصحافة والإعلام التخصصي
- ويرى أستاذ الرياضيات والفلك بمدينة العلوم تونس - رياض يانصيب : أن الصحافة العلمية شئ جديد علية ومع ذلك فان تخصصه العلمي جذبة إلي هذا الإعلام التخصصي في إبراز العلوم الذي لاشك أن له دور محوري في تنمية المجتمع ,وتشجيع الشباب على الانخراط في المجالات العلمية .
الإعلام العربي برمته له اهتماماته التي لاشك أن لها اتجاهات قد تميل مع اهتمامات الجمهور وقد تصب في خانة إعادة توجيه المواطن العربي , وتوجهات المواطن العربي كما هو معلوم للجميع ابتعاده عن الاهتمام بالقضايا العلمية , وانخراطه في السياسية والرياضة وما شابهاها .
فالإعلام العلمي لا يجد جمهور شغوف بالعلوم , والصحافة مرآه المجتمع, لذلك فهي تبعد التوجه نحو الإعلام العلمي .
التعاطي مع القضايا العلمية
- ويصف حيدر عبد الحفيظ من صحيفة الرأي السودان حالة الصحافة العلمية في السودان بالبؤس رغم أن بعض الصحف تنشر مواضيع علمية عن بعض الأمراض والأوبئة لكن تظل بعيده عن تخصيص صفحات للإعلام العلمي سواء في جانب الصحة أو البيئة أو التكنولوجيا بالإضافة إلي أن رؤساء التحرير بدورهم ينفرون من التعاطي مع القضايا العلمية في صحفهم , بالرغم من أن توصيات المجلس القومي للصحافة دعت إلي تخصيص صفحات علمية وزيادة الاهتمام بالعلوم وإبرازها على حيز الصفحات الأولى.. هائل دعاء إلي ضرورة تأهيل الصحفي العربي أولا في مجال الصحافة التخصصية ,ليكون في المستقبل قادرا على التعامل معها ويكون له دورا في إبراز القضايا العلمية باحترافية ومهنية
القضايا العلمية
- من جانب آخر يقول محمد باقر من صحيفة الوسط البحرينية : أن الصحف البحرينية تتناول القضايا العلمية ولكن من باب الخبر , فالمؤسسات البحرينية والخليجية لا تهتم بالقضايا العلمية كما أن الصحف لا تستضيف الباحثين والمتخصصين في المجالات العلمية وهذا راجع إلي قلة الاختصاصين وانشغال الصحفيين بأمور أخرى كالرياضة والقضايا السياسية .
الورشة الاقليمية لتدريب الاعلاميين العلميين -بيروت 2010م |
الهروب الصحفي من حواف العلوم
هل تعد الصعوبات التي تواجه الطالب في التعليم الأولي في فهم المواد العلمية في ظل نظام التلقين ,سببا في نفور الصحفيين من تغطية القضايا العلمية ؟
سؤال يحتاج إلي إجابة علمية تتناول هذا الجانب , ولكن يظل نفور الصحفيين من تناول القضايا العلمية كواحدة من أهم القضايا التي تواجه الصحافة التخصصية العربية , وهذا راجع بدوره إلي صعوبة الكتابة العلمية وتعقيدات العلوم بالإضافة إلي احتياجها إلي ثقافة علمية , ليكون الصحفي قادر على تحويل المادة العلمية إلي مادة سهلة وجذابة.
في هذا الإطار يعلق الدكتور سمير محمود أستاذ الإعلام وقضايا المجتمع بجامعة عين شمس وخبير التدريب الإعلامي العلمي ,أن من ابرز أسباب هروب الصحفيين من تناول القضايا العلمية :-
1- يهرب الصحفيون من الكتابة العلمية ، لأسباب عدة قد تجتمع في صحفي واحد أو تجدها لدى عامة الصحفيين وهى:
الاعتقاد بصعوبة العلم والمحتوى العلمي وربما عدم فهمه والتعاطي معه خاصة وان أغلبية الممتهنين للصحافة من خريجي الدراسات الأدبية.
- الاعتقاد بصعوبة توصيل الرسالة العلمية فيما يقدم عبر الصحف.
- عدم الكفاءة والتأهيل من الأساس ، فأنا أهوى الكرة لكنى لا أستطيع مثلاً الكتابة فيها ، فلها قوانينها وخططها التدريبية ولها أبعاد عديدة تطلب فيمن يكتب فيها ويحترم ذاته أن يدرك قوانين هذه اللعبة ومعاييرها ، الأمر نفسه في العلم مع فارق ضخم لصالح كرة القدم وهو الجماهيرية العريضة التي تحظى بها اللعبة عالميا ، في وقت لا يحظى العلم بعشر هذه الجماهيرية في كل المجتمعات المتقدمة والنامية وبالطبع المتأخرة أو المتخلفة أن جاز الوصف.
- الشهرة ذاتها آفة تحول دون امتهان الكثيرون – أقصد اتخاذ الصحافة العلمية مهنة لهم – للكتابة العلمية ، فمهنة الصحافة هي مهنة صنع النجوم والمشاهير في الفن والسياسة والمجتمع والدين والجريمة ، مشاهير من الفنانين ، ومعهم يطول الصحافي قدرا من الشهرة بمنطق ( طباخ السم بيدوقه) ، لكن هل سمعت عن صناعة العلماء إعلاميا في عالمنا العربي ، هل سمعت عن مشاهير من العلماء في العقود الأخيرة من بين أقطارنا العربية ، وهل سمعت بزوغ نجم صحافي أو إعلامي يعمل في الكتابة العلمية ، بالطبع هناك قلة ، ومع كل أسف لا يعرفها أحد مهما حظيت بجوائز دولية أو إقليمية أو محلية .
- وهذا ليس مدعاة لليأس والإحباط بل العكس الإصرار على حصاد النجومية والتفرد في الكتابة العلمية .
التخصص الصحفي لغة جديدة في الإعلام "هل تقبل القسمة "
من جانب آخر تطرق الدكتور سمير إلي أن التخصص الإعلامي لا يلعب دورا محوريا في صنع الاحتراف التخصصي حيث يقول "أعتقد أن الأمر لا علاقة له كثيراً بوجود أقسام للإعلام العلمي أو البيئي ، فالمهم في نظري الإعداد الجيد للصحفي ، مع إعطائه دورات تخصصية أو تكميلية في الكتابة العلمية ، لأنه لو كان الأمر كذلك لكانت هناك أقسام بكليات الإعلام للإعلام الرياضي والإعلام الزراعي الخ ...
معوقات الصحافة العلمية في الوطن العربي
وبالرغم من ارتباط معوقات الصحافة العلمية في الوطن العربي بأكثر من جانب , فالتطرق لها يحتاج لمجلدات من الكتب , فالدكتور سمير يصف بعضها هذه المعوقات بالقول تلعب عوامل عديدة في مجال تطور الصحافة العلمية من تدنيها لعل أهمها ثقافة المجتمع ومدى إيمانه بأهمية العلوم , ونمط التعليم ومدى التفضيل بين جانب الآداب والعلوم الإنسانية والعلوم التطبيقية , كذلك تلعب التوجهات السياسية للحكومات العربية نحو العلوم والتكنولوجيا دورا محوريا في هذا الجانب , السياسيات الإعلامية التي تكشف حالة من العداء أو التجاهل الشديد للعلوم وللمهتمين به .
براءة طفولة تصنع صحفيا علميا
أما الصحفي البيئي بتلفزيون سوريا نوار الماغوط فله قصة تحكي لماذا اتجه نحو البيئة بالرغم أن تخصصه هندسة ديكور ,فيقول ذات مرة وأثناء اللقاء ببعض الأطفال في بعض المدارس تفاجئ بطفلة في بداية عمرها المدرسي تقول أنها تحب أن تصبح من حماة البيئة في المستقبل , هذا الكلام من الطفلة أصاب عقلة وتفكيره بعصف ذهني شديد جعله يعيد التساؤلات في ذهنه مرات عديدة لماذا تقول الطفلة هذا الكلام فأطفالنا في العالم العربي دائما يرددون أنهم يحلموا أن يصبحوا في المستقبل أطباء أو مهندسين , ثم لماذا هذا الاهتمام بموضوع البيئة بالذات .
ويواصل الماغوط حديثة بالقول و أنا إلي ذلك الوقت لا اعرف ماذا يقصد بحماية البيئة, الحادثة جعلتني أبدا في البحث والإطلاع على علوم البيئة بحافز من طفل , ثم في مراحل أخرى توجهت نحو الإعلام البيئي .
ويستطرف في حديثة أن الإعلام العربي يهتم بالجانب الخبري المنقول من وكالة الأنباء العالمية مع ترجمة ركيكة تفتقد للترجمة العلمية المحترفة من ذوي الاختصاص في ظل وضع عربي مستهلك للعلوم وبعيد عن إنتاج العلم والابتكار وضعف وانعدام مراكز البحث العلمي ووجود قطيعة بين مراكز البحث والصحفيين العلميين مع ندرة الأخيرين .
الإعلام العلمي في اليمن بداية قديمة لحداثة مفقودة
ترى كيف وضعنا في اليمن مع العلوم والإعلام العلمي ؟ خلال الورشة أعددت ورقة مداخلة عن الوضع الإعلامي التخصصي في اليمن , وقد بدأت كلامي بالقول بالرغم أن أقدم برنامج علمي في الجزيرة العربية كما تؤكد بعض المعطيات انطلق من إذاعة عدن عام 1965م بمذيعها احمد عمر بن سلمان في برنامجه "العلم والإنسان" البرنامج طوال 45 عاما لازال يبث أريج العلم والعلوم إلي الآن .
ومع ذلك فان وضع الإعلام العلمي في اليمن يشبه واقع باقي الدول العربية , تغطيات جزئية لما تناقله وسائل الإعلام العربية والأجنبية ,فالمجلات التخصصية في الإعلام العلمي في اليمن تكاد لا تتعدى أصابع اليد الواحدة, مع وجود صفحات متخصصة في الإعلام البيئي والصحي في بعض الصحف الحكومية وتظل صحف المعارضة تنحت في السياسية وحدها فقط .
ومن خلال المداخلات التي قدمها الصحفيون العرب بينت أننا في اليمن أفضل حالا من كثير من الدول العربية, إلا أننا بحاجة إلي تطوير وزيادة الوسائل والبرامج العلمية في إعلامنا.
كلنا في الهم شرق
ولكن ترى كيف الوضع في بعض الدول الأوربية ؟ الصحفية الفرنسية المتخصصة في الإعلام العلمي أميلي مارتن تقول كلنا في الهم شرق ففي فرنسا لا يوجد تركيز على الصحافة العلمية ,ولكنها أفضل بالطبع من صحافة الشرق الأوسط, بتميزها في التحليل الاحترافي العلمي , وتطرقها لقضايا ذات أبعاد مختلفة تهم الناس .
النهوض العلمي باكورته التعليم
الصحفيون في جبل لبنان -قرية بيت الدين |
ألفة ألإلباسي مديرة مشروع sjcoop المرحلة الثانية من جانبها تطرقت بالقول: أن الاتحاد الدولي للإعلاميين العلميين في كندا قدر نذر على نفسه تحريك المياه الراكدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بضرورة تدريب نخبة من الإعلاميين العلميين ليصبحوا مستقبلا هم النواة التي نسعى إلي بناءها , فالصحفي العلمي له رسالة يسعى إلي توصيلها عبر تسهيل نقل المعرفة بأسلوبه البسيط والسهل القادر على الوصول إلي اكبر عدد من الناس , مع التركيز على بناء القدرات في أحداث تغيير في ما ينغص حياة الناس والمتعلقة بقضايا الصحة والبيئة والعلوم وارتباطاتها المختلفة ,فمشروع sjcoop وعبر تمويل يقدر 4,5مليون دولار ولمدة سنتين ونصف من التدريب يسعى إلي صقل مهارات الصحفيين والعلماء ومساعداتهم في الانخراط والكتابة في العلوم , وان ينتقلوا بمهاراتهم إلي الاحتراف في الصحافة العلمية وخبراء في بلدانهم باعتبارهم لبنة أساسية للمشروع .
حلم العرب في الإعلام العلمي
وفي الإطار نفسه تحدث الدكتور مجدي سعيد الرئيس الحالي للرابطة العربية للإعلاميين بان الرابطة العربية للإعلاميين العلميين هي من أوقدت الشموع في الوطن العربي وكان لها شرف المبادرة في عدد من المشاريع كإصدار دليل الإعلاميين العلميين , واشتراكها في برنامج sjcoop المرحلة الأولى والثانية .
المرحلة الثانية انطلق فيها البرنامج بمشاركة 60 صحفيا من العالم العربي وأفريقيا , بشراكة فاعلة من الرابطة التي عملت على جمع الخبرات والجهود العربية في الإعلام العلمي , وشاركت بأعضائها في تدريب الإعلاميين العرب في هذا الحقل الإعلامي التخصصي , ويواصل الدكتور مجدي : إن الرابطة حققت نجاحات كان أخرها الفوز باستضافة المؤتمر الدولي السابع للإعلاميين العلميين والذي ينعقد في القاهر من تاريخ 27 – 29 يونيو 2011 م بعد أن كان محصورا في الشمال المتقدم , ونحن نسعى في مراحل لاحقة لإكمال المشوار عبر تكوين الروابط العربية في الإعلام العلمي .
إن العالم اليوم يقفز قفزات كبير في العلوم والتكنولوجيا ويجب أن يكون لنا دورا في ذلك, ودور الإعلاميين تنوير الأجيال الشابة بأهمية العلوم والتكنولوجيا في التطور و الريادة الحضارية.
فقدان إنتاج العلم بفقدان مراكز البحث
يدرك الصحفيون العاملون في هذا المجال أنة لا يمكن أن تكون المادة العلمية ذو فاعلية في تناول القضايا العلمية ما لم تتوفر مراكز الأبحاث الفاعلة والمنتجة , والمختصين المدركين لأهمية التعاون مع الإعلام في إبراز القضايا العلمية المستجدة ووضع التصورات والحلول لكل ما يصادف المجتمع من قضايا وإشكاليات ذات صلة بالبيئة والعلوم .
وحول هذه النقطة تطرقت الصحفية بصحيفة الغد الأردنية والمتخصصة في الإعلام العلمي حنان الكسواني لمعاناتها من عدم تعاون المختصين في المجال العلمي , وعدم البوح بالمعلومة والسعي إلي إخفاءها , إلا أنها من جهة أخرى تقول من خلال تجربتها العملية التي علمتها كيف أن العلماء يتحولون إلي التعاون عندما يتأكدوا أنهم يعملون مع صحفيين متخصصين قادرين على صياغة المادة العلمية والصحية بطريقة علمية وصحفية بعيدا عن الإثارة والتشويش .
الصحفي العلمي بحث في العمق
المحرر العلمي بموقع الجزيرة نت وليد الشوبكي |
و إذا كان البعض يريد من الصحافة العلمية أن تعبر الموجة الجديد من التحقيقات الاستقصائية, ولكن عبر التحقيقات العلمية في مراكز البحث للتأكد من سلامة الغذاء والبيئة والدواء وكل ما هو متعلق بالإنسان ,فالصحافة العلمية هي البحث عن المصادر من أهلها ومصادرها فالاجتهادات وخاصة في الجوانب العلمية الدقيقة تعد تعدي من الصحفي وهرف بما لا يعرف من الحقائق العلمية .
فالكاتب العلمي وليد الشوبكي – مصر يقول أن الصحافة العلمية في مجملها صحافة استقصائية ,فلا يجوز الخوض في مالا نفهم وإنما يجب التحري عن المصادر والمراجع بشكل دقيق .
الرياضة قبل العلوم
من جهته، قال مروان المريسي قناة المجد الفضائية وهو صحافي علمي يمني مقيم في المملكة العربية السعودية، إن حال الصحافة العلمية في السعودية ليس بأحسن حالاً منها في غيرها من البلدان العربية، فالصحافة الرياضية هي الأكثر رواجاً ورؤساء التحرير لا يعيرون اهتماماً للصحافي العلمي بقدر ما يعيرون للصحافي الرياضي.
عمر الحياني -مروان المريسي لبنان -قرية بيت الدين |
لكن المريسي في الوقت ذاته متفائل بواقع الصحافة العلمية الإلكترونية التي تقوم على شباب متطوعين، يقومون بترجمة موضوعات تقنية حديثة، مثل مدونة "عالم التقنية" و"تيدوز"، ويؤكد : تبقى مشكلتان هنا؛ الأولى اقتصار هذه المدونات على جانب علمي واحد هو الجانب التقني، والثاني: أنه لا يمكن إطلاق وصف "صحافة علمية" على ما يقوم به هؤلاء المدونون وإن كانوا يتفوقون كثيراً في السبق والجماهيرية على الصحافيين التقليديين.