الخميس، 15 فبراير 2018

أحمد زويل وأنا!


عبدالحفيظ العمري


في الصورة صديقنا الصحفي العلمي عمر الحياني وهو يصافح العالِم أحمد زويل أثناء حضور هذا الأخير للمؤتمر الدولي الثامن للصحفيين العلميين  الذي أقيم في الدوحة عام 2012م.
بصراحة لحظة أغبطه عليها وهو يلتقي بأحد أهم العلماء الطبيعيين العرب في العصر الأخير، إذا لم يكن لعصور قادمة!

لا أظن أن د.أحمد زويل ما يزال مجهولا لدينا وهو العالِم الذي أعاد الثقة للعرب أنهم يستطيعون أن يصنعوا شيئا إذا توفرت لهم الظروف الملائمة؛ فقد فاز د. زويل بجائزة نوبل في الكيمياء عام 1999م عن أبحاثه التي صنعت أسرع كاميرا في العالم واستطاعت تصوير الذرات في لحظة ترابطها، بحيث أصبح العلماء – كما جاء في تقرير جائزة نوبل- يمكنهم أن يروا تحركات الذرة المفردة كما تخيلوها وبالتالي لم تعد هذه الذرات أشياء غير مرئية.
لكن ما علاقتي الشخصية بزويل؟
طبعا أنا لم أقابل د. زويل أبدا، ومع ذلك ارتبطت بأعماله كثيرا – رغم أني بعيد عن تخصص الكيمياء- فاهتمامي بالعلوم جذبني كمغناطيس نحو زويل وأبحاثه، لأن د. زويل وجه العرب العلمي في هذا الزمان.

مع زويل وكاميراه
 في مايو عام 2009م نشرتُ أول مقال لي في الملحق العلمي لمجلة العربي الكويتية؛ مقال بعنوان (كاميرا أحمد زويل)، وكان هذا المقال عن إجازات د. أحمد زويل العلمية والتي بموجبها حصل على جائزة نوبل.
وللمقال قصة أحب أن أرويها هنا – ما دمنا مع مذكرات علمية.
في عام 2006م كنتُ مدرسا لمادة الرسم الهندسي في المعهد المهني بإب – ومازال- وكان يزاملني فيه الأستاذ العراقي/ رعد العزاوي – مدرسا لمادة تكنولوجيا الخراطة- أصبح الآن دكتورا في جامعة المستنصرية ببغداد.
وذات مرة سألني : هل تعرف د. أحمد زويل؟
قلت : نعم صاحب نوبل العربية العلمية اليتيمة.
قال: أيوه، هذا معروف، لكن هو أيش قدّم للعلم لكي يحصل على نوبل في الكيمياء؟
قلت: بصراحة مش عارف التفاصيل، لكن ما فهمته هو تصوير الذرات وقت اتحادها.
قال: طيب، ابحث في الموضوع هذا وجيب لي نتيجة، من باب نعرف أيش قدّم.
قلت: تمام.
ورحت أبحث في النت عن الأمر؛ أغلب المواقع العربية كانت تركّز على شخص د. أحمد زويل أكثر من أبحاثه، ولو تحدثت عن الأبحاث فكلام عام، وأغلب المواقع والمنتديات تنقل من بعضها البعض!
طبعا لا تخرج بنتيجة مرضية أو مشبعة لفضولك، لذا بحثت باللغة الإنجليزية منطلقا من موسوعة الويكيبيديا باللغة الإنجليزية التي قدمت لي مادة محترمة وروابط للإبحار في النت.
ومن باب الاعتراف، فأنا ما أزال حتى اليوم أعتمد على موسوعة الويكيبيديا باللغة الإنجليزية كمنطلق لأي بحث!
المهم خرجت من هذه البحوث بمجلد كامل يحوي مقالات تفصيلية عن أبحاث د.أحمد زويل، وحتى صفحته في جامعة كالتك في كاليفورنيا، وتفاصيل أخرى كثيرة.
ثم وجدت في المكتبة العامة في إب كتاب سيرته الذاتية (رحلة عبر الزمن.. الطريق إلى نوبل) بالعربي، فكان كل هذه المصادر مكنتني من كتابة مقال (كاميرا أحمد زويل)، الذي سلمت نسخة منه لصديقي دكتور رعد العزاوي عام 2006م، ثم نشرته بعد ذلك في العربي عام 2009م.
خرجت من هذه التجربة بنتيجة مهمة أن المادة العلمية في النت لا توجد جيدة وموثقة إلا باللغة الإنجليزية، وأن العربية ليس لها موضع قدم في الأمر!
( نسبة تواجد العربية في الإنترنت 3%، في حين الإنجليزية 98%).
ومن بعد نشر مقالي في العربي استمرت متابعتي لأعمال د. أحمد زويل.

الميكروسكوب الرباعي والضوء
في عام 2005م قدّم د. زويل الميكروسكوب الرباعي الأبعاد (بإضافة بعد الزمن) معتمدا على تكنولوجيا الفيمتو؛ اطلق على هذا الميكروسكوب اسم ميكروسكوب إلكترونِي فائق السرعة  Ultrafast Electron Microscope يختصر بـ (UEM).
كتبت مقال حول الموضوع في عام 2010م بعنوان (مجهر كالتك الزمني) وأرسلته لمجلة العربي، لكنهم لم ينشروه، لكني عدتُ وأرسلته إلى موقع منظمة المجتمع العلمي العربي عام 2013م، فنُشر في أغسطس من نفس العام.
المقال يكاد يكون ترجمة بتصرف من موقع جامعة كالتك في كاليفورنيا حول الميكروسكوب الرباعي الأبعاد.
واستمرت متابعتي لأعمال د. زويل وما ينشر عنه، وقد كنت ترجمت محاضرته (أسرار الزمن ومعجزاته) التي ألقاها في مكتبة الإسكندرية عام 2004م، ونشرَتَها هذه الأخيرة ككتاب إلكتروني بعنوان (TIME’S MYSTERIES AND MIRACLES)، لكني وجدتُ أن مكتبة دار الشروق قد أصدرتها ككتاب مترجم بعنوان الزمن عام 2007م، فاحتفظت بترجمتي لنفسي!
في بداية عام 2015م كانت محاضرة د. زويل هي افتتاحية السنة الدولية للضوء، فترجمتُ المقابلة التي أجريت معه بعد ذلك ونشرتها ضمن مقال في صحيفة الجمهورية بعنوان (في رحاب السنة الدولية للضوء 2015م).   
عمر الحياني - مع الدكتور احمد زويل - الدوحة 




                                          

ثم كان رحيله

أخيرا كان الرحيل؛ الواقع أن رحيل د. زويل في الثاني من أغسطس عام 2016م كان غير مفاجئ؛ لأنه كان مصابا بسرطان النخاع في السنوات الأخيرة من حياته، لذا فخبر موته كان متوقعا في أي لحظة!
ما أزال أذكر ذلك اليوم الحزين؛ حيث استيقظت صباح يوم 3 أغسطس وأنا لم أكن أعلم برحيله بسبب انقطاع الكهرباء ليلا، وما أن فتحت النت حتى كان خبر وفاته مدويا ويحتل أغلب الصفحات الأولى والمواقع.
بالطبع حزنت ولتأثري كتبتُ منشورا طويلا في الفيس، ثم بعد ذلك طوّرت المنشور إلى مقال بعنوان (ورحل زويل!) وأرسلته إلى موقع العربي – موقع إلكتروني يمني- الذي نشره بعد ساعة من إرساله!

هذه حكايتي مع د. أحمد زويل – رحمه الله- التي ربما أثار شجونها صورة صديقي عمر الحياني مع د. زويل، فلله درها من صورة!


***

ليست هناك تعليقات: