الخميس، 10 ديسمبر 2009

التكنولوجيا تروض أنظمة المال والأعمال

التكنولوجيا تروض أنظمة المال والأعمال
عمر الحياني -نشرت بمجلة تكنلوجيا الاتصالات وتقنية المعلومات
مع بروز عصر التكنولوجيا والمعلومات أصبحت كثير من الأعمال والمهن أمام واقع وتحد جديد فرض عليها أو وجدت نفسها في ترابط مع التكنولوجيا بصورة أكثر ديناميكية وفعالية لتحقق كفاءة إنتاجية وهدفيه لا مثيل لها .
وقد عملت التقنيات الآلية والنظم البرمجية على خلق تغييرات جوهرية في بيئة أعمالها وفرضت عليها واقع مهني جديد ومن تلك المهن والقطاعات مهنة المحاسبة والمراجعة وقطاع المال والأعمال بشكل عام لتصبح التقنيات و الأنظمة الالكترونية بمثابة العمود الفقري لهذه القطاعات الحيوية.
القرية المالية الرقمية
وتعتبر مهنة المحاسبة والمراجعة من المهن الهامة في الدول المتقدمة والنامية على حد سواء وأصبحت تشكل قطاع كبير من العاملين والمستفيدين منها لتحول العالم إلي قرية رقمية و معلوماتية يتحدث بالأرقام كلغة مال واقتصاد ويتحكم في مجريات الحياة البشرية برمتها.
وللأرقام تاريخ طويل حيث اخذ قرون من التطور والتراكم المعرفي وصولا إلي زمن اختراع القاعدة الذهبية للعمل المحاسبي" قاعدة القيد المزدوج "على يد باوشولو عالم الرياضيات الايطالي وأول من نشر مؤلف علمي متكامل عام 1494 وقد أخذت هذه القاعدة في الانتشار على مستوى دول أوربا مع بداية الثورة الصناعية بينما لم تجد طريقها إلي الوطن العربي إلا في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين .
وقد كان للعرب والمسلمين إسهامات جليلة في عالم الأرقام و علومه ومن تلك التأثيرات الأرقام العربية(.......0,1,2.3.4.5) والتي لازالت المعتمدة كلغة مالية وتجارية في جميع أنحاء العالم ويعتبر الصفر وحده علامة علمية عربية بالإضافة إلي الإسهامات الرفيعة في علوم الجبر والهندسة والفيزياء والتي لعبت دورا كبيرا في التراكم المعرفي والتطورات التقنية في علوم الكمبيوتر وبرمجياته .
ومع بداية اختراع الكمبيوتر وترويض التعامل معه وظهور لغات البرمجيات حدث اقتران كاثوليكي لا انفصام بعده بين التكنولوجيا وبرمجياتها من جهة والمحاسبة ولغة الأرقام من جهة أخرى , و هبت نسائم البشرى على معشر المحاسبين والإداريين والمحليين الماليين وصناع القرارات والشركات التجارية والخدمية والقطاعات الحكومية في جميع أنحاء العالم لتنقذهم من تراكمات الدفاتر الورقية والمستندات اللامتناهية و الأرشفة اللامتناهية والتي تحتاج إلي مجهود كبير من التنظيم والترتيب .
التواصل السريع
إن حاجة المحاسبين والمحليين وصناع القرار في جميع القطاعات الحكومية والقطاعات الخاصة إلي أنظمة تتسم بالسرعة القصوى في إعطاء البيانات وتحويلها إلي معلومات سريعة ودقيقة لتقدم لصانع القرار أو تخدم طالبها هو ما أعطى زخما وأهمية بالغة للأنظمة الالكترونية .
ومع هذه التطورات الذي حدث خلال العقود القليلة في مجال الأجهزة الالكترونية ولغات البرمجة وأنظمة الشبكات هو ما جعل العالم يسرع الخطى نحو التطور والازدهار الاقتصادي لينعكس ذلك في تداخل المصالح بين الأمم والشعوب ليصعب في الوقت الحالي أن يعيش الانسان منعزلا على نفسه منغلقا على ذاته و إمكانياته .
فعندما بدأت الأزمة المالية في أمريكا تأثرت جميع دول العالم بهذه الدلالات الرقمية لارتباطها بشبكة عنكبوتيه متداخلة فيما بينها لتتم عبرها العمليات المالية عبر برامج وأنظمة تتسم بالقدرة على التواصل السريع .
النظم الالكترونية
وقد أخذت لغة المال تواكب التطورات والمتغيرات التي تطرأ على البيئة التكنولوجية والمعلوماتية وبشكل يتوافق مع سرعة التغيير,حيث سعت النظم المحاسبية الي التعامل مع ثلاث نظم مختلفة ودمجها في نظام واحد .
5 تكنولوجيا المعلومات
6 الحاسب الآلي وعلومه
7 المحاسبة الالكترونية
8 التجارة الالكترونية
ويسعى بعض الخبراء من جميع التخصصات لدمج التخصصات المختلفة وإيجاد العلاقة فيما بينها في قسم واحد لينتج مستوى عالي من الجودة والتكنولوجيا العلمية والعملية .
وهو ما تسعى إلي تحقيقه بعض المنظمات والأكاديميات العلمية المهتمة من خلال التالي.
1. دراسة طبيعة المحاسبة ونظم معلوماتها وطرق ومجالات استخدامها الكترونيا.
2. دراسة وإتقان الحاسب الآلي و تعلم لغات البرمجة وتصميم قواعد البيانات وتصميم النظم الالكترونية (Access – Sql – Oracle -- VB.Net + Access)
3. إتقان التعامل مع الانترنت وشبكاته .
4. تطبيق إنشاء نظام محاسبي متكامل يقوم بجميع عمليات البيع للمنتجات والتسويق الالكتروني والتجارة الالكترونية والتسجيل المحاسبي وإنشاء التقارير .
5. دراسة طرق نظم الرقابة علي النظم المحاسبية الالكترونية والتجارة الالكترونية.
6. وإذا كانت النظم المحاسبية والمالية سواء كانت يدوية أو محو سبه تتكون من سلسلة من الخطوات والإجراءات تبدأ بالمدخلات والتي تمثل في هذه الحالة ببيانات مجرده من المعلومة المكتملة مرورا بالمعالجات المختلفة وانتهاء بالمخرجات على شكل معلومات تخدم أطراف متعددة سواء كان صانع القرار أو المستثمر أو جهات الأخرى .
قاعدة القيد المزدوج
ورغم التطور التكنولوجي الكبير وحوسبة الأنظمة في شتى المجالات المهنية بقي النظام المحاسبي محتفظا بآلية تسلسل الخطوات والإجراءات ، مع احتفاظه بقاعدته الذهبية (قاعدة القيد المزدوج) و هي قاعدة رياضية تقضي بأن لكل معاملة طرفين أحدهما مدين والأخر دائن وأن إجمالي مبالغ الطرف المدين للمعاملة يجب أن يساوي إجمالي مبالغ الطرف الدائن وهذا هو الأساس في تسجيل المعاملات المالية والمحافظة على الدقة المحاسبية.
و في ظل هذه القاعدة يتم إعداد حساب لكل بند من البنود المكونة لعناصر القوائم المالية سواء كانت أصولا أو خصوما أو حقوق للملكية أو إيرادات أو مصروفات , ولكل بند جانبين ويطلق على الجانب الأيمن المدين والجانب الأيسر الدائن وعلى هذا الأساس يظهر حساب أي بند من البنود باستخدام شكل حرف T أو ما يعرف بكشف الحساب. وظلت جهتي القيد المحاسبي المعتمدة عالميا والمتمثلة بالجانب المدين والجانب الدائن والتقسيمات المحاسبية كالأصول والخصوم أو الإيرادات والمصروفات كما هي وتم دمج الحسابات المالية وميزان المراجعة والمراكز المالية والحسابات الختامية في معادلات برمجية واحدة وتم الاستمرار في كلتا طريقتي التسجيل المحاسبي للمخزون وفقا لطريقة الجرد الدوري والمستمر وبما أن المبرمج أصبح يتعلم مقررات محاسبية إلي جانب مقررات علوم الحاسوب أصبح على دراية بحاجيات البرامج المحاسبية ولقد أصبح لدى كل شركة برمجيات مستشارين و محلليين ماليين و محاسبيين يتم اللجوء إليهم أثناء بناء أو تطوير البرامج والأنظمة المحاسبية.
إلا أن هذا التسلسل رافقه إجراءات رقابة جديدة تمشيا مع كل من:
1- غياب التوثيق المستندي في ظل استخدام الحاسوب.
2- الاعتماد على الذكاء الصناعي في تحليل ومعالجة العمليات.
3- إمكانية اختراق الغير لخصوصية النظام.
وبما أن النظام المحاسبي لم يتغير من حيث المفهوم الجوهري ، إلا أن الانتقال من الآلية اليدوية إلى الآلية المحوسبة جعل عملية مراقبة النظام والسيطرة عليه عملية صعبة ومعقدة ودقيقة لأبعد الحدود، وخصوصا في ظهور بيئة جديدة من الترابط العالمي وظهور التجارة الالكترونية .
العالم يدور على أرقام المحاسبين
وقد استطاعت تكنولوجيا أنظمة المعلومات المالية أن تنقل العالم إلي مراحل متقدمه من الأنظمة و البرمجيات الذكية و السريعة في ظل اقتصاد عالمي رقمي لا متناهي يصعب السيطرة علية من خلال الأنظمة التقليدية .
ويتجه العالم اليوم نحو التخلي عن التجارة التقليدية بسرعة كبيرة ليتحول ما يعرف بالتجارة الالكترونية التي تعتمد على برامج وأنظمة آلية في عمليات البيع عبر الانترنت لتمثل أرقام تقدر بالمليارات ,
وتعتمد البرامج المحاسبية على عدد كبير من لغات البرمجة التي عملت على تطوير مهنة المحاسبة ونقلها من النظام الدفتري إلي النظام الرقمي ومن أهم اللغات التي تتعامل مع لغة المال لغة الفيجوال بيسك والسي بلاس والبرمجة الشيئية(الكائنات) وتعتبر لغة برمجة أوراكل من أفضل اللغات تعاملا مع البرامج المحاسبية وخاصة للشركات الكبيرة حيث تتميز بمرونة عالية تتيح لآلاف المستخدمين التعامل مع برامج المحاسبية في أن واحد , وهناك الكثير من اللغات الأخرى التي تتعامل مع أنظمة المعلومات المالية ,وتستخدم لغات البرمجة إما مفرده أو مندمجة مع لغات أخرى .
تطبيقات برمجية
وأما البرامج الأخرى فلها نصيب وافر من الأهمية فبرنامج اكسل ( محبوب معشر المحاسبين والمراجعين والمحليين) فيتميز بمرونة عالية في الاستخدام المحاسبي والمالي والتحليلي وله صداقة مع البورصات العالمية باعتباره أداة تحليل ممتاز لصعود الأسهم وهبوطها .
كما يتم دمجه ببعض اللغات البرمجية كالأكسس والفيجوال بيسك لعمل برامج محاسبية تتسم بالفاعلية وهي تتناسب مع الأعمال الصغيرة وهناك لغات برمجة أخرى يتم استخدامها بشكل واسع طبقا للجدوى والمزايا البرمجية والفنية وسهولة التعامل .
وقد قدمت عدة تطبيقات برمجية متطورة لعدد من القطاعات المختلفة كالاستثمارات والمصارف، الفنادق والمطاعم، الوزارات والمؤسسات الحكومية، الصناعة،التجارة، أعمال وكالات السفر والسياحة، صيانة السيارات، صيانة المصاعد، صيانة المحطات، بالإضافة إلى نظام أتمتة المكاتب.
وتعتمد تلك الأنظمة على عدد من الشبكات العامة و الخاصة والتي تتعامل مع عدة أنواع من التحكمات سواء كانت تحكم مركزي أم موزع أم داخلي أم دولي طبقا للحاجة لهذا الشبكات مع وجود أنظمة ومعايير خاصة بتلك الشبكات .

وفي ظل احتياج قطاع المال وصناع المعلومات إلي موارد بشرية قادرة على استيعاب المتغيرات العالمية في التعامل المالي والتجاري نحن بحاجه إلي تطوير العملية التعليمية من خلال زيادة الاحتكاك بشركات الأعمال التجارية الناجحة العالمية وسرعة أعادة النظر في البرامج التعليمية المحاسبية لتواكب التطورات التقنية وإدخال لغات البرمجة واللغات الأخرى ضمن المقررات التعليمية ,لنتمكن من إعداد موارد بشرية قادرة على التعامل مع تلك التطورات المالية والبرمجية .

ليست هناك تعليقات: