الخميس، 24 أبريل 2014

الكشـف عن نظريـة أينشتاين المفقـودة



الكشـف عن نظريـة أينشتاين المفقـودة

استكشف أينشتاين فكرة الحالة الثابتة للكون في عام 1931.

ديفيد كاستفيتشي

Nature
تم الكشف عن مخطوطةٍ ظلت غير معروفة للعلماء لعقود، تفيد بأن ألبرت أينشتاين فكّر سابقًا في طرح بديل لما بات يُعرف باسم الانفجار العظيم، مقترحًا توسع الكون بشكل مطرد وغير نهائي. العمل المكتشف مؤخرًا والمكتوب عام 1931، يذكّرنا بالنظرية التي دافع عنها الفيزيائي الفلكي البريطاني فرِيد هويل بعد ذلك بنحو 20 سنة، لكن أينشتاين لم يتعمق في الفكرة وتخلى عنها سريعًا، ويكشف أصل المخطوطة عن استمرار تردده حيال قبول نظرية خلق الكون أثناء حدث انفجاري واحد.

ظهر الدليل الأول على نظرية الانفجار العظيم في عشرينات القرن الماضي، وذلك عندما اكتشف عالم الفلك الأمريكي إدوين هابل وغيره أن المجرات المترامية تتحرك مبتعدةً، والفضاء نفسه آخذٌ في التوسع. وتضمن هذا الاعتقاد أنه في الماضي كانت محتويات الكون القابلة للرصد بمثابة «حساء بدائي» كثيف وحار جدًّا.

ومنذ أواخر أربعينات القرن الماضي، طرح هويل نظريته القائلة إن الفضاء يمكن أن يتمدد إلى الأبد مع الحفاظ على كثافة ثابتة تقريبًا، وقد يحدث هذا عن طريق إضافة مادة جديدة باستمرار، وظهور جسيمات أولية بشكل تلقائي من الفضاء. ومن ثم ستتجمع الجسيمات لتشكل المجرات والنجوم التي ستظهر فقط بالمعدل الصحيح لتشغل الحيز الزائد المتشكل بواسطة تمدد الفضاء. لقد كان كون هويل دائمًا بلا نهاية، ولا يتغير حجمه لدى تمدده؛ إنه في «حالة ثابتة».
ألبرت أينشتاين في مرصد جبل ويلسون في عام 1931، مع إدوين هابل (في الوسط)، ووالتر آدمز.


وتشير الوثيقة المكتشفة حديثًا إلى أن أينشتاين قد وصف الفكرة نفسها مبكرًا. فقد كتب يقول: «من أجل ثبات الكثافة، ينبغي وجود تكوّن مستمر لجسيمات جديدة». ويعتقد أن المخطوطة تمت كتابتها خلال رحلة إلى ولاية كاليفورنيا في عام 1931، بشكل ما، نتيجة لأنها ظهرت على ورقة ملاحظات أمريكية.

وتم الاحتفاظ بالمخطوطة على مرأى من الجميع في أرشيف ألبرت أينشتاين بالقدس- وهي متاحة للعرض على موقعه الإلكتروني- لكنها صُنفت بالخطأ على أنها مسودة أولية لورقة بحثية لأينشتاين. يقول كورماك أورايفيرتاي، فيزيائي بمعهد ووترفورد للتكنولوجيا في إيرلندا، إنه «كاد يسقط من كرسيه» عندما أدرك عما تدور حوله المخطوطة. وقد نشر ـ بالاشتراك مع معاونيه ـ النتائج التي توصلوا إليها، مع ترجمة إنجليزية للمخطوطة الأصلية لأينشتاين المكتوبة بالألمانية، على الخادم arXiv قبل طباعتها ( C. O’Raifeartaigh et al. Preprint at http://arxiv.org/abs/1402.0132; 2014) ثم تقدموا بورقتهم البحثية لدورية الفيزياء الأوروبية.

«هذا الاكتشاف يثبت أن ما ذكره هويل لم يكن طرحًا غريبًا»، كما يقول الباحث المشارك في الدراسة سايمون ميتون، وهو مؤرخ للعلوم في جامعة كمبريدج، بريطانيا، وأصدر كتابًا في عام 2005 عن سيرة «فريد هويل: حياة في العلم». إن مجرد تشكيك أينشتاين في نموذج الحالة الثابتة للكون كان له أن يمنح هويل مزيدًا من المصداقية لدى نقاشه مع المجتمع الفيزيائي. «لو كان هويل يعرف بأمر ما فكر فيه أينشتاين، لكان استخدمه كضربة لخصومه» كما يقول أورايفيرتاي.


تصحيح أينشتاين للخطأ الحسابي الذي وقع فيه.

Albert Einstein Archives, Hebrew University of Jerusalem, Israel

على الرغم من استبعاد نموذج هويل في النهاية من قبل الأرصاد الفلكية، فقد كان طرحه على الأقل متناسقًا من الناحية الرياضية، مستعينًا بمعادلات أينشتاين في النظرية النسبية العامة، ومضيفًا تعديلاته لتوفير آلية ممكنة تفسر تولد المادة بشكل تلقائي. يقترح أورايفيرتاي وفريقه أن مخطوطة أينشتاين غير المنشورة تشير إلى تفكيره في البداية بنشوء مثل هذه الآلية من نظريته الأصلية دون تعديل، لكنه أدرك خطأه بعد ذلك حسابيًّا، وربما قرر عندما صححه- بشطبه الرقم بلون مختلف- أن الفكرة لن تنجح ووضعها جانبًا.

ربما كانت المخطوطة «مسودة بدأت بشعور مؤلفها بالإثارة حيال التعامل مع نظرية أنيقة، لكنه سرعان ما تخلى عنها، لإدراكه بأنه يخدع نفسه»، كما وصفها عالم الكونيات جيمس بيبليس من جامعة برينستون في ولاية نيوجيرسي. ويبدو أنه لا يوجد أي دليل على ذكر أينشتاين لهذه الحسابات مرة أخرى.

وحقيقة اختبار أينشتاين لمفهوم الحالة الثابتة يدل على مقاومته المستمرة لفكرة الانفجار العظيم، التي وجدها «بغيضةً» في البداية، على الرغم من إظهار فيزيائيين نظريين آخرين لها كنتيجة طبيعية لنظريته العامة في النسبية. (باحثون كبار آخرون، مثل فلكي كمبريدج البارز آرثر إيدنجتون، كانوا متشككين أيضًا حيال نظرية الانفجار العظيم، لأنها اقترحت لحظة صوفية للخلق)، لكن لدى عثور الفلكيين على الدليل لإثبات التمدد الكوني، كان على أينشتاين التخلي عن تحيزه للكون الساكن، وكانت نظرية الحالة الثابتة هي أفضل شيء قادم، كما يقول أورايفيرتاي ومعاونوه. ويتفق هيلجه كراج، مؤرخ العلوم في جامعة آرهوس في الدنمارك، قائلًا: «ما تظهره المخطوطة هو أنه على الرغم من موافقة أينشتاين على توسع الفضاء، فهو لم يكن راضيًا عن نموذج الكون المتغير مع الزمن».

ليست هناك تعليقات: