موعد مع أحمد عمر بن سلمان**
لا يوجد أيّ تنبيه في تلفوني سواه. التنبيه المحدّد في التاسعة والنصف من مساء كلّ يوم سبت. قبلها كانت مواعيدي معه مختلفة، وعلى الأرجح كانت في ظهيرة كلّ يوم جمعة. إنّه الموعد الأسبوعي المحدد للاستماع إلى صوت أحمد عمر بن سلمان وبرنامجه "العلم والإنسان" من إذاعة عدن. مرّت سنوات لم أكن فيها أسمع الصوت الشجي والجميل. ربّما كنت في أماكن أخرى أو بلا راديو. لكنَّ صوته ظل معي على مدى أكثر من ثلاثين عاماً. فهو مثقف كبير في العلوم والحياة والأدب، ويقّدم برنامجه، منذ أغسطس 1965، بأسلوب شيّق ونادر لا مثيل له. في وقت كان الحصول على المعلومات مازال شاقاً وغير متوفر كالآن. إذ أنّه حين يتحدّث، مثلاً، عن الكبد أو العيون، من منظور علمي فإنّه سيذهب إلى ذكر ما ورد عنهما في الأساطير والأدب.
وما زال صوت الأستاذ والمعلّم الكبير بن سلمان (83 عاماً) حتى الآن في الإذاعة منذ أكثر من خمسين عاماً. وكان قد قدّم برنامجاً آخر بعنوان "كلمتين"، كما أنّه يشرح الأمثال العدنية في البرنامج الإنجليزي المذاع مساء كلّ يوم من إذاعة عدن.
لم أر بن سلمان سوى مرّة واحدة. كان ذلك في إحدى نهارات نوفمبر 1987. حين فوجئت وأنا أنزل من مقر صحيفة 14 أكتوبر بالمعلا، بالصديقين جلال أحمد سعيد ومعروف حداد يقدمان إليّ شخصاً شديد السمرة ونحيلاً، ويقولان: أحمد عمر بن سلمان. ولكم كانت سعادتي برؤيته وأنا المستمع الدائم إليه، القادم يومها من شمال الشمال اليمني، وقد بقيت لسنوات أتشوق لرؤيته. كيف يكون هذا الصوت بيننا ولا أحد يراه؟
علي المقري
*نشر اليوم الخميس في صحيفة "الشارع"، والصورة من صفحة الصديق صادق ناشر
